{ كيف جاءت فكرة تأسيس نادي القضاة؟ بعد خطاب جلالة الملك ليوم 09 مارس 2011 والذي سطر فيه جلالته خريطة طريق واضحة لإصلاحات دستورية جديدة ، ابتدأت فكرة تأسيس جمعية جديدة للقضاة تعبر عما يخالج صدورهم من آمال وتطلعات تبتغي في المقام الأول الاستقلال الحقيقي للسلطة القضائية لتتبوأ مكانتها السامية والمركزية بين باقي السلطات, بما يكفل للبلاد وضع الأسس المتينة والصلبة لأي تطور اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي.. ولذلك، ومع الثورة التي عرفها العالم في مجال شبكات التواصل الاجتماعي, بادرت ثلة من القضاة إلى استغلال فضاء الفايسبوك بإحداث صفحة «نادي القضاة» التي انضم لها عدد كبير في ظرف زمني قصير، منهم من أعلن عن هويته من البداية وأكثرهم دخل بهوية مبتكرة وابتدأ النقاش في كل ما يهم الشأن القضائي في البلاد وساهم هؤلاء القضاة من خلال هذه الصفحة في المناقشات التي كانت جارية بخصوص مشروع الدستور الجديد الذي تحول كما هو معلوم إلى دستور معتمد للمملكة بتاريخ فاتح يوليوز 2011 والذي سمح للقضاة بتأسيس جمعيات مهنية وبحرية التعبير والتجمع ,انسجاما مع الاتفاقات الدولية التي صادقت عليها المملكة. { ماهي الدواعي التي أدت إلى اللجوء إلى العالم الافتراضي للتعبير عن مطالب هذه الفئة؟ كانت هناك ترسانة من نصوص وآليات الضبط التي تكبل القضاة وتقف بينهم وبين حرية التعبير والتجمع، والتي جعلتهم ردحا من الزمن منطوين على أنفسهم، «معزولين» عن المجتمع, رغم أنهم من بين أكثر المطلعين على أحواله، وخلقت بينهم وبين الرأي العام حواجز جعلت المواطنين يعتقدون أنهم كائنات «فضائية»مختلفة عنهم، تعيش في بحبوحة وفي الدمقس وفي الحرير..والواقع خلاف ذلك تماما ومن عايش وخبر وعلم ليس كمن سمع..فكل الفئات كانت تعبر عن همومها وتدافع عن مواقفها ّوترد عندما يشار إليها بالبنان إلا القاضي, فهو كذلك المنديل الذي علق ليمسح فيه الجميع أيديهم ويعلقوا عليه كل الإخفاقات دون أن ينبس ببنت شفة ليعبر عن مواقفه ويصحح الانطباعات والأحكام المسبقة والمغلوطة البعيدة في غالبيتها الساحقة عن أبسط قواعد الموضوعية. فكان ديدن القضاة من خلال اللجوء إلى الفايسبوك هو تصحيح هذه الأحكام وفق غاية عليا تكريس الاستقلالية والنزاهة والاحترام الواجب للقاعدة القانونية التي يتعين أن يقف أمامها الجميع كأسنان المشط. { من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي, كيف تتم تجسيد هذه الفكرة على ارض الواقع؟ بعد دستور يوليوز 2011 التقى مجموعة من القضاة بعد التنسيق ونضوج الفكرة من خلال المناقشات التي كانت مستمرة على مدار الساعة في صفحة النادي على الفايسبوك، التقوا في اجتماع تحضيري بمدينة فاس, تلاه اجتماعان آخران في الرباط، وانبثقت عن هذه الاجتماعات لجنة تحضيرية للجمع التأسيسي لنادي القضاة..وتم تحديد تاريخ 20 غشت 2011 كتاريخ لهذا الجمع..حيث حضر القضاة من جميع أنحاء المملكة ومن جميع الأجيال والأفواج, عكس ما يروج من أن الأمر يتعلق فقط بقضاة شباب ..وكانت «صدمتهم» قوية بعد أن منعوا من عقد جمعهم العام في مقر مدرسة التعدين المتواجدة قرب محطة القطار الرباط _اكدال، استنادا إلى «تعليمات من جهات عليا في وزارة الداخلية» وفق ما أخبر بعض الإخوة من قبل مدير المدرسة، لكن القضاة أصروا على مواصلة الاجتماع في الشارع العام أمام المدرسة وتحت الأشعة الحارقة لشمس غشت وفي رمضان الأبرك حتى أتموا انتخاب أجهزة الجمعية واعتماد نظامها الأساسي, فكانت ملحمة حقيقة للقضاء المغربي وجاءت متزامنة مع الرمزية العظيمة لذكرى ثورة الملك والشعب..ونادي القضاة الآن يساهم في تكريس استقلال السلطة القضائية بما يكفل لها ولأفرادها القيام بواجباتهم التي ألقيت على عاتقهم بموجب الدستور الجديد وأهمها ضمان حقوق وحريات المواطنين. { ما علاقة حركة 20 فبراير، والربيع العربي، ونضالات القوى الحية في البلاد في بروز نادي قضاة المغرب كتنظيم مستقل بهياكله وقيادته؟ لا يمكن أن نقول بأن هناك علاقة مباشرة, كما أنه لا يمكن نفي وجود علاقة غير مباشرة بين ما ذكرتم وبين وجود نادي قضاة المغرب..فتلك سيرورة تاريخية، وهذه سنة التدافع التي خلقها الله سبحانه وتعالى كمنهاج للانسان في الارض..ولايمكن أن نبخس الأجيال السابقة مجهوداتها وتضحياتها الكبيرة ..ولكن الفائز في الأخير هي هذه البلاد العزيزة علينا جميعا والتي تستحق من كل واحد منا أن يعمل ليل نهار وبجد وإخلاص ونكران للذات, لتتبوأ مكانتها المتقدمة في سلم التقدم و النمو بين أمم الأرض ..لكن ما يمكن التأكيد عليه في هذا الإطار أن القضاة واعون بواجباتهم وحدود سلطتهم التي لا تهدف التدخل في مهام السلط الأخرى لخلق ما يسمى ب «حكومة القضاة» التي يحاول البعض الترويج لها من أجل التخويف من السير قدما نحو التنزيل السليم للدستور في مقتضياته المتعلقة بالسلطة القضائية وفي غيرها..فغاية نادي قضاة المغرب بالأساس كما حددها نظامه الاساسي في مادته الرابعة هو تكريس الاستقلال المادي والمعنوي للسلطة القضائية وذلك وفق القانون وبالقانون الذي يتعين أن يسير على هديه ويحترمه الجميع بمن فيهم القضاة أنفسهم.. { بعد عملية التأسيس, هل تشعرون بتدخلات سواء مباشرة أو غير مباشرة من الجهاز التنفيذي أو من داخل بعض القطاع نفسه لتحريف مسار نادي القضاة؟ لا أعتقد أن هناك من يستطيع الآن التدخل في نادي قضاة المغرب لزحزحته عن تحقيق أهدافه السامية لسبب بسيط هو أن من يرغب في ذلك أو يقوم به، سيجد نفسه في زمرة مناهضي التغيير وتنزيل الوثيقة الدستورية التي أجمع عليها المغاربة تقريبا،وعلى رأسهم جلالة الملك..فأهداف النادي لا تخرج عما جاءت به هذه الوثيقة الدستورية وبالتالي على الجميع أن ينضبط لأحكامها وعلى الجميع التعاون و العمل بشكل تشاركي وتفاعلي لتنزيلها خير تنزيل عبر القوانين التنظيمية وأهمها بالنسبة إلينا تلك القوانين المتعلقة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة, فضلا عما يرتبط بها من مراسيم خاصة بالنهوض بالوضعية المادية والاجتماعية للقضاة والتي أعد بشأنها المجلس الوطني لنادي القضاة في دورته الأولى ملفا متكاملا, نأمل من الفاعلين المعنيين مباشرة بهذه الوضعية التدخل العاجل لنزع «الفتيل».. كما أناشد السادة القضاة بالتكتل في جمعية واحدة أو اثنتين لا أكثر. وألا ينساقوا مع رغبات البعض من ذوي القربى ومن غيرهم في تمييع العمل الجمعوي للقضاة بخلق فسيفساء من الجمعيات التي لا وجود لها إلا على الأوراق والهدف من استنساخها هو «توظيفها» لأغراض سياسوية أو انتخابوية أو من إجل الابقاء على الاستفادة من «الريع القضائي». من هو القاضي عمر الشيكر قاضي، باحث جامعي وعضو المجلس الوطني لجمعية نادي قضاة المغرب المسار الدراسي : _ شهادة الباكلوريا سنة 1994 من ثانوية بئر انزران بالدار البيضاء. _ شهادة الاجازة في الحقوق سنة 1998 من كلية الحقوق بالدار البيضاء. _ دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني بكلية الحقوق اكدال الرباط سنة 2007 وذلك بعد مناقشة بحث بعنوان «الشروط الموضوعية لتعرض الغير الخارج عن الخصومة « تحت إشراف الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المريني وبرئاسة الأستاذ الدكتور سعيد الدغيمر والمناقشة كانت للأستاذ الدكتور عبد المجيد اغميجة. _ شهادة التسجيل للبحث في صف الدكتوراه في القانون المدني بكلية الحقوق أكدال-الرباط، وذلك في موضوع « وسائل حماية الغير في القانون المسطرة المدنية المغربي». المسار المهني: _ الحصول على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة بتاريخ 10 شتنبر 1999. _ النجاح في مباراة الملحقين القضائيين الفوج 28 وولوج المعهد الوطني للدراسات القضائية بتاريخ 25 أكتوبر 1999 ثم مناقشة بحث التخرج تحت عنوان « تداخل المسؤولية بين الناقل البحري ومكتب استغلال الموانئ». _ التعيين في القضاء الجالس بالمحكمة الابتدائية بايمنتانوت عن الفترة من ماي 2002 إلى أكتوبر 2008 ، ومارست في جميع الشعب والمواد المدنية والجنحية وعلى الخصوص: * رئيس غرفة العقار ورئيس غرفة الأحوال الشخصية والميراث ورئيس الغرفة الجنحية التلبسية. * نائب الرئيس إداريا وقضائيا. * قاضي مكلف بتتبع إجراءات التنفيذ، ومكلف بالنيابة عن قاضي التنفيذ في حالة غيابه. * قاضي التحقيق وفي نفس الوقت قاضي الأحداث وقاضي تطبيق العقوبات. * قاضي مكلف بالبت في القضايا المدنية بأنواعها . * حاصل على عدة شهادات المشاركة في الأيام الدراسية والندوات المنعقدة في إطار التعاون المغربي- الأوروبي . _ الانتقال، بناء على ما اقتضته المصلحة القضائية إلى القضاء الجالس بالمحكمة الابتدائية بسلا، وذلك لفترة سنتين مارست خلالها مهام مقرر في القضايا العقارية، وفي قضايا الأسرة (الأحوال الشخصية والميراث والتطليق للشقاق) وشاركت في سلسلة الدورات التكوينية والندوات في قضايا الأسرة والنوع الاجتماعي المنظمة من طرف وزارة العدل بشراكة مع الأممالمتحدة. _ الانتقال مرة أخرى بناء على ما اقتضته المصلحة القضائية وبعد الترقية للدرجة الثانية في دورة مارس 2010، إلى المحكمة الابتدائية بوجدة مكلفا بمهام نائب وكيل الملك وهي المحكمة التي مازلت أمارس فيها إلى الآن. _ كُتبت عدة مقالات حول الخبرة البحرية وحماية الأجر والإكراه البدني والشرط المانع من التصرف ونوم الأجير في الشغل كخطأ جسيم والقواعد الشكلية في قانون الالتزامات والعقود المغربي..هذا فضلا عن المشاركة في الندوات العلمية المنظمة في كليات الحقوق أو من طرف الجمعيات المهنية في المحاماة والقضاء ..