{ هل منظمو «موازين.. إيقاعات العالم» مرتاحون لما قدمه في دورته الحادية عشرة؟ يمكنني القول إن الدورة المنتهية من فعاليات مهرجان «موازين.. إيقاعات العالم» تعتبر من أحسن الدورات التي عرفها المهرجان على مر العشرية الأخيرة، فقد امتازت بجودة عالية شهدت بها الغالبية العظمى، سواء من ناحية جودة العروض الفنية المقدمة التي ساهمت في إنجاحها أسماء فنية وازنة ذات ثقل على المستوى الوطني والدولي. ولا أخفيك سرا أن عددا من منصات المهرجان، على امتداد الرباط وسلا، عاشت لحظات تاريخية من خلال مجموعات غنائية قدمت عروضا ستظل محفورة في ذاكرة المغاربة والمهرجان على حد سواء. ويمكنني أن استدل على ذلك على سبيل المثال لا الحصر، بعروض مجموعة الروك «سكوربيينز» التي كان المغرب واحدا من محطات جولتها الأخيرة، ثم النجم العربي وائل كفوري الذي أتحف الجمهور المغربي بجديد إبداعاته الراقية، والمغني الأمريكي ليني كرافيتز، ثم لحظة احتفاء الرباط بابنها عبد الغفور محسن «فيغون». { هل على هذا الأساس يمكن القول إن «موازين» ربح رهان الجمهور من خلال الإقبال الكبير على فعالياته؟ بالتأكيد نعم، ولا أدل على ذلك التدفق الجماهيري الذي عرفته جميع منصات المهرجان التي قدمت برمجة ثلاثية الأبعاد، سواء مغربية، عربية أو دولية، وتضمنت برمجة شملت، كذلك، إشراك شباب من المبدعين المغاربة قدموا أصنافا متنوعة من الغناء، بالإضافة إلى الندوات التي نظمها المهرجان على طول أيام فعالياته، وأيضا عروض الشارع. كما أشير إلى أن فعاليات «موازين.. إيقاعات العالم»، التي تنظمها «جمعية مغرب ثقافات»، تجاوز استقطابها للجماهير المغربية من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية والاجتماعية، ليشمل، أيضا، جزءا من زوار المغرب الأجانب الذين حلوا بالرباط ليتابعوا عروض فنانيهم المفضلين، وكذلك كان المهرجان فرصة لإشراك الجالية الأفريقية في المغرب التي استمتعت بالعروض الفنية لفنانين أفارقه مثل ما عشناه على التوالي بمنصة بورقراق. إن كسب الرهان بالنسبة إلينا يتجلى أيضا، في الرقم القياسي الذي سجلته هذه الدورة، من حيث عدد المتفرجين، الذي تجاوز في مجموعه مليونين ونصف، هذا بالإضافة إلى عدد المشاهدين الذين تابعوا سهرات المهرجان من خلال نقلها على شاشة التلفزيون والتي قارب حوالي ثلاثين مليون مشاهد، نقل كان له الفضل، كذلك، في إشراك الجالية المغربية المقيمة في الخارج للاستمتاع بهذا العرس الفني المتعدد الروافد والمتنوع الألوان، فقد وصلنا صدى هذا الاستمتاع من خلال تفاعل يومي مع ما نقدمه والجالية المغربية عبر شبكات التواصل الاجتماعية. { هذا على مستوى الطبق الفني الذي أعده المنظمون، ماذا عن الأوجه الأخرى، التنظيم مثلا؟ لقد تمكن مهرجان «موازين.. إيقاعات العالم»، بعد عشر سنوات من التنظيم، بالإضافة إلى اختياراته الموفقة للأطباق الفنية التي تليق بالجمهور المغربي المحب للفن في كل تجلياته، من كسب تجربة جيدة في التنظيم من خلال بذله جهودا لتوفير الموارد المادية والبشرية، من قبيل تأمين الحضور والحرص على سلامته وجعل ظروف متابعته أكثر أريحية قدر المستطاع، وكذلك توفير الإمكانات التقنية للفنانين المدعوين من أجل إخراج جيد محكم لإنتاجاتهم الفنية تتلاءم و ما هو معمول به حسب المعايير الدولية. كما تابع الجمهور المغربي، وعبر عن رضاه عنها غير ما سهرة. { هل هذا النجاح يعتبر أسمى ما تطمحون إليه أم أن الطريق مازال طويلا لتفادي بعض الهفوات يكون المهرجان قد سقط فيها، سواء تعلق الأمر بطبيعة العروض أو التنظيم؟ كما سبق وأن قلت، تمكن المهرجان من خلال الشعبية التي حققها عبر عروض فنانيه، وأيضا تنظيمه المحكم، من أن يخطو خطوة كبيرة ويفرض نفسه كمهرجان دولي ذي صيت عالمي يتردد اسمه اليوم بين أوساط أشهر الفنانين في العالم، غير أننا لن نكتفي بهذا القدر من النجاح، حيث سنبذل جهدا مضاعفا من أجل الحفاظ على هذه المكانة، وهو الأمر الذي يضع على عاتقنا مسؤولية كبيرة ترمي إلى تقديم الأحسن في القادم من الدورات وتفادي الهفوات والحفاظ على المكتسبات. { ماهي إذن مكتسبات المهرجان، وماهي هفواته؟ نسبة الهفوات في «مهرجان موازين.. إيقاعات العالم»، لا تتجاوز في مجموعها، بالنظر للنجاح الذي حققه، عدد رؤوس الأصابع، وهي لا تمس بالمكتسبات المحققة ولا بصورة المهرجان، إننا لا ندعي الكمال، بل حريصون في المستقبل من الدورات، على أن نتجاوز كل ما من شأنه يبدو أمرا مؤثرا في سير البرنامج، سواء إعدادا أو تنفيذا. { هل لنا أن نعرف بعضا من هذه الهفوات التي وقفتم عليها كمنظمين؟ ما يمكنني أن أؤكد عليه بخصوص هذه النقطة، أن هفواتنا سوف نتدارسها في تقييمنا للدورة المنتهية من «مهرجان موازين.. إيقاعات العالم»، هي هفوات يمكن تجاوزها بمضاعفة مجهوداتنا، وهي هفوات لا حجم لها مقابل المكتسبات المحققة والتي سوف نتشبث بها من قبيل حب الجمهور الكبير وتفاعله مع المهرجان، والقيمة الفنية للعروض ونوعية الفنانين المدعوين، بالإضافة إلى النقل المباشر لفعاليات المهرجان من أجل إشراك أكبر للجالية المغربية المقيمة في الخارج، وأيضا أمن وسلامة المهرجان، مدعوين و جمهورا. { وجهت للمهرجان انتقادات تباينت في مقاربتها لموازين وصلت إلى حدود اللدع، وأيضا اختلفت في قراءة وسائل إعلام لفعالياته وصلت إلى الصمت والمقاطعة؟ فإلى أي حد تجاوبتم مع كل هذا، و ما هو ردكم؟ احترم وسائل الإعلام باختلاف مشاربها، كما أعتز بالصحافة وبجنود خفائها الذين كنت واحدا منهم، ولا يمكنني في هذا السياق إلا أن أصطف في صفوف المدافعين عن الحرية في التعبير والانتقاد، لكن في المقابل أفضل النقد البناء الذي يساعد على تجاوز الهفوات، وأنا، أيضا، مع الكتابات التي تتحرى الحقيقة وتعتمد تعدد المصادر. وهنا يمكنني أن أجيبك بصيغة أخرى أكثر موضوعية، مستندا إلى الواقع الذي أفرزته فعاليات المهرجان على طول أزيد من أسبوع، ساهم في إغنائها وثرائها الأسماء الوازنة التي شاركت في تنشيط، سواء ندواتها الفكرية والعلمية، أو الورشات، وكذلك العروض التي قدمها فنانون وفنانات مغاربة وأجانب عكست كل الألوان والأطياف.. إنه الواقع الذي كان الجمهور المغربي شاهدا عليه. وأعتقد أن الحضور الجماهيري لفعاليات المهرجان، أكد نجاح «موازين.. إيقاعات العالم»، وقد يجيب عن سؤالك، فالحضور قد نفى كل نداءات المقاطعة وبالتالي الإخفاق. إن حضور الجمهور المكثف كان الجواب الشافي على كل المعترضين لإقامة موازين، وعلى من يحاولون النيل منه. { في السياق ذاته وجهت انتقادات للبرمجة المغربية والعربية، انتقادات سلمت منها البرمجة الغربية، كيف يمكن الرقي في الدورات المقبلة بالبرمجة المغربية والعربية لمصاف البرمجة الغربية؟ أطن أن ثمة مجهودا كبيرا بذله كل من حسن النفالي ومحمود المسفر لتقديم برمجة مغربية وعربية جيدة في محتواها وبشكلها، وهو مجهود لايقل درجة عن المجهود الذي بذله العبد الضعيف على مستوى البرمجة الغربية. غير أنني بالرغم من التأكيد كون البرمجتين المغربية والعربية حرصت على التعدد والتنوع والجودة، كما فعلت البرمجة الغربية، إلا أنه يمكنني الإشارة إلى أن البرمجة الغربية استفادت من الرقعة الجغرافية العالمية التي تمتد على القارات الخمس والتي عكست في اتساعها وفرة في الأسماء والعروض مكنت من الغنى والتنوع الذي انتهبت إليه هذه الانتقادات، الأمر الذي لم يسعف البرمجتين المغربية والعربية، بالنظر لمحدودية العروض والأسماء. إن الواقع الفني في العالم العربي من الخليج إلى المحيط يضم أسماء وازنة بعينها، معدودة على رؤوس الأصابع يمكنها أن تكون ضيفة على المهرجان، وكما أنه واقع فني لا يمنح طبقا فنيا متنوعا يسمح بمساحة أكبر للاختيار، يمكن القول إننا استنفدنا الأسماء الفنية العربية وكذا المغربية، واضطررنا لإعادة المناداة للمرة الثانية على بعضها، غير أن هذه الدعوة لا تكون مجانية ونابعة من فراغ، لكن نحتكم فيها للراهنية الفنية التي كثيرا ما تتسم بجديد فني لدى هؤلاء الفنانين المدعوين، وهنا أشير إلى أنه كان للجمهور المغربي لقاء مع أنواع مختلفة من الموسيقى واأسماء بجميع أصنافها وأعمارها، كما تم تكريم عدد من الأسماء التي بصمت تاريخ الأغنية المغربية والعربية، واليوم البرمحة المغربية والعربية تعتبر العمود الفقري لمهرجان موازين، فلها جمهورها العريض، وتمكننا من الدفاع عن الأغنية المغربية وإبراز المواهب الوطنية.