لا أحد أصبحت تراوده الرغبة في أن يكره أو يسخر من صلاح الدين مزوار. فالرجل في وضع مزر أو مزوِر! منذ أن ظهرت على السطح ورقة التعويضات، من بين مستنقع التحويلات بين المديرية العامة للضرائب ومقر الوزارة، سقطت الورقة التي كانت تخفي الغابة، لكن الورقة أعادها فريق الحكومة إلى مكانها. وإلا كيف نفهم، التسوية التي تمت بين الفريقين تحت قبة البرلمان: يسحب رئيس فريق العدالة والتنمية تهمته وما تحمل إزاء رئيس التجمع، ويسحب فريق التجمع انسحابه من جلسات البرلمان. والحقيقة حول ما وقع؟ لا تهم كثيرا، في الوضع الحالي السياسة في البلاد. فقد أصبح في وضعنا المغربي كثير من التسلية أن يتهم برلماني وزيرا سابقا بتهمة تخص المال العام، وتنقلب الأمور رأسا على عقب، وتتناسل التحليلات، ثم المواقف، ثم يدخل وزير العدل والحريات على الخط، ويخبرنا بأن الأمور رهن الدرس لدى النيابة العامة، و سننتظر الحيثيات القانونية السياسية للموضوع لكي يبدأ فصل جديد من الإصلاح. ويختمها بنكيران بالقول: لن أدافع عن الذي يستفيد بدون وجه حق.. ويتابع المواطنون أطوار الفيلم، الذي يبدأ مأساويا، أو جديا، حسب ما نريد، وفي لحظة من اللحظات يتحول إلى كوميديا. وبلغة أوضح، يبدأ الفيلم مع الملك ريشارد قلب الأسد وينتهي إلى الواد سيد الشغال!! ولا تهم الحقيقة السياسية، ولا البيداغوجيا السياسية.. فتلك أمور غير جدية بتاتا، والمغاربة لا دخل لهم في شؤون البرلمان.. ولا يهمنا من بعد أن يفر الناس بعيدا عن المشاركة في صناعة القرار، ما دمنا نحل مشاكلنا بالعناق «والبوسان» واللحى. لا نريد من هذا القول إننا كنا ننتظر سقوط مزوار، بقدر ما نريد أن يكون لكل حديث في السياسة تبعاته، وما يأتي به يكون له معنى في السلوك السياسي. لقد فقدت العدالة والتنمية، بالبحث عن التسوية في قضية مفصلية تهم الامتيازات المالية للسياسيين في إدارة قطاعاتهم، جزءا من شرعة ما تدعو إليه، ومصداقية العبارة السياسية في أفواه ممثليها. غدا، وفي أي ملف سياسي سننتظر التسويات، قبل أن ننتظر الحقيقة. عندما تصبح قضية ما من القضايا، مسألة برلمانية وتتدخل فيه الأطراف كلها، لا نعتقد أن الصلح ممكن في هذه الحالة. الصلح، كما لو أنهم يتخاصمون حول حسابات بنكية بينهم أو شركات لم يتم احترام توزيعها بالتساوي.. لقد بدأ الاعتقاد يسود بأن الأمر لا يعود أن يكون أسلحة مهربة إلى البرلمان من أجل «التوازن السياسي»، أو توازن الرعب، أما السياسة والرأي العام فلا جدوى من إخبارهم بمترتبات ذلك. من حق المواطن اليوم أن يعتقد بأن الأمر، في البداية والنهاية، مجرد تسويات لا غير. ومن حقه أن يربي الشك قليلا، مثل تربية اليأس في جب بعيد في أعماقه.. فهذا صلح عجيب، صُلح «العجيبية!»