من أجل محاولة الإحاطة بالحياة الجنسية للمغاربة والطريقة التي يعيشون بها هذه الحياة، طرحنا الأسئلة التالية على ثلاثة أخصائيين: كيف يعيش المغاربة حياتهم الجنسية؟ ماهي هذه العوائق الطابوهات التي تمنعهم من الاستمتاع بحياتهم الجنسية؟ هل يزور الأزواج الاختصاصيين لمعرفة مصدر الخلل؟ وفي حالة استشارة الطبيب حول أية اختلالات؟ وأخيرا ما العمل لكي يعيش الإنسان علاقته الجنسية بسعادة؟... أمال بشاش، وبعد 10 سنوات من الممارسة كطبيبة الامراض الجنسية، ترى ان المغاربة رجالا ونساء بدأوا في السنوات الاخيرة يتجرأون على مراجعة الأخصائيين والحديث عن حياتهم الجنسية، صحيح أنهم يلجأوا الى الاطباء بخصوص بعض الاختلالات الجنسية، ولكن هناك رجال ونساء يلجأون الى الطبيب من أجل تحسين حياتهم الجنسية بمعنى أن هناك وعيا أكبر لدى المغاربة رجالا ونساء بأهمية الحياة الجنسية من أجل بناء حياة زوجية متينة وسعيدة. بالنسبة لغير المتزوجين هناك ثلاثة أصناف, هناك أغلبية تعيش حياتها الجنسية بنوع من الندم (خوفا من نظرة المجتمع أو الدين أو إحباط العائلة...) وأقلية تقرر عدم خوض أي علاقة جنسية قبل الزواج، وأقلية تقرر خوض علاقة جنسية قبل الزواج، وأقلية ضئيلة تعيش حياتها الجنسية بكامل الحرية ودون تابوهات. ويرى عبد الرزاق مساعد أن المجتمع المغربي مجتمع يحكمه تعدد ثقافي وفكري وعرقي... وبالتالي هناك أناس يعانون في حياتهم الجنسية وآخرون لا يعانون. بالتأكيد الطبقات الاجتماعية التي تتوفر على مستوى فكري وتعيش في المدن الكبرى وتصل بسهولة الى المعلومة، تعيش حياتها الجنسية بشكل أفضل. ولكن باختصار وبشكل عام يمكن القول بأن النساء يعشن حياتهن الجنسية بشكل سيئ بسبب الإحباط والسبب بسيط وهو أن الحياة الجنسية للساء غير معروفة بشكل جيد, سواء من قبل الرجال أوالنساء أنفسهن، هؤلاء النسوة يعانين في صمت مع ما ينتج عن ذلك من معاناة نفسية تظهر في شكل أمراض ارتفاع الضغط، القرحة.. لكن بدأت النساء يطالبن أكثر فأكثر بحقهن في اللذة. أما الدكتور أبو بكر حركات فيؤكد بحكم تجربته الميدانية كطبيب أنه ليس هناك جواب واحد أو أن المغاربة يعيشون حياتهم الجنسية بنفس الطريقة، فهناك أقلية تعيشها بشكل جيد وهناك من يعيشها كضغط وهناك من يعيشها بشكل سيء . وهناك من ليست لهم حياة جنسية. والحياة الجنسية المكتملة تتأتى عندما يكون الشخص (الرجل أو المرأة) متحررا من سلطة الطابوهات والضغط النسبي المرتبط بالممارسة الجنسية عندما يعطي الوقت الكافي للمقدمات وعندما لا تكون هناك اختلالات جنسية لدى أحد الطرفين وعندما لا يكون هناك روتين وتكون الممارسة الجنسية مقرونة بإشباع الرغبة. نعم هناك مغاربة يعيشون حياتهم الجنسية هكذا ولكن كم هم؟ لا أحد يعرف بالضبط ولكن يمكن القول إنهم ليسوا أكثرية، وكممارس يمكن أن أقول بأن أغلبية المغاربة يعيشون حياة جنسية سيئة لأنهم في السابق لم يتلقوا معلومات تمكنهم من عيشها بشكل جيد ويمكن أن تبدأ الحياة الجنسية بشكل سيء منذ ليلة الزفاف... لكن هل هناك طابوهات أو مواضيع يجد المغاربة صعوبة في الحديث عنها في موضوع الحياة الجنسية؟ تقول أمال شباش إننا سنكون بحاجة لكثير من الوقت لتجاوز الإكراهات السلبية لمفاهيمها حول الجنس... لكن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، كما يقال، وهذه الخطوة بدأناها، اليوم هناك مغاربة يتحدثون أكثر فأكثر عن حياتهم الجنسية، وليست لهم أية عقدة أو انحسار في التعبير عن رغباتهم وطلباتهم الجنسية، ولكن غالبية الأزواج لهم تحفظ كبير بسبب التربية الإقصائية المرتبطة بالحياة الجنسية والتي تعتبر الجنس وسخا وعيبا وحيوانيا... وبالتالي الكثير من النساء يترددن في الانفتاح كليا على اللذة الجنسية والإقدام على الخطوة الأولى والإبداع خلال الممارسة الجنسية مع الزوج مخافة أن توصف كامرأة سهلة أو امرأة لها تجارب سابقة. كما ان الرجال مازالوا رهائن لعقدة المرأة الطاهرة ويفضلون الاحتفاظ بالمرأة الطاهرة ويتحررون مع الخليلة في ظل الممنوع وبالتأكيد أن ذلك يخلف نوعا من الإحباط بين الزوجين. صحيح نحن نعيش في مجتمع عربي إسلامي وهناك موانع مفروضة، والموانع الاجتماعية لها ثقل أكبر من الموانع الدينية والعذرية، يقول الدكتور عبد الرزاق مساعد، هي المحرم الاجتماعي الأول بامتياز، والعلاقات الجنسية خارج الزواج تبقى محرمة دينيا واجتماعيا. ومشاكل التوجيه والهوية والتصرفات الجنسية يشكل أيضا محرمات اجتماعية ودينية، بل إنها تعتبر جنحا باسم القانون... علما أن الحديث عن الجنس داخل العائلة غائب، فبالأحرى الحديث عن المشاكل الجنسية، بينما بين الاصدقاء يتم الحديث بين الرجال عن الفحولة أما النساء فيتحدثن عن الأنوثة. صحيح هناك محرمات، ويرى أبو بكر حركات أنه يجب التفريق بين العلاقة الجنسية والحب، فممارسة الجنس بحب هو فن ومقاربة وعلاقة إغراء قبل الانتقال الى الفعل الجنسي. وممارسة الحب هو تبادل والمغاربة يجدون صعوبة في تبادل كلمات رقيقة وخلق علاقة إغراء رغم أنها تكون موجودة في الغالب قبل الزواج. والخطر هو أن هذه العلاقة الغرامية تسقط في النسيان ولا يبقى سوى علاقة الممارسة مع بعض المقدمات التي غالبا ما تكون مرتجلة والكثير من المغاربة يعتبرون أن الكلمات الرقيقة بين الزوجين أشياء متجاوزة وصبيانية. وفي المغرب نجد أن الرجال يمكن أن تكون لهم علاقات جنسية عادية مع زوجاتهم، خلافا لما يمارسونه مع الخليلة أو العاهرة. التي سيدفعون لها أجرا. والكثير من الأزواج لا يتواصلون فيما بينهم ولا يعبرون عن رغباتهم في الجنس وهذا شيء يصعب ممارسته لأنه لا أحد علمنا إياه,إنه غياب التربية الجنسية. صحيح أن اللغة الجنسية لدى المغاربة جافة عنيفة وغير عاطفية. تقول الدكتورة أمال شباش. فكل كلماتنا حول الجنس مبتذلة، منحطة وتعتبر لاأخلاقية وبعض النساء تتحدثن مع الصديقات عن العلاقة الجنسية مع الزوج من أجل البوح والمقارنة والاطمئنان، أما الرجل فيتحدث عنها من أجل إبراز الفحولة والافتخار، لكن الكثير من الأزواج يفضلون الصمت الكامل حتى وإن كانوا يعانون, لأن الموضوع يدخل في إطار »العيب«، وتستعمل هذه الكلمات والألفاظ أيضا من أجل النكتة أو السب، مع العلم أن اللغة العربية هي لغة الشعر والحب واللذة وذلك منذ عدة قرون. ويرى أبو بكر حركات أن للمغاربة لغة مزدوجة في الجنس. هذه اللغة الخشنة العنيفة, لغة الشارع المبتذلة هي لغة ذكورية بالأساس، ولكن ليست هذه اللغة هي التي سيستعملها مع زوجته... الآن بدأ المغاربة يصنعون لغة جنسية جديدة هي خليط من الدارجة والأمازيغية والفرنسية والانجليزية ومع ذلك في الكثير من العائلات تسقط الممارسة الجنسية في الروتين. لكن الشباب اليوم الذين لهم علاقات جنسية مبكرة أكثر فأكثر تغذيها وسائل الاعلام وبدأوا يتغيرون في لغتهم أو في ممارستهم الجنسية... وحول استشارة المختصين، يتوجه المغاربة في أغلبهم بخصوص أمراض معروفة وعادية. والملاحظ أن المرأة بدأت تطالب أكثر فأكثر بحقها في اللذة. والمغربي لم يعد يعتبر أن القدف يعني بالضرورة الفحولة، بل يتعلق الامر أكثر فأكثر بتلبية رغبة المرأة جنسيا ومعرفة جيدة بجسد المرأة وقواعد »حسن الممارسة«. ويعتبر الدكتور عبد الرزاق مساعد أن المفروض هو أن يكون دور الطبيب في المقام الأول دور المربي الذي يعرّف بقواعد التربية الجنسية أو المعلومات لفائدة المراهقين والأزواج الشباب. لكن للأسف يبقى دورهم هو دور المعالج لبعض الاختلالات الجنسية لدى النساء وبالأخص لدى الرجال. والاختلال السائد يتعلق بالقدف، وهذا الاختلال أصبح شائعا نظرا لتغير نمط حياة المغاربة (التمدن، نظام التغذية،الكحول...) وهو ما يجعل الرجال أكثر سمنة وأكثر توترا واختلال العجز الجنسي ليس سوى مقدمة إلى ظهور أمراض القلب والشرايين. ويرى أبو بكر حركات أنه من قبل كانت استشارة الطبيب بخصوص اختلالات القدف واليوم تتم الاستشارة أكثر بخصوص القدف المبكر، وذلك لأن المغاربة فهموا أنه بإمكانهم معالجة هذا المشكل، والمغاربة يتوجهون اليوم عند الطبيب أكثر فأكثر بخصوص مشاكل توجيه جنسي، مشاكل الممارسة الجنسية والتواصل بين الأزواج، وأصبحت استشارة الطبيب أمرا عاديا لدى المغاربة. ومن أجل ممارسة جنسية عادية وسعيدة ينصح الأخصائيون بالصدق مع النفس ومع الآخر، وتحقيق الذات من خلال إلقاء روحين وخلق علاقة حب لامشروطة للإنسان وعظمة جمال الخلق وعندما يفهم الرجل والمرأة أن الآخر عالم لامحدود يتعين اكتشافه يوما بعد يوم بكل تواضع واحترام، ستكون النتيجة تحقيق الانسجام والوحدة على المستوى العاطفي والفكري والروحي وتحقيق ذلك عن طريق لقاء جسدي، وهنا فقط يكمل تحقيق المتعة واللذة الجنسية. ولتحقيق حياة جنسية وحياة سعيدة بصفة عامة لابد من توفر عامل التوازن الجسدي والنفسي وعدم البحث عن النموذج المثالي في الحياة الزوجية، لأن هذا النموذج التالي غير موجود وضرورة الاستماع للآخر والتسامح تجاهه بخصوص الجنس، وبطبيعة الحال الاعتناء بالصحة. ولتحقيق حياة جنسية سعيدة لابد من تحقيق سعادة ذاتية أولا والإحساس بانسجام مع الذات وترك الطابوهات والمحرمات جانبا، والسعادة الجنسية لا تتحقق من جانب واحد، لابد من شريك يكون في نفس مستوى الانسجام. بتصرف عن لافي إيكو