النساء الحوامل وأطفالهن بإقليم الصويرة يترصدهم الموت على الطرقات، في بيوتهم بدواويرهم القصية المعزولة، أو في غرف الولادة بسبب النقص الحاد الذي لازال يجتره الإقليم على مستوى البنيات التحتية الصحية ، دون إغفال ضحايا حالات الإهمال والأخطاء الطبية ، في انتظار مسطرة إدارية على المستوى المركزي لتحديد المسؤوليات في مجموعة من الحالات المأساوية ولزجر الكثير من الاختلالات التي أصبحت علاقتها بقطاع الصحة بالصويرة ، وفي انتظار أن تنطق العدالة بحكمها في القضيتين المثارتين من طرف سيدة وزوج ضحية ضد طبيب نساء من نفس قسم الولادة منذ أكثر من سنة. آخر وفيات قسم الولادة سجلت يوم السبت 2 يونيو 2012 صباحا، ويتعلق الأمر بسيدة تبلغ من العمر ثلاثين سنة، أم لخمسة أطفال، تنحدر من منطقة امرامر بجماعة تفتاشت بإقليم الصويرة، لفظت أنفاسها إثر عملية فاشلة لاستئصال الرحم اثر نزيف حاد أصابها بعد أن وضعت مولدها التوأم ( ذكر وأنثى ) ببيتها بمنطقة امرامر. وبغض النظر عن الظروف المحيطة بهذه الوفاة حيث تتعدد المسؤوليات، تثار مجموعة تساؤلات حول المجهودات المبذولة من طرف وزارة الصحة والسلطات المحلية على حد سواء، من اجل إحاطة النساء الحوامل بالمصاحبة والرعاية الصحية التي تتيح تقيدهم بقواعد الصحة الإنجابية في ظل تخلف البنيات التحتية الصحية بالعالم القروي، نقص الأطر الصحية، تفشي الأمية وحالة العزلة الفظيعة التي لازال يعيش تفاصيلها سكان العالم القروي الذين يعيشون شيئا من الخيال العلمي بشكل يومي، بسبب المقارنة المحبطة التي يمارسونها يوميا بين الصور التي تحملها اللاقطات الهوائية، وبين واقع بؤس البنيات التحتية والخدمات بمحيطهم، فإن هذه القضية تعيد إلى الواجهة من جديد المسافة الكبيرة التي لازالت تفصل بين الإعلان الدستوري عن الحقوق وبين بذل ما يكفي من مجهودات من طرف السلطات العامة لتمكين المواطنين من تلك الحقوق وعلى رأسها الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. مع هذه القضية، نستعيد الصورة الرديئة لقسم الولادة ومعه المستشفى الإقليمي سيدي محمد بن عبد الله الذي بات يجتر اختلالات بالجملة من اكبر عناوينها الوضع المؤقت والانتقالي لمندوبة الصحة التي تمارس مهمتها وفق تكليف منذ سنة تقريبا، والأداء الإداري الضعيف في مواجهة مشاكل بالجملة على رأسها الرشوة. الوفاة الجديدة، تحيلنا على حالة الترقب والانتظار التي صارت عنوانا يوميا لأسرتين إحداهما من ايت داوود والأخرى من الحنشان. أما عن أسرة ايت داوود، فيتعلق الأمر بزوج سيدة لقيت حتفها رفقة وليدها قبل أكثر من سنة، ورفع زوجها على اثر ذلك دعوى قضائية ضد طبيب نساء بقسم الولادة متهما إياه بالإهمال المفضي إلى وفاة زوجته وجنينها. الزوج وفي آخر اتصال له بالجريدة، عبر عن استيائه العميق للبطء الشديد لمسار العدالة في هذه القضية، خصوصا مع الغياب الدائم للمتهم والذي لم يحضر أية جلسة من الجلسات الخمس ، في أفق الجلسة المرتقبة يوم 14 يونيو 2012. ضحية أخرى تطالب بالإنصاف ويتعلق الأمر بسيدة من الحنشان خرجت من ولادة قيصرية بتعقيدات صحية بليغة حملت مسؤوليتها لنفس الطبيب. المحكمة كانت قد أمرت في السابق بإجراء خبرة طبية قصد تحديد حجم الضرر في أفق النطق بالحكم في هذه القضية. الأسبوع الفائت شهد المستشفى الإقليمي حالة احتجاج مواطن مغربي من قدماء المحاربين ضد التأخير الذي طال موعد العملية التي يرتقب أن يجريها على عينه. الموعد تم تحديده ما بعد خمسة شهور من الآن، وهو ما اعتبره المواطن استهتارا بحالته الصحية وقد حاولنا الاتصال بمندوبة وزارة الصحة، وبمدير المستشفى الإقليمي قصد التواصل حول حيثيات حالة الوفاة الجديدة، لكن بقيت اتصالات الجريدة دون رد، كما هو عليه الحال في الغالب الأعم من المرات.