لا أحد يعرف حقيقة من سيفوز بجائزة نوبل للآداب؛ واقع لا يمكن أن ينكره أحد، إذ دون لجنة الاختيار المباشرة، يبقى أي ترجيح هو من باب التمني، ومردُ ذلك إلى أنه يجري اختيار المرشحين لجائزة نوبل بسرية تامة، ولا يكشف عن طريقة الاختيار، إلا بعد خمسين عامًا على منح الجائزة الأدبية الأشهر، أي غالبا بعد وفاة كل لجنة التحكيم ويقينا كل الروائيين المرشحين. لكن على الرغم من تلك الصعوبة، يصر بعض النقاد والمتابعين على محاولة إيجاد تكهنات بأسماء ونسب، هي في الواقع السبب المباشر في الضجات التي تظهر وتتكاثر، مباشرة بعد الإعلان عن الإسم، وتتعيش عليها مواقع المراهنات، التي هي تجارة تدر الملايين على أصحابها، مثل موقع رادبروكس الشهير، الذي رجح مراهنوه هذه السنة، أن يحصلها الياباني هاروكي موراكامي. مرشح اللغة العربية الثابت منذ سنوات، أدونيس، ليس بمرتفع الأسهم هذه السنة، إذ على الرغم من أن الكثير من النقاد يرون أن حظوظه ترتفع لموقفه السياسي مما حدث في سورية (و»الربيع العربي» في مستوى ثان)، وعدم ميله نحو أحد من الطرفين المتناحرين، وانتباهه إلى الحرب الطائفية العنيفة بينهما منذ البداية، وإعلانه أن الربيع العربي الذي سينخرط فيه هو ربيع علماني للمساواة بين الرجال والنساء، بعيدا عن «النكسات» التي نعيشها الآن.. إلا أن التنبه إلى التقليد الذي دأبت عليه الجائزة منذ سنوات، وأنها يتناوب عليها شاعر سنة وروائي سنة، وأن الذي حصل عليها السنة السابقة شاعر، يجعلُ حظوظه قليلة، إلا إذا كانت المعايير في رؤوسنا وهم، ومعايير اللجنة المجهولة غير ذلك، فتُعطاه بعيدا عن التكهنات، هو الذي انتظر ومعه محبوه والمتابعون العرب والعالميين منذ سنوات طالت، حتى أصابهم الملل. نوال السعداوي لعلها أقوى منه ترشيحا هذه السنة، والأمر ليس بتكرار الترشيح بل أحيانا تحدث مفاجآة، كما كان مع التركي أورهان باموق الذي لم يتقادم في لوائح الترشيح، وفاز بأهم جائزة أدبية في العالم ، وترك أدونيس ينتظر.. وقوة السعداوي تتجلى في كونها روائية أولا، عاشت الثورات ودافعت عنها وكانت صريحة ومباشرة في مواقفها ثانيا، وثالثا و ذلك ما يفترض النقاد أنه أهم، أنها أديبة أنثى، والأديبات الإناث تم ظلمهن في تاريخ الجائزة، ولم يحصلن على الجائزة إلا لماما، ما يفترض الكثير من المتتبعين أن تترغب لجنة الحكماء في تصحيحه، فالاحصائيات تشير إلى أن عدد النساء الحائزات على نوبل للآداب لم يتجاوز الاثنتي عشرة فائزة من اصل 108 فازوا بها منذ العام 1901. ذلك ليس سببا وحيدا لترشيح المصرية النسائية المناضلة، بل أيضا ينبه النقاد إلى أن منحها جائزة مؤسسة تحمل اسم الشاعر السويدي داغرمان، وهي الجائزة التي كانت قد مُنحت السنوات الثماني الاخيرة لكاتبين عادا وحصلا بعد ذلك على جائزة نوبل، وهما الكاتبة النمسوية الفريدي يلينيك في العام 2004، والفرنسي لو كليزيو. وقد ترشح هذه السنة 210 مرشحاً، منهم 46 اسماً جديداً لنيل الجائزة هذا العام، منهم: الشاعر الكوري الجنوبي كو أون، والشاعر العربي السوري أدونيس، والشاعر البريطاني جون آشبري، والروائي الإسباني خوان غويتيسولو، والروائيين الأفريقيين: تشينوا أتشيبي ونغوجي واثيونغو ونور الدين فرح، والروائية الجزائرية بالفرنسية آسيا جبار، والروائي الألباني إسماعيل كاداريه، والروائيين الأميركيين: فيليب روث، وكورماك ماكارثي وجويس كارول أوتس، والشاعر الصيني باي داو، والكتاب الإسرائيليين: عاموس عوز وديفيد غروسمان وأ. ب. يهوشواع، وآخرين. لكن الأسماء المتداولة بقوة هي: هاروكي موراكامي، مو يان، إسماعيل كاداريه، ميلان كونديرا، سيز نوتيبوم، فيليب روث، كو أون وأدونيس. لكنني أتوقع أن تذهب جائزة هذا العام إلى روائي (كاداريه، كونديرا، روث، جويس كارول أوتس، مو يان) أو مسرحي (الكاتب البريطاني توم ستوبارد، أو الكاتب الكيني نغوجي واثيونغو) أو كاتب قصة قصيرة (الكندية أليس مونرو، أو الإرلندي وليام تريفور). وتعتمد الاكاديمية السويدية طرقاً صارمة لمنع تسرب الترشيحات والمداولات، فتستخدم اسماء مستعارة للكتاب المرشحين، ويتداول اعضاؤها كتب المرشحين مغطاة بغلافات مختلفة. ويعلن اسم الفائز اليوم الخميس عند الساعة الحادية عشرة توقيت غرينيتش