احتضنت مدينة تيزنيت الدورة الثالثة لمهرجان «تيميزار الفضة» الذي تنظمه هذه السنة جمعية تيميزار الفضة بتعاون مع غرفة الصناعة التقليدية وبلدية تيزنيت والمجلس الإقليمي ودار الصانع وبدعم من مجموعة من الفاعلين العموميين والخواص تحت شعار «صياغة الفضة... هوية، إبداع وتنمية» والتي تهدف إلى تشجيع الحرف اليدوية المحلية خاصة صياغة الفضة والمساهمة في تعزيز الأنشطة السياحية والثقافية بتيزنيت اعتبارا لكون هذه المدينة التي تتوفر حاليا على أزيد من 150 محلا متخصصا في صناعة وبيع «النقرة» أصبحت رائدة في هذا المجال ما جعلها تتحول إلى أكبر سوق لترويج هذا المنتوج الأصيل سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. المهرجان الذي تواصلت فعالياته من 25 إلى 28 غشت ظم معرضا لمنتوجات الصناعة التقليدية التي تعنى بالاشتغال على الفضة شارك فيه أزيد من 40 عارضا بمن فيهم ممثلين عن جمعيات وتعاونيات حرفية بالإقليم وهو يهدف إلى إبراز مؤهلات الصانع المحلي والتعريف بمدينة تيزنيت باعتبارها عاصمة للفضة. كما يضم هذا المعرض الذي أقيم على مساحة تزيد على 5000 متر مربع في الهواء الطلق قبالة ساحة المشور التاريخية بقلب المدينة القديمة ثماني ورشات ينشطها أكثر من عشرين صائغا يعملون على التعريف بمختلف مهن المرتبطة بصياغة «النقرة»? مثل النقش والسلك الفضي والطلاء الزجاجي والتفريغ. وشمل برنامج الدورة الثالثة لهذا المهرجان فضلا عن معارض لمجوهرات الفضة وورشات للتعريف بطريقة صياغة الحلي التي تزخر بها المدينة أمسيات في الرقص والغناء وعروضا يومية للتبوريدة وعرضا للأزياء والحلي التقليدية المحلية? بالإضافة إلى عرس تقليدي تيزنيتي مائة في المائة? وأنشطة ثقافية متنوعة. و قام بإحياء فقرات هذا المهرجان مجموعة من الفنانين المغاربة أبرزهم فاطمة تيحيحيت وسعيد الصنهاجي وحاتم إيدار وسيمون سايز واركسترا أمانوز وأودادن وعدد من المجموعات الغنائية المحلية مثل «تودرت» و«أزوان نسوس« و«إمديازن». ندوات على هامش المهرجان فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان الفضة تميزت بعقد ندوة علمية الأحد الماضي بقاعة الخزانة الوسائطية المختارالسوسي، تحت عنوان «البعد الرمزي للحلي الفضية» ، أشرف على تنشيطها عبد السلام أمرير المدير الجهوي لوزارة الثقافة بجهة دكالة عبدة وباحث في مجال الثراث للشعبي المغربي، بحضور مجموعة من المهتمين من داخل تيزنيت وخارجها. الباحث تطرق في البداية صعوبة الغوص والنفاد إلى الدلالة الرمزية للحلي الفضية لغياب توثيقات في هذاالمجال، مما أدى إلى ظهور محاولات مختلفةلباحثين متعددين دون أن يكون هناك إجماع على دلالة واحدة. وتتجلى هذه الصعوبة في وجود قطيعة ثقافية بين المجتمع التقليدي الذي كان يصوغالحلي الفضية والباحثين الحاملين للثقافة الأكاديمية المدرسية. وأكد الباحث علىأن الحي بكل من المغرب والجزائر وتونس تنتمي إلى المنظومة نفسها من حيث الجانبالتقني والجمالي والثقافي. بعد ذلك استعرض الباحث بعض المحاولات التي قام بها مجموعة من الباحثين الأجانب لفهم البعد الرمزي للحلي، وتناولها بالنقد والتحليل، حيث انتقد هؤلاء الباحثين لقيامهم بإسقاط اساطيرعالمية على رموز الحلي المغربية التي تنتمي إلى بيئة ثقافية خاصة. وختم الباحث باقتراح تفسيرات جديدة للحلي مركزا على «الخلاّلة»، حيث اعتمد على المعطيات اللغوية واللسانية ليربط شكل وطبيعة هذا النوع من الحلي بالمظاهر الطبيعية والعمرانية لجنوب المغرب. ولم يفت الباحث أن يتحدث عن بعض الأخطار التي تهدد الفضة، مبرزا أن التراجع الحاصل في المادة الخاملهذا الموروث المغربي، جعل بعض تجار وصناع الفضة يلجأون إلى عملية تذويب الحلي القديمة لإعادة صياغتها بأشكال جديدة وعصرية لا تمت للخصائص الجمالية والرمزية المحلية بأي صلة، محذرا من أن الاستمرار في تذويب الحلي القديمة سيقضي على ما تبقى من التحف الفضية الأصيلة بمنطقة سوس خصوصا وباقي المناطق المغربية عموما. واختتم الدورةالثالثة للمهرجان بسهرة كبرى يحيها الفنان الشعبي سعيد الصنهاجي والرايسة فاطمة تبعمرانت وحاتم إدار ومجموعة أمانوز وامدازن والفكاهي باسو، إضافة إلى تنظيم عرس تقليدي بقصبة أغناج وعرض للأزياء والحلي.