كشف مصدر جد مقرب من اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة طنجة/تطوان، بأن أعضاء هذه اللجنة الذين زاروا سجن تطوان المحلي يوم الأربعاء 10 أكتوبر، قد أصابهم الذهول وهم يقفون على اختلالات كبرى داخل هذا السجن، لم يلمسوا مثيلا لها من حيث انتهاكات حقوق السجناء، مقارنة بسجون الجهة ( وادي لاو، القصر الكبير، وزان) التي سبق لهم زيارتها في فصل الصيف الأخير. نفس المصدر وهو يستعرض أمام الجريدة الوضعية المقلقة التي توجد عليها هذه المؤسسة السجنية، تساءل بكثير من الغرابة، كيف يمكن تصنيف هذا السجن الحديث البناء ( سنة 2010 ) بأنه نموذجي، ويستوفي كل الشروط والمعايير الدولية المطلوب توفرها في مثل هذه المؤسسات، بينما الواقع الملموس والمعيش يفند ذلك . فالإكتظاظ ، يقول مصدرنا، تجاوز كل الحدود التي يمكن تصورها (أزيد من 2300 سجين )، فكان أن ترتب عن ذلك، فتح الباب أمام الكثير من الممارسات المنتهكة لحقوق السجناء، منها عدم خضوع توزيع السجناء على الغرف لمقاييس موضوعية وإنسانية، واتسامها بالتمييز المفضوح ، بحيث أن غالبية السجناء يقتسمون غرفا ضيقة وخانقة للأنفاس ، ومنهم من ينام على الأرض ، ويعامل بقساوة ، والذين وزنهم المالي ثقيل ، يمرحون في غرف من خمسة نجوم ، ويحظون بمعاملة ناعمة ! ولأن زيارة الوفد الحقوقي صادفت نزول أولى قطرات الرحمة معلنة انطلاق الموسم الفلاحي الجديد ، فقد ذهل أعضاؤه ، يقول مصدرنا ، كيف أنهم وقفوا على تسرب المياه من سقيفات بعض الغرف ، راسمة أخاديد على جدرانها ، علما بأن هذه المؤسسة مازالت صبية لم يتخط عمرها السنتين بعد ! ولأن هذا السجن اعتمدت المعايير الدولية في بنائه في اعتقاد البعض ، فكيف سقطت الولوجيات الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة ( سجناء ، عاملون أو زوار ) من تصميمه الهندسي ، ولم تشر لذلك في تقاريرها وقته، لجان متابعة الورش ، لتدارك هذا الانتهاك الصارخ لحقوق هذه الفئة من المواطنين والمواطنات ؟ نفس المصدر أفاد الجريدة بأن العديد من السجناء متذمرون من سلوك الإدارة التي لم تهيئ لهم مسجدا يؤدون فيه صلواتهم ، وخصوصا صلاة الجمعة التي تؤدى جماعيا . أما التغذية ، فإن فريق السجناء المكلف بإعدادها لا يتوفر على الأبجديات الأساسية في الطبخ ، والخطير يضيف نفس المصدر، بأن حالة بعض أعضائه ( فريق الطبخ ) تدعو للغثيان ، ومنهم من هو مريض ، مما يجعل سجناء كثيرين يتقززون من تناول هذه الأطعمة ويعتمدون على» قفة « أسرهم ، أو يكتفون بمصارعة الجوع . معطيات أخرى تتحدث عن اكتشاف أعضاء اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لما أسموه باقتصاد السجن ، بحيث أن الإكتظاظ ، وتسرب المخدرات إلى قلب السجن ، وانتشار الأمراض ، وسوء التغذية ورداءتها ... ، كلها عوامل فتحت الباب على مصراعيه أمام انتعاش التجارة في حقوق السجناء . وختم مصدرنا الحقوقي تصريحه للجريدة متسائلا ، كيف أن سجنا يضم بين جدرانه أزيد من 2300 سجين ، موزعين بين النساء والرجال والأحداث والإحتياطيين ، وحتى الأجانب ، من وظائفه الأساسية بعد الحرمان من الحرية ، إعداد السجين من أجل تملك حفنة من الأدوات المادية والأدبية تصالحة مع المجتمع ، وتهيئه للإندماج فيه ، وأن عدد المستفيدين من دروس محو الأمية لا يتعدى أربعين سجينا ، وورشات التكوين المهني لا تتجاوب مع سوق الشغل المحلي ، وتشغيل قاعة الإعلاميات علمه عند الله ....! يذكر بأن مختلف الإختلالات التي تحدث عنها مصدرنا الحقوقي ، ويسبح فيها سجن تطوان المحلي ، قد ورثها المدير الحالي الذي لم تتجاوز المساحة الزمنية لالتحاقه بالعمل على رأسه الشهرين ، ( ورثها ) عن سلفه ، وهو ما سيتطلب منه مضاعفة حضوره واشتغاله ، بغاية أن ينعم السجناء بحقوقهم كاملة وبدون تمييز . ولنجاح هذا الورش فإن تعزيز المؤسسة السجنية بالموارد البشرية الكافية ، وتحسين ظروفها المعيشية ، وبالآليات والتجهيزات الضرورية ، وباستفادة العاملين بهذه المؤسسة من دورات تكوينية حول حقوق الإنسان ، وحقوق السجناء ....،كل ذلك يقتضي مسابقة الزمن من أجل تحقيقه .