من العادات الفلسطينية التي ظلت مستحكمة رغم كل ظروف الهجرة واللجوء والإحتلال عادة إقامة الولائم على شرف العائدين من الغربة من قبل الأقارب والأصدقاء والجيران ، وكذا عادة إطلاق الرصاص في الهواء إحتفاء بالعائدين أمثالي أو في المناسبات الحزينة والسعيدة على حد سواء . لم أستطع أن أمنع شباب العائلة من إطلاق الرصاص لحظة وصولي ولكنني استطعت منعهم من الإستمرار فيه ، لأنني طالما كتبت ضد هذه الظاهرة . أما عادة دعوات الولائم التي أراها جيدة إن لم يصاحبها تبذير ، فقد تكفّل بها عمي أبو منصور وعمي أبو حنان اللذان أرتأيا الإمتناع عن تلببية الدعوات كلها نظرا للظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها الناس وقد وافقتهما الرأي ، وكان كلما جاءني أحد يدعوني إلى بيته أحيله إلى أعمامي الذين كانوا يشكرونه ويعتذرون له . عندما عدت إلى المخيم لم أقابل سوى ثلاثة من زملاء طفولتي ودراستي الإبتدائية ، أحدهم أكمل تعليمه الثانوي وربما الجامعي وهو يشتغل مدرسا في إحدى مخيمات الضفة ، وكان وضعه المادي أفضل من وضعه الصحي ، وحدثت لي حكاية مع والدته التي كانت مكفوفة ووجدتها لا زالت على قيد الحياة ، فتعمّدت أن أمّر بعد أيام أمام منزلها في طريقي إلى بيت عمتي أم وحيد ، فوجدتها واقفة بالباب فتوجهت إليها ووضعت يدي في يدها وقلت لها جملة واحدة ( كيف حالك يا أم محمد ؟ ) فقالت على الفور : هذا صوت واصف أليس كذلك ؟ لقد عرفتني من صوتي رغم غياب 32 سنة ، مما يؤكد ما يتعارف عليه الناس من أن الله سبحانه وتعالى عندما يحرم الإنسان من شيء يعوضه بأشياء أخرى . أما الثاني فقد توقف عن الدراسة بعد رسوبه في إمتحان شهادة الإعدادية وخرج لميدان العمل ، ووجدته لا زال يعمل في الزراعة متزوجا وله العديد من الأبناء والبنات الذين تزوج بعضهم ، ويقضي حياته بين العمل والدار دون أية نشاطات أخرى . أما الثالث وهو أقربهم إليّ وكان يتيما لم يجد من يرعاه ولم يتجاوز الصف الإعدادي الثاني وخرج لميدان العمل مبكرا جدا ، أي أنه عندما عدت كان قد مرّعلى إبتدائه العمل العضلي أكثر من أربعين سنة . وجدته نحيل الجسم ، ظهرت عليه ملامح الكهولة , يستعمل نظارات من التي تسمى ( قاع الكأس ) أي السميكة جدا مما يعني أن نظره أصبح ضعيفا إلى حد كبير . جائني يدعوني إلى بيته ولما قلت له أن يتحدث مع أعمامي رفض لعلمه المسبق بأنهما سيرفضان وقال: أنا يا واصف لست كالآخرين وسكت . فاتفقت معه على أن نتحايل على موقف أعمامي بأن أذهب عنده ذات ليلة في سهرة عائلية. في اليوم المحدد ذهبت مع بعض إخوتي وأبناء أعمامي فوجدته قد جمع أولاده الخمسة وزوجاتهم وبناته اللواتي أظن أنهن أربعة مع أزواجهن ، وقد هيّأ سهرة كعادة أهلنا في المخيم .. نجلس وأمامنا طاولة طويلة وعليها أنواع الفواكه بما فيها الخيار والخس وكذا المكسرات بكل أنواعها . بدأنا نستعيد أيام طفولتنا ومراهقتنا ومغامراتنا الشقيّة التي من ضمنها سرقة الفواكه من البساتين المجاورة وممارسة ألعابنا الليلية التي كانت كلها تتمحور حول ألعاب القوة والسرعة . لاحظت أن صغرى بناته كانت طيلة السهرة نحملق في وجهي فسألتها عن سبب ذلك فقالت وكأنها تتساءل : هل كل هذه الأمور فعلتها أنت وأبي ؟ فلما أجبتها بنعم قالت : إنني لا أصدّق ذلك رغم تأكيدكما ، فمن ينظر إليكما يقول بأنك إبنه . فالقيت لها محاضرة عن ظروف الهجرة والشتات وشظف الحياة التي عشناها ، وأنه لولا وجود عمي أبو نزار في المغرب لكنت مثل أبيها شكلا ومضمونا . حرصت على الذهاب إلى مدينة نابلس التي لي فيها ذكريات لا تنسى ، وحرصت على الذهاب إلى الحارات التي سكنت فيها كحارة الشيخ مسلم وحوش طومان وحي رأس العين وبستان عجعج وحارة الجوزة وجارتها حارة الجبلية . وذهبت لرؤية مدرسة الجاحظ الثانوية التي حصلت فيها على شهادة التوجيهي / البكالوريا ، وكم آلمني أن اسمها قد تغير وأن حالتها أصبحت رثّة ، وهي نفس حالة أعرق مدارس نابلس كالصلاحية للبنين والعائشية للبنات. سألت عن بعض أساتذتي فعلمت أن مدير مدرستنا الإبتدائية الأستاذ صبحي الجيوسي لا زال حيّا فقررت أن أزوره في بيته ولكن إنشغالي حال دون تنفيذ هذه الرغبة بسرعة مما ترتب عليه أنه توفي دون أن أراه . حاولت أن أرى أحد الأخوة ممن تخرجوا من كلية الحقوق بالرباط ، وسكنت معه لمدة شهرين بالر باط واسمه محمد النابلسي ، ولكنني لم أتمكن من رؤيته لأنه ? حسبما قالت شقيقته ? أصيب بلوثة يوم سقوط مدينة نابلس بيد الصهاينة عام 1967 وانقطع عن الناس ومنذ ذلك الوقت لم يغادر منزلهم ولم يقابل أحدا . ذهبت إلى مدينة رام الله التي لم أكن أعرفها من قبل بسبب زياراتي المعدودة لها والتي أصبحت مقرا للسلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية ، وبعد جهد جهيد استطعت مقابلة الأخ أبو عمار بمساعدة أحد مرافقيه الأخ محمد الداية ، وقد استقبلني الأخ أبوعماربحرارة معانقا ومرحبا ، وطلب مني لقاءه في غزة التي أصبحت عاصمة للسلطة الوطنية في قطاع غزة . ولكن كيف سأتنقل من الضفة الغربية إلى قطاع غزة وأنا لم أحصل بعد على بطاقة هوية ؟ وهكذا فقد أسرعت في إتمام معاملات الحصول على الهوية الوطنية من مدينة جنين التي كان مخيمنا تابعا إداريا لها . وفشلت كل محاولات الحصول على تصريح بالتنقل من رام الله إلى غزة ، لأن ذلك يقتضي إختراق الأراضي الفلسطينية التي أصبحت جزءا من دولة إسرائيل مما يستتبعه التحرّي والإحتياط الشديدين . لم يكن أمامي سوى الإستعانة بالأخ العميد زياد الأطرش / قائد الإرتباط العسكري بين السلطة الوطنية والطرف الإسرائيلي ، فأدرج إسمي ضمن قائمة أفراد قوات الأمن الوطني الذين يتنقّلون بين الضفة والقطاع بموجب تصريح جماعي وعلى متن حافلة عسكرية . وهكذا ذهبت رفقة الأخ العميد عبد العزيز أبو فضة الذي لم يكن قد استكمل إجراءات تعيينه بعد ، وكل منّا يحمل ورقة مكتوبة بالعربية والعبرية تحمل اسم ( الشرطي . . . ). كنت أجلس بجوار الشباّك أراقب الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وأنا أردّد ( الله يسامحك يا آيت مدني ) فلفت ذلك تظر العميد أبو فضة فسألني : من هو آيت مدني هذا ؟ فقلت له إنه أحد أصدقائي المغاربة ويسكن جاري بالرباط ، وقد كان يداعبني قائلا إنك ستكون مردة / شرطي في أريحا ، وها هي نبوءته تتحقق . ***** عندما عدت إلى فلسطين وجدت أن لا أحد من إخوتي وأخواتي يعمل في وظيفة رسمية باستثناء شقيقتي عطاف التي كانت تعمل هي وزوجها في سلك التعليم ، هي تعمل مع وكالة غوث اللاجئين ( اونروا ) وزوجها في سلك التعليم الحكومي . فشقيقتي غربية الحاصلة على الإجازة في الحقوق من المغرب تعمل ضمن منظمات المجتمع المدني ولا تتقاضى سوى شواقل معدودة ، وشقيقي خالد الحاصل على الباكالوريوس في البيولوجيا من الجزائر متفرغ للعمل في حزب الشعب الفلسطيني ( الشيوعي ) ويتلقى القليل من الشواقل ، وشقيقي فؤاد الحاصل على الإجازة في الأدب العربي من المغرب يعمل في ورشات البناء كعامل عضلي ، وشقيقي عاصم الذي درس في معهد البوليتكنيك في الخليل يعمل في بلدية نابلبس كمشرف على أحد الآبار التي تزوّد مدينة نابلس بالمياه ... وإذا كانت هذه هي وضعية حاملي الشهادات الجامعية ، فلا تسل عن وضعية الآخرين ، حيث كان معظمهم لكونهم ليسوا من أصحاب المهن الفنية يشتغلون في المستعمرات الزراعية المقامة في منطقة الأغوار بأجور بخسة . كانوا في غالبيتهم مرتبطين بإبن عمتي وحيد الذي كان يملك سيارة نقل مهترئة تنقل العمال إلى المستعمرات مقابل عشرة شواقل لكل عامل ويتبقى للعامل اربعون شاقلا تكاد بصعوبة توفر لهم المستلزمات الضرورية . هؤلاء العمال مضطرون للنوم مبكرا ، حيث أن عليهم الإستيقاظ قبل الرابعة صباحا ليفطروا ويتوجهوا للمستعمرة ويصلوا بابها قبل السادسة صباحا ولا يغادرونها قبل الثانية ظهرا ولا يصلون بيوتهم قبل الرابعة عصرا . وهكذا لم يكن من المتيسّر لي الجلوس معهم وقتا طويلا إلا يوم السبت والعطل الرسمية والدينية . وعلى ذلك فإنك تشاهد هؤلاء العمال في حالة شحوب وإرهاق دائم ، مع ملاحظة أن بعضهم ممن يتقنون حرفا معينة كالبناء والصباغة والتبليط يحصلون على أجور عالية . ولكن هؤلاء العمال غالبا ما يتعرضون للضرب والإهانة وأحيانا المنع من العمل من قبل الصهاينة وهم مشكوك فيهم باستمرار ، وقد عاينت حادثة غريبة لها علاقة بهؤلاء العمال . ففي صباح أحد الأيام كنت على معبر ايريزقادما من غزة إلى رام الله ، وفجأة دوّت صفارات الآنذار واستنفرت القوات الإسرائيلية وطلبوا منا جميعا مغادرة المعبر ، وبعد حوالي نصف ساعة سمعنا صوت إنفجار علمنا لاحقا أنه تفجير لجسم مشبوه لاحظ الجنود وجوده في أحد الزوايا فحاصروا المنطقة وأحضروا الإنسان الآلي الذي قام بتفجيره . وعندما عدنا إلى المعبر لاحظنا وجود بعض حبات البطاطا المسلوقة والزيتون والطماطم وبعض الأرغفة ، يبدو أنها كانت ? زوّادة ? مع أحد العمال نسيها أثناء عبوره المعبر بسبب النعاس والتعب فتسبب بكل ما وقع . ذات يوم جاءني وحيد إلى البيت في الحادية عشرة صباحا فاستغربت من وجوده في تلك الساعة ، فحكى لي قصة غريبة مفادها أنه وصل إلى مستعمرة ( تومر) التي يعملون بها وبمجرد دخولهم البوابة اعتقلهم أمن المستعمرة وبدأوا يحققون معهم : هل بقي أحد منهم في المستعمرة بعد إنتهاء العمل ؟ هل عاد أحد منهم إلى المستعمرة ؟ اسئلة فهموا منها أن حرس المستعمرة اكتشفوا قطعا في الأسلاك الشائكة التي تحيط بالمستعمرة ، مما يعني أن أحدا تسلل إلى داخل المستعمرة . وفجأة جاء أحد الحراس ليتكلم مع مسؤول الأمن يأنهم اكتشفوا المتسبّب في هذا الخرق الأمني ، فأطلقوا سراحهم وعادوا إلى بيوتهم دون أن يتلقوا شاقلا واحدا . لقد كان يعمل في المستعمرة إلى جانب العمال الفلسطينيين عمال تم إستجلابهم من تايلندا، لأن أجورهم أقل من أجور العمال الفلسطينيين . والناس في تايلندا عادة يأكلون لحم الكلاب والقطط والحمير ، وبسبب هؤلاء العمال التايلنديين لم يبق وجود للكلاب والقطط الضالّة ولا الأليفة في المنطقة . وفي اليوم السابق شاهد العمال التايلنديون حمارا يجوب المنطقة المحاذية للمستعمرة ، فترصدوه إلى حين إنتهاء عمل العمال الفلسطينيين وإقفال كل أبواب المستوطنة ، فقاموا بقص الأسلاك الشائكة وأدخلوا الحمار وذبحوه وخبأوا بعض لحمه وطبخوا جزءا آخر . وقد انكشفت العملية عندما عثر أحد الحراس على حوافر الحمار مرميّة في برميل الزبالة . ويذكرني هذا الحادث بأهمية الحمار عند الفلسطينيين ، فهو إلى جانب المهام التقليدية التي اعتاد أن يؤديها منذ آلاف السنين ، إذ كان هو المهندس الأول في التاريخ لأن كل الشوارع التي تم شقّها هي نفس الطرقات التي كانت تسلكها الحمير . ولكن أهمية الحمار تزايدت أيام الإنتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية . فبسبب الحصار الخانق الذي فرضه الصهاينة على كامل الأرض المحتلة ، أخذ المواطنون يتنقلون سالكين طرقا جبلية يكون الحمار أهم وسيلة نقل فيها . ولحرص الفلسطينيين على تعليم أبنائهم عمدوا إلى اقتناء حميرليستخدمها أبناؤهم لقطع الكيلو مترات التي تفصلهمم عن المدارس ، بحيث أصبحنا نرى التلاميذ يتجمعون عند الخامسة فجرا كل منهم يركب حماره لينطلقوا على شكل قافلة باتجاه المدرسة ويعودون بنفس الطريقة ، وكثيرا ما كان الأساتذة يتنقلون بنفس الطريقة أي باستخدام الحمار. وقد قمت بمغامرة مع وحيد حيث ذهبت معه إلى المستوطنة صباحا وأوصلنا العمال ومنها ذهبنا إلى مدينة أريحا وقضينا الصباح هناك وعدنا ظهرا ودخلنا مخزنا كبيرا مقاما أمام المستعمرة يضع فيه الإسرائيليون صناديق الفواكه التي يجنونها من المستعمرة . وبما أن سكان المستعمرة من المتدينين فانهم يستعينون بحاخام يأتي ليختم على الصناديق يخاتم كاشير/ حلال . جلسنا بعض الوقت هناك ، فجاء الحاخام المكلف بالختم وكان أشقرا وجهه أحمر تظهر كريات الدم الحمراء من عروقه وكانت عيونه أيضا حمراء من شدة السكر. نادى على وحيد وقال له : أنا سأنام وأنت اختم كل الصناديق . كان هذا بالنسبة لي إثبات إضافي على أن الإسرائيليين أبعد ما يكونون عن التدين ، فكيف يسمح الحاخام لمسلم بأن يحدد لليهود ما هو كاشير ؟. وقد أضاف وحيد لمعلوماتي أنهم أبعد ما يكونون عن الإستقامة الخلقية والأمانة فيما بينهم وليس معنا فقط . وقد تحققت من ذلك بنفسي لاحقا ، فقد طلب مني بعض الأصدقاء أن أحضر لهم معي من المغرب عندما أذهب لزيارة أسرتي بعض الخناجر التقليدية التي تعلق في البيوت كتحف . وقد اشتريت خمسا منها ووضعتها في حقيبتي ، وضعت حقيبتي في الجهاز الإلكتروني على جسر اللنبي الرابط بين الأردن وفلسطين وختمت جواز سفري وذهبت لتسلم حقيبتي ، فناداني أحد رجال الأمن وطلب مني أن أحمل حقيبتي وأتبعه ، فدخلنا غرفة مليئة بالطاولات وضباط الأمن ، فطلب مني أحد الضباط فتح الحقيبة والإبتعاد جانبا ، وتقدم إلى الحقيبة وجفل عندما رأى الخناجر الخمسة التي اكتشفها جهاز المراقبة ، فأغلق الحقيبة بسرعة ونادى على ضابط أعلى رتبة منه ، فجاء ورأى الخناجر فأغلق بدوره الحقيبة وطلب مني حملها إلى مكتب مدير أمن نقطة العبور . هناك بدأ المدير يحملق في الخناجر ثم توجه لي طارحا العديد من الأسئلة حول ثمن وقيمة هذه الخناجر، ففهمت أنه يتمنى لو حصل على واحد منها . ولكي أزيد من لهفته أخبرته أن ثمن الخنجرالواحد منها ألف دولار لأنها من الفضة ( مع أن ثمنها حوالي عشرة دولارات ) ، وهمست في أذنه : هل تحب أن تأخذ واحدا منها ؟ فتلفّت حوله ولما لم ير أحدا تناول أحدها ورماه في درج مكتبه وأغلق الحقيبة وأمرني بأخذها والخروج بسرعة . فقلت في نفسي .. إذا كان هذا المدير وهو برتبة عالية يمكن شراؤه بعشرة دولارات ، فإن دولته كلها لايمكن إلا أن تكون خربة كذمته . ومثلما قال عمي أبو منصور وعمي أبو حنان أنه إذا لم يكن لإتفاق اوسلو من حسنات إلا تواجدي بينهم فهذا يكفي ، مثل ذلك أقول أنه إذا لم يكن لاتفاق اوسلو من حسنة سوى تحرير آلاف الشباب الفلسطيني ( الذين كان أغلبهم قد قضوا ردحا طويلا من عمرهم في السجون الصهيونية ) من عبودية العمل في المستعمرات الإسرائيلية وإيجاد عمل لهم في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية المدنية والعسكرية فهذا يكفي ، رغم أن هناك من يقول بأن دخل العمال الفلسطينيين في المستعمرات الإسرائيلية كان أضعاف ما يتقاضونه من السلطة الفلسطينية . وهنا أتوقف عند مفارقة عجيبة ، فعندما ضغطت على أقاربي لترك العمل عند الإسرائيليين والعمل في صفوف السلطة ، كان بعض من ظلّ يعمل لدى الإسرائيليين ? ولا ألومهم على ذلك لحاجتهم للعمل ? يقول لأقاربي أن ماتأخذونه في شهر نأخذه في أسبوع . وعندما انطلقت الإنتفاضة الثانية ولم يعد بإمكان أي عامل فلسطيني دخول إسرائيل ، أصبح أولئك العمال يحسدون من عمل في السلطة على راتبهم الهزيل ، لأنه على الأقل يوفر مستلزمات عائلاتهم الأساسسية ، مع الإشارة إلى أن رواتب السلطة زادت بشكل ملحوظ فيما بعد .