يبدو أن التلوث الصوتي قد حصد ضحايا جدد. فالجراد المغني الذي يعيش بالقرب من الطرق، قد اضطر إلى تكييف جهاز استقبال الأصوات لديه، بإضافة الموجات الصغرى، كي يتمكن من إسماع صوته بالرغم من الضجيج الذي تُحدثه السيارات و الشاحنات العابرة بالطرق.و السؤال الآن هو معرفة ما إذا كانت هذه الحشرات ستواصل التفاهم مع بعضها البعض أم لا. فالأنشطة البشرية تخلق في بعض الأحيان تلوثا صوتيا بالغا يُلحق الضرر باتصالات الكثير من الحيوانات و يحول بينها و بين التواصل الجيد.فالعديد من الحيوانات تتواصل بإصدار أصوات معينة، خاصة من أجل تحديد مجالها الترابي أو التحذير من عدو مفترس أو السعي نحو شريك جنسي مفترض. و لإتمام عملية التواصل، لجأت بعض الأنواع إلى تكييف أغانيها مع البيئة الضاجة الجديدة. و قد تمت ملاحظة حالات من هذا الصنف في السابق لدى حيوانات بحرية أو طيور أو ضفادع، بيد أنها المرة الأولى التي تُلاحظ فيها هذه الظاهرة لدى حشرة من الحشرات. فقد تمكنت «أولريك لامب» من جامعة «بيلفيلد» الألمانية في دراسة لها نُشرت بمجلة «فونكشيونال إيكولوجي» (البيئة الوظيفية)، من تأكيد قدرة الحشرات على التكيف مع التلوث الصوتي الطارئ. فقد قامت هذه الباحثة الألمانية، صحبة عدد من زملائها، بجمع 188 جرادا مغنيا ذكرا من الطبيعة.نصف هذا العدد تم اصطياده بالقرب من الطرق و النصف الآخر من مناطق هادئة. و بعد ذلك تم تسجيل أغني هذه الحشرات المطربة داخل مختبرات لأكثر من ألف مرة بحضور إناث من نفس النوع. فتبين أن المقطوعة الغنائية التي تدوم حوالي ثانيتين، تتكون من موجات عالية و كذا من موجات صغيرة تتراوح بين 6 و 9 كيلوهرتز و تبين أيضا أن قوة هذه الموجات الصغيرة قد ازدادت بشكل ملحوظ لدى الجراد المحادي للطرق و الذي يواجه الضجيج بشكل أكبر. و كثير من المشاكل المرتبطة بهذا التكيف مع البيئة، تظهر أثناء فترة التزاوج, إذ من شأنها أن تقلص من استمرار النوع داخل المناطق المعرضة للتلوث الصوتي أو الضجيج البشري. فالإناث من هذه الحشرات لا تتمكن ?بسبب الضجيج- من تمييز أصوات الذكور القوية فتفقد بذلك انجذابها للأقوى مسيئة تقديرها له. والأكثر من هذا أن عدد السنوات التي عاشت خلالها هذه الحشرات بالقرب من الطريق الصاخب يؤثر عليها بشكل طردي. موقع «فوتورا سيانس»