ينتظر أن يرتفع عجز الصندوق المغربي للتقاعد الى 31 مليارا و500 مليون سنتيم مع مطلع سنة 2012 وسيحرم الاف المتقاعدين من معاشاتهم بعد الإفلاس النهائي لهذه المؤسسة سنة 2019 وذلك لعشرة أسباب. أول اسباب انهيار الصندوق المغربي للتقاعد هو سوء التدبير المالي الذي لاحقه منذ 1956 الى 1996 في ظل غياب الحكامة الجيدة و الشفافية في تدبير أموال المتقاعدين وذوي حقوقهم، حتى ان اسمه ارتبط بالمؤسسات العمومية التي عرفت فسادا ونهبا وتحويلا للأموال العمومية على غرار ما وقع في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. أما السبب الثاني وراء عملية الإفلاس المذكورة فيتمثل في التوظيفات المالية في الخارج والداخل لأموال المتقاعدين بشكل غير عقلاني حصد معه "المستثمرون" الخسائر فقط، فضلا عن ضعف المردودية المالية التي يجنيها الصندوق المغربي للتقاعد من المدخرات والاحتياطات المالية لدى صندوق الإيداع والتدبير واستغلال معاشات المتقاعدين في المضاربات العقارية والاستثمارات في مشاريع لا تعود بالنفع على أصحابها، وهو ما تم تأكيده في العديد من التقارير بما فيها التقارير السنوية للمجلس الأعلى للحسابات. أما السبب الثالث لإفلاس نظام التقاعد حسب التقرير الذي أعدته المنظمة الديمقراطية للشغل وتم عرضه صباح أمس في الرباط، فيرتبط بعدم تمكن الصندوق ومعه الحكومة إلى يومنا من التوفر على آليات قادرة على ضمان التوازن المالي الطويل الأمد لنظام المعاشات العسكرية التي تعتبر حالة خاصة بحكم السن القانونية للتقاعد بالنسبة إلى فئة من العسكريين(45سنة ثم 50 سنة ). ويعد عدم وفاء الدولة بالتزاماتها تجاه هذا الصندوق طيلة 40 سنة (1956 الى غاية 1996) احد اكبر مظاهر الاستهتار بالضمان الاجتماعي وهذا هو السبب الرابع. من جهتها، ساهمت المغادرة الطوعية حسب نفس التقرير الذي قدمه علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل في تعميق أزمة التقاعد نتيجة التسرع في تنفيذ توصيات البنك الدولي بتجاوزها سقف 39 الف موظف. من جهتها، تحتل الأرقام المرتبة السادسة فيما يتعلق بإفلاس التقاعد حيث أصبح الوضع العام يتميز بانخفاض مؤشر الخصوبة من 3.2 سنة 1990 إلى 2 في أفق 2050، وكذا بارتفاع معدل الأمل في الحياة من 60 سنة في سنة 1980 إلى أكثر من 75 سنة في أفق سنة 2050 مع ما يرافق ذلك من تدهور للبنية الديمغرافية لأنظمة التقاعد حيث إن ارتفاع عدد المساهمين ب 60% فقط يقابله تضاعف المتقاعدين بأربع مرات (383% ). وأخيرا ترتبط أربعة اسباب فيما بينها بلغة الواقع حيث انتقل العامل من 12 أجيرا نشيطا لمتقاعد واحد إلى 3 أجراء نشيطين لمتقاعد واحد وكذا تفاوت نسب تغطية الالتزامات من نظام لآخر(86 % بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد و31 % بالنسبة لنظام المعاشات المدنية) فضلا عن عدم المساواة في نسبة مساهمة المنخرطين ومعاشات المتقاعدين حيث إن المنخرطين في الصندوق المغربي للتقاعد يساهمون مناصفة في صندوق التقاعد في حين إن مساهمة الأجراء في الصناديق الأخرى حددت في 1/3 والمشغل 2/3 وأخيرا عدم تجانس الأنظمة واختلاف الإطار التنظيمي ووجود فراغ على مستوى القانون. وفي الوقت الذي تقتصر فيه سيناريوهات الإصلاح المقدمة من لدن الحكومة على 3 إصلاحات ممكنة تلتقي كلها في رفع سن التقاعد الى 62 سنة، اقترحت المنظمة الديمقراطية للشغل خيارا رابعا للإصلاح. يتلخص السيناريو الذي تقترحه المنظمة الديمقراطية للشغل كحل لأزمة التقاعد في المغرب في تجميع الأنظمة الحالية في قطبين (قطب عمومي وقطب خاص) ورفع معدل التوظيف بالقطاعات العامة الى 30 ألفا سنويا لتغطية العجز الحاصل والناتج عن التقاعد والعودة إلى الإقرار بتعويض مناصب المتقاعدين والزيادة في الأجور بنسبة لاتقل عن 30 في المائة كل ثلاث سنوات والرفع من الحد الأدنى للأجور الى 4000 درهم في الشهر معفى من كل الضرائب والرسوم ومراجعة النظام الضريبي على الأجور وإلغائها كلية بالنسبة لمعاشات التقاعد. سيناريوهات الإصلاح المقترحة من لدن الحكومةتتلخص سيناريوهات اصلاح نظام التقاعد التي تقترحها الحكومة في ثلاثة سيناريوهات هي : السيناريو رقم 1 : اعتماد 27 في المائة كنسبة اقتطاع سن الإحالة إلى التقاعد : 62 سنة الأجر المرجعي : احتساب وعاء المعاش على أساس متوسط الأجر لآخر ثماني سنوات بدل آخر أجرة عمل نظامية متوسط الأجور الثمانية الأخيرة. النتيجة : انخفاض في نسبة النظام تصل إلى 30.39 في المائة أي هناك ربح مبلغ 99.24 مليار درهم، وهكذا سيصبح مجموع التزامات النظام 221 مليار درهم عوض 320 مليار درهم. السيناريو رقم 2 : سن الإحالة إلى التقاعد : 62 سنة الأجر المرجعي : مراجعة الأجر المرجعي الحالي وهو آخر أجرة نظامية واعتماد متوسط الأجور الثمانية الأخيرة. نسبة الاقتطاع : مراجعة الاقتطاعات والمساهمات من 20 الى 24 في المائة انطلاقا من سنة 2011. النتيجة : انخفاض في نسبة التزام النظام تصل إلى 44.56 في المائة أي هناك ربح مبلغ 142.99 مليار درهم، وهكذا سيصبح مجموع التزامات النظام 177 مليار درهم عوض 320 مليار درهم السيناريو رقم 3 : سن الإحالة إلى التقاعد : 62 سنة الأجر المرجعي : متوسط الأجور الثمانية الأخيرة. نسبة الاقتطاع : 40 في المائة انطلاقا من 2011 . النتيجة : إذا ما تم اعتماد هذا السيناريو من شأنه أن يضمن التوازن في أفق 2050 وللمزيد من الاطلاع توجد رفقة المحضر نسخة من العرض.