بلدة ثلاثاء لولاد الصغيرة والهادئة والبعيدة عن مركز بن أحد بكيلمترات قليلة فقدت رونقها الذي اعتادت عليه بسبب الغبار الذي بدأ يهاجمها من الجهتين الغربية والشرقية، حيث أضحت الساكنة في حصار خانق داخل بيوتها خوفا من تلك السموم القاتلة للوافدين الجدد. شهدت مدينة لولاد خلال السنوات الماضية ميلاد وحدتين صناعيتين بضواحيها هما : اسمنت الأطلس جهة الغرب جوار جماعة الأحلاف امزاب (بتاريخ 15 / 01 / 2008) ولافارج سيمونتوس للجير الإصطناعي جهة الشرق جوار جماعتي الخزازرة والنخيلة (بتاريخ 09 / 01 / 2009) إنشاؤهما أحدث رجة اقتصادية واجتماعية داخل وخارج المدينة وأثر سلبا أكثر، مما أثر إيجابا على الإنسان والحيوان والنبات على حد سواء، حيث دفع قدومهما الإنسان إلى الهجرة من موطنه الأصلي نحو المركز، وكانت المبالغ المحصلة من وراء بيعه الأراضي للشركات المستثمرة غير كافية لإقتناء منازل إيواء زيادة على كون الفئات المهاجرة غير مؤهلة لسوق الشغل فارتفعت السومة الكرائية وارتفعت نسبة البطالة، ناهيك عما جلبه العمال الأجانب من ظواهر نشاز على القرية وأهاليها كانتشار بائعات الهوى بالأحياء الهامشية والمخدرات بمختلف أنواعها بشكل كبير وظهرت أساليب وأنواع جديدة من السرقات (سرقة أغطية علب العدادات الكهربائية، سرقة أغطية بالوعات الوادي الحار ......) ارتفعت الأصوات المنددة بهذه التمظهرات الجديدة و بعدم احترام هاتين الوحدتين للمعايير البيئية المنصوص عليها في المواثيق والمعاهدات الوطنية والدولية، وتشكلت لجن محلية للرصد والتتبع انبثقت عنها جمعيات تهتم بالبيئة وبآثار تلك الوحدات الصناعية على ساكنة الجوار والمجال الريفي برمته، وهكذا تأسست جمعية تحمل اسم جمعية لولاد للبيئة والتنمية والمواطنة بتاريخ 17 يوليوز 2009 للوقوف ضد الخروقات البيئية الممكن حدوثها أثناء عمليات بناء هذه الوحدات والعمل على توفير الحماية القانونية من المخاطر لساكنة الجوار عند بدء اشتغالهما، غير أن أياد خفية تسللت إلى داخلها وتمكنت من نسفها بتواطؤ مع ذوي النفوذ والمصالح، فجاء قرار تجميد أنشطتها بتاريخ 15 غشت 2010 ؛وخلا الجو لأصحاب المال والسياسة من أجل تنفيذ مشاريعهما الهدامة دون مقاومة من الساكنة لفترة طويلة، لكن دوام الحال من المحال؛ بحيث تضاعفت الضغوط على الساكنة نتيجة الغبار المتطاير المحمل بالمواد الكيماوية والانفجارات المدوية والضجيج الذي لايتوقف ليل نهار؛ فمرض الصبية وتشققت الدور وخفقت الأنعام وعقمت الأرض عن العطاء وتقلص المردود الفلاحي و.....و.....وكثر القيل والقال وكان لزاما تأسيس جمعية جديدة تعنى بنفس الشأن.. وفعلا تشكلت لجنة تحضيرية من خيرة شباب المنطقة المثقف وتم تأسيس جمعية بديلة لسابقتها أطلق عليها «جمعية النزالة للتنمية والمحافظة على البيئة بلولاد» وتم انتخاب مكتبها المسير . كان لتحرك هذه الجمعية ودقها لكل الأبواب الموصدة التي لها علاقة بهذا الشأن؛ إيقاظ مراكز القرار من سباتها العميق درءا لأي انفجاراجتماعي متوقع : فحضرت عشية يوم الخميس 31 مايو 2012 شاحنات لقياس درجة التلوث في الهواء التابعة للمختبر العمومي للأبحاث والدراسات، وقد اختارت نقطتين بجوار المركب الصناعي لإسمنت الاطلس، وظلت رابدة بالمكان لمدة أربعة أيام ... لكن الغريب في الأمر أن إدارة المركب حينما فطنت بوجودها أسكتت جميع المحركات بشكل تدريجي كنوع من التحايل ...الشيء الذي خلف استياء كبيرا لذا الساكنة. كما زارت لجنة مركزية مختصة المنطقة يومي 18و19 يونيو 2012 ضمت في عضويتها بالاضافة الى ممثلي الولاية كل من ممثل المجلس البلدي للولاد وممثلي السلطات المحلية و بعض فعاليات المجتمع المدني المهتمة بالبيئة وزارت الوحدتين الصناعيتين ودعت مسؤولي شركة لافارج للإلتزام بالشروط المنصوص عليها في دراسة الثأثير وحماية الساكنة من الغبار، وشددت على منح مهلة للشركة لتنفيذ توصياتها، في حين حاول مسؤولو الشركة الثانية منع ممثل جمعيات المجتمع المدني من دخول مقرها، مدعين أنه وراء تحريض الساكنة ضدها، كما عقدت الجمعية عدة اجتماعات مع السلطة المحلية بمقر الباشوية كان آخرها يوم 28 يونيو 2012 للدفع بهذه الأخيرة إلى مطالبة الشركتين باحترام المعاييرالبيئية، غير أن التعامل الفج والمنطق السلطوي لرجل السلطة المحلية بلولاد (باشا مدينة لولاد) دفع أعضاء الجمعية إلى الانسحاب من الاجتماع مبكرا ... نتساءل عن الجهة التي رخصت ببناء وحدتين صناعتين لهما تقريبا نفس المنتوج وتشتغلان على نفس المادة جوار هذه القرية الصغيرة دون أن تستفيد منهما لأن عائدات الضرائب المفروضة على الوحدتين تضخ في ميزانيات جماعات مجاورة بعد أن اقتطعت أراضي تواجدهما من المجال الجغرافي للمدينة و أين كان المجلس البلدي في كل ماحدث وما يحدث ؟ و لما لاتقوم لجان المراقبة بالأدوار المنوطة بها دون حاجة الى من يحركها ؟ فكيف يٌعقل أن يسمح لهذه الشركات بحصد الملايين من الأرباح على حساب التدمير البيئي والصحي لساكنة تتجاوز العشرة الآف نسمة (ساكنة البلدية والجوار)؟ ألم يحن الوقت لإعلانها صرخة كفى تلاعبا بمصير المدينة ؟ أين نحن من القانون رقم 12.03المتعلق بدراسات التأثير على البيئة الصادر بتنفيده الظهير الشريف رقم 1.03.60 ؟ إن الابحاث المنجزة حول البيئة بالمغرب تنذر بمخاطر صحية ستفتك بأبنائنا خلال السنوات القادمة، جراء الاستهتار الذي طال هذا المجال والذي أدى إلى تراكم الاطنان من النفايات دون التفكير في آليات تدوير هذه النفايات رحمة بالانسان والارض والحيوان. إنها رسالة للضمائر الحية المواطنة والغيورة على المصلحة العليا للوطن. فماأحوجنا إلى ميثاق وطني للبيئة وكم نتمنى أن يتمخض عن الجهود التشاورية المبذولة بالملتقيات الجهوية مناخ قد يفيد في خلق مستقبل بيئي متميز لمنطقتنا ولبلدنا .