بعد زيارات ناجحة لفرنسا واستونيا ومولدافيا وكرواتيا وهنغاريا.. ناصر بوريطة يحل غدا الخميس بمدريد    شهيد: حجج الحكومة للدفاع عن خياراتها السياسية ضعيفة ويطغى عليها التسويف والتبرير    برلمان أمريكا الوسطى في زيارة تاريخية لمدينة العيون.. دعم كامل لمغربية الصحراء    الاتحاد الأوروبي يُنشئ قائمة "الدول الآمنة" تضم المغرب لتسريع ترحيل طالبي اللجوء    مجلس المنافسة: أسعار المحروقات ارتفعت دوليا وانخفضت وطنيا وهامش ربح الشركات حوالي 1,5 درهم للتر    ركراكي: أسود الأطلس سيتفوقون على أنفسهم للفوز بكأس إفريقيا للأمم    حالة الطقس .. اجواء غير مستقرة وزخات متفرقة بعدة مناطق    المغاربة يتصدرون قائمة المسجلين في الضمان الاجتماعي الإسباني    تكريم المغربي طهور يتحول إلى مهرجان حبّ في مراكش    اليد التي علمتني… -إلى روح شهيدة الواجب-    تقرير: مجموع المنشورات في المغرب خلال سنتين بلغ 3725.. 80% بالعربية والأدب في المقدمة    دي ميستورا تحت المجهر.. إحاطة مثيرة للجدل تعيد بعثة الصحراء إلى دوامة الانحياز والمراوغة    الدكتور نوفل الناصري يصدر كتابًا جديدًا بعنوان "مستقبل النظام الدولي في ظل التفاعلات الجيواستراتيجية الراهنة"    تسجيل ثالث حالة إصابة بداء الكلب في مليلية خلال أقل من أسبوعين    أسعار الذهب تبلغ أعلى مستوى لها على الإطلاق    شرطي يُطلق رصاصة تحذيرية لإحباط محاولة فرار سجين من داخل مستشفى    هل هي عزلة أم إقامة إجبارية دولية: هكذا تخلت القوى الكبرى ‮ والدول الصغرى أيضا عن دولة العسكر في الجزائر!    تساهم في تفشي معدلاته المخدرات، التفكك الأسري، الألعاب الإلكترونية وغيرها .. تلاميذ وأطر إدارية وتربوية تحت رحمة العنف في مؤسسات تعليمية    والدة بودريقة أمام الوكيل العام بتهمة سرقة 700 مليون من خزانة شقيقها المتوفى    بلقشور: إصلاحات "دونور" غير مسبوقة والمركب في أفضل حالاته    المتصرفون التربويون يحتجون يومه الخميس ويهددون بالاستقالات الجماعية من جمعية دعم مدرسة النجاح    المكتب الوطني للمطارات: منطقة مغادرة جديدة بمطاري مراكش- المنارة وأكادير- المسيرة    جامعة عبد المالك السعدي تُثري فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب ببرنامج ثقافي متنوع في دورته ال30    ملاحظات عامة عن المهرجانات السينمائية المستفيدة من دعم الدورة الأولى لسنة 2025    أنشطة سينمائية بعدد من المدن المغربية خلال ما تبقى من شهر أبريل    «أجساد في ملكوت الفن».. عبد العزيز عبدوس يفتح نوافذ الذاكرة والحلم بطنجة    نبيل باها يعتبر بلوغ نهائي كأس إفريقيا للفتيان فخرا كبيرا    طعنة في قلب السياسة : لماذا اعتدى شاب على نائب عمدة سلا؟    أوراق مؤتمر "بيجيدي" تتمسك بالمرجعية الإسلامية والصحراء وفلسطين    مكتب فرنسي للاتصال قريبا بالعيون    عمال الجماعات المحلية يعلنون إضرابا واحتجاجا أمام البرلمان بسبب تجاهل مطالبهم    المغرب يتسلح ب600 صاروخ أمريكي لمواجهة التحديات الجوية    هل ما زال للقصائد صوت بيننا؟    حادثة سير خطيرة تودي بحياة شاب بأكادير    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    رئيس مجلس الدولة الصيني يدعو لتعزيز الطلب المحلي في مواجهة التوترات التجارية مع واشنطن    "أورونج المغرب" تَعرض جهازاً مبتكراً    "Prev Invest SA" تنهي مساهمتها في رأسمال CFG Bank ببيع جميع أسهمها    إسرائيل: "لن تدخل غزة أي مساعدات"    بيلينغهام : واثقون من تحقيق ريمونتادا تاريخية أمام أرسنال    حكيمي: "الحقيقة أننا لا نهتم بهوية منافسنا.. لأنه للفوز بدوري أبطال أوروبا عليك أن تواجه الأفضل"    المنتخب الوطني المغربي للمواي طاي يشارك ضمن فعاليات البطولة الإفريقية بطرابلس    شهادة مؤثرة من ابنة مارادونا: "خدعونا .. وكان يمكن إنقاذ والدي"    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب غرب أستراليا    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وشركة "نوكيا" توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الابتكار المحلي    أسعار المحروقات تواصل الارتفاع رغم تراجع أسعار النفط عالميا    "جيتيكس إفريقيا".. توقيع شراكات بمراكش لإحداث مراكز كفاءات رقمية ومالية    المغرب يعزز درعه الجوي بنظام "سبايدر".. رسالة واضحة بأن أمن الوطن خط أحمر    بطولة إسبانيا: توقيف مبابي لمباراة واحدة    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات منشقين عن جيش بشار الأسد

إنها قصة جندي سوري صغير يصل راكضا إلى أحد الحواجز.كانت السابعة صباحا من يوم 26 يوليوز، قبالة المركز التلفوني لحلب المستورد من الاتحاد السوفييتي في سبعينات القرن الماضي. نفذ الجندي الصغير أولا التحية العسكرية النظامية : "احتراماتي سيدي الضابط".
شرع في عرض حالته : فهو ينتمي لقوات الرئيس بشار الأسد، إلا أن والده أمره بالهروب والانضمام للجيش السوري الحر. لكنه هو لا يريد، فكيف سيجد كتيبته- التي ضيعها - في أسرع وقت؟ في الحاجز تقدم منه العسكري الآخر قائلا : "أتدري أين أنت يا ولدي؟ هذه المنطقة تخضع الآن للجيش السوري الحر" تم اعتقال الجندي الصغير وتقييده.كان يبكي أثناء نقله بالسيارة إلى السجن الذي هيأه الثوار في المدينة.
في أي مُعسكر يُقاتل؟ من يتحكم في أي موقع؟ بمن نثق؟
في سوريا، تُصور حكايات الفارين، أكثر من غيرها، الهلع والغموض السائدين في البلد.وهي حكايات تتكاثر يوميا، وتسير، باستثناءات قليلة، على نفس المنوال: الهروب المتواصل والكثيف لجنود القوات النظامية نحو الجيش السوري الحر.
بدأت هذه الظاهرة تخيف حكومة دمشق: يقول عمار الواوي وهو جنرال في جهاز المخابرات ، انضم هو نفسه مع خمسة من ضباطه قبل حوالي سنة للثوار : "لم يعد يعرف النظام بمن يثق في مُعسكره نفسه".
في ثكنة للثوار قرب ميرا على بعد حوالي عشرين كيلومترا من حلب، هرب سبعة وانضموا للجيش السوري الحر، سبعة لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة، كانوا يجلسون على سرير يرتشفون الصودا ويتضاحكون مثل أطفال تحت رف رتبت فيه رشاشات الكالاشنيكوف. زين العابدين، واحد منهم يتذكر بداية الثورة قبل سنة، فيما كان لا يزال جنديا في الكتيبة 17 : "فور دخولنا للثكنة، تم نزع هواتفنا النقالة، وتم منع التلفاز إلا للاستماع لخطب الرئيس بشار الأسد، وهو أمر إجباري. أصبحت زيارة العائلات لنا أو الترخيص لزيارتها استثنائية جدا".
"قال لنا رؤساؤنا الضباط أنه يجري التحضير لمظاهرات وأن علينا مواجهة إرهابيين قادمين من أفغانستان أو الشيشان.صدقنا ذلك وتوقعنا معارك كبيرة...لكن ما أن طوقنا المدينة حتى تبين لنا أن المتظاهرين كانوا أناسا بسطاء مثلنا بل ولم يكونوا مسلحين أصلا"
ينتمي محمد العسا، للقوات الخاصة في دمشق. أخرج من جيبه بطاقة شرطي باسمه. تم توزيع هذه البطاقات عليهم أثناء انتشار المراقبين الدوليين ، تحت إشراف الجامعة العربية، في سوريا . يقول محمد العسا "إذا ما طُلب منا شئء، يجب أن نقدمه شرط ألا نظهر كعسكريين".
يتذكر أيضا مدينة درعا. "كنا مجموعة من ثمانية أشخاص وكان مسموحا لنا بالسرقة وكنا نفعل.. أنا أيضا سرقتُ..لكن التوزيع لم يكن عادلا، فحين نهبنا السوق الممتاز، قسمنا الغنيمة نصفين : النصف الأول لنا نحن الثمانية والنصف الثاني للضابط وحده".
كان محمد العسا يشعر بالفخر حين انتسب للقوات الخاصة، خاصة بالنسبة لشخص ينحدر من شمال البلاد مثله، وهي المنطقة البعيدة عن العاصمة .كانت عائلته مجبرة على مساعدته شهريا ،على الأقل كي يغطي مصاريف التدخين، بالنظر إلى ضعف أجرته. ويواصل مبتسما : " في سوريا نحب الجيش ونحب السلاح والأبهة" كان هذا قبل ثلاث سنوات وهي تبدو له الآن مثل قرون مضت.
يحكي فار آخر من الجيش، داخل الثكنة نفسها أنه مع استفحال الأوضاع ازدادت الانقسامات داخل الجيش : "فمن جهة هناك المسلمون السنيون ،وهم الأغلبية، ومن جهة أخرى هناك العلويون وهم أقلية طائفية تحظى باهتمام النظام ويحظى أفرادها بأهم المراكز العليا في الجيش".
ويحكي هارب آخر: «في بعض الثكنات كان الجنود العلويون يبيتون في غرف مختلفة عن الغُرف التي يبيت فيها الجنود السنيون، كما أنهم لم يكونوا يأكلون نفس الطعام ، فهم كانوا يتناولون اللحم والفواكه ونحن شربة البطاطس، وفي الشتاء كانوا يستفيدون من التدفئة عكسنا نحن".
بدأت أولى عمليات الفرار من الجيش النظامي، بدعوى الذهاب لشراء بعض البضائع. وبعد اكتشاف الأمر تم منع جميع الخرجات. يقول زين العابدين أن المخبرين أصبحوا يتتبعون الجنود السنيين في كل مكان حتى في المراحيض. ويؤكد البعض بأن بعض أفراد المخابرات تسللوا وسط الجنود للكشف عن المتقاعسين في المعركة.
هنا ، يقول علي عباس وهو جندي سابق في مدفعية دمشق :"كان يجب أن نقتل". أطلق قذائفه على أحد أحياء دمشق حيث تقطن إحدى عماته، ثم عين في أحد الحواجز حيث قُدمت لهم لائحة بأسماء معارضين "مفترضين" "كان علينا اعتقال جميع الرجال خاصة الشباب من الأحياء المتمردة. في البداية كان يتم نقلهم إلى مكان لا أعرفه. وبعد ذلك رأيت ثلاثة عشر رجلا على الأقل يُقتلون أمامي".
وبدأت عمليات الفرار تتكاثر.في غرفة علي عباس وحدها هرب حوالي 12 جنديا "كان الضباط يتهمونهم بالعمالة للقاعدة أو للموساد".أُضيفت أسماء الفارين إلى لائحة المطلوبين في الحواجز. وفي أحد هذه الحواجز، في مدينة عزاز، تم اعتقال أحدهم في منتصف يوليوز فأُحرق حيا أمام رفاقه.
يقول زين العابدين : "كثير من السنيين، مثل أغلب الفارين الذين التقيناهم، يريدون الهرب، لكن العلويين لا يريدون ذلك فهم سيقاتلون من أجل بشار الأسد حتى النهاية". لا أحد منهم انضم للجيش السوري الحر "رغم أن الجميع يتم قبولهم في صفوف الجيش السوري الحر" يقول أحد الفارين.
أحمد جندي بسيط في قوات المشاة، أطلق النار على قدمه كي يتم نقله للمستشفى ومنه يتمكن من الفرار. هرب أحمد مباشرة نحو الجيش السوري الحر "فهو المكان الوحيد الذي سأكون فيه محميا من الأعمال الثأرية" .يشكل الفارون حاليا حوالي 25 بالمائة من عديد الجيش السوري الحر حسب بعض التقديرات غير المؤكدة.
في أحد الأيام الأخيرة، بإحدى قرى ضاحية حلب، كانت ثلاث دبابات للنظام السوري تتقدم. في مواجهتها كان هناك مقاتل من الثوار، دون سلاح مضاد للدبابات لكنه يلبس حذاء رياضيا مزورا ويحمل مكبر صوت صاح من خلاله : "لقد قتلنا الكثير منكم. انضموا إلينا فلن نؤذيكم" ثم لعلع الرصاص وهرب صاحب الحذاء الرياضي مسرعا. وغير بعيد، قرب المقر العام للجيش السوري الحر، حيث ساد الهلع، رن هاتف أحد الثوار. كان أحد رفاق السلاح بقي في معسكر بشار الأسد في الجانب الآخر من الخط ،سأله : "هل أنت في حلب؟" "نعم وأنت؟" "أنا أيضا" ورد الثائر وهو يسعى للاحتماء من طلقات طائرة عمودية ظهرت أثناء المكالمة: "انضم إلينا يا أخي، فسننتصر".
صحيفة "لوموند" الفرنسية
عدد2 غشت 2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.