مرة اخرى تخلق اسبوعية «شارلي ايبدو» الجدل بنشرها رسومات كاريكاتورية للنبي محمد في عددها الصادر يوم الاربعاء 19 شتنبر. الصفحة الأولى من الجريدة تضمنت رسما يجسد حاخاما يدفع كرسيا متحركا يحمل «فقيها» بالعنوان التالي INTOUCHABLES وداخل الجريدة صفحة كاملة مخصصة للفيلم المسي للإسلام «براءة المسلمين» برسومات لمسلمين سلفيين. اما الرسومات الاكثر جرأة فتوجد في الصفحة الأخيرة. قبل ست سنوات, خلقت اسبوعية «شارلي ايبدو» الحدث بنشرها الرسومات المسيئة للرسول التي نشرتها يومية دانماركية في شتنبر 2005 ,هذا العدد من شارلي ايبدو الذي صدر يوم8 فبراير 2006 حقق رقم سحب استثنائي 600 الفن سخة نفدت كلها من الاكشاك, وللاشارة فمعدل مبيعات الاسبوعية لا يتعدى 60 الف نسخة. آنذاك رفعت عدة منظمات اسلامية من ضمنها المسجد الاكبر بباريس واتحاد المنظمات الاسلامية بفرنسا، دعوى قضائية ضد الاسبوعية. وبعد محاكمة خصت بمتابعة اعلامية واسعة، اصدرت المحكمة حكما ببراءة «شارلي ايبدو». في السنة الماضية. اخذت الاحداث منحى اخطر عندما تعرضت مكاتب الصحيفة لحريق يوم 2 نونبر 2011بعدما نشرت شارلي ايبدو عددا بعنوان CHARIA HEBDO ورسم « للنبي محمد رئيس تحرير» النيابة العامة بباريس فتحت تحقيقا لم يسفر حتى الان عن اي نتيجة. ولم يعرف حتى الآن من أضرم النار. هذه المرة، ينفي مسؤولو الجريدة اية رغبة في تكرار اي سبق تحريري مثل ما حصل سنة 2006 أو كما حصل في العدد الخاص الصادر سنة 2011 ,الرسام «لوز» ذهب إلى حد الحديث عن «حملة اعلامية» ضد الجريدة, مدعيا ان هذا العدد لا يعني محمد، بل لم تتم الاشارة إليه في الصفحة الأولى. هناك صفحة واحدة مخصصة لفيلم «براءة المسلمين» وصفحتان لرجل الاعمال برنار ارنو «اعتقد ان زملاءنا يحاولون فبركة قضية رسومات اخرى. نحن نرسم محمد في الجريدة تقريبا كل اسبوع. مدير الاسبوعية «شارب» ينفي اية نية لصب الزيت على النار، في سياق المظاهرات التي يشهدها العالم الاسلامي. و»يقول» نحن لم نذهب بعيدا، نحن جريدة اخبارية ساخرة, نحن نمارس مهنتنا المتمثلة في الحديث عن الاحداث, الجرائد الاخرى التي تتحدث عن الفيلم المسيء للاسلام لا تتعرض للانتقاد ,طريقتنا في الحديث عن الموضوع هي الكاريكاتور» «شارب» يرفض اخذ السياق الدولي المتوتر في الاعتبار و يقول» ليس هناك سياق ملائم او سياق غير ملائم. عندما احرقت مكاتبنا. لم يكن السياق الدولي متوترا بشكل كبير» مدير اسبوعية شارلي ايبدو يرفض الاتهام باستهداف الاسلام بشكل خاص ويقول «نحن نستهدف كل اشكال التطرف, طيلة 20 سنة رفعت ضدنا 14 قضية في مواجهة اليمين المتطرف الكاثوليكي وقضية واحدة في مواجهة المسلمين. وقد تم تعزيز الحماية الامنية حول مكاتب الجريدة. واعلن وزير الشؤون الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن اتخاذ احتياطات امنية خاصة لحماية السفارات ويؤكد مدير الجريدة انه لا يخشى عمليات انتقامية، هذا أمر لا يهمني! لو كنت خائفا، لغيرت المهنة وفتحت مقهى..« العدد الجديد من الاسبوعية اثار موجة من ردود الفعل السياسية ومن المنظمات الدينية, اجمعت كلها على السياق المتوتر الذي تزامن مع صدور هذا العدد. في مقر الرئاسة تؤكد مصادر من الاليزيه ان موقف رئيس الجمهورية واضح و يشير احد المستشارين قائلا: »في فرنسا، حرية الصحافة كاملة ولايمكن انكارها او حتى الحد منها. نحن لسنا احراار بنسبة ù99% بل بنسبة %100 ليس هناك أدنى نقاش في هذا الأمر، وفرانسوا هولاند كان واضحا جدا على الدوام حول الموضوع«« ويذكر محيط الرئيسي بأن فرانسوا هولاند، عندما كان كاتبا أول للحزب الاشتراكي، عبر عن مساندته لجريدة «شارلي ايبدو» اثناء المحاكمة في فبراير 2007. وتضيف مصادر الإليزيه قائلة «»الحرية لا تمنع المسؤولية وعلى الصحفيين تقدير ما إذا كان من المفيد أم لا نشر هذا الموضوع أو ذاك... وفي كل الأحوال، تضيف مصادر الإليزيه، فمسؤولية السلطات العمومية هي ضمان أمن الصحفيين الذين قد يتعرضون للأذى ولذلك تم اتخاذ قرار وضعهم تحت المراقبة و منع أي مظاهرة قد تؤدي إلى انزلاقات«« لوران فابيوس الذي كان في زيارة للقاهرة بداية الأسبوع ,عبر عن رفضه لأي استفزاز مع تأكيده على وجود حرية التعبير. من جانبه ذكر الوزير الأول جان مارك أيرو يوم الأربعاء، الذين استفزتهم رسومات الأسبوعية, بحقهم في اللجوء الى القضاء في إطار دولة القانون التي تضمن حرية التعبير، وقبل ذلك عبر إيرو عن معارضته في السياق الراهن لأي مبالغة مع تأكيده على مبدأ العلمانية. ومن جانبه عبر فرانسوا فيون عن حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية عن مساندته لأسبوعية شارلي ايبدو، ولحرية التعبير، معتبرا أنه لا يجب التراجع قيد أنملة في هذا المجال...« أما المنظمات الدينية فقد أجمعت على إدانة الصحيفة, وعبر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عن »حزنه العميق« إزاء الرسومات التي اعتبرها »مهينة لرسول الإسلام«, مع تأييد حرصه وتشبثه بحرية التعبير. من جانبه وصف رئيس المجلس محمد الموساوي هذه الرسومات بالعمل »المعادي للإسلام« ووجه نداء إلى مسلمي فرنسا بعدم »الإنسياق وراء الاستفزاز» وطالبهم بالتعبير عن ادانتهم بهدوء وبالوسائل المشروعة«,معتبرا أن »لا شيء يبرر السب والتحريض على الكراهية«. من جانبه دعا إمام مسجد باريس إلى الهدوء وعدم صب الزيت على النار. أما المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية فقد عبر عن «»معارضته» للرسومات الكاريكاتورية التي تهين النبي محمد, معتبرا ذلك »»شكلا من الخليط اللامسؤول.. فهل يمكن لنقد الدين أن يقبل بدوره النقد، ليس حول المبدأ بل من حيث الظرفية»« وأشار رئيس المجلس ريشار برانسكيي في مقال كتبه أنه »يعارض» «شارلي ايبدو» »اعتبارا« للأشخاص الذين قتلوا في المظاهرات ضد الفيلم الأمريكي المعادي للإسلام.