معلمة طبية صحية بدرب السلطان طالها التهميش و النسيان وأصبحت ورشا لا نهاية له ، ركام من الحجارة و الأسمنت والرمال حجبت معالمه التاريخية. إنه مستوصف المدينةالجديدة المعروف باسم « سبيطار جميعة» الذي كان عنصرا فعالا اعتمدت عليه الحركة الوطنية بخدماته لصالح الطبقة الشعبية، التي كانت تعاني من الفقر و البؤس و قصر اليد خاصة «أيام البون»، ارتبطت به ساكنة درب السلطان منذ أربعينية القرن الماضي، حيث لا يمكن ، بأي حال من الأحوال، أن يغيب عن ذاكرة أبناء درب السلطان منذ التاريخ المذكور، و سبب هذا الارتباط الوطيد بالذاكرة هو الزيارات المتكررة التي تدل على الاهتمام الخاص للملك الراحل محمد الخامس، الذي كانت له اتصالات مباشرة مع الطبيب الرئيسي و بعض الممرضين على اعتبار أنهم الأقرب إلى شرائح المجتمع بهذه المنطقة المتميزة لمدينة الدارالبيضاء، نذكر منهم الطبيب الفرنسي « بيرا » ، و هو طبيبه الخاص، و الممرض الجيلالي و بعض الأعيان من المناضلين من سكان درب السلطان. أهم توصيات المغفور له محمد الخامس، تكليف هؤلاء بجمع كل النساء الحوامل على وشك الوضع و نقلهن إلى جناح خاص في هذا المستشفى و التكفل بهن من جميع الأمور: أكلا و لباسا و علاجا.. مهما بلغ عددهن، و للذاكرة أيضا لا يمكن لأي منتم لهذه المنطقة عايش هذه الفترة إلى حدود السبعينات من القرن نفسه، أن لا يذكر بالاسم و بالصورة بعض من سخر نفسه لخدمة هذه المنطقة مثل الطبيبة «مدام الجيلالي» المختصة في الأمراض الجلدية بالإضافة إلى جناح الأمراض الصدرية (راديو الصدر)، و التي لم تقتصر مهمتها على استقبال و فحص كل من قصد هذا الجناح، بل كانت تنتقل عبر شاحنات مخصصة و مجهزة بالراديو إلى جميع المؤسسات التعليمية بالمنطقة، و هو الشيء الذي لا أثر له اليوم رغم وجود ما يعرف بمصلحة الصحة المدرسية! حالة هذا المستوصف اليوم تدوس بكل وحشية على هذا التاريخ و ما أنجزته هذه المؤسسة الصحية/ الطبية و الرجالات العظام الذين ضحوا بالغالي و النفيس من أجل خدمة هذه الشريحة من المجتمع المغربي. فكيف تسمح نفوس من ساقتهم ظروف معينة للإشراف و تدبير الشأن الصحي بهذه المقاطعة، بطمس هذه المعلمة الصحية؟ ألا يعد ذلك مؤشرا على جهل رهيب بهذا التاريخ؟ هذا وتستعد بعض جمعيات المجتمع المدني و بعض الجمعيات السكنية ، تضم من بينها بعض الفعاليات التي عاشت جزءا من هذا التاريخ، للقيام بحملات تحسيسية حول هذا التاريخ ، كما أنها تعتزم تنصيب نفسها كطرف مدني لرفع دعوى قضائية ضد من تسبب في تدمير و تخريب و طمس هذه حقيقة هذه المعلمة من خلال إهمال و رش الإصلاح الذي هو عبارة عن ركام لا تُعرف مدة نهايته؟!