قررت إحدى العائلات القاطنة بأحد أحياء مقاطعة عين الشق الاستعانة بإحدى الخادمات، مفضلة أن تكون سيدة متزوجة ذات تجربة، مُلمة بشؤون الطبخ و غيره . وقع اختيارها على إحداهن، واستمر الوضع سنوات حتى أصبح الجميع يتعايش في جو عائلي آمن . اضطرت ، مؤخرا ، ربة البيت لاقتراض مبلغ 40 ألف درهم من إحدى الأبناك لشراء سيارة تستعين بها في الذهاب و العودة من العمل و في نقل أبنائها، و قضاء بعض أغراض البيت ، اختارت البطاقة البنكية لإخراج ما تحتاج إليه من حسابها كلما اضطرت لذلك، وضعت البطاقة تحت وسادتها مصحوبة بورقة الرمز الخصوصي الذي تستخرج به ما تحتاج إليه، لكن كانت في نفس الوقت تملك بطاقة أخرى سبق و طلبتها من بنكها ، و صادفت في أحد الأيام بعد عيد الأضحى الماضي، أن مرت قرب البنك و قررت إخراج مبلغ احتاجت إليه لم تجد البطاقة و تيقنت أنها وضعتها تحت وسادتها ، و في نفس الوقت تذكرت أن لها أخرى بمحفظتها فنزلت من سيارة زوجها و قصدت الشباك البنكي فلم تجد شيئا، دخلت مسرعة إلى الوكالة البنكية يكاد الإغماء يسيطر عليها، وطلبت تفسيرا من أحد الموظفين، فما كاد يلج حسابها حتى أكد لها أنها كانت تسحب مبالغ مهمة إلى أن أتت على 40 ألف درهم كاملة ، و سلمها ما يدل على ذلك بالشهر و اليوم و الساعة، لتسقط على الأرض في حالة نفسية عويصة، لم يستطع زوجها إخراجها منها إلا بصعوبة بمساعدة بعض الموظفين و الحراس الخاصين. أعاد زوجها مراجعة الأوراق التي تسلمها من الوكالة البنكية، فتيقن أن الفاعل لم يكن سوى الخادمة لأنها تختار الوكالات البنكية الموجودة في طريقها من المنزل الذي تشتغل فيه الى بيتها، فطلب من البنك التأكد من الساحب لهذه الأموال، هل هو رجل أم امرأة، و ذلك بمساعدة الكاميرا المثبتة في الشباك الأتوماتيكي، و فعلا بعد ساعات اتصل الموظف بالبنك بالزوج ليؤكد له أن الساحب امرأة و مده بمواصفاتها ، و التي تنطبق على الخادمة. قرر الزوجان الذهاب إلى بيت الخادمة و محاولة معرفة حالتها و إخبارها بما يجري ، و حين دخلا بيتها وجداها على غير عادتها ، و بعد دخولهما أخبرها الزوج أنهما تعرض للسرقة، و سألها هل يدخل بيتهما غريب او شخص معروف في غيابهما؟ فأكدت لها أن لا احد يأتي بعد خروجهما و أنها لا علم لها بهذه السرقة، وأقسمت بذلك . غادر الزوجان بيت الخادمة، لكن بعد أن ابتعد مسافة 200 متر تقريبا ، اتصلت الزوجة بها هاتفيا و أخبرتها أنها إن لم تحضر الأموال المسروقة فإن زوجها سيخبر الشرطة. انقطعت المكالمة من طرف الخادمة، لتعود و تتصل بدورها طالبة منها عدم السماح لزوجها بإبلاغ الشرطة، ثم بدأت ترسل رسائل هاتفية كلها طلب و استعطاف الى أن اتصلت مباشرة و حددت مع الزوجة موعدا قرب المسجد الموجود في ملتقى شارعي القدس و محمد السادس، و اشترطت عليها عدم إحضار زوجها معها، لكن الزوج أصر على الحضور ، وفضل المراقبة من بعيد. و فعلا حضرت الخادمة في الوقت المحدد ، وما أن وقفت أمام الزوجة حتى وقف الزوج وطلب منها ركوب السيارة معهما . فكانت مواجهة بين الجميع ، حيث استفسرها الزوج عن سبب قيامها بفعلها رغم المعاملة الحسنة التي كانت تتلقاها منهما، فأكدت أنها مثقلة بواجبات الكراء، بالإضافة إلى مصاريف أبنائها الخاصة بالمدرسة والحياة اليومية، وبعد تفكير طويل قرر الزوج كتابة أقوالها واعترافاتها ، وقام بتسجيل توقيعها و فتح معها باب الحوار حول طريقة استرجاع مبالغ زوجته عوض اللجوء إلى الأمن، لأنها لن تستفيد شيئا إذا دخلت السجن . الخادمة جمعت مبلغ عشرة آلاف درهم كدفعة أولى بعد أن اشتركت في «قُرعة» و اتفقت معهما على تسديد مبلغ شهري لإتمام الباقي من المبلغ المسروق. إنها حكاية ، من بين الآلاف التي تحدث يوميا بهذه المدينة الغول و لا تصل أصداؤها إلى المحاكم و لا إلى الدوائر الأمنية.