كادت معركة الثلاثاء الماضي بمجلس المستشارين أن تتحول تداعياتها الى الجلسة الشفوية بمجلس النواب أول أمس عندما أدان رئيس الفريق الدستوري ما أقدم عليه وزير العدل والحريات مصطفى الرميد بأول جلسة دستورية في الولاية التشريعية الحالية بالغرفة الثانية، قائلا أن "الوزير أخل باحترام المؤسسة التشريعية وأبان سلوكه عن أي التزام أخلاقي إزاء ممثليها".الشيء الذي أثار حفيظة فريق العدالة والتنمية ليحتج بطريقته على موضوع نقطة نظام التي طلبها رئيس الفريق الدستوري عند بداية إنطلاق الجلسة. وقد تجاوب رئيس الجلسة مع رغبة العدالة والتنمية في إخراس رئيس الفريق الدستوري، حيت تزامن هذا الحدث مع رئاسة محمد تميم عضو فريق العدالة والتنمية للجلسة الشفوية العامة، وبدا الشاوي بلعسال يتحدث في غياب الصوت الذي يتحكم فيه رئيس الجلسة بقوة القانون الداخلي في المنع والإخراس, في حين سمح الرئيس لنفسه متابعة أشغال الجلسة بمحاولة إعطاء الكلمة لأحد النواب من أجل إلقاء سؤال على الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج، ومرددا "أن نقط النظام تتعلق فقط بتدبير الجلسة الشفوية العامة وغير ذلك فهو لاغ" و مضيفا:" أنبهك الأخ الكريم أن تلتزم بمقتضيات النظام الداخلي".الشيء الذي جعل القاعة تحول الانظار عندما طلب رئيس الفريق الاشتراكي الكلمة . قال أحمد الزيدي مدافعا عن رئيس الفريق الدستوري " في نطاق القانون الداخلي سمعنا الرئاسة تقول بأنها تنبه نائب برلماني ورئيس فريق " موجها السؤال الى رئيس الجلسة:" هل تعتقدوا هذا التنبيه في محله ؟" مضيفا: " قد نختلف أو نتفق معه ولكن السيد النائب يطلب حقه في الكلمة." وطالب أحمد الزيدي بإعطاء الكلمة لرئيس الفريق الدستوري، ونفس الشيء عبر عنه رئيس فريق الأصالة والمعاصرة. مما جعل محمد يتيم نائب رئيس البرلمان يرد أن التنبيه الذي وجهه الى رئيس الفريق الدستوري يخص النظام الداخلي ولا يخص شيئا آخر. وشهدت جلسة أول أمس إلقاء 30 سؤالا خصصت لقطاعات التشغيل والتعليم العالي والعلاقة مع البرلمان والتربية الوطنية والاقتصاد والمالية والاتصال والثقافة والسياحة والوظيفة العمومية والشؤون العامة والشباب والرياضة والمرأة والتضامن. وقد تدخل الفريق الاشتراكي بتوجيه أسئلة تخص قطاعات استراتيجية.وقال النائب علي اليازغي الذي وجه السؤال الى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر لحسن الداودي، أن الدخول الجامعي الحالي عرف مجموعة من الاختلالات بدت واضحة أكثر في الأحياء الجامعية، مضيفا في تصريح للجريدة أننا كنا ننتظر إجراءات مصاحبة لهذا الكم الهائل من الطلبة الذين تدافعوا على مقاعد الجامعة هذه السنة، وأضاف اليازغي أننا فوجئنا بغياب حقيقي لأي استراتيجية بإمكانها التعامل مع هذه التحديات والمشاكل المطروحة زد على ذلك-يضيف النائب- إغراق القطاع الوصي في الزبونية والمحسوبية التي اعتقدنا أنها ستختفي في حكومة ترفع شعار محاربة الفساد. وكان علي اليازغي قد واجه الوزير بنفس الاستفسار عن الفساد الذي ساد القطاع الوصي خصوصا في مجال السكن في الحي الجامعي الذي أصبح بوابة للإعمال بالزبونية التي تدخل في نطاق سياسي وحزبي ضيق لا يخدم مصلحة القطاع ومصلحة الوطن.وجاء الاستفسار بعد السؤال الذي ألقاه النائب بإسم الفريق الإشتراكي على لحسن الداودي، كون الأحياء الجامعية في المغرب متأزمة، وتأزمها يتمثل أساسا في صعوبة الاستجابة للطلبات المتزايدة سنويا على الأحياء الجامعية وضعف طاقتها الاستيعابية مما يتجسد بالذات في الحالة التي يعرفها الحي الجامعي السويسي 1 بالرباط جراء الإصلاحات التي انطلقت به مؤخرا والتي تزامنت مع الدخول الجامعي الحالي مما طرح مشاكل عويصة في الإقامة الجامعية بالحي المذكور للطلبة المسجلين بالمؤسسات الجامعية بالرباط, حيث خلق لهم وضعية عدم استقرار مع ما لها من مضاعفات, علما بأن الكثير منهم ينتمون إلى أسر ضعيفة ومتوسطة الدخل وتقيم بعيدا عن العاصمة. وسأل النائب الاشتراكي الوزير عن الإجراءات الاستعجالية التي ستتخذ لمعالجة أزمة هذه المرافق وسد الخصاص في الطاقة الاستيعابية بها وما مدى ملاءمة أوقات تنفيذ برامج الإصلاح والترميم في الأحياء الجامعية مع فترات إيواء الطلبة. وتبين من الكلمة الأولى للوزير أن السؤال أغضبه قائلا : " من الصعب الإجابة عن سؤال يقول لا شيء تحقق" وكررها بالدارجة" صعيب نجوب واحد كيقول ما درنا والو، وإذا لم ير ماذا افعل".إلا أن رؤية الأشياء التي دعا لها الوزير في كلامه المتقطع لم تكن إلا أوراش الحكومة السابقة التي قال أنها في طور الانجاز وأن الزمن الذي قضاه في الوزارة لا يسمح له بتنفيذها علما -كما قال- أن ميزانيتها موجودة ، معترفا أن الأمر يتعلق بسوء تدبير، منع من أن تصبح إنجازات على أرض الواقع، لكنه أضاف" يكفينا ما حققنا من زيادة في المنح التي تضاعفت 50 في المائة. و لأن الزمن المخصص للتعقيب كان في تواني معدودة, فإن علي اليازغي اكتفى بالقول: " كان على الوزير أن يفكر في الدخول الجامعي ببداية الأشغال في زمن قبلي" وهو الزمن الذي يبدو أن الداودي لا يتعامل معه،ويعتبر الحديث عنه مجرد سؤال تعجيزي. ولم تشفع للوزير الأرقام التي قدمها للنواب والمقدرة بمئات المليارات وقال عنها أنها مجهودات تحتاج الى الاعتراف مؤكدا انه لم يحل العديد من المشاكل، ومنها عدم قدرة الوزارة في إحداث برنامج استعجالي للبنايات بما فيها بناية السويسي 1 التي احترقت في أحداث جامعية ماضية، والتي ذكر بها الوزير قائلا أنها لن تحدث مرة أخرى نتيجة المقاربة الأمنية التي شكر الداخلية على التعاون فيها. وفي سلسلة أسئلة الفريق الاشتراكي، وجه النائب محمد حماني السؤال الى وزير الفلاحة والصيد البحري حول نهب الأراضي الغابوية، مذكرا الوزير بأن الأراضي الغابوية ثروة وطنية والملك العمومي يتعرض للنهب, حيث يتم تمليكه بطرق ملتوية وغير قانونية، كما يتم تحويل مساحات شاسعة من الغابات إلى أملاك خاصة وضيعات فلاحية أو يتم إقامة مشاريع سكنية عليها.وأضاف النائب محمد حماني باسم الفريق الاشتراكي أن هذه الظاهرة تستفحل على الخصوص بالأقاليم الشمالية للمملكة, حيث حصل تمليك وتحفيظ العديد من المساحات الغابوية في إسم الخواص في خرق سافر للقانون.وحسب الأخصائيين, فإن ما لا يقل عن 30 ألف هكتار تضيع سنويا من الملك الغابوي المغربي، وهو ما يجعل الخسارة مضاعفة: الشيء الذي يؤشر-حسب النائب- على هدر للثروة الطبيعية والرصيد البيئي وهدر للأموال العمومية التي ترصد لغرس الغابات والعناية بها.وهكذا فإن النهب الذي يتعرض له الملك الغابوي العمومي يتعارض مع المجهود العمومي لتخليف الغابات وما يتطلبه ذلك من إنفاق عمومي، كما يعتبر وجها من أوجه أنظمة الريع والامتيازات.ووجه حماني أسئلة الفريق الى الوزير عن مدى قانونية عمليات التحفيظ في إسم الخواص الذي يكون الملك الغابوي موضوعا لها. و هل تتوفر الحكومة على إحصائيات بالأملاك الغابوية التي تتعرض للتمليك سنويا.و لماذا تقف الإدارة سلبية أمام عمليات النهب والاعتداء التي تتعرض لها الغابات المغربية.وهل ثمة من إمكانية لاسترجاع الملك الغابوي. و اجاب عن السؤال الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان ، موضحا أن الرقم المتعلق ب 30 ألف هكتار، لاستبدال طبيعتها القانونية من ملك غابوي الى ملك لأشخاص ، يعود الى ظروف مرتبطة بالإنسان وليس بتغيير الطبيعة العقارية. وبالنسبة للعقار الغابوي فإنه يخضع لمساطر وقوانين مؤطرة، وكل الحكومات المتعاقبة كانت تتعامل مع هذه المنظومة القانونية . وذكر الشوباني بهذه الآليات التي يدخل فيها نظام المقايضة حدده في 13 مشروع، مؤكدا أنه ليس هناك أي تقلص في المساحات الغابوية, بل إن المندوبية برمجت تدبير حوالي 40 ألف هكتار كمعدل سنوي وتشجير 50 ألف. مع عزم المندوبية تحديد عقاراتها في 2014. إضافة الى مواجهة كل خرق يتم من طرف البوادي المجاورة على الملك الغابوي. وقال حماني تعقيبا على الوزير الشوباني، أن لديه إيضاحات ومعطيات ملموسة خصوصا من بعض المناطق التي تعرف غليان اجتماعي خطير، في جهة طنجة وتطوان وسوس والأطلس المتوسط والريف حيت ان المندوبية السامية في منطقة سوس مثلا تستعمل طرقا تدليسية من أجل السيطرة على أراضي الخواص من السكان الأصليين. والأمر ينطبق على الريف وواد لو. أما منطقة لوكوس فذكر ولا حرج، فهناك استحواذ على أراضي ملك للدولة، و حفظت للخواص بما فيها الطرقات التي سدت المنافذ على سكان المد اشر وقد قدمت شكايات في الموضوع لرئيس الحكومة ووزير الداخلية والعدل والفلاحة وذهب السكان الى المحاكم ولكن لا حياة لمن تنادي، وأضاف محمد حماني أن القيمة العقارية للهكتار في منطقة اللوكوس يختلف عن المناطق الجبلية ولهذا يجب فتح تحقيق في الأمر. وقال الشوباني مجيبا عن حماني" إذا اعتبرتم المعطيات الواردة في جواب الحكومة غير صحيحة واعتبرتم أن الواقع فيه مخالفات خطيرة ، فإن السؤال الشفوي قد استنفد أغراضه ويجب أن نمر الى آلية أخرى للرقابة، فلنستدعي اللجنة بحضور المسؤولين وننزل الى أرض الواقع بتحريك لجن استطلاع في أفق إصدار قانون تنظيمي لتقصي الحقائق". وقال النائب الاشتراكي المهدي مزواري في بداية توجيه سؤال باسم الفريق الى رئيس الحكومة حول سياسة المنافسة، أن هذا السؤال ينطلق من منطلقين أساسيين الاول يتعلق بخطاب الحكومة والتي جسدته في برنامجها الحكومي انطلاقا من شعارها الانتخابي حول محاربة اقتصاد الريع ومحاربة الفساد الذي لازال الى حد الآن لم يكتس طابعا اجرائيا اشموليا المدقق في مجال محاربة الفساد.والمنطلق الثاني هو أننا لا يمكن أن نبني اقتصادا وطنيا قويا دون ضبط الشروط الحقيقية للمنافسة، ودون أن تدخل مؤسسات كبرى لهذا المجال وتخضع لقواعدها، وسؤال الفريق في هذا الصدد -يضيف النائب البرلماني المهدي مزواري- ماهي الاجراءات التي ستتخذها الحكومة في باب التزاماتها في موضوع تقوية المنافسة. وفي جوابه قال نجيب بوليف الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، أن الحديث عن البرنامج الحكومي واشتغال الحكومة على تعزيز سبل المنافسة يعتبر من الإجراءات المحورية، وأن سؤال الفريق الاشتراكي وضع الأصبع على موطن الداء عندما تحدث عن محاربة اقتصاد الريع ومحاربة الفساد, مذكرا أن المغرب انتهج النهج المنفتح في المجال الاقتصادي وهذا ما يعطي مجموعة من التبعات قال عنها الوزير بوليف أنها ايجابية لكنها تخلق بعض الإستثناءات التي تؤثر على أداء الاقتصاد عموما وأداء المجتمع، وهذا ما يجعل المكونات التي من المفروض أن تكون محددة في التنافسية هي التي يجب أن تساءل وان تقيد، وأضاف بوليف أنه أكيد أن مجال المنافسة هو مقنن بالقانون، فرئاسة الحكومة تشرف على القرارات والمتابعات التي تحيل الملفات على القضاء وهناك أيضا وزارة الشؤون العامة و الحكامة ووزارة الداخلية بآليات رقابية للمتابعة، وكذلك مجلس المنافسة الذي أحدث سنة 2009. وقال الوزير أن الحكومة تجتهد على تقوية هذه الآليات ، واعتبر الوزير السؤال الذي تقدم به المهدي مزواري باسم الفريق الاشتراكي سؤالا جاء في وقته لأنه يتزامن مع مراجعة قانون المنافسة والأسعار والذي من المفروض أن يعطي مجموعة من الامور التي بإمكانها تعزيز دور مجلس النافسة ودور الرقابة للتقدم ،. واختتم جوابه عن الفريق الاشتراكي أن قانون المنافسة في لمساته الأخيرة مع التفكير في إشراك المجتمع المدني كما جاء في السؤال المكتوب الذي رفعه الفريق الاشتراكي الى الحكومة . وفي تعقيبه قال المهدي المزواري أن في هذا الاطار لا يفوتنا أن نستحضر مجموعة القطاعات الاستراتيجية في الاقتصاد الوطني تحقق أرباحا تفوق معدل الأرباح العالمية المتعارف عليها وهذا راجع للاحتكار أو شبه الاحتكار للعديد من الأنشطة الاقتصادية عند بعض المؤسسات. وأعطى مزواري أمثلة على ذلك بقطاع العقار، والمتعلق بالدولة وكيف يفوت، وبأي ثمن وأي طريقة ومسطرة.تم قطاع الابناك والاتصالات حيت تضاعف الأرباح ما يحقق في دولة كفرنسا. ثم هناك قطاع الاسمنت والمواد الغذائية الاساسية وقطاعات الصناعة البلاستيكية. وهذا موضوع - يضيف مزواري- مرتبط بشعار المرحلة وهو محاربة اقتصاد الريع والفساد، لأنه لكي تكون لنا سياسة حقيقية وشريفة للمنافسة ينبغي أن نمر عبر أشياء أساسية ومهمة، أولها الاهتمام بالمقاولات الصغرى والمتوسطة التي ليس لها مكانة اليوم في الاقتصاد المغربي والتي تخلق اكبر عدد من فرص الشغل، ناهيك عن ضرورة توفير الضمانة الكبرى للاستثمار الاجنبي ومناخ الأعمال.