كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أداء أصحاب البذلة السوداء، خاصة مع اقتراب نهاية الموسم، واشتعال حرارة المنافسة سواء في قمة أو أسفل الترتيب. وتعالت الأصوات مطالبة بتعيين حكام متميزين يتمتعون بشخصيات قوية، وهامش كبير من الجرأة، لتدبير هذه المواجهات. في هذا الصدد، نستضيف رئيس فريق الراسينغ البيضاوي، ورئيس ودادية المدربين المدربين المغاربة، عبد الحق رزق الله «ماندوزا». وكان معه هذا الحوار. - ما هو تقييمك لمستوي التحكيم المغربي في هذا الموسم؟ - قبل أن أجيب عن هذا السؤال، لابد من وضع أو تحرير محضر حول التحكيم، لأن الكل يعرف جيدا أننا نعيش خصاصا كبيرا بالنسبة للحكام. فجل الحكام المتميزين أحيلوا على التقاعد، دون أن نتمكن من إيجاد الخلف المرجو. وأظن أن العديد من الحكام الذين أداروا لقاءات دوري الأمل (شالنج) قد تم إدماجهم، بعدما قدموا أداء جيدا وقادوا المباريات بشكل جيد. وبخصوص تقييم مستوى التحكيم، فلا يمكن القول بأن الأداء جيد مائة في المائة، غير أن هناك بعض الحكام الشبان، الذي قدموا إشارات جيدة، وتلزمهم الممارسة كي يتمكنوا من تحسين مستواهم. هناك حكام يقعون في هفوات خلال قيادتهم لبعض المباريات، وقد تتسبب في هزيمة بعض الفرق، وهي أخطاء في بعض الأحيان قد تكون حاسمة في مصيرها. وعلى أي فالتحكيم على العموم شاب متذبذب - الراك احتج أكثر من مرة هذا الموسم على التحكيم، لماذا؟ - بكل صراحة، أقدر الحكم لأنه بشر، ووجب علينا تحمل أخطائه، لكن تأتي ظروف صعبة تعاني خلالها الأندية في سبورة الترتيب، وتكون في حاجة إلى النقط لحسم أمرها، وتعمل طيلة الأسبوع، وبشكل مكثف، بحثا عن الانتصار، وكما تعلمون فنقطة واحدة في مثل هذه الظروف تزن ذهبا، وفقدانها يؤدي بالفريق إلى الهاوية. و بما أن الحكم معرض للخطأ، وفي ظل الأجواء العصيبة التي يعيشها المدرب والمسير، تحدث النرفزة والعصيبة في بعض الأحيان احتجاجا على قرار غير صائب للحكم. لكن هذا ليس مبررا لمسؤولي ومدربي الفرق بالتهجم على الحكم، والاحتجاج عليه بقوة. فهناك احتجاج حضاري، رغم أنه غير قانوني. وفي المقابل يجب على الحكام الحذر والحرص أثناء إدارتهم للمباريات الحساسة، وأن يكونوا أكثر نزاهة. فالواقع أكد أكثر مرة أن هناك بعض الحكام يتربصون بالمدربين والمسيرين ك «الدركي». وهو ما يزيد من درجة القلق والنرفزة، خصوصا بعدما يتقدم الحكم نحو المدرب أو المسير بكرسي الشرط، مطالبا إياه بالتزام الصمت أوعدم الوقوف للتحدث مع اللاعبين، علما بأن القانون حدد مساحة قانونية للمدرب يقف فيها لتوجيه لاعبيه. وأظن أنه من الواجب على المدرب احترام الحكم، كما يجب على أصحاب البذلة السوداء مراعاة الظروف التي تحيط بالمباريات، كي ترتقي التحكيم نحو الأفضل. - هل مستوى التحكيم في تطور؟ - أعتقد أن التحكيم الوطني عرف هذا الموسم تطورا في أداء بعض الحكام، وعموما فقد ارتقى إلى ما هو أحسن. وفي المقابل، هناك فئة من الحكام قادوا لقاءات بامتياز خلال الموسم الماضي، إلا أن أداءهم هذا الموسم عرف تراجعا، مما رفع من درجة الاحتجاج، ومع ذلك فمستوى الأداء عرف تقدما. - ألا يمكن القول إن الحكم هو الحائط القصير، الذي كلما انهزم فريقا إلا وحمله المسؤولية؟ - لا ينبغي تحميل الحكم الهزيمة كلما تراجع فريقا، سواء انهزم بواسطة ضربة جزاء وضربة خطأ مباشرة على مشارف المعترك. فالمباراة تلعب في ظرف تسعين دقيقة، وبإمكان لاعبي أي فريق تدارك النتيجة، لهذا لا ينبغي أن تعلق الشماعة على الحكم، لأنه بشر ووجب على كل ممارس أن يمتثل لقرارات الحكم، كما يجب أيضا على الحكام تحمل انفعالات المدرب والمسير في اللحظات المثيرة. - كمدربين ومسيرين، هل هناك اتصالات بمديرية التحكيم للمطالبة بتعيين حكام في مستوى المباريات الكبيرة والمصيرية، خصوصا في مباريات نهاية الموسم؟ إن لدى المسؤولين معرفة بأهمية المباريات، لكن وجب عليهم انتداب الحكام الذين تتوفر فيهم الشروط اللازمة. إلا أن هناك ملاحظة مهمة، وهي عندما يتم توقيف حكم ما في أي مباراة، ينتدب مباشرة بعد استنفاده مدة التوقيف لقيادة مباراة حاسمة، لذا وجب على اللجنة أن تعينه لقيادة مباريات بأقسام الهواة والشرفية حتى يتذوق الحرارة، ولكي يسترجع لياقته من جديد، ولا يمكن للحكم أن يقود مباراة بيد من حديد وباقتدار بعد عودته من بيته، وبعد قضائه مدة العقوبة. - الموسم الماضي أحيل الحكم الدولي خليل الرويسي على التقاعد، ونهاية الموسم الجاري سيغادر الملاعب الحكم الدولي عبد الله العاشري، كيف تعلق على الأمر؟ - أتساءل هنا عن سبب عدم تطبيق ما يجري بالبطولة الإنجليزية، فإذا كان سن التقاعد بالنسبة للحكم هو 46 سنة، حسب قانون الفيفا، فعلى المستوى المحلي يجب إضافة بعض السنوات لبعض الحكام المتميزين، كالدولي عبد الله العاشري وغيره، مادامت الشروط متوفرة، كاللياقة البدنية وصحة النظر. وكما أضاف الدولي خليل الرويسي سنة، نطلب من العاشري الاستمرارية. إن هذا يؤكد على عدم وجود الخلف، ونأمل في أن نتوفر مستقبلا على حكام من عيار ثقيل، أمثال المرحوم سعيد بلقولة، سعيد الطاهري، سليمان البرهمي، خليل الرويسي، محمد الكزاز، الحاج عبد الرحيم العرجون، عبد الله العاشري، جيد، الحاج عبد القادر الرافعي، عبد الكبير الناجدي، الزياني، بن علي، الشافعي، لاراش شافاه الله، الحريقي، والقائمة طويلة.. - كيف ترى مستوى الحكم الدولي بوشعيب لحرش؟ - أتأسف لعدم قيادته مبارتي نصف أو نهاية كأس الأمم الإفريقية الأخيرة، نظرا لما له من تجربة وحنكة، ولياقة. بوشعيب لحرش حكم كبير ومتميز، نفتخر به كمغاربة، ونأمل في أن ينهج العديد من الحكام نفس النهج، كي يعرف التحكيم المغربي تطورا كبيرا ونحو الأفضل.