بعد انتظار دام ثلاثين سنة، أصبح ميناء بوجدور جاهزا لاستقبال قوارب الصيد التقليدي وكذا قوارب الصيد الساحلي، في وقت كانت الساكنة تعلق آمالا كبيرة ليكون الميناء الجديد رافعة للتنمية وجلب الاستثمارات وخلق مناخ اقتصادي وتجاري يخرج المنطقة من وضعها الحالي. وفي سباق مع الزمن، شهدت المئات من القوارب ترصو بداخله في غياب بعض المرافق الإدارية الضرورية كشرطة الحدود والجمارك والبحرية الملكية بالإضافة إلى إدارة استغلال المواني، علمنا أن الميناء الجديد أصبح بوابة مطلة على إفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث بلغت تكلفة هذا المشروع 38 مليار سنتيم بالإضافة إلى تكلفة التهيئة كبناء سوق للسمك ومحطة للتبريد التي بلغت 7 مليارات سنتيم، أي ما مجموعه 45 مليار سنتيم. أنجز هذا المشروع بالجهة الأطلسية الجنوبية خط عرض 20/24 بالمنطقة المعروفة لدى المهنيين بمنطقة (س) التي تضم أكبر خزان للسمك السطحي على الصعيد الوطني، حيث تنمو أنواع القشريات والرخويات. ويتخوف المهنيون أن يصبح الميناء الجديد عبارة عن محطة لتفريغ الأسماك ونقلها عبر شاحنات إلى مناطق أخرى لتتم معالجتها وتصديرها إلى الخارج. وتبقى دار لقمان على حالها مادامت لم تنجز معامل لتصبير الأسماك وتصديرها وبناء محطات للتبريد لتشغيل اليد العاملة وخلق رواج تجاري وإحداث فرص عمل قارة. إذن، ما الجدوى من إحداث ميناء كلف ميزانية الدولة المليارات ليكون رهن إشارة أقاليم أخرى؟!... الشيء الذي يستنكره العديد من المهنيين الذين حذروا من مغبة بعض القرارات الارتجالية وغير المسؤولة القاضية بجعل الميناء الجديد ببوجدور عبارة عن نقطة تفريغ، محذرين كذلك من تكرار ما حدث بسيدي إفني الذي اعتبروه نسخة طبق الأصل لما يحدث ببوجدور. ومن المهنيين من اعتبر ما يجري الآن مجرد مؤامرة تحاك ضد ساكنة الإقليم من طرف لوبي يهيمن على هذا القطاع يريد استنزاف الثروة السمكية عبر نقطة التفريغ الجديدة غير مبالين بما سيترتب عنها من أضرار اقتصادية واجتماعية. هذا المشروع، المتمثل في بناء ميناء بوجدور، وضع حجره الأساسي جلالة الملك محمد السادس قصد النهوض بمنطقة بوجدوراقتصاديا واجتماعيا، نظرا لما تتوفر عليه من ثروة سمكية ذات جودة عالمية لم تستفد منها ساكنة الإقليم البالغ عددها 50 ألف نسمة والتي تطالب، أكثر من مرة، بالتوزيع العادل للثروة. وفي هذا الإطار، يدق المهنيون والساكنة ناقوس الأخطر في حالة إن تحول الميناء إلى مجرد نقطة تفريغ وعدم إحداث منشآت صناعية توفر فرص العمل لأبناء المنطقة الراغبين في العيش الكريم بعيدا عن الانحراف وركوب قوارب الموت للوصول إلى الضفة الأخرى... علمنا أن الميناء الجديد أصبح عرضة للتآمر من لدن أطراف نصبوا أنفسهم ممثلين للحرفين من خلال التنسيق المباشر مع المسؤولين عن القطاع لتوزيع الغنيمة!... والأخطر من هذا أن هناك شخصيات وازنة تطمح إلى الحصول على بقع أرضية داخل الميناء تبلغ مساحتها 500 متر مربع مقابل السكوت عما يجري ويدور داخل ميناء بوجدور!... وفي ذات السياق، أدلى لنا مصطفى بناموس أحد المهنيين وعضو سابق لغرفة الصيد البحري بالجهة بتصريح للجريدة أكد فيه على ضرورة جعل الميناء الجديد ميناء للتصدير والاستيراد وفق المعايير المعمول بها بجميع الموانئ المغربية. كما عبر عن تخوفه من أن يصبح الميناء عبارة عن محطة للتفريغ فقط!... مؤكدا أن هذا يخدم بالأساس مصالح أصحاب المعامل الموجودة خارج الإقليم. كما أن هذا الإجراء سيؤزم أوضاع العاملين بالقطاع ومن ضمنهم حاملي القوارب الدينا ثم الاستغناء عنهم بعد 25 سنة من العمل ووجهوا العديد من الرسائل إلى الجهات الوصية قصد إنصافهم وإدماجهم ضمن المناصب التي ستحدث ضمن المشروع المذكور أو إدماجهم داخل الشركة المعروفة (كازا تكنيك) المختصة في تنظيف وحراسة أسواق السمك التي تربطها اتفاقية شراكة مع المكتب الوطني للصيد، حيث يتم التلاعب بهذه المناصب من خلال الزبونية والمحسوبية. ونظرا لما يعرفه القطاع من تجاوزات وخورقات، أحدثت، مؤخرا، تنسيقية أطلق عليها اسم «الاتلاف» تضم العديد من أبناء مدينة بوجدور المطالبين بالتوزيع العادل للثروة وإدماجهم ضمن لائحة المستثمرين. وللإشارة، يبلغ عدد القوارب العاملة والمسجلة بالمرفأ السابق 805 قوارب يعمل بها خمسة أفراد، أي ما مجموعه 4000 بحار يعولون الآلاف من الأسر يعتمدون على الصيد البحري ويؤدون رسوما جبائية حددت في 4,58%، منها 4% للمكتب الوطني للصيد، 0,5% لجمعية الاتقاد///، 0,08% لفائدة الجهة، 3% للجماعات المحلية، حيث بلغ مجموع الرسوم جبائية 7,58%، وهي نسبة لاتخلو من أهمية، حيث تبلغ نسبة الكمية المصطادة 500 ألف طن شهريا بالنقط التالية: نقطة 1/10 بوجدور المركز، النقطة 2/10 اكطي الغازي، النقطة 3/10 افتيسات التي تضم عدة قرى للصيادين التي زارها وزير الفلاحة والصيد البحري سنة 2008، حيث أكدو آنذاك، في تصريح لوسائل الإعلام، أن ميناء بوجدور سيخضع لكل القوانين المتعارف عليها وسيكون ميناء بكل المقاييس من خلال بناء معامل لتصبير الأسماك وجعلها بوابة على إفريقيا وأمريكا اللاتينية لدعم الملاحة التجارية والصيد البحري وإخضاع كل المستثمرين لدفتر التحملات الذي أنجز لهذا الغرض.