توقعت مديرية الأرصاد الجوية تساقط أمطار غزيرة إلى حدود يوم الجمعة المقبل بعدة جهات مغربية. وأوضحت أن معدل التساقطات يمكن أن يصل إلى 100 ميلمتر في أكادير وتارودانت، وفي نفس السياق أوضح عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري في رده على أسئلة البرلمانيين، أن المساحة المزروعة بلغت، حتى يوم 15 أكتوبر 2012 حوالي مليون هكتار في حين أن المعدل الوطني للتساقطات المطرية حتى يوم 29 أكتوبر بلغ 71.2ميلمتر محققا ارتفاعا بمعدل 49% مقارنة مع 37 ميلمترا المسجلة في نفس التاريخ من الموسم السابق. واستنادا إلى المصدرين السالفين الذكر، يتضح أن بعض المناطق التي لم تسجل فائضا من التساقطات المطرية ستستفيد خلال الأيام التي تفصلنا عن الجمعة المقبل من تساقطات مطرية هامة قد تصل إلى 80 ملم في مناطق الشاوية وعبدة ودكالة وسهول الفوسفاط وولماس والحوز وسوس والشياظمة، وهذا معناه أن معدل امتلاء السدود الذي انتقل من 53.8% إلى 54% بفعل ارتفاع الحقينة الإجمالية بحوالي 28.9 مليون متر مكعب ،سيكون مرشحا للمزيد من الارتفاع وربما بنسب جد مرتفعة . ما يميز انطلاقة الموسم الفلاحي الحالي هو أنه يزاوج بين كون الأمطار المتساقطة شبه عامة وبدون أضرار، وبين كون المناخ معتدل والرياح تهب بمستويات لم تلحق أضرارا بالمزروعات. وعند مقارنة هذه الوضعية مع الحالة المناخية الاستثنائية التي ميزت بداية الموسم الفلاحي في القارة الأوربية، وخاصة منها الدول التي ينافس منتوجها الفلاحي الصادرات الفلاحية المغربية في الأسواق الدولية، يبدو جليا أن الفرصة متاحة أمام المغرب لاعتماد قطاعه الفلاحي كقاطرة تنموية يكون لها أثرها الواضح على الأمن الغذائي وعلى التشغيل، وعلى مختلف المؤشرات الاقتصادية كالتضخم وعجز الميزان التجاري . لعلنا في غنى عن التذكير بكون مختلف المؤشرات تحفز على الاستثمار في القطاع الفلاحي وتعد بجني محصول جيد، ولكن الانطلاقة الجيدة للموسم الفلاحي تحتاج إلى مواكبة يتقاسم المسؤولية فيها كل من الفلاحين والأجهزة العمومية المشرفة على مختلف القطاعات المرتبطة بالقطاع الفلاحي. فإذا كان مربو المواشي قد ضمنوا الاستغناء عن العلف لفترات طويلة، فإن باقي الزراعات تحتاج إلى عناية لا تقف عند توفير البذور المنتقاة أو دعم بعض المواد التي تدخل في كلفة الإنتاج، وإنما تشمل مختلف المحطات التي تؤثر على قيمة المنتوج على حين وصوله إلى المستهلك. وإذا كان كبار المستثمرين قد تمرنوا وتمرسوا على طرق مواجهة إكراهات التسويق داخل المغرب وخارجه، فإن صغار الفلاحين والمنتجين يحتاجون إلى المزيد من الدعم والمواكبة، ويحتاجون أساسا إلى توفير مناخ الثقة، وهو المناخ الذي يمكن أن تلعب فيه التعاونيات الناجحة دورا كبيرا في تجميع الجهود وفي تحقيق التكامل والتعاون . إن المغرب الذي راكم عدة تجارب في القطاع التعاوني، بما في ذلك التجارب الفاشلة والناجحة، مؤهل لأن يتخذ من الانطلاقة الجيدة للموسم الفلاحي الحالي فرصة لهيكلة القطاع على أسس تحفز على الانخراط في التنظيم التعاوني والجمعوي، وعلى إحياء الغرف الفلاحية لتكون في مستوى القيام بالدور المنوط بها.