امتدت يد الغدر الآثمة لتغتال أحد حملة قيم التنوير والنضال الديمقراطي في تونس والمنطقة المغاربية: المناضل التونسي الراحل شكري بلعيد. وقد تتبع الرأي العام ما سبق هذا الاغتيال السياسي من وقائع وأحداث جسيمة طبعها كثير من العنف، وبرز فيها بوضوح في مقابل القوى الديمقراطية التي وحّدت جهودها من أجل إنجاح الثورة التونسية المجيدة وترسيخ دولة القانون على أساس قيم العدل والمساواة والحرية. برزت قوتان مناوئتان لكل توجه ديمقراطي إحداهما تعتمد الإيديولوجيا الدينية بتأويلات مغالية ولاإنسانية، نادت جهارا بالتكفير والقتل والاغتيال، وعاثت فسادا في الشارع التونسي عبر التخريب والتهديد والاعتداء والإفتاء بوجوب قتل المعارضين السياسيين، والثانية تمثلت في فلول النظام السابق، المتكونة من مافيات إدارية وأمنية تأبى إلا أن تعرقل بطرق ظاهرة ومستترة المسار الديمقراطي، ساعية عبر خلط الأوراق إلى تكريس شرعية النظام البائد الذي أقام استقرارا هشا على أساس القبضة الحديدية والرقابة الأمنية ومصادرة الحريات. وقد تمّ كل هذا في ظل صمت مريب للحكومة التونسية، التي لم تقم بدورها في الوقت المناسب في تبديد أجواء الإرهاب الفكري والمادي التي كان الشارع والمؤسسات مسرحا لها، ولم تتحمل مسؤوليتها في حماية المدنيين والإعلاميين والمثقفين والفنانين الذين اضطهدوا أمام أعين السلطة غير ما مرة، كما لم تتحمل الحكومة مسؤوليتها في أخذ التهديدات بالقتل على محمل الجدّ والعمل على تداركها قبل فوات الأوان. إننا إذ نعبر عن الأسى والحزن العميق الذي يخالجنا جرّاء هذه الجريمة الشنعاء أيا كان مقترفها، لنعتبرها ناقوس خطر يؤشر إلى مقدمة لفصول أخرى من التصفيات الجسدية والاغتيالات، بهدف ترهيب الأصوات الحرة في سياق التحولات العميقة التي تعرفها المنطقة. إن ما سبق أن نبهنا إليه غير ما مرة يقع اليوم على مشارف بلادنا. وإننا إذ ننبه إلى التداعيات المحتملة لهذه الجريمة النكراء على كل بلدان الجوار، لنؤكد على المسؤولية المعنوية التي تتحملها في تونس والمنطقة المغاربية، كل الأطراف التي ما فتئت تلوح في خطابها بالوصاية على ضمائر الناس ومعتقداتهم، أو تساند وتبرر كل أشكال العنف الوحشي التي يتم اقترافها من طرف تنظيمات مسلحة أو سياسية في الجوار المغربي أو في الشرق الأوسط أو في مختلف مناطق العالم، أو تتبنى خطاب سلطات الاستبداد والنكوص السياسي وتعاكس التوجه الديمقراطي المستقبلي. إننا ندعو كلّ حملة الأقلام وحماة الفكر والثقافة والإبداع الحر، وكل أصحاب الضمائر الحية المؤمنة بالقيم الانسانية الكونية النبيلة إلى التعبئة المستمرة من أجل الوقوف سدا منيعا في وجه العنف والاغتيال السياسي، وفي وجه الإرهاب بكل أضربه المادية والرمزية، والذي يشكل خطرا محدقا بكل بلدان وشعوب المنطقة، وذلك من أجل الإبقاء على جذوة القيم التنويرية شعلة متقدة في سبيل ترسيخ الديمقراطية والتنمية والعيش الكريم لجميع المواطنين. التوقيعات الأولى: أحمد عصيد - باحث سعيد لكحل - باحث سناء العاجي - كاتبة وباحثة صلاح الوديع - شاعر مليم العروسي - كاتب عبد الحميد جماهري - شاعر .... .... التوقيعات مفتوحة