أريد أن أضع لائحة للمتغلغلين؟ هل هم الذين ينشرون، بين الفينة والأخرى، دعوات يعتبرها غالبية الناس استفزازية، أكثر منها دعوات ذات مستقبل أو تأثير في المزاج العام؟ هل هي الفنانة التي التقطت لها صورة في مزبلة، كأسلوب احتجاجي ممسرح؟ هل هم أصحاب جماعة مالي؟ أبدا، هؤلاء لا هم متغلغلون في الدولة ولا هم متغلغلون في المجتمع، ولا يدعون ذلك أبدا؟ من إذن؟ أفكر في الدولة أولا؟ الدولة حسب التعريف المتداول، وبلا لف ولا دوران، هي أولا أجهزة الجيش والأمن، البرلمان، القصر، المخابرات، الحكومة، والشروط المكملة لها، التنفيدي والتشريعي والقضاء، والإدارة ،... الدولة هي مؤسسة المؤسسات. إن الفكرة الأولى، البدائية التي يمكن أن تستنتج من مثل هذا القول، هو أن الذين يشتبه بهم بأنهم غير مسلمين يمكنهم أن يكونوا ملحدين، والحد واضح، ويمكن أن تكون الشبهة ويكونون منافقين، والحد واضح، أو يمكن أن تسقط عنهم المواطنة ويصبحون غير مواطنين بالمرة.. إننا، بلغة واضحة، دولة ما قبل الأندلس ومحاكم التفتيش.. ننتظر فقط «مرسوم الحمراء» في 1492 والدعوة إلى التهجير... غير أن الأمر، بعيدا عن السخرية المرة، يتعلق بأطروحة يتقاسمها أبناء حركة التوحيد، و قبلهم حركة الإصلاح، وقبلها الجماعة الإسلامية، ممن قرروا الخروج من جبة الفقيه مطيع والإعلان الرسمي عن وجودهم، وهي الأطروحة التي ترى، كما عبر عنها عبد الإله بنكيران نفسه، في سالف الأزمان، أن إمارة المؤمنين قائمة، وأن الخصم والعدو هم النخبة المتغربة.. التي تعمل من داخل الدولة، والتي على أنصاره أن يطردونها ويحررون الدولة وإمارة المؤمنين من «وضعية الرهائن»... لا يمكن لعبد الإله بنكيران أن يعفي نفسه من السؤال والاكتفاء بأنه لا علم له أن ليس لديه ما يقوله، نحن أمام جدع مشترك سيكون من المفيد أن تعرف مكونات هذه الأمة إلى أي حد مازال رئيس الحكومة، والذي يعد اليوم مؤسسة دستورية، يؤمن بهذا الجدع، ويقتسم شعائره في التنديد، إن لم نقل التكفير الصريح .. لجزء من الدولة. لقد سبق للفقيه أن شكك في الأهلية العلمية والفقهية لأمير المؤمنين، في وقت سابق، اضطر معها الخطيب إلى نعته «بالبليد»..! ولم نعرف لحد الساعة، لماذا هذا الوصف، هل أنه تسرع أم لأنه لا يفهم حقيقة المهمة والوضع الاعتباري.. واليوم يتم التشكيك في جزء من الدولة، وهي دولة تحكم مجتمع المسلمين والمؤمنين.. هناك، حسب التصنيف دولة الإيمان، وقد تعززت، في ما نفترض، بوصول الإسلاميين ودولة الإلحاد والكفر، والحل معها هو القتال... الفقيه الريسوني، ليس خطبة عابرة أو حتى من فصيل التطرف المعلن، بل هو أحد أقطاب التفكير الأصولي ومرجعية من مرجعياته التي تعتبر، بدون مبالغة، سلطة، وربما تكون قد زادت بمناسبة عودته من ال«حج» الأوصولي .. ويبقى أن نضع الكلام في سياقه هذا لكي نشعر بالخوف فعلا.. نحن أمام 3 دوائر اليوم في المغرب الحبيب، دائرة تكفير المجتمع برمته، وهي بينت حدود مغامرتها الدموية منذ 2003، ودائرة تكفير الدولة وحدها، ونزع الشرعية عن النظام، وهي مازالت تراهن على القومة، ونحن الآن أمام الدائرة الثالثة، نصف الدولة كافر وملحد وسنحدد من معه من المجتمع..!