ماذا أعدت حكومة بنكيران لإصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب ؟ .. سؤال يطرح نفسه كل سنة مع الإعداد للقانون المالي. ملحاحية هذا السؤال تعكسها تخوفات عدد من الخبراء، إذ تجمع أغلب التقديرات على أن صناديق التقاعد بالمغرب مهددة بالإفلاس ، وذلك في غياب إصلاحات هيكلية لهذه الأنظمة التي تتجه حاليا نحو العجز عن أداء مستحقات منخرطيها ماذا أعدت حكومة بنكيران لإصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب ؟ .. سؤال يطرح نفسه كل سنة مع الإعداد للقانون المالي. ملحاحية هذا السؤال تعكسها تخوفات عدد من الخبراء، إذ تجمع أغلب التقديرات على أن صناديق التقاعد بالمغرب مهددة بالإفلاس ، وذلك في غياب إصلاحات هيكلية لهذه الأنظمة التي تتجه حاليا نحو العجز عن أداء مستحقات منخرطيها، وهو ما يتهدد موظفي الدولة المنخرطين في الصندوق المغربي للتقاعد والبالغ عددهم حوالي 848 ألف شخص في الحصول على معاشاتهم سنة 2016، وهي السنة التي ستستنفد فيها جميع احتياطات الصندوق . أما المنخرطون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والبالغ عددهم زهاء مليون ونصف موظف بالقطاع الخاص فسيجدون أنفسهم أمام نفس الوضع ابتداء من هذه السنة... وتشير نفس الأرقام إلى أن النظام الجماعي لتعويضات التقاعد يوجد في حالة لابأس بها ولن يعرف في الواقع حالة عجز إلى حدود 2045 ، مما سيمنحه هامشا زمنيا لإيجاد حلول هيكلية بهدف تحصين نفسه ضد التغيرات الديموغرافية . أما الصندوق المهني المغربي للتقاعد فإن الإصلاح الذي تم اعتماده سنة 2003 مكن من استعادة توازن الصندوق وأدخل آلية جديدة لتسيير أنظمته وتدبير موارده المالية. الحكومات المتعاقبة، ووعيا منها بالأزمة المرتقبة لصناديق التقاعد ، سبق لها أن أنجزت سنة 1998 دراسات بغرض استكشاف أفضل الإصلاحات الملائمة لنظام التقاعد المغربي، كما شرعت في مراجعة التفكير حول مستقبل هذه الأنظمة سنة 2003 ، لكن معالم الإصلاح التي ترغب الدولة في اعتمادها تجاه أنظمة التقاعد لم تتضح بعد ، إذ تتأرجح بين رفع سن التقاعد والرفع من الاقتطاعات، لكن هذا الخيار قد يعقد المشكلة أكثر، مما يستدعي إجراءات أخرى مرتبطة بخلق فرص عمل جديدة لتوسيع دائرة الفئات النشيطة ومحاربة التملص من أداء واجبات الانخراط في الصناديق الاجتماعية من طرف المؤسسات المشغلة وأرباب العمل، مع ضرورة رفع الحد الأدنى من قيمة معاش التقاعد وجعله في حدود الحد الأدنى للأجور بدل الإبقاء على أنظمة تنتج الفقر والبؤس بمعاشات يتقاضاها المتقاعدون، والتي تصل أحيانا إلى 19 درهما في الشهر رغم الوعود الرسمية برفعها إلى حد أدنى لا يقل عن 1000 درهم شهريا . ويترقب الجميع أمام الحالة الحرجة لصناديق التقاعد، التدابير التي ستقوم بها حكومة بنكيران والتي ستكون مطالبة بمراجعة السيناريوهات المحتملة لإصلاح أنظمة التقاعد والمتمثلة في القيام بإصلاح عام للصناديق وفقا لتوصية المكتب الدولي للشغل من خلال خلق قطبين للتقاعد واحد للقطاع العام وآخر للقطاع الخاص، أو اعتماد خيار ثالث يجمع أنظمة التقاعد كلها في صندوق واحد . المندوب السامي للتخطيط أحمد لحليمي نبه بدوره إلى الأفق « الرمادي» لصناديق التقاعد بالمغرب ، حيث أكد في سياق تقديمه لنتائج الدراسة التي قامت بها المندوبية بتنسيق مع مركز الدراسات المستقبلية والمعلومات الدولية بفرنسا، أن نظام التقاعد المغربي يشكو من تعدد أنظمته واختلاف الإطار القانوني لهذه الأنظمة ونوعية تدبيرها ومواردها وطبيعة خدماتها ، مبرزا أن عدد المساهمين في هذه الأنظمة بلغ في الفترة الممتدة من 2000 إلى 2009 زيادة بنسبة 3.9 في المائة كمتوسط سنوي حيث بلغ عدد المساهمين 3.2 ملايين مساهم ..وهو ما يشكل نسبة 30 في المائة من الساكنة النشيطة خلال سنة 2009 ..لكن هذه النسبة تبقى ضعيفة مقارنة بباقي الدول . وبرر الحليمي ضعف تغطية الصناديق بعوامل بنيوية مرتبطة بسوق الشغل ببلادنا بعد أن بلغ معدل نقص الشغل إلى 11 في المائة والناتج أساسا عن جمود النسيج الإنتاجي وارتفاع نسبة البطالة إلى جانب تأثير القطاع غير المهيكل خاصة قطاع الفلاحة الذي يشغل أزيد من 40 في المائة من الساكنة النشيطة ...ويضع مركز الدراسات المستقبلية والمعلومات الدولية بفرنسا والمندوبية، خمسة سيناريوهات لحل إشكالية صناديق التقاعد ومنها إمكانية ارتفاع معدلات الشغل بالمغرب، أو تحقيق توازن الصناديق عبر إدخال تغييرات على نسبة المساهمة المطبقة من طرف كل صندوق أو تخفيض قيمة تعويضات التقاعد مما سيكون له أثر سلبي على المستفيدين . أما السيناريو الأخير فهو الرفع في سن التقاعد القانونية إلى 62 سنة ابتداء من 2015 رغم أن هذا الطرح لن تكون له تأثيرات كبيرة على التوازن المالي للصناديق ..