تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم "داعش" بالساحل في إطار العمليات الأمنية المشتركة بين الأجهزة المغربية والاسبانية (المكتب المركزي للأبحاث القضائية)    المغرب والصين.. تطور مستمر لعلاقات اقتصادية وتجارية    لأول مرة في تاريخه.. "البتكوين" يسجل رقماً قياسياً جديداً    ارتفاع مؤشر التضخم في شهر أكتوبر    أداء سلبي في تداولات بورصة البيضاء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    الاستثمار العمومي.. بين الأرقام والواقع    أحزاب مغربية تدعو لتنفيذ قرار المحكمة الجنائية ضد "نتنياهو" و"غالانت" وتطالب بوقف التطبيع مع مجرمي الحرب    معضلة الديموقراطية الأمريكية ..    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    التنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب تدعو الزملاء الصحافيين المهنيين والمنتسبين للتوجه إلى ملعب "العربي الزاولي" لأداء واجبهم المهني    وزارة الصحة تطلق حملة "رعاية" في المناطق المتضررة من موجات البرد        ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    رئيس مجلس النواب…المساواة والمناصفة أبرز الإنجازات التي شهدها المغرب خلال 25 سنة    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب        دفاع الناصري يثير تساؤلات بشأن مصداقية رواية "اسكوبار" عن حفل زفافه مع الفنانة لطيفة رأفت    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    زنيبر يبرز الجهود التي تبذلها الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان لإصلاح النظام الأساسي للمجلس    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    مشروع قانون جديد لحماية التراث في المغرب: تعزيز التشريعات وصون الهوية الثقافية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        كيوسك الجمعة | إيطاليا تبسط إجراءات استقدام العمالة من المغرب    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتطاع من أجور موظفي العدل خارج التغطية المشروعة

هكذا إذن يتضح انعدام الأساس القانوني لأي تدبير تقدم عليه الإدارة بخصوص حق الإضراب. فعلى ماذا يعتمد السيد وزير العدل والحريات لتبرير قراره بالاقتطاع من أجور موظفيه؟
لقد أشار في الكثير في المناسبات الى اعتبار ذلك مبررا بمبدأ الأجر مقابل العمل ، والحقيقة أن الاستدلال بهذا المبدأ ينطوي على مجازفة قانونية غير مقبولة في حقل الوظيفة العمومية للاعتبارات التالية:
فمبدأ الأجر مقابل العمل، هو مبدأ نشأ في اطار قانون الشغل بناء على المنطق المدني التعاقدي القائم على الآثار القانونية لعقد الشغل باعتباره عقدا تبادليا و ملزما لجانبين (طرفي العقد) .فالأجير ملزم بالعمل ومقابله المشغل ملزم بأداء الأجر، وإذا توقف الأجير عن عمله حق للمشغل التوقف عن أداء الالتزام المقابل (الأجر ) ما لم يقض القانون بخلاف ذلك لأسباب محصورة (العطلة السنوية بعض التغيبات...).
هذا المنطق لا يمكن إعماله في إطار الوظيفة العمومية ، لأننا لسنا بصدد عقد ، فعلاقة الموظف بالإدارة هي علاقة نظامية و ليست علاقة تعاقدية. فالنظام الأساسي للوظيفة العمومية هو الذي يحدد حقوق وواجبات كل من الموظف و الإدارة و لا وجود نهائيا لمبدأ سلطان الإرادة كأساس للعملية التعاقدية في إطار قانون الشغل.
لايمكن قياس ما يجري في إطار قانون الشغل مع مجال قانون الوظيفة العمومية، إذ لا قياس مع وجود الفارق.
لأننا إذا قبلنا بتطبيق هذا المبدأ واعتبرنا بأن علاقة الموظف بإدارته هي علاقة إجارة، وبالتالي فلا أجر بدون عمل ، فهذا يعني أن كل التغيبات التي يأتيها الموظف يجب أن يطالها الاقتطاع من الأجر، مع أن قانون الوظيفة العمومية لا ينص على هذا الاقتطاع في حال تغيب الموظف لأسباب صحية. لكن الأجير إذا تغيب لأسباب صحية أو لإصابته بحادث شغل، فإن المشغل يوقف أجرته ليحل محله الضمان الاجتماعي أو مؤسسات التأمين الصحية ، وبذلك فإن القول بتطبيق الأجر مقابل العمل في إطار الوظيفة العمومية كمبرر للاقتطاع من أجور المضربين فيه تجاهل للفوارق الجوهرية القائمة بين وضعية الأجير ووضعية الموظف بين قانون الشغل وقانون الوظيفة العمومية، وبين علاقة الإجارة والعلاقة النظامية وهي مبادئ أساسية وأولية تلقن لطلبة كلية الحقوق ويعرفونها كمسلمات.
والواقع أن محاولة تطبيق مبدأ الاجر مقابل العمل في إطار الوظيفة العمومية وبهذه الصورة الانتقائية ينطوي على « نوع من الانتهازية القانونية « لا يمكن الدفاع عنها أو تبريرها، ولذلك فهي لا تعدو أن تكون نوعا من البوليميك السياسي البعيد عن لغة القانون ومنطقه.
وهنا مربط الفرس، إذ قد نتفهم هذا الموقف المتمثل في التلويح بمبدأ الأجر مقابل العمل لو كان قد صدر ممن هو بعيد عن الحقل القانوني، أما في نازلة الحال فيصعب ذلك جدا. ولا حيلة لنا مخرجا من ذلك إلا القول بأن التبرير سياسي ولا علاقة له بمنطق رجل القانون.
وإني لأتساءل كيف يمكن القول بهذا التبرير إزاء فئة من الموظفين أغلبهم مجازون من كلية الحقوق وبعضهم حامل لشهادة الماجستير والدكتوراه في القانون؟
بلا شك أنه سيحصل لهم إحباط وقد يشككون في ما تلقوه من معارف قانونية أصبحت عندهم يقينية مثلما هي يقينية _ كما افترض _ عند من ارتأى أن يدافع عن قرار الاقتطاع من أجور المضربين في قطاع العدل بمبدأ لا أجر بدون عمل ! والفرق أن هؤلاء الموظفين عندما يعترضون على هذا الاقتطاع يتشبثون بالمشروعية بينما الطرف الآخر يدافع عن الغلط متمثلا قولة الراحل محمود درويش في إحدى قصائده الرائعة « مديح الظل العالي»-» يجب الدفاع عن الغلط» لكن لا ننسى أيضا أن الرجوع عن الغلط أو الخطأ فضيلة .
يمكننا إذن، أن نستخلص بلغة القانون، أن قرار الإقتطاع من أجور الموظفين هو قرار تعسفي بامتياز متسم بعدم المشروعية في غياب قانون تنظيمي يستند إليه طبقا للدستور.
والغريب حقا أن يتنطع البعض في تطبيق مثل هذا القرار في ظرفية سياسية جديدة تتسم بوجود دستور جديد خصص بابا مستقلا للحقوق والحريات وضمنه أكد على أن تنظيم ممارسة حق الإضراب يتولاه قانون تنظيمي.
كما تتسم هذه الظرفية أيضا بانحسار ونكوص الحوار الاجتماعي، فهل مثل هذه القرارات تشجع على صياغة شروط استرجاع الثقة والالتئام في إطار مفاوضات اجتماعية وطنية لمعالجة النزاعات والملفات العالقة ؟
نأمل أن تتحكم لغة العقل وتحضر المسؤولية لدى من هم مؤتمرون ومؤتمنون على الشأن العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.