يستضيف معرض الكتاب البيروتي الذي اعتاد أن يأتي في آخر السنة، وبعد انتهاء المعارض العربية الأخرى، 181 دار نشر لبنانية و63 دار نشر عربية، بالإضافة إلى مشاركة عدد من الدول العربية وهيئات ومؤسسات ثقافية وعلمية من القطاع الخاص. ولكنّ ثمة دولاً لم تحضر بصفتها الرسمية، إلاّ أنها حضرت بقوّة عبر إصدارات - وتواقيع - أشهر كتّابها. فالجزائر مثلاً موجودة في معرض بيروت من خلال اثنين من أشهر كتّابها هما واسيني الأعرج الذي يحتفل بصدور روايتين معاً »رماد الشرق« (دار الجمل) و »أصابع لوليتا« (دار الآداب - اختيرت قبل أيام ضمن القائمة الطويلة لجائزة بوكر العربية)، إضافة الى أحلام مستغانمي التي أطلقت روايتها الجديدة »الأسود يليق بك« عن دار »نوفل«. واللافت في المعرض الذي يُنظمّه »النادي الثقافي العربي« بالتعاون مع »اتحاد الناشرين اللبنانيين« أنّ إعادة جمع أعمال الفنانين والكتاب كانت بمثابة ظاهرة انتقلت من جناح إلى آخر، ومن دار إلى أخرى. فبمناسبة اليوبيل الذهبي لصدور روايتها الأولى »طيور أيلول«، أصدرت دار »هاشيت أنطوان« هذا العام طبعة كاملة ومميزة لأعمالها تُشكّل عالم الروائية اللبنانية اميلي نصرالله المؤلّف من 17 عملاً ادبياً منوعاً بين رواية وقصة قصيرة. وتُقدّم دار »الساقي« طبعة جديدة لستّ روايات سابقة للروائي اللبناني رشيد الضعيف. وكذلك وقّع الفنان مرسيل خليفة ألبومه الجديد »سقوط القمر« الذي يتألّف من أسطوانتين تتضمنان 18 محطة غنائية وموسيقية تجمع بين قديم خليفة وجديده. ومع أنّ الإقبال في أيّام المعرض الأولى لم يكن زاخماً، إلاّ أنّ التواقيع التي يفوق عددها 160 توقيعاً (على مدار أيام المعرض) منحت هذه التظاهرة الثقافية بعض الحركة والحيوية، ولا سيّما خلال تواقيع الأسماء المعروفة شعبياً. ولم يعد يخفى على أحد أنّ معظم مبيعات الكتب الأدبية في المعرض تأتي من عملية التوقيع التي يحضرها أصدقاء الكاتب ومعارفه في الكثير من الأحيان، وفي أحيان قليلة قرّاؤه ومحبّوه، وباتت دور النشر تشترط أحياناً على الكتّاب عملية التوقيع هذه لتحصيل الربح الذي لا يُمكن المعرض وحده أن يؤمّنه في غياب حفلات التوقيع. أمّا الاحصاءات التي تصدر عادة بعد انتهاء المعرض، فهي تؤكّد مرّة تلو الأخرى أنّ الكتب الأكثر مبيعاً لا تكون من نصيب الكتب الأدبية، وإنما تذهب إلى كتب الطبخ والتنجيم والدين والسياسة... وهذا الأمر يُكرّس في شكل من الأشكال »شعبوية« هذا المعرض، الذي لم يعد يتوجّه إلى فئة من النخب المثقفة في لبنان، وإنما إلى الجمهور العريض الذي اعتاد زيارة المعرض في مثل هذا الوقت من كلّ سنة للمشاركة فيه كحدث وطني أكثر من كونه ثقافياً. يُخصّص المعرض في دورته ال56 مساحة للطلاّب الذين يرتادونه ومدارسهم أو مع ذويهم، وهم يُمثلّون جزءاً من جمهور هذا المعرض. فيُقدّم لهم نشاطات تربوية تُنظّمها »مجموعة إقرأ« و »جمعية السبيل«، ويتوجّه إليهم عبر الأجنحة الخاصّة بأدب الطفل التي تُقدّم إليهم أحدث الإصدارات في مجال القصّة والخيال العلمي مثل دار »الحدائق« التي وضعت على مدخل جناحها يافطة كبيرة لغلاف قصة »كائنات سقف الغرفة«، الصادرة عنها والحائزة أخيراً جائزة »اتصالات - الشارقة«، لكاتبتها نبيهة محيدلي.