سيكون على كل المهتمين بالتوقعات الاقتصادية أن يراجعوا توقعاتهم بعد أن سجلت التساقطات المطرية مستويات هامة، وبعد أن شملت هذه التساقطات جل مراكز الإنتاج. فما عجزت الحكومة عن تحقيقه، أمنته البركة التي تعاملت مع أحوال الطقس وكأن المنتجين يمسكون الصنبور ويفتحونه كلما اشتدت حاجتهم إلى الماء. ما جادت به الطبيعة هو بركة توفر للحكومة إمكانية اعتماده كمورد استثنائي يساهم في تصحيح المسار الذي أخل بالتوازنات الماكرواقتصادية، ويحفز على اتخاذ إجراءات تحصن المقاولات المغربية الفاعلة في القطاع الفلاحي وفي القطاعات المرتبطة به، وهو في نفس الوقت امتحان لها لأن الزراعة العصرية، التي استحوذت على القسط الأوفر من الميزانية المرصودة لاستراتيجية المغرب الأخضر، تحتاج اليوم إلى مجهود استثنائي لتأمين رفع حجم الصادرات الفلاحية ولجعل الصادرات الفلاحية صمام أمان يحد من تفاقم العجز التجاري ويرفع من عدد أيام الشغل في الوسطين القروي والحضري. لقد ارتفع معدل امتلاء السدود وتساقطت الثلوج بمستويات تخدم القطاعين الفلاحي والسياحي، ولكن المواطنين لم يجنوا من الوضعية المناخية الملائمة إلا المزيد من ارتفاع أسعار المواد الأكثر استهلاكا، فبعد أن عادت أسعار بعض الخضر إلى التأرجح في مستويات تفوق القوة الشرائية للأسر المحدودة الدخل، استقرت أسعار اللحوم البيضاء في مستويات مرتفعة فاقت حتى المستويات التي اعتاد عليها المغاربة في فصل الصيف المعروف بارتفاع الطلب بفعل الأفراح والأعراس. في انتظار أن تعلن مختلف المراكز المختصة عن توقعاتها الجديدة لمعدلات النمو، سيظل المواطنون ينتظرون من الحكومة أن تواكب المناخ الجوي الملائم جدا بإجراءات عملية تنعكس على سوق الشغل وعلى مستوى الأسعار. فبعد أن حضرت «البركة» فإن الكل ينتظر «الحركة» .