بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    كيوسك السبت | أول دواء جنيس مغربي من القنب الهندي لتعزيز السيادة الصحية    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوسيط .. يشخص الاختلال بين قانون المالية وبرنامج الحكومة في قطاع التعليم

انطلاقا من قناعته بالترابط بين قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، عمل «الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان»، على تتبع السياسات العمومية، ومساءلة حصيلة القطاعات الاجتماعية خاصة، من خلال منجز تلك القطاعات على ضوء التعهدات.
وبناء على ما راكمه «الوسيط» على مستوى قضايا التربية والتعليم من خلال مساءلة الأداء البرلماني، وحصيلة السياسة التعليمية للحكومة السابقة (2007-2011)، وذلك ضمن عمله لتقييم أداء الحكومة في أربع قطاعات أخرى (الصحة، التشغيل، الإسكان والاتصال).
واعتمادا على مقترحاته الثلاثين للحكومة الحالية والقابلة للتفعيل خلال السنة الأولى، وضمنها خمسة مقترحات أساسية ذات صلة بالتعليم؛
وفي سياق إبداء رأيه بشأن البرنامج الحكومي، والتزامه بتتبع مدى تنفيذ التعهدات الواردة فيه من خلال القوانين المالية السنوية.
وبعد تتبع أول قانون مالي للحكومة الحالية أمام البرلمان، والمصادقة عليه من طرف مجلسيه، يواصل «الوسيط» رصده لما جاء به القانون المالي برسم سنة 2012، واختار بأن يسائل الميزانية الفرعية لقطاع التربية الوطنية على ضوء التعهدات ذات الصلة بالتعليم، الواردة في البرنامج الحكومي المقدم أمام مجلسي البرلمان في 19 يناير 2012.
وينطلق «الوسيط» في هذه المبادرة من قناعته بأن القانون المالي هو الترجمة الفعلية والعملية للسياسات العمومية وللاختيارات التي حددها البرنامج الحكومي في إطار الأهداف الكبرى، والتي تأتي القوانين المالية السنوية لتعطيها بعدا أكثر مقروئية، من خلال ما توفره من معطيات ومؤشرات وبرامج، ومن ثمة تسهل مهمة التتبع والرصد، على مستوى مدى التوافق بين الأهداف المعبر عنها في البرنامج الحكومي من جهة، وإمكانيات تصريفها على مدى زمني سنوي من خلال القانون المالي.كما تمكن من قياس وثيرة الانجاز ورصد أوجه التقدم والتباطؤ والاختلال.
ويأتي اختيار «الوسيط» لمساءلة قانون المالية من خلال الميزانية الفرعية لقطاع التعليم لعدة اعتبارات يمكن تلخيصها في كون سنة 2012، هي آخر سنة من عمر المخطط الاستعجالي، ولكونه قطاعا استراتيجيا يُراهن عليه على كل المستويات، إلى جانب القلق الذي يساور الفاعلين والمهتمين، واستمرار أجواء الاحتقان في الساحة التعليمية، في مقابل حالة الجمود والانتظارية التي يعرفها المجلس الأعلى للتعليم.
منطلقاتنا في هذا العمل:
وننطلق في مساءلة الميزانية الفرعية لقطاع التربية والتكوين من الأهمية التي يخولها الدستور للمجتمع المدني في المتابعة والتقييم في مجال السياسات العمومية بناء على الفصل 12. وكذا مسؤولية السلطات العمومية بشأن «تمكين المواطنات والمواطنين من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة»(الفصل 31).
إضافة إلى ما أقره الدستور في الفصل 32 من مسؤولية الدولة تجاه الأطفال، الشريحة الأساسية المعنية بالتعليم، حيث اعتبر بأن «التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة». وكذلك الشأن بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة، حسب مقتضيات الفصل 34، وما يترتب عن ذلك من مسؤوليات على السلطات العمومية بشأن: «تيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع1».
وأيضا في سياق احترام المغرب لالتزاماته الدولية وتكريس الحقوق المتضمنة في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية2، واتفاقية حقوق الطفل3 والاتفاقية الدولية للأشخاص في وضعية إعاقة4 إضافة إلى أهداف الألفية للتنمية (OMD)5.
ويستند استقراء «الوسيط» لمشروع الميزانية الفرعية لقطاع التربية الوطنية، أساسا على تعهدات الحكومة الواردة في برنامجها الذي نالت على إثره ثقة البرلمان بتاريخ 26 يناير 2012، وخاصة ما يتعلق منه بهذا القطاع. إضافة إلى ما ورد من أهداف ذات صلة بالتعليم في مذكرة تقديم مشروع قانون المالية 2012، المعدة من طرف وزارة الاقتصاد والمالية، وكذا العرض الذي تقدم به السيد وزير التربية الوطنية لتقديم مشروع الميزانية، أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، وتقرير اللجنة بهذا الشأن. إلى جانب إعتماد المعطيات والمؤشرات الواردة في وثائق رسمية للوزارة في السنوات السابقة، والمندوبية السامية للتخطيط.
وقد سبق «للوسيط» في تقييمه لمضامين البرنامج الحكومي، على مستوى التعليم بأن توقف عند أهمية ما تضمنه من أهداف وتدابير متصلة بالحكامة، وإستقلالية المؤسسات التعليمية، ورد الإعتبار للتخطيط، وإقرار نظام التقييم المنتظم لمنتوج وأداء المؤسسات التعليمية، وإعمال مفهوم الأحواض التربوية من خلال إحداث الشبكات المدرسية.
كما سجل افتقار البرنامج الحكومي في هذا القطاع للمؤشرات والمعطيات الدقيقة وتغييبه لأية إحالة على الإطار المرجعي لنظام التربية والتكوين، بالإضافة إلى تغييب الإشكالات الثلاث التي توقفت عندها تقارير سابقة للمجلس الأعلى للتعليم، والتي تخص كل من إشكالية اللغة والتمويل والتعليم الأولي. وفي هذا السياق يبدي «الوسيط» برأيه، ويؤطر ملاحظاته بشأن الميزانية الفرعية لقطاع التربية والتكوين.
ملاحظات بخصوص الميزانية الفرعية لقطاع التربية الوطنية
أولا: على مستوى انخفاض الميزانية:
بناء على المقارنة ما بين الاعتمادات الإجمالية المخصصة للقطاع ضمن قانون المالية برسم سنة 2012، يلاحظ انخفاض هذه الاعتمادات قياسا للسنة الماضية حيث تحددت في 48.070.324.000 درهم برسم سنة 2011، وفي 42.245.217.000 درهم برسم سنة 2012.
وقد انعكس هذا الانخفاض بشكل واضح على ميزانية الاستثمار، حيث تراجعت من 14984 مليون درهم برسم سنة 2011، إلى 9000 مليون درهم برسم سنة 2012.
كما تم تسجيل انخفاض نسبة ميزانية الوزارة ضمن الميزانية العامة للدولة من %23.87 إلى %23.25 وذلك بنسبة %0.62 .
إن هذا المنحى التراجعي في الاعتمادات المرصودة للقطاع، لا ينسجم مع التزام الوزارة في برنامجها لسنة 2012 فيما يخص توسيع العرض التربوي.حيث تم الالتزام برسم هذه السنة بما يلي:
* تجهيز 277 مؤسسة في الدخول المدرسي المقبل؛
* إطلاق أشغال البناء ب 460 مؤسسة جديدة؛
* إطلاق طلب العروض لبناء 109 مؤسسة؛
* توسيع الطاقة الاستيعابية لمؤسسات تعليمية قائمة بإحداث 1800 حجرة؛
إضافة إلى برنامج تأهيل المؤسسات من خلال ربطها بشبكة الماء والكهرباء وبالتجهيزات الديداكتيكية.
ثانيا: على مستوى الموارد البشرية:
خصص قانون المالية برسم 2012، ما مجموعه 7000 منصب ، غير أن المعطيات المتوفرة بشأن هذا الموضوع، تكشف عن تخصيص المناصب المحدثة أساسا لاستيعاب 4300 من حاملي الشهادات العليا، و2695 من منشطي التربية غير النظامية، علما بأن عدد المحالين على التقاعد بهذه الوزارة يصل في المعدل إلى 4000 موظف سنويا؛
إن هذه المناصب المحدثة لن تمكن الوزارة من استدراك الخصاص المسجل في مواردها البشرية، والمقدر ب 8374 منصبا، علما بأن حجم هذا الخصاص يتفاقم أكثر على مستوى أطر الإدارة التربوية.
ثالثا: على مستوى دور المجلس الأعلى للتعليم:
إذا كان الدستور في الفصل 168 قد أقر إحداث مجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والذي اعتبره «هيئة استشارية مهمتها إبداء الرأي حول كل السياسات العمومية والقضايا الوطنية التي تهم التربية والتكوين والبحث العلمي، وكذا حول أهداف المرافق العمومية المكلفة بهذه الميادين وسيرها، كما يساهم في تقييم السياسات والبرامج في هذا المجال».
وحيث أن المشرع الدستوري، قد تنبَّه إلى تدبير المرحلة الانتقالية من خلال تنصيصه في الفصل 179 على: «أن تظل النصوص المتعلقة بالمؤسسات والهيئات المذكورة في الباب الثاني عشر من هذا الدستور، وكذا تلك المتعلقة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وبالمجلس الأعلى للتعليم، سارية المفعول إلى حين تعويضها، طبقا لمقتضيات هذا الدستور».
وحيث أن البرنامج الحكومي قد اعتبر: «المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي فضاء ديمقراطيا يزاوج بين التمثيلية والتخصص ويبدي رأيه في السياسات العمومية، والقضايا الوطنية التي تهم التعليم والتكوين والبحث العلمي، فإن الحكومة تلتزم بالتفعيل الأمثل والسريع لهذه المؤسسة الدستورية قصد تمكينها من مباشرة مهامها في أقرب الآجال الممكنة، بتنسيق وتعاون مع القطاعات الحكومية المكلفة بالتربية والتكوين والبحث العلمي»6.
واعتبارا لكل هذه الحيثيات فإننا، في «الوسيط»، نسجل كون السيد وزير التربية الوطنية قد أخذ على عاتقه في برنامج عمله لسنة 2012، وبشكل أحادي: «التفعيل الأمثل والسريع للمجلس، وتمكينه من مباشرة مهامه، وتعزيز دوره في تقييم السياسات العمومية ذات الصلة بالتربية والتعليم والبحث العلمي»، بينما التعاطي مع تفعيل دور المجلس ينبغي أن يرتقي إلى مستوى الإشراف الحكومي الأفقي، عبر منهجية تشاركية وانسجام وتنسيق بين مختلف المتدخلين والفاعلين في الموضوع، لتجاوز المقاربة القطاعية في التعاطي مع ملف التربية والتعليم.
وانطلاقا من المقتضيات الدستورية المشار إليها سابقا، وفي انتظار إصدار القانون الخاص بإحداث هذا المجلس، فإن مقتضيات الظهير رقم 152-05-1 الصادر في 10 فبراير 2006، بشأن إعادة تنظيم المجلس الأعلى للتعليم تبقى سارية المفعول، ومن ثمة نؤكد على استعجالية تفعيل أدوار هذه المؤسسة، خاصة مع تواتر تصريحات ومبادرات وقرارات السيد وزير التربية الوطنية، في قضايا ذات طابع استراتيجي في غياب الرأي الاستشاري للمؤسسة الدستورية المخول لها إبداء الرأي في الموضوع.
وفي سياق رصدِنا في «الوسيط» للقانون المالي واستقرائنا لتعاطيه مع مستلزمات إصلاح منظومة التربية والتكوين من خلال ما تم تسطيره من أهداف كبرى في البرنامج الحكومي، توقفنا بخصوص الالتزامات على ضوء قانون المالية عند الملاحظات التالية:
أولا: تغييب كلي لأهداف واردة في البرنامج الحكومي من قانون المالية، نحصرها في ما يلي:
1. هدف «إعادة الثقة في المدرسة العمومية وإطلاق مدرسة التميز»7، حيث تتجه اختيارات الوزارة إلى منحى مناقض لهذا التوجه من خلال تصريح وزير التربية الوطنية للإعلام بخصوص الثانويات التأهيلية للتميز، حيث قرر بشكل أحادي إنهاء العمل بهذه التجربة، وليعدل هذا الموقف نسبيا، أمام اللجنة المختصة بمجلس النواب في سياق جوابه على مساءلة البرلمانيين بهذا الخصوص مشيرا بما يكرس الالتباس إلى ما يلي:
«لم يتم توقيف العمل بها، بل تم توقيف توسيع خارطة هذه المؤسسات، وبالنسبة للدخول المدرسي المقبل، فسيتم فتح هذه المؤسسات في وجه جميع التلاميذ والتلميذات دون أن تحمل صفة التمييز مع الحفاظ على مكتسبات التلاميذ داخل هذه المؤسسات»8.
وبالرجوع إلى مشروع ميزانية القطاع، يتأكد إعماله لقراره بشأن إنهاء العمل بهذه التجربة، من خلال عدم ورود أية إشارة لذلك في برنامج عمله 2012، وعدم وجود أي اعتمادات مخصصة لهذه الغاية.
2. هدف الارتقاء بمهام المدرسة الوطنية وأدوارها: أكد البرنامج الحكومي على التعهد بتبني نهج شامل يرتكز على مجموعة عمليات تركز على المتعلم وتشتمل [ضمنها] الاهتمام بالطفولة وفئات ذوي الاحتياجات الخاصة9، غير أن استقراء مشروع الميزانية القطاعية للوزارة، وكذا عرض الوزير أمام اللجنة البرلمانية المختصة يجعلنا نؤكد عدم وجود أي مؤشر على ما تعتزم الوزارة القيام به على هذا المستوى خلال السنة المالية الجارية.
3. هدف التتبع والمراجعة المنتظمة للمناهج: التزم البرنامج الحكومي «بالتتبع والمراجعة المنتظمة للمناهج من أجل تحسين ملاءمتها وضمان الانسجام بين مكوناتها باعتماد نتائج البحث والتجديد التربويين، مع استحضار البعد الجهوي والمحلي في تصريفها»10.
بينما لم يرد في عرض الوزير أمام اللجنة البرلمانية المختصة أي مؤشرات بخصوص هذا الموضوع، باستثناء إشارتين:
الأولى: تهم تنظيم لقاءات لفائدة مفتشي ومديري وأساتذة سلك التعليم الابتدائي بخصوص التوجهات التربوية الجديدة؛
والثانية: تهم طبع وثيقة المنهاج الجديد بالابتدائي.
إضافة إلى تأكيده في سياق رده على مساءلات البرلمانيين بشأن مراجعة الكتب المدرسية المعتمدة، والتي انتهت المدة المحددة لاعتمادها، نفيه لأية مراجعة للكتاب المدرسي في الوقت الراهن، وأنه قد تم الترخيص لدور النشر من أجل بدأ عملية طبع الكتب المدرسية لتكون جاهزة في الدخول المدرسي المقبل11، علما بأن الوزير سبق له أن اتخذ قرار وقف العمل بالمذكرة 204 الخاصة بملاءمة نظام التقويم والامتحانات مع بيداغوجيا الإدماج، التي تشكل أحد مكونات الاختيارات البيداغوجية، المعتمدة في البرنامج الاستعجالي، ودون أن تكون هذه التجربة موضوع تقييم علمي يسوغ لمثل هذا القرار. في مقابل ذلك برر الوزير قرار الإلغاء «بكون هذه المذكرة قد لاقت معارضة واسعة من طرف الأساتذة والمديرين والمفتشين وجعلتهم ينشغلون عن أداء المهام التربوية الأساسية».
ثانيا: التزامات واردة في البرنامج الحكومي وخصصت لها اعتمادات في قانون المالية برسم سنة 2012، بينما تم تغييب البرنامج التنفيذي والمؤشرات والتدابير وذلك بخصوص ما يلي:
1- التعليم الأولي:
من خلال استقراء الاعتمادات المخصصة للتعليم الأولي برسم ميزانية الاستغلال (2012)، والمحددة في 4.77 مليون درهم وميزانية الاستثمار 45.32 مليون درهم. يتبين تغييب البرنامج التنفيذي لتلك الاعتمادات ضمن القانون المالي لهذه السنة، حيث لم يتم تقديم المعطيات حول عدد الحجرات المزمع إحداثها، ولا على عدد التلاميذ المستهدفين بهذا النوع من التعليم برسم هذه السنة، ولا توزيعهم الجغرافي، ولا المعطيات بشأن تكوين الموارد البشرية. علما بأن مختلف الدراسات العلمية والتقارير التشخيصية أكدت على الدور المحوري للتعليم الأولي في بناء الشخصية وتحديد مساراتها لاحقا، وباعتباره أيضا المدخل الأساسي لتكافؤ الفرص.
وتفيد المعطيات الإحصائية للوزارة بشأن التعليم الأولي برسم الدخول المدرسي 2010-2011، أن مجموع المستفيدين من هذا الصنف من التعليم قد بلغ 740.196 مستفيد، (ضمنهم 302.155 من الإناث)، ويتوزع عدد المستفيدين بحسب المجال ما بين 529.148 مستفيد في المجال الحضري (ضمنهم 237.766 من الإناث)، و211.048 مستفيدا في المجال القروي (ضمنهم 64.389 من الإناث)، وإذا كانت هذه الأرقام تؤشر على حجم المجهود الذي بذل في هذا المجال، فإن تحليلها ومقارنتها مع المعطيات والبيانات المتوفرة في هذا المجال، تبرز بالمقابل، الخصاص الكبير بالنسبة لهذا الصنف من التعليم، ذلك أن رقم 740.196 مستفيدا يخفي معطيات أخرى على قدر كبير من الأهمية والخطورة، حيث أن 493.632 مستفيدا (وضمنهم 183.651 من الإناث)، يتلقون تعليمهم فيما يعرف بالقطاع التقليدي والمكون أساسا من الكتاتيب القرآنية، فيما 185.031 من المستفيدين (ضمنهم 88473 من الإناث) يتابعون دراستهم في مؤسسات التعليم الأولي بالقطاع العصري (أي حجرات دراسية ومناهج وتأطير تربوي خاص بهذه الفئة).
غير أنه بالعالم القروي لا يستفيد إلا 3166 طفلا وطفلة مقابل استفادة 181.865 طفلا وطفلة بالوسط الحضري من التعليم الأولي (العصري).
ومعطى آخر يبين حجم الخصاص على هذا المستوى يتمثل في مستوى مساهمة القطاع العام في هذا الصنف من التعليم والمحددة برسم الدخول المدرسي 2010- 2011 بما مجموعه 61.533 مستفيد (ضمنهم 17836 من الإناث). بعدد من الحجرات يصل إلى 2115 حجرة دراسية مخصصة لهذا الصنف من التعليم.
في مقابل ذلك تبرز المعطيات الديمغرافية - هذه المرة - أيضا حجم العجز الذي يعرفه هذا الصنف من التعليم، ذلك أن فئة الأعمار 3-5 سنوات المعنية بهذا التعليم ضمن ساكنة البلاد تقدر بنحو 1.733.960 نسمة، وفق معطيات المندوبية السامية للتخطيط، مما يعني أن نحو 1 مليون من الأطفال بالمغرب محرومون من التعليم الأولي.
2- بخصوص تسيير المؤسسات:
بناء على التزام الحكومة في برنامجها «بمنح المؤسسة التعليمية سلطة فعلية في القرار واستقلالية فاعلة في التدبير، وأن توفر لها الوسائل الضرورية والمؤهلات المناسبة للاضطلاع بمهامها وأدوارها التربوية، بما يجعل الأطر التربوية والإدارية منخرطة ومعبأة تجاه النتائج المحصل عليها12. تم رصد 332.1 مليون درهم برسم ميزانية الاستغلال لتسيير المؤسسات التعليمية، وبرغم تضمين عرض الوزير لتقديم الميزانية لتصور الوزارة لكيفية تحقيق هدف استقلالية تدبير المؤسسات التعليمية من خلال دعم القدرات التدبيرية لمديري ومسيري المؤسسات، والتوفر على نظام تربوي خاص بكل مؤسسة، والعناية بجودة الفضاء المدرسي، وتنشيط الحياة المدرسية، والتصدي لظواهر العنف، وانفتاح المؤسسة على محيطها، فإن هذا التصور ظل مفتقرا إلى الإطار التشريعي والتنظيمي والتعاقدي13 الذي يعتبر أساس تحقيق الهدف الاستراتيجي لاستقلالية تدبير المؤسسات التعليمية.
3- التزمت الحكومة في برنامجها بمحاربة ظاهرتي الهدر المدرسي والتكرار، غير أن المؤشرات المتضمنة في عرض الوزير في تقديمه لميزانية الوزارة أمام اللجنة البرلمانية المختصة، اقتصرت فقط على النسب التي تهم الانقطاع عن الدراسة خلال الدخول المدرسي 2007-2008-2009 و2010. والتي انتقلت من %4.6 إلى%3.1 بالنسبة للابتدائي، ومن %13.1 إلى %10.8 بالنسيبة للإعدادي، ومن %15 إلى %9.2 بالنسبة للثانوي.
غير أن تقديم المؤشرات بالنسب المئوية، لا يمكن في هذه الحالة من تمثل تفاقم ظاهرة الانقطاع عن الدراسة، ذلك أن مجموع التلاميذ المنقطعين عن الدراسة إلى حدود الدخول المدرسي 2008-2009 قد بلغ ما مجموعه 387.1789 موزعة كالتالي14:116.479 في الابتدائي؛ 176.906 في الإعدادي؛ 95.404 في الثانوي.
1 الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم (المعتمدة من قبل منظمة اليونسكو في 14 دجنبر 1960، وافق عليها المغرب في 30 غشت 1986)
2 المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الصادر بتاريخ 16دجنبر 1986.
3 اتفاقية حقوق الطفل، صادقت عليها الأمم المتحدة في 20 نونبر 1989، ودخلت حيز التنفيذ في 2 شتنبر 1990، ووقع عليها المغرب في 26 يناير 1990.
4 تمت المصادقة عليها في الأمم المتحدة بتاريخ 13 دجنبر 2006، ودخلت حيز التنفيذ في 3 ماي 2008، ووقع عليها المغرب في 8 أبريل 2007، وصادق عليها في 8 أبريل 2009.
5 يهدف إعلان الألفية، المعتمد من طرف 145 رئيس دولة، في شتنبر من سنة 2000، إلى تحقيق عدد من الأهداف أطلق عليها «أهداف الألفية من أجل التنمية». وتشمل هذه الأهداف، المرتبطة بمستوى التنمية البشرية 8 محاور أساسية هي: التقليص من الفقر المدقع والجوع؛ ضمان توفير التعليم الابتدائي للجميع؛ النهوض بالمساواة بين الجنسين واستقلالية النساء؛ تقليص وفيات الأطفال أقل من خمس سنوات؛ تحسين صحة الأمومة؛ محاربة مرض نقص فقدان المناعة (السيدا) وحمى المستنقعات وأمراض أخرى؛ ضمان بيئة مستدامة؛ إقامة شراكة عالمية من أجل التنمية.
6 البرنامج الحكومي، الصفحة 64.
7 البرنامج الحكومي، الصفحة 64.
8 تقرير لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، حول الميزانيات الفرعية لوزارة التربية الوطنية، للسنة المالية 2012، الدورة الاستثنائية 2012، السنة التشريعية الأولى: 2011-2012، الولاية التشريعية التاسعة: 2011-2016.
9 التصريح الحكومي، الصفحة 66 و67.
10 البرنامج الحكومي، الصفحة 66.
11 تقرير لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، حول الميزانية الفرعية لوزارة التربية الوطنية، للسنة المالية 2012، الدورة الاستثنائية 2012، السنة التشريعية الأولى: 2011-2012، الولاية التشريعية التاسعة: 2011-2016.
12 البرنامج الحكومي، الصفحة 64.
13 بما هو مرجع قانوني ومحتوى تحدده على هذا المستوى كل من النيابات والمؤسسات التعليمية.
14 عرض وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي حول مشروع ميزانية 2011، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، نونبر 2010، ص 49.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.