ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضيحة بمشروع المدينة الجديدة بجماعة الساحل لخيايطة يثير سخطالفلاحين والمستثمرين

عائشة، زكريا، عبد اللطيف، إبراهيم وعادل خمسة أطر مغربية منها المتقاعد ومنها من غادر الوظيفة طوعا، ومنها الشاب الجامعي الطموح... قرروا جميعهم الالتحاق بركب المستثمرين وتحقيق أحلامهم في إنجاز مشاريع يستفيدون منها بتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، وتستفيد منها الدولة كذلك حين تزود هذه الأطر مدينة بحجم ولاية الدار البيضاء الكبرى والمدن المحيطة بالمنتوجات والغلات الجيدة والمتنوعة التي تنتجها ضيعاتهم الفلاحية...
إلى جانب هذه المجموعة المثقفة، هناك الفلاحون البسطاء الذين لا يعرفون ولا يتقنون أي حرفة أو صنعة إلا الفلاحة ولا يعرفون أرضا إلا أرض آبائهم وأجدادهم... كل هؤلاء نزل عليهم قرار نزع الملكية كالصاعقة لاقتلاعهم من جذورهم، بل كعاصفة تطوح بهم نحو المجهول لإنشاء أقطاب جديدة بمنطقة الساحل لخيايطة...
عن هذا القرار وعن مستقبل المتضررين منه، أنجزت الجريدة الروبرتاج التالي لتنقل للرأي العام آراء وملاحظات وخوف وقلق أبناء المنطقة من الأطر على مشاريعهم وكل الفلاحين البسطاء بالمنطقة على مستقبلهم ومستقبل أسرهم وأبنائهم... *
*
إنجاز: نجاة بطل
تصوير : الطيبي اهنودة
عائشة المتقاعدة صاحبة ضيعة لتربية الماشية والأبقار، زكريا الكساب مربي الأبقار، عبد اللطيف صاحب ضيعة للعنب وإبراهيم صاحب ضيعة لتربية الدواجن وعادل صاحب ضيعة لإنتاج الخضر وتربية الماشية صرفوا على مشاريعهم الغالي والرخيص واستفاد بعضهم من دعم الدولة، حيث حصلوا على آليات ترتبط بنوع نشاطاتهم الفلاحية بمنطقة جماعة الساحل لخيايطة، كما استفادوا من قروض بنكية من القرض الفلاحي على أساس تطوير مشاريعهم واستمرارها لخمس سنوات... المشاريع ناجحة أعطت أكلها وزيادة... لكن فوجؤوا منذ سنتين هم وباقي جيرانهم من الفلاحة والكسابة، الذين ورثوا أراضيهم عن أجدادهم الذين يعودون إلى أكثر من 5 أجيال مضت، بإعلان أراضي ضيعاتهم أراضي غير فلاحية في محاولة لتفويتها لمجموعة العمران بثمن بخس قصد إنجاز مشاريع سكنية والقضاء على أراضي فلاحية خصبة. يوضح زكريا في العقد السادس: «لا أستطيع فهم سياسة الدولة، تدعمنا وتقدم لنا المساعدة لتطوير نشاطاتنا بالمنطقة، ثم بقرار جائر تقضي علينا وعلى أنشطتنا وعلى مجهودات 10 سنوات من العمل الدؤوب والمثمر عندما تعلن أراضينا أراضي غير فلاحية وغير منتجة دون القيام بدراسة تؤكد ذلك. بينما هناك بالقرب من أراضينا ضيعات اكتريت لأشخاص ذاتيين في إطار عقود طويلة الأمد من أجل إنجاز مشاريع فلاحية حسب دفتر تحملات لم يتم احترامه كما لم يتم إنجاز المشاريع التي اكتريت الأرض من أجلها واستفاد أصحابها من الدعم والقروض البنكية، بل قاموا بكرائها لسكان المنطقة من الفلاحين ومنها ما بقيت بدون استغلال في انتظار تفويتها للمكترين».
الكيل بمكيالين!...
يحكي عبد اللطيف في العقد الخامس: «هناك أرض مجاورة لي طولها 350 مترا. هذه الضيعة بها 100 هكتار. والضيعة المقابلة لي بها 40 هكتارا أيضا وكلها أراضي في ملك الدولة. وهناك أرض أخرى مجاورة لأرضي بطريق البياضة بها 280 هكتارا كلها كانت أراضي في ملكية الدولة تسيرهما مؤسستا صوديا وسوجيطا. لكن النتائج لم تكن مرضية، نظرا لعدة مشاكل في التسيير والتدبير والإدارة. المسؤولون بهاتين المؤسستين ليسوا مثل الفلاحين الذين يهتمون بأرضهم ويحرصون على منتوجها ويطورونه. توالي الخسائر بهاتين المؤسستين جعل الدولة تفوت هذه الأراضي للمجلس الوطني للشباب والمستقبل. لكن الشباب الذين استفادوا في هذا الإطار لم ينجزوا أية مشاريع في هذه الأراضي ومنهم من اكترى الأرض التي منحت له للغير من سكان المنطقة ليفلحوها. مؤخرا، فوتت أغلب هذه الضيعات لشركة العمران ب 80 درهما للمتر المربع بهدف إنشاء أقطاب سكنية جديدة».
يضيف عبد اللطيف: «الغريب في الأمر أنه منذ سنتين فوجئنا يوم 2010/06/16 بورود أسمائنا وأراضينا في إطار نزع الملكية في الجريدة الرسمية؛ وذلك من أجل خلق قطب جديد سمي المدينة الجديدة الساحل الخيايطة. وبدل أن تستعيد الدولة الأراضي المملوكة لها من المكترين، وهم قلة، والتي لم تستغل ولم يحترم مكتروها دفتر التحملات، قررت نزع أراضينا الفلاحية المنتجة. هذا القرار دفعنا إلى البدء في إجراءات البحث والتعرض ووضعنا ملاحظاتنا بالجماعة الحضرية حول المشروع وحول قرار نزع الملكية».
يؤكد عادل أحد الورثة في العقد الثالث: «الإنسان جالس في أرضه يفلحها ويعيش منها ثم ينزل عليه قرار نزع الملكية، إنها كارثة!... فنحن ورثة عبد الله بدوار أولاد جامع الساحل لخيايطة، فوجئنا بقيام شركة العمران بمشروع نزع الملكية على الرسم العقاري رقم 15/9812مساحة 51 هكتار، مع العلم أن المساحة الإجمالية لهذه الأرض أكثر من 90 هكتارا. بدأنا نسأل ونبحث، لكن من سنسأل؟!... لم نجد مخاطبا ولا شخصا مسؤولا أو جهة مسؤولة تجيب عن أسئلتنا بكل صدق وشفافية. قصدنا وزارة الإسكان في الحكومة السابقة، قصدنا العمالة والوكالة الحضرية وجماعة الساحل لخيايطة وبلدية حد السوالم... تهنا بين العديد من الأقسام والمصالح دون جدوى...
وفي إحدى جلسات البرلمان التي كانت مخصصة للإجابة عن مجموعة من الأسئلة تتعلق بمجموعة العمران أجاب عنها مديرها آنذاك محمد الكانوني، طُرح سؤال شفوي على الوزير احجيرة؛ وذلك بعد أن نشرنا الخبر في جريدة الاتحاد الاشتراكي وجريدة الصباح. فكان جواب الوزير أنه ضد قرار نزع الملكية، وأن القرار هو قرار صوري الغرض منه الحد من ارتفاع الأسعار بالمنطقة. لكن الواقع أثبت تخوفنا وفند ادعاء الوزير، حيث بدأت بوادر برنامج تصميم التهيئة تظهر. إذ عقد اجتماع في بلدية حد السوالم من أجل ذلك بين مسؤولي شركة العمران والمسؤولين بالبلدية في مارس 2011، وأكدوا أن تصميم التهيئة يشمل أراضينا وأنه يضم ثلاثة أشطر وسينجز على ثلاث مراحل. وجعلوا جزءا من منطقتنا منطقة فلاحية حضرية منعوا فيها القيام بأي إصلاحات أو بنايات أو إضافات في البناء.
الأنكى من ذلك أن المسؤولين بوزارة الإسكان آنذاك وشركة العمران، أوقفوا حالنا عندما تقدمت شركة العمران بتعرض لدى المحافظة العقارية على الرسوم العقارية للأشخاص الواردة أسماؤهم بالجريدة الرسمية وكذا الضيعات المعنية بمشروع برنامج تصميم التهيئة، مما جعل الأبناك ترفض إقراضنا خصوصا القرض الفلاحي وجعل الجماعة ترفض الترخيص لنا بإصلاح الإسطبلات أو الأسقف المتهالكة أو إضافة بناء لتخزين العلف أو غيره. ومنعنا من بيع أراضينا لغير شركة العمران ولا يمكننا شراء أراضي أخرى من جيراننا؛ وذلك في انتظار إنجاز تصميم التهيئة».
نزع الملكية... المنفعة العامة أم المصلحة الخاصة؟!...
يوضح عادل: «المشكل الذي يمثل بالنسبة لنا ضررا كبيرا هو تصميم التهيئة، حيث قامت شركة العمران في هذا التصميم باستغلال أراضي الدولة وتخصيصها لبناء عمارات تتكون من R+12 وفيلات سياحية واستولت على أراضي الخواص وجعلت منها أراضي أحباس سمتها أراضي فلاحية حضرية. ومن الممنوعات في تصميم التهيئة هذا أن هذه الأراضي تمنع فيها البنايات المؤقتة، فتح واستغلال المقالع، بناءات ذات صبغة مؤقتة في المنطقة الصناعية من الدرجة الأولى والثانية والثالثة. إذن، أصبحت أراضينا محبسة».
يضيف: «وفي لقاء مع وزير الإسكان السابق احجيرة. طرحنا عليه مشكل نزع الملكية. الغريب في الأمر أنه لم يعطه أي أهمية وقال إنه مجرد مشروع لم يخرج بعد كمرسوم. فإذا بشركة العمران تضع اليد على أراضي الناس من خلال تصميم التهيئة الذي سيضر بالسكان. إذن، هذا تواطؤ كبير بين مؤسسة العمران والوكالة الحضرية بسطات للضغط على الناس ليتم الإجهاز على أراضيهم. وقد راسلنا الوزير الأول آنذاك من خلال تظلم استعطافي، ثم راسلنا وزير الإسكان السابق احجيرة وراسلنا الديوان الملكي ولم يصلنا جواب من أي جهة. نحن، الآن، بين نارين... فالبلدية صادقت على تصميم التهيئة الذي مازال قيد الدراسة والجماعة القروية الساحل الخيايطة أيضا صادقت عليه. ونحن، اليوم، لم نعد نعرف أين نتموقع هل في بلدية حد السوالم أم في الجماعة القروية الساحل الخيايطة.
وقد سبق أن عقدنا لقاء مع المدير الجهوي لمجموعة العمران الساحل لخيايطة سيف الدين الخرشفي، وكنا آنذاك على غير علم بتصميم التهيئة، العجيب أنه قال لنا: «أش كاتصوروا من هذه الأراضي؟!... هذه الأراضي لم تكن تساوي شيئا وجاءت شركة العمران التي رفعت من قيمتها المادية، وأصبحت تساوي ثمنا مهما. عندما جئت لمنطقة حد السوالم كانت قيمة الهكتار لا تتجاوز 5 إلى 6 ملايين سنتيم». فأجبته أن الأرض تساوي حاليا مابين 500 و1000 ده للمتر المربع. ومؤخرا، تم، في دوار أولاد جامع، بيع أرض قريبة من أراضينا لا تبعد عنا إلا بكيلومتر واحد ب 700 ده للمتر المربع مع النوار، لكننا نحن ملاك هذه الأراضي غير مقتنعين بذلك. مانطالب به هو أن تبقى لنا أراضينا وأن تبقى لنا حرية التصرف فيها».
يوضح عبد اللطيف: «تصميم التهيئة كان مجحفا في حقنا، حيث أن المشاريع التي ستنجز فوق الأراضي التي فوتت لشركة العمران كانت أهم من المشاريع التي ستنجز على الأراضي المنزوعة لنا، حيث ستشمل الأولى فيلات راقية وعمارات راقية أيضا من سفلي و12 طابقا، أي مشاريع ستعطي قيمة مضافة وقيمة عقارية عالية للأراضي المفوتة لشركة العمران، بينما ستنجز بأراضينا المنزوعة جميع المرافق العمومية التابعة لهذه الفيلات والعمارات: مسجد، مدرسة، مستشفى، مناطق خضراء، محطة، منطقة صناعية، سكن اقتصادي ومنطقة فلاحية حضرية لتزويد المدينة بالمواد الفلاحية... مما سيقلل من القيمة المالية لأراضينا؛ وبالتالي تقديم مقابل مالي لها بخس جدا لفائدة شركة العمران». التخوفات التي تؤرقنا أن أراضينا أصبحت محبسة... فقد وضعت وزارة الإسكان وشركة العمران اليد عليها بدون أن يهتما لأمر أكثر من 2000 شخص نعيش ونستثمر أموالنا هنا، بل كل ما جنيناه خلال حياتنا المهنية لمدة 20 إلى 30 سنة استثمرناه في هذه الأراضي وأضفنا عليها قروضا عدة». يوضح: «نحن أبناء المنطقة غادرنا الوظيفة للاستثمار في أراضينا التي ورثناها أبا عن جد، خصوصا أنها أراضي فلاحية جيدة، وأنجزنا مشاريع ناجحة بها. هناك الأساتذة الجامعيون والأطباء وأطر القطاع الخاص والوظيفة العمومية، منهم من يستثمر في الزراعة كحقول العنب أو الخضر وهي أرض معطاءة تعطي غلتها مرتان في السنة بفضل تقنيات السقي الحديثة. وهناك من يستثمر في تربية الدواجن ويزود الدار البيضاء والجديدة وبرشيد وسطات باللحوم البيضاء، وهناك من يستثمر في الأغنام والأبقار ويزود المدن المحيطة بالمنطقة باللحوم والحليب.
الآن، يحاولون تجويعنا وإفشال مشاريعنا؛ وبالتالي إفلاسنا، لكي نرضخ لمؤامرة وزارة السكنى والتعمير والوكالة الحضرية ضدنا لفائدة شركة العمران. نحن لسنا ضد إنشاء أقطاب جديدة، لكن بشروط مرضية لا تضر بمصالحنا. ولنا ملاحظات على تصميم التهيئة: لماذا لا تكون المشاريع المربحة على أرضنا حتى تكون لها قيمة مادية مهمة وتكون باقي المرافق على الأراضي المفوتة للعمران بثمن رمزي، خصوصا أن هذه الأخيرة ستحقق أرباحا خيالية عند إنجاز المشروع... فالفيلات التي أنجزتها الآن قرب أراضينا تتراوح مساحاتها مابين 215 و300 متر مربع تباع نصف منتهية ب 115 و150 مليون سنتيم للفيلا الواحدة، أما المشاريع التي ستنجر قريبا والتي توجد أرضنا ضمنها فستباع الفيلات بالمليار والشقق بمئات الملايين من السنتيمات. لقد اطلعنا على تصميم التهيئة، فانبهرنا لمستوى البنايات الراقية المزمع إنشاؤها هناك... فأين هي المنفعة العامة التي من أجلها يتم نزع الملكية لأراضينا؟!...».
ويستنتج عبد اللطيف مستطردا: «هذه مغالطة مفضوحة... والحقيقة أن وزارة السكنى والتعمير تضرب مصالح السكان حفاظا على مصالح العمران باسم المنفعة العامة». ويضيف «الدستور المغربي ينص على حق الملكية؛ لذلك فنحن نعتبر أنفسنا أحرارا في ملكنا نحتفظ به أو نبيعه حسب قانون السوق وقانون العرض والطلب. وهناك شركات للخواص تعمل في نفس مجال شركة العمران يمكنها أيضا المساهمة في هذا المشروع. ونحن نؤمن بمبدإ المنافسة الشريفة... فليتنافس الجميع من أجل شراء أراضينا إذا كان لابد من نزعها منا من أجل إنجاز مشروع المدينة الجديدة. لكن ليس من حق وزارة السكنى والتعمير ولا شركة العمران أن توقف حالنا وتعطل مصالحنا وتقطع أرزاقنا وتحرمنا من قوتنا اليومي، ولا أن تمنعنا من العمل لمدة سنوات والمشروع مازال قيد الدراسة أمامه سنوات لم تحدد بعد، وتحاصرنا من كل الجهات بدل أن تمد لنا يد المساعدة كمستثمرين نجد ونكد لننجح مشاريعنا دون أن نشكل عبئا على أحد وأصبحنا نحارب في قوتنا اليومي وهو ما سيؤدي إلى تشريدنا وتشريد أبنائنا الذين لايعرفون ولايتقنون أي مهنة أو صنعة يقتاتون منها إلا الفلاحة والأعمال المرتبطة بها. كما أن هذا القرار الذي صدر منذ سنتين مازال مشروعا ولم يصبح مرسوما بعد، ويقال إنه سيتم تمديده سنة أخرى. ثم صدر مشروع برنامج تصميم التهيئة الذي شمل أراضينا. إذن، أراضينا ستنزع منا سواء بنزع الملكية أو بتصميم التهيئة».
يتوقف عبد اللطيف ليسترجع أنفاسه ثم يستطرد مستنكرا: «نطرح سؤالا: لماذا لم يتم التخطيط لإنجاز هذه المدينة على أراضي الدولة غير المفوتة؟!... فهناك ضيعة شاسعة بها 2000 هكتار مسماة ضيعة كوش مجاورة لأراضينا تقع بيننا وبين مدينة الدار البيضاء؛ وبالتالي يمكن إنجار مدينتين بها خصوصا أنها امتداد منطقي لمدينة الدار البيضاء تمتد من ثلاثاء بوسكورة إلى المجال الحضري لجماعة الساحل لخيايطة ومكتراة لشخص يلقب بالمنطقة بالبرلماني؛ وبالتالي يمكن فسخ عقد كراء مع شخص واحد، بدل نزع الملكية لأكثر من 2000 شخص هم أبناء المنطقة تعود أصولهم إلى أكثر من 200 سنة لا يعرفون ولا يعيشون ولا يعتاشون إلا من أراضيهم وما ينتجونه فيها من مزروعات وأنعام وأغنام وأبقار. فهل تريد الدولة تشريد هؤلاء السكان الذين يشكلون تجمعات سكنية عائلية؟!... كل عائلة تضم أكثر من 100 إلى 200 فرد من العائلة الواحدة المنتمية لجد أكبر واحد؟... مانطالب به هو قليل من الحرية والمساواة ومن أراد أن يبيع أرضه فليبعها، ومن أراد البقاء فيها فليبق فيها، خصوصا أن الناس متشبثون بأرضهم على اعتبار أنها تشكل هويتهم ومن الصعب إخراجهم منها. وبما أننا قد دخلنا إلى المجال الحضري، فإننا نتخوف أيضا من أن يفرض علينا غدا أو بعد غد أن نؤدي الضريبة على الأراضي غير المبنية، حيث نؤدي عن كل هكتار 4 أو 5 ملايين سنتيم كل سنة؟!...». ويوضح عبد اللطيف: «كان من المنطقي أخذ ملاحظات السكان بعين الاعتبار وتعديل تصميم التهيئة وعرضه ثانية للموافقة على التعديلات الأخيرة. وبعد الموافقة، تتم المصادقة على تصميم التهيئة وليس العكس».
يؤكد زكريا: «منذ أن صدر قرار نزع الملكية ونحن نعيش حالة اللااستقراروالتوجس وتتناسل الأسئلة في رؤوسنا: ماذا يحدث؟ ماذا سيحدث؟ لا من يجلس معنا على طاولة الحوار ولا من يوضح لنا مجريات الأمور، سواء السلطات أو المنتخبون، برلمانيون ومستشارون، بينما مسؤولو وزارة الإسكان ومديرية الأملاك المخزنية وشركة العمران الطرف المستفيد يخططون وينفذون ونحن الطرف المعني والمتضرر مغيبون لتضرب الدولة بمصالحنا ومصالح أبنائنا عرض الحائط لفائدة شركة العمران!...
تركونا حائرين نتخبط وحدنا وقد أغلقت كل الأبواب والمصالح والأبناك في وجهنا وبقينا مكتوفي الأيدي. هذه مشاريعنا الناجحة تتأثر والديون تتراكم علينا... فأي عدالة وأي تنمية هاته؟!... وهل هذا شأن دولة الحق والقانون؟!...».
يضيف زكريا موضحا: «الأثر الاجتماعي لفسخ عقد كراء مع شخص واحد ليس كالأثر الاجتماعي لنزع الملكية لأكثر من 200 أسرة وأكثر من 2000 شخص المكونة لأسر دوارين بالكامل هما دوار لخدارة ودوار أولاد جامع. السكان متشبثون بأرضهم ومستعدون للدفاع عن حقوقهم، بل عن مستقبلهم ومستقبل أسرهم بكل الطرق. لقد قرروا القيام بمسيرات نحو الجماعة والبلدية والمحافظة العقارية وكذا مجموعة العمران، بل باعتصام بالطريق السيار».
عائشة ابنة المنطقة في العقد السابع لها رأي آخر، تقول: «مسقط رأسي هنا. تقاعدت منذ سنتين أنا وزوجي وقررنا الاستقرار نهائيا بأرضي التي ورثتها أبا عن جد، مساحتها 14 هكتارا و500 متر مربع. وهبت منها 500 متر مربع لإنشاء مدرسة. بنيت بيتا وأقمت بأرضي مشروعا لتربية الأغنام والأبقار يديره ابني ونعيش معه مرتاحين. لكننا فوجئنا بأن شركة العمران تريد الاستلاء على الأرض. نحن لانعارض مشاريع الدولة أو كل مافيه منفعة أو مصلحة عامة، لكن الطريقة التي يتم بها ذلك هي ما يخيفنا كأن ينزعوا الملكية للملاك ويتركوهم مكتوفي الأيدي، لا نعمل ولا نشتغل في أراضينا. هذا غير معقول!... خصوصا أنهم ىريدون الاستحواذ على جل أراضينا ويتركوا لنا قطعا صغيرة لا تليق لأي شيء. فمن سيشتريها منا؟!... إذا أرادوا أراضينا، فنحن مستعدون لبيعها لهم. لكن ليتفاوضوا معنا حول الثمن ويقدموا لنا ثمنا يرضينا ننجز به مشروعا آخر أو نشتري به أرضا أخرى نعيش فيها. فإذا أخذوا أرضنا ليس لنا مكان آخر نسكن ونستثمر فيه لنعيش. آلاف السكان سيضيعون إذا ما فرض علينا ثمن بخس. هناك من يملك هكتارا فقط أو نصف هكتار، وهناك 8 أو 10 أشخاص شركاء في 5 هكتارات ورثوها... ماذا سيفعلون بالتعويض الهزيل؟!... لن يكفيهم لاقتناء شقق تأويهم فبالأحرى ضمان قوتهم وهم الذين يسكنون ويقتاتون مما تجود به أرضهم. بعض الملاك لايريدون نقودا، بل يريدون أرضا يعيشون فيها ومنها. هناك آلاف الهكتارات من الأراضي المسترجعة يجب أن تنتبه لذلك الجهات المسؤولة والمعنية وتقوم -على الأقل- بمقايضة الناس على أراضيهم بمنحهم أراضي أخرى من هذه الضيعات المسترجعة. وبدل أن تزرعها ببنايات إسمنتية، فلتنشئ بها مدارس فلاحية لتكوين وتأطير أبناء الفلاحين ليفلحوا ويزرعوا هذه الأراضي لتستفيد الدولة من الإنتاج ومن التجارب المنجزة عليها ويستفيد الفلاحون وأبناؤهم في مجال الفلاحة من تربية الدواجن والأغنام والأبقار والزراعات المختلفة. وهكذا ستستفيد الدولة وسيستفيد أبناء المنطقة مستقبلا وسكان المدن المحيطة».
توضح عائشة: «هناك من يريد أن يبيع، لكن يريد تعويضا مرضيا. فإذا بعنا أرضنا ستأخذ الدولة نصيبا من ثمنها، وإذا رغبنا في شراء أرض أخرى لإنجاز مشروع آخر سندفع مصاريف عدة منها السمسار والتسجيل والتحفيظ ... فماذا سيبقى لنا لإنجاز أي مشروع؟!... لن يكفينا التعويض. لقد سمعنا من بعض الناس وليس من شركة العمران أن الثمن حدد في 80 ده للمتر المربع. وهذا ثمن بخس جدا. الناس تطالب بأكثر من 1000 ده للمتر المربع. وعلى الدولة أن تعمل على تسهيل الأمور علينا وألا تضرنا، بل عليها أن تقدم ثمنا مرضيا لمن أراد البيع وأن تقايض من لم يرد البيع بتعويضه بأرض أخرى أكبر وأحسن تضمن له ولأسرته الاستقرار والعيش الكريم».
وتستطرد عائشة محتجة ومستنكرة: «لقد أصبح مصيرنا مرهون بشركة العمران وتوقفت أحوالنا بسبب قرار نزع الملكية. كنت أرغب في بناء إسطبل عصري وطلبت ترخيصا من الجماعة وطلب مني إنجاز مجموعة من الوثائق وتنقلت من أجل الحصول عليها بين الدار البيضاء وسطات، ثم قدمتها ضمن طلب الترخيص للجماعة وكنت أتردد على الجماعة مرارا دون جدوى. وفي آخر زيارة لها، أخبرت بأن الملف تأخر في الوكالة الحضرية. وعندما ذهبت هناك، فوجئت بكون نصف الوثائق غير موجودة بالملف وعلي إنجازها من جديد. ولم أحصل على هذا الترخيص لحد الآن. كنت أرغب في بناء إسطبل عصري بمواصفات صحية لكن هناك تماطل كبير مقصود لعرقلة مشاريعنا ودفعنا للقبول بالأمر الواقع».
يوضح عبد اللطيف: «كنت أعمل إطارا في شركة للنقل، ثم غادرت عملي ولجأت لفلاحة أرض أجدادي. لقد انطلق مشروعي سنة 2006، وهو خاص بحقل للعنب وكلفني ذلك 150 مليون سنتيم على مساحة 5 هكتارات ونصف. اليوم، وحسب خبرة أجريتها، مؤخرا، لتقييم المشروع، قدرت قيمته ب 5 ملايين درهم حسب المصاريف التي صرفت عليه منذ انطلاق المشروع إلى اليوم. اليوم، تعطيني 5 هكتارات من الدوالي 150 طنا من العنب تباع بالضيعة ب 7 أو 8 دراهم للكيلو. ومن الفلاحات التي تنتجها المنطقة الجزر والبطاطس والذرة، بمعدل غلتين في السنة. فهل هذه أرض فلاحية غير منتجة؟!... المنتوج بالمنطقة جيد جدا رغم انعدام التأطير والإمكانيات عند أغلب الفلاحين. ولنفترض أن الأرض نزعت مني، فهل ستعوض لي مجموعة العمران كل ذلك؟!... وماذا عن الأرباح التي من المفترض أنني سأجنيها في السنوات المستقبلة، هل ستعوضها لي كذلك؟!...».
ويؤكد عبد اللطيف متسائلا: «ما يحز في نفسي أنني، قبل إنجاز المشروع، أخذت رخصة من مديرية المياه الجوفية وإعانة مالية من وزارة الفلاحة وقرضا من القرض الفلاحي. وبعد مضي 4 سنوات فقط، يصدر قرار نزع الملكية!... ألم تكن الجهات المسؤولة تعلم بمستقبل المنطقة وبالبرامج المخططة لها وبمشروع تصميم التهيئة؟!... ألم تكن لدى المسؤولين فكرة عن إنجاز مدينة بالمنطقة؟!... أليس هناك تواصل أو شراكة بين هذه الجهات والجهات المعنية والمستفيدة من قرار نزع الملكية من وزارة الإسكان والوكالة الحضرية وشركة العمران؟!.. لو كنا نعلم بهذا المشروع قبل 4 سنوات لما استثمرنا أموالنا هنا ولأقمنا مشاريعنا في مناطق أخرى»... ويضيف متأسفا: «الدالية تعيش 25 إلى 30 سنة إذا لقيت العناية والرعاية اللازمين لها. حرام أن تُقتلع هذه الداليات بعد 4 سنوات وبعد أن أصبحت في أوج عطائها وتُنبت بدلا منها بنايات إسمنتية».
ويضيف موضحا: «لقد سبق أن تم نزع الملكية في أرضي من أجل إنجاز الطريق السيار ولم أرفض أو أتقدم بشكوى رغم أن الطريق السيار في تصميم التهيئة الحقيقي كان مبرمجا ليمر من أراضي الدولة المجاورة لأرضي. لكن تم تغيير مساره وتم نزع حوالي هكتارين من أرضي التي قسمها الطريق السيار قسمين وتم تعويضي بثمن رمزي هو 35 ده فقط. أخذتها ولم أعترض. لأنني اعتبرت ذلك منفعة عامة. لكن ما يحدث الآن شيء آخر يهدف إلى إفقار فلاحي المنطقة وتشريدهم من أجل إغناء، بل إثراء شركة هي أغنى الشركات العاملة في مجال البناء والإسكان. وهذا ما نرفضه، لأن هذا ليس منفعة عامة... فهل فيلا مساحتها أكثر من 600 متر مربع منفعة عامة؟!... وزارة الإسكان ومجموعة العمران والوكالة الحضرية تآمروا علينا حين جعلوا المرافق العمومية على أرضنا ليبرروا نزع الملكية وليفرضوا علينا ثمنا بخسا لا علاقة له بالأثمان الرائجة في السوق بالمنطقة، بدل جعلها على الأراضي المملوكة للدولة والمفوتة بثمن رمزي لشركة العمران؛ وبذلك تضرب الدولة مصلحة السكان لفائدة مصلحة مجموعة العمران.. ولإحكام القبضة علينا، تمت محاصرتنا من كل الجهات قبل خروج مشروع تصميم التهيئة وقبل صدور مرسوم قرار نزع الملكية، حيث تم ضربنا في قوتنا اليومي ومصدر رزقنا ورأسمالنا لإخضاعنا للأمر الواقع وجعلنا نقبل عرضهم صاغرين».
يوضح عبد اللطيف: «أنا أرى أبعد من ذلك، فإذا لم يعوض المالك تعويضا معقولا منصفا يحترم ثمن السوق ليتمكن من اقتناء أراضي بديلة بمنطقة أخرى ويظل مرتبطا بالأرض وبحرفته ويظل منتجا وليس عبئا على المجتمع والدولة، فإن الدولة ستخلق جيشا من المشردين والعاطلين... إذ لايتقن هذا المالك وأبناؤه أي حرفة غير الفلاحة. ونحن لانصدق مايقال عن كون المنطقة الصناعية ستجلب التنمية للمنطقة وسيستفيد منها أبناؤها... فذلك كذب، لأن ابن المنطقة غير مؤهل ولايعرف عملا آخر غير العمل في الفلاحة... فليس له لا مؤهلات ولا تكوين ولا دبلوم. وإذا عمل في الصناعة بالمنطقة، فسيعمل حمالا لا أكثر. ومن لم يعمل حمالا، فسيصبح حارس سيارات بمرائب المشروع المنجز على أرضه وأرض أجداده. وإن لم يجد عملا، فسيصبح عالة على المجتمع!... وهل يعمل حمالا أو حارسا في أرض كان سيدها ومالكها؟!...
وإذا استقر بالمدينة لن يستطيع التكيف فيها، ولن يستطيع العيش في شقة من 60 مترا مربعا وهو الذي عاش في فضاء مفتوح وشاسع. ستكثر البطالة التي يتبعها عدم الاستقرار ويتفاقم الفقر ليتفاقم معه مشكل الأمن بسبب تفشي المخدرات والانحراف والجريمة بين أبناء هؤلاء المهجرين من أراضيهم. لذلك فإذا أعجبت أراضينا شركة العمران، فليجلس معنا مسؤولوها على طاولة الحوار ولنناقش الثمن ويرضوننا ثم يأخذوها. لكن لا يحتالوا علينا ويوقفوا أحوالنا ويحاصروننا لمدة ثلاث سنوات وربما أكثر قبل إنجاز المشروع للضغط علينا لتجويعنا ثم إفلاسنا لكي نرضخ للأمر الواقع...».
يوضح عادل: «مالكو الأراضي اليوم ليس لهم الحق في الحصول على أي رخصة لإنجاز مشروع بأراضهم أو إضافة غرف بمساكنهم أو بناء إسطبلات لبهائهم أو حتى إصلاحها ما لم يتسلموا الإبراء من شركة العمران. مثلا التجهيز في أراضي العمران وصل إلى حدود أراضينا، لكننا إذا أردنا أن نجهزها علينا اللجوء إلى العمران. المسؤولون عن مشروع المدينة الجديدة يستعملون كل الطرق وكل الوسائل لكي يستولوا على أراضينا ويرغموننا على بيعها لمجموعة العمران سواء بقرار نزع الملكية أو بتصميم التهيئة أو بالحصار الذي ضربوه علينا والشروط التي فرضوها علينا... وفي أحسن الأحوال فرض ضرائب على أراضينا غير المبنية. والدليل على ذلك أنهم جعلوا أرضنا عنوة منفعة عامة في تصميم التهيئة وجعلوا فيها مرافق عمومية بدل أراضي الدولة المفوتة للعمران أو على الأراضي المفوتة أو المكتراة للأشخاص والتي لم تخضع بقدرة قادر لقرار نزع الملكية رغم أنها أراضي مهملة لا يتم استغلالها من طرف المستفيدين منها. كل ذلك ليضمنوا الربح لبعض المحظوظين ولمجموعة العمران.
هناك فيلات لمجموعة العمران منجزة على أراضي فوتت لها ب 80 ده وهي فيلات أنجزت فيها الأشغال الكبرى فقط تباع ب 140 مليون سنتيم لم تنفق عليها مجموعة العمران سوى 30 مليون سنتيم، أي بمعدل ربح يفوق 600%!... فهل هذه هي المنفعة العامة التي تسعى إليها الدولة أم هي سياسة تنهجها شعارها الربح للعمران والخسارة لملاك الأراضي من السكان؟!...».
حميد أحد أبناء المنطقة البسطاء يحكي بتأثر وعفوية: «نحن نعيش هنا منذ أزيد من قرن، أجدادنا من المنطقة. إذا لم أجد ما أنفق، أستغل خيرات أرضي لأعيش من منتوجها. إذا لم أجد ما آكل، أكتفي ببيض دجاجاتي وبالقمح الذي جنيته من أرضي وحليب بقراتي. لكن إذا اقتلعت من أرضي وسكنت بالمدينة، فإن أردت شيئا علي أن أشتريه... من أين لي بثمنه وأنا لا صنعة ولا حرفة لي ولا لأبنائي إلا الفلاحة؟!... ماذا سنفعل لنعيش؟!... هل نصبح قطاع طرق بالمدينة، نسرق ونقتل لنعيش؟!...».
بوشعيب 44 سنة: «أنا مزداد هنا وكذا جدي وجد جدي. تمتد أسرتنا لمدة 3 قرون مضت. نزرع في أرضنا مطيشة والبطاطا ولنا فيها الكسيبة أيضا... فوجئنا بنزع الملكية ماذا سنفعل؟!... أين سنذهب؟!... لانعرف؟... نحن 5 إخوة و5 أخوات. أنا متزوج ولدي 5 أطفال. وكذلك إخوتي كل منهم له 5 أو 6 أبناء. وعمان اثنان وأبناؤهما وبناتهما وأحفادهما، أي أكثر من 150 فردا من جد واحد. واليوم جاء قرار نزع الملكية ليقتلعنا من جذورنا ويرمي بنا للضياع والتشرد. كان عليهم قبل أن يخططوا لإنشاء مدينة جديدة أن يخططلوا لمستقبلنا ومستقبل أبنائنا ويضمنوا استقرارنا».
حسن 47 سنة: «هذه الأرض نعيش فيها أبا عن جد. عاش أجدادنا وآباؤنا فيها ونعيش فيها نحن كذلك ولا نرى لنا مستقبلا في غيرها. هي موطننا ومورد رزقنا. إذا خرجنا منها نموت كالسمك إذا خرج من الماء. لدي 6 أبناء يعيشون معي. لانعرف مهنة أو صنعة أو حرفة غير الفلاحة».
محمد في العقد الثامن: «هاذ الأرض فيها فالحين، فيها رابطين، فيها كاسبين... نحن كأسرة كبيرة وأبناؤنا وأحفادنا حوالي 70 فردا في العائلة ليس لنا مكان آخر نلجأ إليه. لدي 5 أبناء كلهم يعملون معي في الفلاحة. نطالب بإلغاء قرار نزع الملكية». وبشغف وحب وفخر تحدث محمد العجوز عن حصانه وهو يمسح على ظهر هذا الحصان الواقف بشموخ وهو يتحرك بخيلاء بساحة فسيحة ببيت محمد: «حصاني هذا اسمه سهم وهو بلون حجر الواد... عرضوا علي ثمنا له 25 مليون سنتيم، لكنني رفضت بيعه». كان يتحدث عنه وكأنه يتحدث عن ابن عزيز لديه ومدلل، وبتأثر شديد قال: «هل سأكسب في المدينة مثل هذا الحصان؟!... إنه أغلى عندي من أبنائي يعز علي فراقه».
خلاصة القول يؤكد عادل: «وزارة السكنى والتعمير ومجموعة العمران ستحلان مشكلهما، لكن ستعمقان مشاكل المواطنين. سيخلقان جيوشا من المشردين والعاطلين الذين حينما سيصبحون بدون انتماء ولا هوية ولا عمل ويعجزون عن التكيف والاندماج في الحياة الجديدة سينحرفون وسيصبحون جانحين، بل مجرمين يلجأون للسرقة والقتل ليقتاتوا، لأن لا بديل لديهم ولم يترك لهم خيار آخر. وهذا سيشكل مشكلا أمنيا إضافيا لولاية الدار البيضاء الكبرى».
وعن الأرباح التي تحققها مجموعة العمران من قرارات نزع الملكية بالتراب الوطني يقول عمر إطار بنكي في العقد الثالث: «أصبحت مجموعة العمران عبارة عن شركة تحقق أرباحا خيالية... فكيف يعقل أن تأخذ أراضي الناس بثمن رمزي بحجة نزع الملكية وهي تبيع بثمن السوق وبأثمنة باهظة وبهامش ربح مرتفع جدا؟!... هذا غير مقبول ونرفضه بتاتا. نحن لسنا ضد مصلحة الدولة ولا ضد الصالح العام والمنفعة العامة ولا ضد قرار توسيع ولاية الدار الكبرى أو إنشاء مدينة بيئية ولا كذا قرار نزع الملكية. لكن ما نطالب به هو التفاوض مع الناس وإنصافهم بتمكينهم من حقوقهم ومراعاة مصالحهم كمواطنين وتعويضهم تعويضا يكون متوازيا ومتساويا مع الأرباح التي ستجنيها العمران من وراء قرار نزع الملكية بعد بيع الفيلات والعمارات التي ستبنيها، حتى يستفيد هؤلاء المواطنين كما تستفيد دائما العمران.
وقد ثبت، مؤخرا، من خلال خلاصات البيانات المالية لشركة العمران أن أرباحها الصافية بلغت هذه السنة أكثر من 5 مليارات درهم... وهذا كله نتيجة تفويت أملاك الدولة لفائدتها وبيعها لها بثمن رمزي لا يتعدى 50 إلى 80 ده للمتر المربع. وكذا أملاك المواطنين عن طريق قرار نزع الملكية.
لديها أيضا مشاريعها تضم، بالإضافة إلى السكن الاقتصادي، شققا متوسطة الجودة وأخرى عالية الجودة. وإذا كان السكن الاقتصادي بمشاريع العمران ب 250 ألف درهم، فإن باقي أنواع الشقق فهو باهظ الثمن. مؤخرا، عرضت علينا شقق متوسطة الجودة بإقامة المنار بمدينة الجديدة بثمن 8000 ده للمتر المربع.
ومادامت الدولة تشجع التنمية فلتفسح المجال أمام باقي المنعشين العقارين ليدخلوا في المشروع وليتنافسوا في اقتناء الأرض لنبيع لمن يدفع أكثر، لا أن تحاصرنا خدمة لمجموعة العمران وتضرب بمصالح الملاكين عرض الحائط!... خصوصا أن الفيلات والعمارات المنجزة بمشروع العمران بجماعة الساحل لخيايطة غير مخصصة للمستهلك البسيط، بل هي من نوع المتوسط والعالي الجودة... لذلك فإما أن يشتروا منا بثمن السوق أو يتركوا الخواص يشترون منا».
العمران وبعدها الطوفان!...
ويستنتج عبد اللطيف مستطردا: «هذه مغالطة مفضوحة... والحقيقة أن وزارة السكنى والتعمير تضرب مصالح السكان حفاظا على مصالح العمران باسم المنفعة العامة». ويضيف «الدستور المغربي ينص على حق الملكية؛ لذلك فنحن نعتبر أنفسنا أحرارا في ملكنا نحتفظ به أو نبيعه حسب قانون السوق وقانون العرض والطلب. وهناك شركات للخواص تعمل في نفس مجال شركة العمران يمكنها أيضا المساهمة في هذا المشروع. ونحن نؤمن بمبدإ المنافسة الشريفة... فليتنافس الجميع من أجل شراء أراضينا إذا كان لابد من نزعها منا من أجل إنجاز مشروع المدينة الجديدة. لكن ليس من حق وزارة السكنى والتعمير ولا شركة العمران أن توقف حالنا وتعطل مصالحنا وتقطع أرزاقنا وتحرمنا من قوتنا اليومي، ولا أن تمنعنا من العمل لمدة سنوات والمشروع مازال قيد الدراسة أمامه سنوات لم تحدد بعد، وتحاصرنا من كل الجهات بدل أن تمد لنا يد المساعدة كمستثمرين نجد ونكد لننجح مشاريعنا دون أن نشكل عبئا على أحد وأصبحنا نحارب في قوتنا اليومي وهو ما سيؤدي إلى تشريدنا وتشريد أبنائنا الذين لايعرفون ولايتقنون أي مهنة أو صنعة يقتاتون منها إلا الفلاحة والأعمال المرتبطة بها. كما أن هذا القرار الذي صدر منذ سنتين مازال مشروعا ولم يصبح مرسوما بعد، ويقال إنه سيتم تمديده سنة أخرى. ثم صدر مشروع برنامج تصميم التهيئة الذي شمل أراضينا. إذن، أراضينا ستنزع منا سواء بنزع الملكية أو بتصميم التهيئة».
يتوقف عبد اللطيف ليسترجع أنفاسه ثم يستطرد مستنكرا: «نطرح سؤالا: لماذا لم يتم التخطيط لإنجاز هذه المدينة على أراضي الدولة غير المفوتة؟!... فهناك ضيعة شاسعة بها 2000 هكتار مسماة ضيعة كوش مجاورة لأراضينا تقع بيننا وبين مدينة الدار البيضاء؛ وبالتالي يمكن إنجار مدينتين بها خصوصا أنها امتداد منطقي لمدينة الدار البيضاء تمتد من ثلاثاء بوسكورة إلى المجال الحضري لجماعة الساحل لخيايطة ومكتراة لشخص يلقب بالمنطقة بالبرلماني؛ وبالتالي يمكن فسخ عقد كراء مع شخص واحد، بدل نزع الملكية لأكثر من 2000 شخص هم أبناء المنطقة تعود أصولهم إلى أكثر من 200 سنة لا يعرفون ولا يعيشون ولا يعتاشون إلا من أراضيهم وما ينتجونه فيها من مزروعات وأنعام وأغنام وأبقار. فهل تريد الدولة تشريد هؤلاء السكان الذين يشكلون تجمعات سكنية عائلية؟!... كل عائلة تضم أكثر من 100 إلى 200 فرد من العائلة الواحدة المنتمية لجد أكبر واحد؟... مانطالب به هو قليل من الحرية والمساواة ومن أراد أن يبيع أرضه فليبعها، ومن أراد البقاء فيها فليبق فيها، خصوصا أن الناس متشبثون بأرضهم على اعتبار أنها تشكل هويتهم ومن الصعب إخراجهم منها. وبما أننا قد دخلنا إلى المجال الحضري، فإننا نتخوف أيضا من أن يفرض علينا غدا أو بعد غد أن نؤدي الضريبة على الأراضي غير المبنية، حيث نؤدي عن كل هكتار 4 أو 5 ملايين سنتيم كل سنة؟!...». ويوضح عبد اللطيف: «كان من المنطقي أخذ ملاحظات السكان بعين الاعتبار وتعديل تصميم التهيئة وعرضه ثانية للموافقة على التعديلات الأخيرة. وبعد الموافقة، تتم المصادقة على تصميم التهيئة وليس العكس».
مصير مجهول
يؤكد زكريا: «منذ أن صدر قرار نزع الملكية ونحن نعيش حالة اللااستقراروالتوجس وتتناسل الأسئلة في رؤوسنا: ماذا يحدث؟ ماذا سيحدث؟ لا من يجلس معنا على طاولة الحوار ولا من يوضح لنا مجريات الأمور، سواء السلطات أو المنتخبون، برلمانيون ومستشارون، بينما مسؤولو وزارة الإسكان ومديرية الأملاك المخزنية وشركة العمران الطرف المستفيد يخططون وينفذون ونحن الطرف المعني والمتضرر مغيبون لتضرب الدولة بمصالحنا ومصالح أبنائنا عرض الحائط لفائدة شركة العمران!...
تركونا حائرين نتخبط وحدنا وقد أغلقت كل الأبواب والمصالح والأبناك في وجهنا وبقينا مكتوفي الأيدي. هذه مشاريعنا الناجحة تتأثر والديون تتراكم علينا... فأي عدالة وأي تنمية هاته؟!... وهل هذا شأن دولة الحق والقانون؟!...».
يضيف زكريا موضحا: «الأثر الاجتماعي لفسخ عقد كراء مع شخص واحد ليس كالأثر الاجتماعي لنزع الملكية لأكثر من 200 أسرة وأكثر من 2000 شخص المكونة لأسر دوارين بالكامل هما دوار لخدارة ودوار أولاد جامع. السكان متشبثون بأرضهم ومستعدون للدفاع عن حقوقهم، بل عن مستقبلهم ومستقبل أسرهم بكل الطرق. لقد قرروا القيام بمسيرات نحو الجماعة والبلدية والمحافظة العقارية وكذا مجموعة العمران، بل باعتصام بالطريق السيار».
عائشة ابنة المنطقة في العقد السابع لها رأي آخر، تقول: «مسقط رأسي هنا. تقاعدت منذ سنتين أنا وزوجي وقررنا الاستقرار نهائيا بأرضي التي ورثتها أبا عن جد، مساحتها 14 هكتارا و500 متر مربع. وهبت منها 500 متر مربع لإنشاء مدرسة. بنيت بيتا وأقمت بأرضي مشروعا لتربية الأغنام والأبقار يديره ابني ونعيش معه مرتاحين. لكننا فوجئنا بأن شركة العمران تريد الاستلاء على الأرض. نحن لانعارض مشاريع الدولة أو كل مافيه منفعة أو مصلحة عامة، لكن الطريقة التي يتم بها ذلك هي ما يخيفنا كأن ينزعوا الملكية للملاك ويتركوهم مكتوفي الأيدي، لا نعمل ولا نشتغل في أراضينا. هذا غير معقول!... خصوصا أنهم ىريدون الاستحواذ على جل أراضينا ويتركوا لنا قطعا صغيرة لا تليق لأي شيء. فمن سيشتريها منا؟!... إذا أرادوا أراضينا، فنحن مستعدون لبيعها لهم. لكن ليتفاوضوا معنا حول الثمن ويقدموا لنا ثمنا يرضينا ننجز به مشروعا آخر أو نشتري به أرضا أخرى نعيش فيها. فإذا أخذوا أرضنا ليس لنا مكان آخر نسكن ونستثمر فيه لنعيش. آلاف السكان سيضيعون إذا ما فرض علينا ثمن بخس. هناك من يملك هكتارا فقط أو نصف هكتار، وهناك 8 أو 10 أشخاص شركاء في 5 هكتارات ورثوها... ماذا سيفعلون بالتعويض الهزيل؟!... لن يكفيهم لاقتناء شقق تأويهم فبالأحرى ضمان قوتهم وهم الذين يسكنون ويقتاتون مما تجود به أرضهم. بعض الملاك لايريدون نقودا، بل يريدون أرضا يعيشون فيها ومنها. هناك آلاف الهكتارات من الأراضي المسترجعة يجب أن تنتبه لذلك الجهات المسؤولة والمعنية وتقوم -على الأقل- بمقايضة الناس على أراضيهم بمنحهم أراضي أخرى من هذه الضيعات المسترجعة. وبدل أن تزرعها ببنايات إسمنتية، فلتنشئ بها مدارس فلاحية لتكوين وتأطير أبناء الفلاحين ليفلحوا ويزرعوا هذه الأراضي لتستفيد الدولة من الإنتاج ومن التجارب المنجزة عليها ويستفيد الفلاحون وأبناؤهم في مجال الفلاحة من تربية الدواجن والأغنام والأبقار والزراعات المختلفة. وهكذا ستستفيد الدولة وسيستفيد أبناء المنطقة مستقبلا وسكان المدن المحيطة».
توضح عائشة: «هناك من يريد أن يبيع، لكن يريد تعويضا مرضيا. فإذا بعنا أرضنا ستأخذ الدولة نصيبا من ثمنها، وإذا رغبنا في شراء أرض أخرى لإنجاز مشروع آخر سندفع مصاريف عدة منها السمسار والتسجيل والتحفيظ ... فماذا سيبقى لنا لإنجاز أي مشروع؟!... لن يكفينا التعويض. لقد سمعنا من بعض الناس وليس من شركة العمران أن الثمن حدد في 80 ده للمتر المربع. وهذا ثمن بخس جدا. الناس تطالب بأكثر من 1000 ده للمتر المربع. وعلى الدولة أن تعمل على تسهيل الأمور علينا وألا تضرنا، بل عليها أن تقدم ثمنا مرضيا لمن أراد البيع وأن تقايض من لم يرد البيع بتعويضه بأرض أخرى أكبر وأحسن تضمن له ولأسرته الاستقرار والعيش الكريم».
وتستطرد عائشة محتجة ومستنكرة: «لقد أصبح مصيرنا مرهون بشركة العمران وتوقفت أحوالنا بسبب قرار نزع الملكية. كنت أرغب في بناء إسطبل عصري وطلبت ترخيصا من الجماعة وطلب مني إنجاز مجموعة من الوثائق وتنقلت من أجل الحصول عليها بين الدار البيضاء وسطات، ثم قدمتها ضمن طلب الترخيص للجماعة وكنت أتردد على الجماعة مرارا دون جدوى. وفي آخر زيارة لها، أخبرت بأن الملف تأخر في الوكالة الحضرية. وعندما ذهبت هناك، فوجئت بكون نصف الوثائق غير موجودة بالملف وعلي إنجازها من جديد. ولم أحصل على هذا الترخيص لحد الآن. كنت أرغب في بناء إسطبل عصري بمواصفات صحية لكن هناك تماطل كبير مقصود لعرقلة مشاريعنا ودفعنا للقبول بالأمر الواقع».
يوضح عبد اللطيف: «كنت أعمل إطارا في شركة للنقل، ثم غادرت عملي ولجأت لفلاحة أرض أجدادي. لقد انطلق مشروعي سنة 2006، وهو خاص بحقل للعنب وكلفني ذلك 150 مليون سنتيم على مساحة 5 هكتارات ونصف. اليوم، وحسب خبرة أجريتها، مؤخرا، لتقييم المشروع، قدرت قيمته ب 5 ملايين درهم حسب المصاريف التي صرفت عليه منذ انطلاق المشروع إلى اليوم. اليوم، تعطيني 5 هكتارات من الدوالي 150 طنا من العنب تباع بالضيعة ب 7 أو 8 دراهم للكيلو. ومن الفلاحات التي تنتجها المنطقة الجزر والبطاطس والذرة، بمعدل غلتين في السنة. فهل هذه أرض فلاحية غير منتجة؟!... المنتوج بالمنطقة جيد جدا رغم انعدام التأطير والإمكانيات عند أغلب الفلاحين. ولنفترض أن الأرض نزعت مني، فهل ستعوض لي مجموعة العمران كل ذلك؟!... وماذا عن الأرباح التي من المفترض أنني سأجنيها في السنوات المستقبلة، هل ستعوضها لي كذلك؟!...».
خسارة آنية ومستقبلة
ويؤكد عبد اللطيف متسائلا: «ما يحز في نفسي أنني، قبل إنجاز المشروع، أخذت رخصة من مديرية المياه الجوفية وإعانة مالية من وزارة الفلاحة وقرضا من القرض الفلاحي. وبعد مضي 4 سنوات فقط، يصدر قرار نزع الملكية!... ألم تكن الجهات المسؤولة تعلم بمستقبل المنطقة وبالبرامج المخططة لها وبمشروع تصميم التهيئة؟!... ألم تكن لدى المسؤولين فكرة عن إنجاز مدينة بالمنطقة؟!... أليس هناك تواصل أو شراكة بين هذه الجهات والجهات المعنية والمستفيدة من قرار نزع الملكية من وزارة الإسكان والوكالة الحضرية وشركة العمران؟!.. لو كنا نعلم بهذا المشروع قبل 4 سنوات لما استثمرنا أموالنا هنا ولأقمنا مشاريعنا في مناطق أخرى»... ويضيف متأسفا: «الدالية تعيش 25 إلى 30 سنة إذا لقيت العناية والرعاية اللازمين لها. حرام أن تُقتلع هذه الداليات بعد 4 سنوات وبعد أن أصبحت في أوج عطائها وتُنبت بدلا منها بنايات إسمنتية».
ويضيف موضحا: «لقد سبق أن تم نزع الملكية في أرضي من أجل إنجاز الطريق السيار ولم أرفض أو أتقدم بشكوى رغم أن الطريق السيار في تصميم التهيئة الحقيقي كان مبرمجا ليمر من أراضي الدولة المجاورة لأرضي. لكن تم تغيير مساره وتم نزع حوالي هكتارين من أرضي التي قسمها الطريق السيار قسمين وتم تعويضي بثمن رمزي هو 35 ده فقط. أخذتها ولم أعترض. لأنني اعتبرت ذلك منفعة عامة. لكن ما يحدث الآن شيء آخر يهدف إلى إفقار فلاحي المنطقة وتشريدهم من أجل إغناء، بل إثراء شركة هي أغنى الشركات العاملة في مجال البناء والإسكان. وهذا ما نرفضه، لأن هذا ليس منفعة عامة... فهل فيلا مساحتها أكثر من 600 متر مربع منفعة عامة؟!... وزارة الإسكان ومجموعة العمران والوكالة الحضرية تآمروا علينا حين جعلوا المرافق العمومية على أرضنا ليبرروا نزع الملكية وليفرضوا علينا ثمنا بخسا لا علاقة له بالأثمان الرائجة في السوق بالمنطقة، بدل جعلها على الأراضي المملوكة للدولة والمفوتة بثمن رمزي لشركة العمران؛ وبذلك تضرب الدولة مصلحة السكان لفائدة مصلحة مجموعة العمران.. ولإحكام القبضة علينا، تمت محاصرتنا من كل الجهات قبل خروج مشروع تصميم التهيئة وقبل صدور مرسوم قرار نزع الملكية، حيث تم ضربنا في قوتنا اليومي ومصدر رزقنا ورأسمالنا لإخضاعنا للأمر الواقع وجعلنا نقبل عرضهم صاغرين».
يوضح عبد اللطيف: «أنا أرى أبعد من ذلك، فإذا لم يعوض المالك تعويضا معقولا منصفا يحترم ثمن السوق ليتمكن من اقتناء أراضي بديلة بمنطقة أخرى ويظل مرتبطا بالأرض وبحرفته ويظل منتجا وليس عبئا على المجتمع والدولة، فإن الدولة ستخلق جيشا من المشردين والعاطلين... إذ لايتقن هذا المالك وأبناؤه أي حرفة غير الفلاحة. ونحن لانصدق مايقال عن كون المنطقة الصناعية ستجلب التنمية للمنطقة وسيستفيد منها أبناؤها... فذلك كذب، لأن ابن المنطقة غير مؤهل ولايعرف عملا آخر غير العمل في الفلاحة... فليس له لا مؤهلات ولا تكوين ولا دبلوم. وإذا عمل في الصناعة بالمنطقة، فسيعمل حمالا لا أكثر. ومن لم يعمل حمالا، فسيصبح حارس سيارات بمرائب المشروع المنجز على أرضه وأرض أجداده. وإن لم يجد عملا، فسيصبح عالة على المجتمع!... وهل يعمل حمالا أو حارسا في أرض كان سيدها ومالكها؟!...
وإذا استقر بالمدينة لن يستطيع التكيف فيها، ولن يستطيع العيش في شقة من 60 مترا مربعا وهو الذي عاش في فضاء مفتوح وشاسع. ستكثر البطالة التي يتبعها عدم الاستقرار ويتفاقم الفقر ليتفاقم معه مشكل الأمن بسبب تفشي المخدرات والانحراف والجريمة بين أبناء هؤلاء المهجرين من أراضيهم. لذلك فإذا أعجبت أراضينا شركة العمران، فليجلس معنا مسؤولوها على طاولة الحوار ولنناقش الثمن ويرضوننا ثم يأخذوها. لكن لا يحتالوا علينا ويوقفوا أحوالنا ويحاصروننا لمدة ثلاث سنوات وربما أكثر قبل إنجاز المشروع للضغط علينا لتجويعنا ثم إفلاسنا لكي نرضخ للأمر الواقع...».
حصار محكم للإجهاز
على أراضي السكان
يوضح عادل: «مالكو الأراضي اليوم ليس لهم الحق في الحصول على أي رخصة لإنجاز مشروع بأراضهم أو إضافة غرف بمساكنهم أو بناء إسطبلات لبهائهم أو حتى إصلاحها ما لم يتسلموا الإبراء من شركة العمران. مثلا التجهيز في أراضي العمران وصل إلى حدود أراضينا، لكننا إذا أردنا أن نجهزها علينا اللجوء إلى العمران. المسؤولون عن مشروع المدينة الجديدة يستعملون كل الطرق وكل الوسائل لكي يستولوا على أراضينا ويرغموننا على بيعها لمجموعة العمران سواء بقرار نزع الملكية أو بتصميم التهيئة أو بالحصار الذي ضربوه علينا والشروط التي فرضوها علينا... وفي أحسن الأحوال فرض ضرائب على أراضينا غير المبنية. والدليل على ذلك أنهم جعلوا أرضنا عنوة منفعة عامة في تصميم التهيئة وجعلوا فيها مرافق عمومية بدل أراضي الدولة المفوتة للعمران أو على الأراضي المفوتة أو المكتراة للأشخاص والتي لم تخضع بقدرة قادر لقرار نزع الملكية رغم أنها أراضي مهملة لا يتم استغلالها من طرف المستفيدين منها. كل ذلك ليضمنوا الربح لبعض المحظوظين ولمجموعة العمران.
هناك فيلات لمجموعة العمران منجزة على أراضي فوتت لها ب 80 ده وهي فيلات أنجزت فيها الأشغال الكبرى فقط تباع ب 140 مليون سنتيم لم تنفق عليها مجموعة العمران سوى 30 مليون سنتيم، أي بمعدل ربح يفوق 600%!... فهل هذه هي المنفعة العامة التي تسعى إليها الدولة أم هي سياسة تنهجها شعارها الربح للعمران والخسارة لملاك الأراضي من السكان؟!...».
حميد أحد أبناء المنطقة البسطاء يحكي بتأثر وعفوية: «نحن نعيش هنا منذ أزيد من قرن، أجدادنا من المنطقة. إذا لم أجد ما أنفق، أستغل خيرات أرضي لأعيش من منتوجها. إذا لم أجد ما آكل، أكتفي ببيض دجاجاتي وبالقمح الذي جنيته من أرضي وحليب بقراتي. لكن إذا اقتلعت من أرضي وسكنت بالمدينة، فإن أردت شيئا علي أن أشتريه... من أين لي بثمنه وأنا لا صنعة ولا حرفة لي ولا لأبنائي إلا الفلاحة؟!... ماذا سنفعل لنعيش؟!... هل نصبح قطاع طرق بالمدينة، نسرق ونقتل لنعيش؟!...».
بوشعيب 44 سنة: «أنا مزداد هنا وكذا جدي وجد جدي. تمتد أسرتنا لمدة 3 قرون مضت. نزرع في أرضنا مطيشة والبطاطا ولنا فيها الكسيبة أيضا... فوجئنا بنزع الملكية ماذا سنفعل؟!... أين سنذهب؟!... لانعرف؟... نحن 5 إخوة و5 أخوات. أنا متزوج ولدي 5 أطفال. وكذلك إخوتي كل منهم له 5 أو 6 أبناء. وعمان اثنان وأبناؤهما وبناتهما وأحفادهما، أي أكثر من 150 فردا من جد واحد. واليوم جاء قرار نزع الملكية ليقتلعنا من جذورنا ويرمي بنا للضياع والتشرد. كان عليهم قبل أن يخططوا لإنشاء مدينة جديدة أن يخططلوا لمستقبلنا ومستقبل أبنائنا ويضمنوا استقرارنا».
حسن 47 سنة: «هذه الأرض نعيش فيها أبا عن جد. عاش أجدادنا وآباؤنا فيها ونعيش فيها نحن كذلك ولا نرى لنا مستقبلا في غيرها. هي موطننا ومورد رزقنا. إذا خرجنا منها نموت كالسمك إذا خرج من الماء. لدي 6 أبناء يعيشون معي. لانعرف مهنة أو صنعة أو حرفة غير الفلاحة».
محمد في العقد الثامن: «هاذ الأرض فيها فالحين، فيها رابطين، فيها كاسبين... نحن كأسرة كبيرة وأبناؤنا وأحفادنا حوالي 70 فردا في العائلة ليس لنا مكان آخر نلجأ إليه. لدي 5 أبناء كلهم يعملون معي في الفلاحة. نطالب بإلغاء قرار نزع الملكية». وبشغف وحب وفخر تحدث محمد العجوز عن حصانه وهو يمسح على ظهر هذا الحصان الواقف بشموخ وهو يتحرك بخيلاء بساحة فسيحة ببيت محمد: «حصاني هذا اسمه سهم وهو بلون حجر الواد... عرضوا علي ثمنا له 25 مليون سنتيم، لكنني رفضت بيعه». كان يتحدث عنه وكأنه يتحدث عن ابن عزيز لديه ومدلل، وبتأثر شديد قال: «هل سأكسب في المدينة مثل هذا الحصان؟!... إنه أغلى عندي من أبنائي يعز علي فراقه».
خلاصة القول يؤكد عادل: «وزارة السكنى والتعمير ومجموعة العمران ستحلان مشكلهما، لكن ستعمقان مشاكل المواطنين. سيخلقان جيوشا من المشردين والعاطلين الذين حينما سيصبحون بدون انتماء ولا هوية ولا عمل ويعجزون عن التكيف والاندماج في الحياة الجديدة سينحرفون وسيصبحون جانحين، بل مجرمين يلجأون للسرقة والقتل ليقتاتوا، لأن لا بديل لديهم ولم يترك لهم خيار آخر. وهذا سيشكل مشكلا أمنيا إضافيا لولاية الدار البيضاء الكبرى».
المعادلة الصعبة
وعن الأرباح التي تحققها مجموعة العمران من قرارات نزع الملكية بالتراب الوطني يقول عمر إطار بنكي في العقد الثالث: «أصبحت مجموعة العمران عبارة عن شركة تحقق أرباحا خيالية... فكيف يعقل أن تأخذ أراضي الناس بثمن رمزي بحجة نزع الملكية وهي تبيع بثمن السوق وبأثمنة باهظة وبهامش ربح مرتفع جدا؟!... هذا غير مقبول ونرفضه بتاتا. نحن لسنا ضد مصلحة الدولة ولا ضد الصالح العام والمنفعة العامة ولا ضد قرار توسيع ولاية الدار الكبرى أو إنشاء مدينة بيئية ولا كذا قرار نزع الملكية. لكن ما نطالب به هو التفاوض مع الناس وإنصافهم بتمكينهم من حقوقهم ومراعاة مصالحهم كمواطنين وتعويضهم تعويضا يكون متوازيا ومتساويا مع الأرباح التي ستجنيها العمران من وراء قرار نزع الملكية بعد بيع الفيلات والعمارات التي ستبنيها، حتى يستفيد هؤلاء المواطنين كما تستفيد دائما العمران.
وقد ثبت، مؤخرا، من خلال خلاصات البيانات المالية لشركة العمران أن أرباحها الصافية بلغت هذه السنة أكثر من 5 مليارات درهم... وهذا كله نتيجة تفويت أملاك الدولة لفائدتها وبيعها لها بثمن رمزي لا يتعدى 50 إلى 80 ده للمتر المربع. وكذا أملاك المواطنين عن طريق قرار نزع الملكية.
لديها أيضا مشاريعها تضم، بالإضافة إلى السكن الاقتصادي، شققا متوسطة الجودة وأخرى عالية الجودة. وإذا كان السكن الاقتصادي بمشاريع العمران ب 250 ألف درهم، فإن باقي أنواع الشقق فهو باهظ الثمن. مؤخرا، عرضت علينا شقق متوسطة الجودة بإقامة المنار بمدينة الجديدة بثمن 8000 ده للمتر المربع.
ومادامت الدولة تشجع التنمية فلتفسح المجال أمام باقي المنعشين العقارين ليدخلوا في المشروع وليتنافسوا في اقتناء الأرض لنبيع لمن يدفع أكثر، لا أن تحاصرنا خدمة لمجموعة العمران وتضرب بمصالح الملاكين عرض الحائط!... خصوصا أن الفيلات والعمارات المنجزة بمشروع العمران بجماعة الساحل لخيايطة غير مخصصة للمستهلك البسيط، بل هي من نوع المتوسط والعالي الجودة... لذلك فإما أن يشتروا منا بثمن السوق أو يتركوا الخواص يشترون منا».
ولنا عودة للموضوع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.