يقول بعض المغاربة: «إذا كان توسع الإمبراطورية العثمانية قد توقف عند الجزائر ولم يصل إلى المغرب منذ عدة قرون، فإن تركيا اليوم استطاعت أن تجد لها موضع قدم في هذا البلد الواقع في أقصى غرب العالم العربي، من خلال الأعمال التلفزيونية الدرامية. فبعض مشاهير الدراما التركية صاروا معروفين في البيوت المغربية، ومن بينهم الممثلة توبا بويوكتسن الشهيرة ب«لميس»، التي زارت المغرب بدعوة من إحدى الشركات العالمية الرائدة في مجال مواد التجميل تعتزم إطلاق منتوج لها جديد، وسبق لها أن سجلت قبل أزيد من عام وصلة إعلانية خاصة بمجمعات سكنية جديدة في الدارالبيضاء. وذكرت وسائل اعلامية أن 46 عملا فنيا تلفزيونيا هو عدد المسلسلات التركية التي بُثّت ولا زالت في العالم العربي مترجمة باللهجة السورية إلى حدود الآن، والتي بدأ عرض أولها على قناة «إم بي سي 1» سنة 2007 مع مسلسل «إكليل الورد»، لتستمر بعدها حكاية الدراما التركية في الشاشات العربية مع «نور» و«سنوات الضياع» و«دموع الورد» و«لحظة وداع» و«الحلم الضائع».. وآخرها «حكاية سمر» و«لوعة قلب» و«ما ذنب فاطمة غول» و«إيزيل».. التي تمتد لعشرات الحلقات وتصبح معها عادة طبيعية ووجبة أساسية في طاولة ما يشتهيه المشاهد المغربي والعربي. وساهم شغف المشاهد العربي في تتبع الدراما التركية، (مثلا تابع حوالي 85 مليون مشاهد من سوريا إلى المغرب الحلقة الأخيرة من مسلسل «نور»)، في ارتفاع عدد الإنتاجات، (10 آلاف و500 ساعة مسلسلات تركية إلى 76 دول مختلفة خلال 5 سنوات)، لتزداد معها أرباح شركات المنتجة، (90 مليون دولار سنويا).. وهذه الأرقام تعني أن أسهم الممثلين الأتراك في السوق الفنية وصلت أعلى قيمها، حيث بات الممثل التركي يتقاضى بين 2000 و10 آلاف دولار للحلقة الواحدة.. وتستمر قصة «الارتفاع» لتصل إلى القطاع السياحي، إذ أفادت مؤشرات اقتصادية وسياحية أن معدلات الإقبال على السياحة في تركيا من طرف العرب سجلت ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة. لكن هذا النجاح الفني والاقتصادي الذي انتعشت به الدراما التركية مؤخرا لم يكن ليمضي دون أن يسجل الرأي العام التركي ومعه العربي انتقادات لاذعة همت فحوى بعض المسلسلات المعروضة أخيرا. واستطاعت تركيا أن تصدر خلال 5 سنوات الماضية حوالي 10 آلاف و500 ساعة من المسلسلات إلى 76 دول مختلفة، بينما لم تشهد سنة 2006 تصدير ساعة واحدة، وهو التصريح الذي سبق للمدير العام لحقوق التأليف بوزارة الثقافة والسياحة التركية، عبد الرحمن تشاليك، أن أكده مضيفا أن المسلسلات التركية تأتي على رأس أهم مكونات قطاع الاقتصاد الإبداعي في تركيا، ومعتبرا في الوقت نفسه أن بعضها بات يشكل ظاهرة في بعض البلدان، مثل «سنوات الضياع» و«حريم السلطان»، هذا الأخير الذي يتابعه حوالي 150 مليون شخص في العالم العربي والقوقاز والجمهوريات التركية. ومع انطلاق الموجة التركية في العالم العربي وتصاعدها عام 2010، روّجت تركيا خلالها لأزيد من 100 مسلسل ب20 دولة، أدرّ عليها حوالي 65 مليون دولار، ليصل الرقم إلى 90 مليون دولار في العام الماضي، فيما يتراوح ثمن الحلقة الواحدة بين 500 و 15 ألف دولار.