لبى داعي ربه المقاوم والمناضل بوجمعة بجاجة ليلة الجمعة الماضي، بعد مرض لم يمهله طويلا. والراحل من رجالات الحركة الاتحادية الأقحاح، والذين ذاقوا مرارة السجن والاعتقال سنة 1973، حيث قضى سنة ونصف في غياهب سجون الظلم والقهر. با بجاجة كما يلقبه مناضلو الاتحاد ظل حاضراً في كل المحطات التنظيمية والسياسية للحزب بالدار البيضاء، موجهاً وناصحاً وعاضاً على المبادىء التي تربى عليها رفقة الكبار من أمثال عمر بنجلون والعبدي وخيرة رجالات ونساء هذا الوطن. حاضر, ناصح وموجه, وفي الأيام الأخيرة دعا لاجتماع مكتب الفرع الحزبي الذي هو عضو به, وطالب بالاهتمام بالذاكرة والمناضلين، وكان يهيء لوقفة احتجاجية ضد بعض مظاهر الظلم بمنطقته. با بوجمعة, الوحدوي المؤمن بالانتصار على جبهة الصمت والظلم دوماً مبتسم متفائل و متواضع على شاكلة تواضع الكبار, يعطي اهتماماً للفقير قبل الكبير، لم يكن أبداً باحثاً عن الأضواء ولا عن العلاقات ولا الامتيازات، بل زاهد في كل شيء، سوى حب هذا الوطن. بتواضعك با بوجمعة تعلمت أجيال وأجيال، سيذكرك تاريخك المجيد رجلاً شهماً متواضعاً الى الحقيقة والتاريخ ومعلياً من شأن القيم. بالأمس، ودعناك من كل الأجيال من كل طيف العائلة الصغيرة ,محفوفاً بالمقاومين والمجاهدين والعائلة الاتحادية، الكبار والشيوخ والأطفال والشباب. لم يكن صدى دمعة صغيرك الكبير يوسف سوى رجعا لبكاء عائلة أكبر تجمعت هناك بمقبرة الشهداء, لنقول لك همساً وصمتاً على العهد ماضون، وأن نضالاتك لن تذهب أدراج الرياح أيها المهتم بالتفاصيل، كما وصفك مصطفى المانوزي والملم بالدقائق، تاريخ من فخر تحدث عنه المانوزي وعن لحظات الالتهاب، وكيف كنت صامداً في وجه جلاديك وهم يعلنون حكما بالمؤبد عليك . كان المانوزي قابضاً بخبايا الحقيقة والإنصاف, تذكر كيف أمر »الغراق« بالمؤبد لبوجمعة ورغم ذلك واجههم، «»نحن اتحاديون»« مصطفى المانوزي أقر علناً بوصية الراحل، والتي تحمل المنتدى مسؤولية »رد الاعتبار لأبناء المناضلين والمجاهدين وحرصه على الوصية بدفن جثامين المفقودين أياماً قليلة قبل وفاته«. أوصى بكل عشق وحب, وكيف لا والرجل من طينة الرواد رفاق الشهيد عمر بنجلون، والذي كان يحرص أشد الحرص على حضور كل المحطات التي يحتفى فيها بعمر. كثيرون أخرصهم الكلام بمقبرة الشهداء أمام هيبة ومقام الرجل، فطوبى لمن عجز اللسان أمامه . عبد الكريم المانوزي رئيس الجمعية الطبية التي تهتم بضحايا سنوات الرصاص, أبن الراحل في تعزية مؤثرة تذكر بدماثة أخلاق الراحل ودوره في دعم وإسناد الجمعية، مذكراً بمجهودات الرجل النبيل وتواضعه وتعاونه. بوجمعة الذي عودنا الحضور الدائم في الأفراح والأقراح وفي التفاصيل, حضر السبت عريساً وشهيداً, تركناه هناك مع عمر والزرقطوني والبصري ومئات من رفاقه، وأكيد ينتظر منا جميعاً أن نعيد رفاقه مجهولي المصير إليه، فرحمة الله عليك يا بوجمعة حياً وميتاً فرداً وجماعة.