تقع بلدية أعلى هضبة العلوة ،تلك الأرض القابعة على كبد الشاوية ،المرتدية لكسائها الأخضر ، ضمن دائرة المناطق الفلاحية الخصبة المتميزة بتربة التيرس المعطاء عبر إنبساطات سهولها الممتدة في كل الإتجاهات أمام مرامي البصر ، لكنها إذ تكون تلك مميزاتها ، وإذ تدخل أيضا ضمن دائرة المغرب النافع ، فإن ما آلت إليه هذه المنطقة راهنا من جراء قساوة المناخ وتعاقب سنوات الإهمال والتهميش وتواطؤات ومؤامرات وعبث بخيراتها وإجحاف في حق سكانها .. قد شل توهج مميزاتها تلك وعطل بريق ما حبتها به الطبيعة من مؤهلات وإمكانيات ، حيث بات التراجع والتقهقر وتدهور بنياتها ، وتردي أوضاعها وتفاقم مشاكل ساكنتها على إمتداد 50 سنة تقريبا مع العلم أنه تم تخصيص ميزانيات ضخمة لتنمية المنطقة دون نتيجة تذكر من قبل الجماعة القروية القديمة والمجالس البلدية اللاحقة .. على الرغم من أن بلدية لولاد تتوسط العديد من المناطق : جماعة النخيلة (شرقا) والخزازرة (شمالا) وأولاد آمحمد ومكارطو وسيدي الذهبي (غربا) ثم جماعة الأحلاف (جنوبا) ، تبدو وعلى بعد مسافة متوسطة ،شبه تجمع سكاني تقسمه الطريق الوطنية رقم 11 الرابطة بين الدارالبيضاء وبني ملال .. فلا تعدو أن تكون دوارا نائيا فبالأحرى بلدية .. لكونها تفتقر لكل مقومات أو مؤشرات البلدية الحضارية في كل المجالات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والرياضية ... بالإضافة إلى انتماء البلدة لإقليمسطات بكل ما يعنيه هذا الإقليم من تضخم في السلطة لعقود من الزمن وما صاحب ذلك من إفساد لشتى مجالات الحياة وفي مقدمتها إفساد الإستحقاقات السياسية .. ،حيث يذكر التاريخ القريب كيف صنع رجل سلطة (قائد) الخريطة الإنتخابية وخلق ممثلين للسكان على المقاس .. وتجدر الإشارة إلى أن هذه التمثيلية الإنتخابية التقليدية تحافظ على القيادة وتفرض نفسها بدعوى التطرف القبلي والإنكماش العنصري ...معتمرين بعمائمهم مسنودين على عكاكزهم الخشبية .. وعلى حد تعبير سكانها حتى ولو ترشحت الحكومة بكامل نخبتها لما حصلت على صوت واحد... فالبلدة جزيرة معزولة يتوصل فيها السكان فقط بالضرائب وبإستدعات القرض الفلاحي أو "المصائب" القادمة من الدرك أو الباشوية أو المحكمة ..أما الأمور السارة والسعيدة فلا يتوصلون بشيء. *** إكتشاف صخور باطنية تدخل في صناعة الإسمنت*** منذ إكتشاف صخور الكلكير من نوع HT بباطن أراضي آمزاب والتي تدخل في صناعة الإسمنت بنسبة 70 في المئة ، تعاقب على المنطقة أكبر السماسرة لشراء الأراضي الفلاحية لفائدة شركة الإسمنت بعقود فلاحية ، حيث تم البيع بالوحدة الفلاحية ( الهكتار والخدام ) ، في حين أن الإستغلال الذي قامت به الشركة هو إستغلال صناعي أي (وحدة المتر مكعب ) وهذا تحايل على البائعين لأراضيهم .. فلم يكن يتصور أحد أو يخطر بالبال أن يأتي زمن يتخلى المزابي عن أرضه بهذه السهولة ، القصة طويلة ومتشعبة وتتعرق الذاكرة من هول ما حدث ..لكنها للأسف لا تستحمل أبدا ... في غفلة من الزمن اندس مرتزقة من شداد الأفاق بين الناس وأوهموهم بطرق ماكرة عجزت عنها صنعة إبليس اللعين وأستزلوهم وغرروا بهم كي يسلبوهم أراضيهم التي ورثوها عن أسلافهم كابرا عن كابر بملاليم لا تسمن ولا تغني من جوع وسوفوا لهم ومنوهم برغد العيش وبفرص الشغل لفلذات أكبادهم العاطلين ..لكن هيهات هيهات فشتان بين الوعود البراقة وتفعيلها . فبدل الترف الموعود وجد فلاحنا نفسه عاطلا مع أبنائه عاجزا عن شراء مسكن جديد يؤويه ليس في أحياء الراقية بالعاصمة وإنما داخل النسيج العمراني البائس لعروس المدائن (ثلاثاء الأولاد) .والغريب في الأمر أن السلطات المحلية والإقليمية والجهوية وأما المركزية فلا ندري قد رفعت يدها ولم تأبه بالمواطنيين الذين هم تحت وصايتها بل باركت هذا الإستلاء من قبل المستثمر القوي وغضت الطرف عن ترويجهم لإشاعة التي أخافت الناس هو أن هذا المشروع في ملكية جلالة الملك أدام الله نصره وتمكينه في خرق سافر لحرمة أمير المؤمنيين حامي الملة والدين .. والأغرب من ذلك إنخراط ممثلي السكان في الحملة الشعواء ضد المواطنيين الذين وهبوهم الثقة عبر صناديق الإقتراع وتسابقوا لتقديم فروض الطاعة والولاء لهذا المشروع على أمل الحصول على الفتات من العمولات (كالمجلس الذي وقع تقسيم إداري على مقاس الشركة أو بالتوقيع على رخص البيع أو بمنح ترخيص الربط الكهربائي ... أو المجلس القروي الذي تحول أصحابه إلى مليارديرات يمتلكون العقار ويلبسون فاخر الثياب وتم منحهم سلطة تقديرية لتشغيل من يشاؤون داخل النسيج العمالي لشركات المساهمة في بناء المصنع ... *** إنشغال السادة المستشارين بالصراع على مقعد الرئاسة فوت على البلدية عائدات مصنع "إسمنت الأطلس"*** في الوقت الذي شرعت الآلات في قرع أرض آمزاب لغرس مدخنات ضخمة وسط النفوذ الترابي لبلدية لولاد ، كان السادة المنتخبين مستشاري المجلس البلدي الموقر مشغولين بتصميم خرائط دوائرهم الإنتخابية وتجييش المناصرين والبحث عن حلفاء جدد قبيل الإنتخابات الجماعية ، هذا الموعد الوطني بمثابة فرصة لإستعراض فن النعرات العرقية والعصبية القبلية التي تتجذر بالبنية المجتمعية لهذه الرقعة المهمشة إقتصاديا وثقافيا على الرغم من توافر الموارد الطبيعية والمالية ، ليصير كل شيء مباح في هذا الصراع، غايتهم المثلى وهدفهم الأسمى الإنتصار على المناوئين لوجهاء القبيلة متناسين واجباتهم التنموية وأهدافهم التقدمية ومسؤوليتهم بدفع عجلة المدينة نحو الرقي. فعلا وبعد مرور الإستحقاق الإنتخابي أفرزت صناديق الإقتراع فوز عشيرة جديدة بكرسي رئاسة المجلس البلدي الذي يعني فيما يعنيه : إنتصارا عشائريا مجيدا ، يقدم هدية للأتباع ينتشون به دهرا . ليستمر الصراع بطعن لدى المحاكم المختصة وصل إلى المجلس الأعلى للقضاء ، لتتوقف الحياة بالمدينة حتى تقول المحاكم كلمتها ، وهكذا يتم نسف كل مخطط جاد أو أي تحرك تنموي لا يقدم فروض الطاعة لوجهاء العشائر . هنا نطرح سؤال لصالح من هذا الصراع ؟ ومن هي الجهات التي تؤججه ؟ شقا السؤالين لهما إجابة واحدة، المستفيد هو نفسه المؤجج ، فنظرة واحدة للحصيلة الإقتصادية للأقطاب الفاعلة على الساحة السياسية ستبين بالدليل القاطع من المستفيد . وعندما شرعت محركات الإنتاج تعصر أحجار أراضي لولاد عصرا بعدما قطعت الطرقات وقلعت الأشجار والأحجار ودكت المنازل وضيق على الناس كي يبيعوا ممتلكاتهم مرغمين ، تفاجأ الرأي العام بإنتساب هذا المركب الصناعي لجماعة قروية أخرى مجاورة لبلدية لولاد ،الشيء الذي خلف إستياء منقطع النظير على سكوت المسؤولين والمنتخبين في تواطؤ سافر. ومازاد الطين بلة أن شباب بلدية ودائرة إبن أحمد ترفع في أوجههم الورقة الحمراء حينما يطرقون باب الشركة للحصول على عمل بأبخس الرواتب .. هكذا لم تجن ساكنة لولاد إلا الغبار المكون من مواد سامة ،تقتل الزرع والضرع ،زيادة على الثلوث السمعي الذي ثقب طبلات آذان سكان بلدية لولاد ، ولم تسلم حتى البنية التحتية المهترئة أصلا للبلدية من بطش المصنع وشاحناته الضخمة التي أضرت بشكل بالغ بشوارع البلدية المعبدة . وما يدمي الفؤاد هو تخاذل المتخاذلين وتواطؤ المتواطئين ، فحينما يرتفع صوت خافت للتنديد يواجه بالقول الحازم "هذا لوزين ديال سيدنا"(مصنع جلالة الملك) فهل أنت من المعارضين ، هل تبحث عن مسكن وراء الشمس ، هل تريد أن تبلع عظامك في سيدي بومهراز .. وجلالة الملك حفظه الله براء من ما يروجه هؤلاء المرتزقة من إشاعات ... *** البراهن والقرائن القانونية والإدارية لإنتساب المركب الصناعي "إسمنت الأطلس"لبلدية "ثلاثاء الأولاد"*** تعد بلدية لولاد المرحب الأول بهذا المشروع الإستثماري الضخم وكان مخاطبا رئيسيا من طرف المشرفين على المشروع ولا أدل على ذلك قيام مصالحها بتزويدهم بالمعطيات التقنية سواء منها الديمغرافية والبيئية وعلى رأسها مونوغرافية البلدية ،ناهيك عن مطالبة البلدية بتقديم التسهيلات اللازمة والضرورية من خلال البرقية الإقليمية عدد 312 بتاريخ 23-01-2008 وكذا كتاب المجلس الجهوي للإستثمار عدد 957 بتاريخ 12-12-2008 ومن خلال محضر وضع أعمدة الأسلاك الكهربائية ذات الضغط المتوسط ومركز التحويل موقع مع المكتب الوطني للكهرباء بتاريخ 29-04-2008 وأيضا محضر وضع الأسلاك الكهربائية ومركز التحويل موقع مع المكتب الوطني للكهرباء بتاريخ 21-05-2009 ،وكذا الرسالة الإقليمية عدد 6044 بتاريخ 15-06-2009 المتعلق بطلب الربط الكهربائي لشركة "سوجيا المغرب" والواردة من مصلحة التوزيع التابعة للمكتب الوطني للكهرباء عدد 7780 بتاريخ 21-05-2009 بالإضافة للرسالة الموجهة إلى عمالة إقليمسطات (المركز الجهوي للإستثمار) وإلى الوكالة الحضرية لسطات بتاريخ 03 مارس 2009 . فخرجت مصالح الإقليم متنكرة لبلدية لولاد في حقها في إنتساب المركب الصناعي لإنتاج الأسمنت من خلال طبخة يعلمون هم مقاديرها السرية ولكنها طبخة فاحت روائح حريقها. أما القرائن القانونية والإدارية والعمرانية ، البيئية ، سوسيو-إقتصادية والجغرافية نخص منها : البقعة الأرضية المخصصة لإستقبال المشروع تقع بالنفوذ الترابي للبلدية حسب تصميم التهيئة المنجز من قبل الوكالة الحضرية والتقسيم الإداري لسنة 1992 والتقطيع الإنتخابي إنتماءه للدائرة الإنتخابية الرقم 11. العشرات الشواهد الإدارية المؤذنة بالبيع للقطع الأرضية لفائدة الضحى تم تسليمها من مصالح البلدية بإعتبار أنها تقع بنفوذها الترابي . رخصة الربط الكهربائي مسلمة من قبل بلدية وباشوية لولاد إلى شركة إسمنت الأطلس. قانون التعمير رقم 12/90 والقانون رقم 11/03 المتعلق بحماية وإستصلاح البيئة والقانون رقم 12/03 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة يفرض أن يكون رئيس الجماعة الحضرية طرفا مباشرا أثناء إعداد دراسة مثل هذه المشاريع إلى حين الترخيص ببنائها وكذا إستشارته في الشق المتعلق بالبيئة ومدى إنعكاسها على المحيط الإجتماعي والإقتصادي خاصة وأن موقعها يتمركز بجوار مدارها الحضري إن لم يكن في قلبه . وعليه فإذا كنا مع مبدأ الإستثمار الذي يروم التنمية المستدامة فإننا ضد إقصائنا وتهميشنا كوحدة ترابية لها حقوق وعليها إلتزامات . لهذا الغرض وتماشيا مع مبادىء الحكامة الجيدة وسياسة القرب والإنصاف والمساواة فإننا نطالب من الجهات المعنية فتح تحقيق في موضوع تجريد بلدية ثلاثاء الأولاد من حق مكتسب . محمد علالي :