في يوم مشؤوم هو يوم الجمعة 16 ماي 2003 وقعت الكارثة الإرهابية بمدينة الدارالبيضاء وأودت بحياة عدد كبير من الضحايا ، وخلفت أسرا مكلومة فقدت سندها في الحياة و أملها في غد مستقر . خلفت أحداث 16 ماي عددا من الجرحى و المعطوبين مازالوا يحملون في ذواتهم وشم الغدر والعار و عدم القدرة على الاستمرار في حياة كما ألفوها من قبل . مرت تسع سنوات و مازلنا نسمع في دواخلنا ذوي الانفجارات ونرى صور الدم و الدخان، أرادت تشويه وجه بلدنا، حسبناه سيظل جميلا و سمحا رغم كل الهزات و الانعراجات التي أصابت كيانه . إلا أن رجة 16 ماي أفاقتنا على حقيقة أن الإيمان بالاختلاف و التعايش لم يعد له مكان لدى أشباه عقول من خرجوا من مستنقع الحقد و الكراهية معبئين بالفكر التكفيري فوجدوا في طريقهم أحبابنا ليصروا على حرماننا منهم معتقدين أن دماءهم ستعبد لهم طريق الجنة ؟؟ واضعين بصمة قذرة في تاريخ المغرب مافتئوا طيلة تسع سنوات يبحثون لتحويلها إلى صفحة دموية عندما عاودوا ضرباتهم الإجرامية كان آخرها « مقهى أركانة» . ليبينوا بالدليل مدى حقدهم على وطنهم مع «سبق الإصرار و الترصد» لزعزعة أمنه و استقراره بواسطة استهداف قلب المغرب السياحي . تسع سنوات مرت بما لها و ما عليها ، إلا أننا صامدون نضع يدنا في أيدي من يقاسمنا معاناة الترمل و اليتم و الإعاقة وكل من ينبذ الحقد و الكراهية لعلنا بتوحدنا نرفع من معنوياتنا ونضمد جراحنا ونصنع قوتنا . مرت عدة سنوات كبر خلالها أبناؤنا ، منهم من أخذ ينبش عن حقيقة ما وقع و ينسج أجوبة لأسئلة حارقة انكوت بها سنوات طفولتهم, فإذا بآذانهم تتسمم من جديد بعلقم يتقطر من أفواه تريد إرهابهم من جديد . تسع سنوات لعلها بمجموع أيامها قد شكلت لنا الوقت الكافي لنضطلع على أحوالنا ووضعيتنا ، صادقة أقول أن ما نستخلصه من هذا المسار الطويل أن ضحايا الإرهاب بمختلف وضعياتهم الاجتماعية و الثقافية قد سلبت منهم كرامتهم، و كرامة الإنسان لعمري هي أعز ما يملك . بقلب مكلوم مرتين ، مرة بفقد أعز الناس ، ومرة بحمل يافطة المستجدي للصدقة تاهت عنا كرامتنا ، أجل هذا قدرنا ولكن ليس من القدر أن يتحول ضحية الإرهاب إلى تائه يبحث عمن يرأف بحاله و كأنه لبس هذا «الخيش» حد الاختناق ، بعدما كان قرير العين في حرير المودة و الاستقرار . لن يحس الضحايا بالكرامة إلا بالعيش الكريم ، ولا يمكنهم ذلك إلا بضمان مورد رزق قار يعوضهم عن الضرر و يجنبهم معاناة طرق كل الأبواب علهم يصادفون شخصا قد يستمع لشكواهم ليس إلا . علما أن السنوات التسع الماضية قد أبانت أن الإرهاب لم يكن حالة شاذة صادفها مسار البلاد بل أصبح واقعا مأسوفا عليه عندما تكرر ، أو عندما نسمع بتفكيك خلايا إرهابية متفاوتة الخطورة مازالت تهدد استقرار المجتمع آخرها خلية «حركة المجاهدين بالمغرب». لم يجد ضحايا 16 ماي 2003 أي إطار قانوني يتكفل بجبر ضررهم فجاءت المبادرة الملكية السامية لتخصيص تعويضات مالية لفائدة المستحقين عن الأشخاص المتوفين صرفت من الميزانية العامة للدولة ( ظهير 11 شتنبر 2003) إلا أن المتضررين الآخرين مازالوا في الانتظار لتنضاف إليهم مجموعة ضحايا تفجير مقهى أركانة . أصبحت الضرورة ملحة إذن من أجل وضع إطار قانوني خاص بتعويض ضحايا الإرهاب كما هو معمول به في دول أخرى عانى مواطنوها من أضرار الإرهاب المادية والمعنوية فسارعت لإنشاء «صندوق لدعم ضحايا الإرهاب» . ولا يسعنا في «الجمعية المغربية لضحايا الإرهاب» إلا أن نضم صوتنا و ننسق مجهوداتنا لتحقيق هذا المطلب مع إخواننا في «الفضاء الحداثي للتنمية و التعايش» الذين طالبوا به لمدة ثلاث سنوات . لهذه الأسباب و غيرها حدانا أمل الحصول على موعد مع السيد وزير العدل والحريات ، وبعد عدة محاولات آخرها كان يوم 28 أبريل بمناسبة إحياء الذكرى الأولى لحادث أركانة إلا أنه لم يحصل لنا هذا الشرف بعد.. سنزور قبور شهدائنا يوم 16 ماي ، وسنقف أمام النصب الذي يحمل أسماءهم لنقول لهم لن ننساكم أبدا مادامت دماؤكم قد روت إسمنت الدارالبيضاء في ليلة سوداء ، لأننا نحبكم . رئيسة الجمعية المغربية لضحايا الارهاب