عندما تتم إثارة مسألة اختلال الأمن، يتبادر إلى الذهن مباشرة اختلال أحد المقومات الأساسية للعيش المشترك داخل المجتمع. وفي هذا الصدد، صنفت إحدى مدارس السلوك البشري بالولايات المتحدةالأمريكية تشبث الإنسان بالعيش في أمان وسلام كغريزة نفسية أساسية إلى جانب غريزتي «التفوق» و»التجديد « . فالإنسان في المجتمع بقدر ما يسعى إلى تحقيق التفوق وتحقيق الجديد ومحاربة الروتين، بقدر ما يمقت وضعيات اللاأمن وكل ما يهدد طمأنينته وحياته وسلامته الجسدية وممتلكاته. ف»غريزة التشبث بالأمن» عنده لا تقل قيمة عن الغرائز الطبيعية المعروفة. وأمام هذه الأهمية، يعد الحفاظ على الأمن ومطلب ترسيخ الحكامة الأمنية من الأساسيات في السياسة بالنسبة للدولة والمجتمع. فعندما يختل الوضع الأمني تختل معه أحد أهم مقومات العيش المشترك. وعليه، تبقى مهمة رجل الأمن هي الحرص على الحفاظ على سلامة وطمأنينة وممتلكات المواطنين بنزاهة ومسؤولية ووطنية وبدون تمييز لا بين الغني والفقير، ولا بين ذوي السلطة كيف ما كانت مراتبهم ومسؤولياتهم والمحكومين. وعليه، لا يمكن اعتبار ما تعيشه مدينة سيدي سليمان في الآونة الأخيرة من انفلات أمني أمرا عاديا تحت السيطرة، بقدر ما تثير الأوضاع نوعا من القلق والخوف. فخلال سنة 2012، تقاطرت الشكايات على مصالح الأمن جراء ما تعرض له عدد كبير من المواطنين من اعتداءات وسرقات. كما تأكد أن تكرار مثل هذه الاعتداءات والحوادث جاء نتيجة لتعدد الفرق الإجرامية بالأحياء الغربية والشرقية بالمدينة إلى درجة أصبح اللصوص يتربصون يوميا بضحاياهم للانقضاض عليهم بطرق همجية ووحشية، مستعملين الهراوات والسيوف والأسلحة البيضاء، حيث يتعرض الضحايا، بعد سلبهم كل ما بحوزتهم من نقود وحاجيات شخصية، للضرب والعنف الوحشي والإصابة بالتشوهات والعاهات المستديمة في وجوههم وأجسادهم. ونظرا لتردي الأوضاع الأمنية، تحرك المجتمع المدني للتنديد بتنامي الأفعال الإجرامية بالمدينة. وفي هذا الصدد توصلت الجريدة من المكتب المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببيان تم توزيعه بالمدينة يوم 9 أكتوبر 2012 ، نددت من خلاله بما يتعرض له المواطنون من سرقات واعتراضات سبيل واعتداءات وحشية. فالجناة حسب بيان الجمعية معروفون لدى الخاص والعام، ويتصرفون وكأن المدينة لا تتوفر على مؤسسات أمنية إقليمية ومحلية وفرعية في الأحياء. وجاء في نفس البيان، أن تعدد هذه الاعتداءات، وما ترتب عنها من ضحايا وأضرار جسمانية ونفسية، ما هو إلا نتيجة حتمية لغياب الحماية الأمنية الفعالة وضعف التدخلات الفورية الوقائية والردعية في أماكن ارتكاب هذه الجرائم الشنيعة. وحملت الجمعية، بعد استنكارها لهذه الأوضاع التي تمس في العمق حقوق الإنسان في الأمن والسلامة البدنية والنفسية المنصوص عليهما في الدستور المغربي والمواثيق الدولية، كامل المسؤولية للسلطات والأجهزة الأمنية وطالبتها باتخاذ ما يلزم من الإجراءات وبشكل دائم ومستمر لضمان أمن وسلامة المواطنات والمواطنين. كما طالبت السلطات المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الشطط في استعمال السلطة والنفوذ بكل أنواعه في صفوف رجال الأمن خاصة ما راج في المدينة بشأن الضابط الذي يعتدي على المتابعين في تدخلاته ويستولي على أموالهم. وفي موضوع هذا الأخير أفادت الجمعية الجريدة أنها قامت بمراسلة السلطات المختصة بشأنه على إثر الشكايات المتعددة التي توصلت بها والتي تؤكد أن هذا الضابط يقوم خلال تنفيذه لعمليات مداهمة المتابعين الذين صدرت في حقهم مذكرات اعتقال أو تفتيش بابتزازهم والاستيلاء على الأموال التي تكون بحوزتهم بدون أن يتم تضمينها في المحاضر الرسمية، ناهيك عن استعماله للعنف الجسدي واللفظي. ومن الملفات التي وردت في مراسلات الجمعية في هذا الشأن الملف المثير للجدل المتعلق بالسيد ع.د الذي صرح أن الضابط السالف الذكر سلب منه بالقوة مبلغ 6000 درهم بعد مداهمته لمحله التجاري والاعتداء عليه جسديا ولفظيا ولم يضمن في محضر المحجوزات إلا مبلغ 1200 درهم فقط. كما اتصلت الجريدة بالمصرح وأكد لها كتابيا نفس الكلام. ومن ضمن الاعتداءات الشنيعة التي تعرض لها المواطنون في الشهور الأخيرة، توصلت الجريدة من الأسرة التعليمية بالمدينة بخبر تعرض أستاذتين، الأولى تعمل بإعدادية عمر بن الخطاب، والثانية تعمل بثانوية زينب النفزاوية لاعتداءين منفصلين في الزمان والمكان مباشرة بعد مغادرتهما لمقر عملهما. لقد اعترض سبيلهما مجموعة من المنحرفين وألحقوا بهما وبأسرتيهما أضرارا نفسية وجسدية. كما توصلت الجريدة في هذا الموضوع بعريضة في طور التوقيع في المؤسسات التعليمية تستنكر ما حدث للأستاذتين وتطالب كل التنظيمات النقابية والحقوقية والسياسية بالتحرك من أجل خلق جو من الأمن والأمان بالمدينة.