مازالت ساكنة حي الملاح التي لم تستفد إلى اللحظة من برنامج إعادة الإيواء ، تعيش تحت «رحمة» سقوف متداعية قابلة للانهيار في أية لحظة ، كما كان عليه الحال بالنسبة للمنزل المتواجد بالقوس 24 والذي تهاوى سقفه يوم 04 نونبر الجاري ، حيث شاء لطف الأقدار أن يتواجد قاطناه البحاران في رحلة صيد جنبتهما وجنبت المدينة مأساة جديدة، إلا أنهما وجدا نفسيهما إلى جانب المرابطين منذ شهور في معتصم الكرامة بدون مأوى في انتظار الذي لا يأتي... أسر تهاوت دورها، وأخرى تنتظر دورها، فيما اختارت فئة ثالثة أن تضع إلى جانبها كافة فرص النجاة من الموت تحت أنقاض سقف غادر، فغادرت بالتالي شققها أو بيوتها الموغلة في التاريخ وفي التآكل. أسر تعيش على الصبر والكفاف والتضامن والإصرار على الحق المضيع من داخل معسكر الكرامة قرابة السنة، وأخرى تعيش على قيم التكافل التي مازالت صمام أمان المجتمع المغربي ضد كل الرجات. الصور تغني عن كل تعليق، والأزمة تتخذ أوجها اجتماعية، اقتصادية، سياسية وأمنية كذلك. هنا يتجبر البؤس وتتفاقم مؤشرات الهشاشة الاجتماعية في حضورها المتعدد، هنا تنتعش الجريمة وتجارة المخدرات والكحول من داخل جحور البيوت المتساقطة، وهنا ينشط سماسرة الانتخابات وتجار البؤس وأزمة « الكاميلة ». معتصم الكرامة مستمر منذ قرابة سنة، النساء والأطفال والشيوخ يرفضون الموت غدرا ذات ليلة مطيرة، ويرفضون كذلك الموت قهرا وفي نفوسهم شيء من صوت مخنوق وكثير من الإحساس بالحكرة. بألسنة راجفة يستعيدون صور الموت الذي تعبق رائحته دروب الملاح المختنقة أنفاسه رطوبة ... يضيع تاريخه الجميل في عمق الظل المطبق على إشراقات الشمس المترددة. حادثة البيضاء حركت المياه الراكدة لملف حي الملاح بالصويرة، انتقلت لجنة من السلطة المحلية إلى الحي لتعاين فداحة صورة حي بدون خرائط، وتسيج حدود بيت آيل للسقوط، وفي الأفق سحب سخية وشتاء قاسية لياليه الباردة. فهل من نهاية لنزيف الحياة والإنسانية والكرامة بحي الملاح بمدينة الصويرة.