أفصح وزير الداخلية السابق السيد الطيب الشرقاوي صراحة عن قرار منع الشيشا في المحلات العمومية تحت طائلة الإغلاق، الإعلان جاء وقتها تحت قبة البرلمان وعلى الأشهاد. غادر السيد الوزير منصبه وتبين أن سيادته لم يكن جادا في تصريحه و أن تصريحاته كانت مجرد كلام ينطق عن الهوى . تصريح وزير الداخلية السابق أشار إلى أن ظاهرة استهلاك الشيشا ترافقها تصرفات تمس «بالأخلاق والصحة العامة»، وسرد أرقاما تهم نتائج محاربة الشيشا بالمغرب خلال سنة واحدة فقط، وهي أرقام تظل هزيلة بالمقارنة مع حجم انتشار استهلاكها على مرأى ومسمع السلطات المحلية والأمنية. كلام جميل والأجمل منه كلام وزير الداخلية الأسبق السيد شكيب بنموسى حينما سجل خرجة كبرى في مجلس المستشارين عندما أعلن الحرب على مقاهي الشيشا هو أيضا، حيث قال بالحرف أمام ممثلي الأمة «.. إن اتخاذ السلطات المحلية لقرارات منع تقديم مادة الشيشا لرواد المقاهي كان ضروريا، نظرا لما تمت ملاحظته من اقتران استهلاك هذه المادة ، في غالب الأحيان، بتصرفات تمس بالأخلاق العامة، وإن السلطات المحلية سعيا وراء محاربة انتشار عادة استهلاك الشيشا الغريبة عن تقاليد مجتمعنا، لجأت إلى إصدار قرارات عاملية تقضي بمنع تقديم الشيشا للزبناء في المقاهي وقد تم تسجيل أن مقاهي الشيشا لم تعد تقتصر على تدخين هذه المادة، بل تعدى ذلك إلى المخدرات، وهو ما يشكل خطرا على الناشئة وأن اتخاذ السلطات المحلية لقرارات منع تقديم مادة الشيشا لرواد المقاهي كان ضروريا، نظرا لما تمت ملاحظته من اقتران استهلاك هذه المادة في غالب الأحيان بتصرفات تمس بالأخلاق العامة..» كلام جميل لكن السيد الوزير حينها لم تكن له الشجاعة بمايكفي للوقوف في وجه لوبيات الشيشا. وزير الداخلية الحالي هل سيكلف نفسه عناء محاربة الظاهرة بشكل شمولي عوض الحملة «المحتشمة» التي انطلقت بمجموعة من العمالات بشكل انتقائي لمحاربتها؟ لا نريد أن تبين لنا الأيام صدق النوايا بل نريد أن نشهد ترجمة هذه النوايا الصادقة إن وجدت على أرض الواقع.. حرصنا على محاربة الظاهرة تنطلق من كون استهلاك الشيشا ومايرافقها بمقاهي مدننا طابعا تصاعديا، حيث غزت الأحياء الشعبية وتسللت إلى جوار مؤسساتنا التعليمية، وحولت أقبية مظلمة إلى فضاءات «للتشياش!» وأشياء أخرى. التقارير الأمنية والتي ترصد ارتياد القاصرات لهذه الفضاءات، تتحدث عن نقط بعينها بمناطق من مدينة الدارالبيضاء ومدن أخرى، نقط تبقى بعيدة عن «الإغارات» الأمنية الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل حول الظاهرة وتداعياتها. خطر تدخين الشيشا لايقتصر على السلوكات التي ترافق استهلاكها، بل يتعداه إلى الجانب الصحي وماتمثله من تهديد لمستهلكيها. طبيبة متخصصة في الأمراض التنفسية أفادت بأن معالجة الآثار السلبية لتدخين الشيشا قد تستغرق وقتا أطول من السيجارة. فتدخين شيشا واحدة يعادل تدخين 30 سيجارة، واحتراق تبغها غير المكتمل يجعل أوكسيدها الأحادي وقطرانها يتغلغلان في الرئتين. فهل سيكون وزير الداخلية الحالي أكثر جرأة وأكثر إصرارا على اجتثاث هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع المغربي، وبالتالي سيتم الحسم في الموضوع بقطع الطريق على لوبيات الشيشا الذين تمكنوا من اختراق مصادر القرار محليا وإقليميا، وأصبحوا يفرضون قانونهم الخاص؟ ذلك ماستبينه لنا الأيام...