قرر المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي المنعقد يوم السبت الماضي بمقر الحزب المركزي بالرباط. عقد المؤتمر الوطني التاسع في غضون شهر شتنبر من السنة الجارية. وقرر المجلس الوطني أيضا بعد مصادقته على البيان الختامي بعقد هذا المؤتمر بعدد من المؤتمرين والمؤتمرات لا يتجاوز 1200 .إلى جانب العرض السياسي للكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي قدم محمد محب تقريرا عن الاجتماع المشترك بين المكتب السياسي ولجنة تفعيل الأداة الحزبية وكتاب الجهات حول التهيء للمؤتمر الوطني التاسع. كما قدمت فاطمة بلمودن أرضية حول تنظيم الانتخابات الجماعية 2012 . وكان عبد الواحد الراضي قد قال في كلمته «إن واجبنا أن نعمل حتى لا يعود الاستعمار إلى بلادنا, سواء بصفة علنية أو مقنعة, وذلك من خلال تحصين المغرب سياسيا، إذ يجب أن يكون بلدا ديمقراطيا وحداثيا، تتوفر فيه كل الوسائل لتلبية حاجيات أبنائه وبناته, بلد متضامن ,وهي الشروط الكفيلة للمحافظة على استقلاله ومكانته بين الشعوب» وربط الراضي الذي كان يتحدث أمام أعضاء المجلس الوطني للحزب , بين حاضر وماضي المغرب, إذ أكد أن الشهيد المهدي بنبركة كان يقول أن المغرب استعمر لأنه كان مؤهلا لذلك, هذا الوصف كان مبنيا على تحليل، لأن البلاد كانت متأخرة اقتصاديا واجتماعيا وذهنيا. هذا الربط الجدلي بين الأمس واليوم يقول الراضي بخصوص هوية الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وخطه السياسي ومشروعه المجتمعي، لم يطرح علينا اليوم فقط، إذ أن قضية الديمقراطية والحداثة والحريات والتضامن كانت شعاراتنا واليوم أصبحت سائدة ,فحزبنا لعب دورا في كل المراحل سواء في الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار أو في مرحلة النضال ما بعد الاستقلال كقوة تقدمية واشتراكية أو الآن. ورأى أننا كعائلة سياسية وجدت منذ 100 سنة لنا الإرث النضالي ولم نخرج إلى الوجود البارحة وهو ما يستوجب علينا أن نكون في مستوى ما قام به أسلافنا. وشدد في عرضه السياسي على أن الحديث عن هذه الأشياء ليس حبا للرجوع إلى الماضي, بل من أجل بناء الحاضر والمستقبل على أسس قوية للاستفادة من دروس الماضي. مضيفا أن تاريخ المغرب مندمج مع تاريخ الاتحاد. وبخصوص واقع الحال في البلاد, قال الراضي ان المغرب يعرف تحولات في الشهور الماضية، وربط ذلك بنتائج المؤتمر الوطني الثامن للحزب الذي بادر بالمطالبة بالاصلاحات السياسية والدستورية في اتجاه إقرار نظام الملكية البرلمانية, فأول من استعمل هذا المصطلح هو الاتحاد ,ليس في مؤتمره الثامن سنة 2008 فقط, بل في مؤتمره الثالث سنة 1978، كما أن حزبنا هو الذي طالب بالاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بناء على تجربتنا في المشاركة في الحكم. ورأى أن الاتحاد أول من نادى بمحاربة الفساد وتخليق الحياة السياسية والعامة ومحاربة الرشوة, كل ذلك يسجله التاريخ والوثائق وأهمها المذكرة المرفوعة إلى جلالة الملك بتاريخ 8 ماي 2009 في الوقت الذي لاحظنا فيه عدم مبالاة الطبقة السياسية التي لم يكن لها نفس الهاجس,حتى حلفاؤنا يقول الراضي,آنذاك اعبتروا أن الوقت غير سانح، بل قمنا باتصالات قبل رفع المذكرة وبعدها لجمع القوة قصد تقوية مطلبنا مع كل الاحزاب والمحاضر شاهدة على ذلك, وذكر بأن المحيط يتسم بنوع من اللامبالاة وأيضا بالمحافظة. وفي بعض الأحيان بالتراجعات، وهو ما يصعب على الاتحاد مهامه وتحقيق أهدافه، لكن التغيير والتجديد والتقديم يمكن أن يأتي بكيفية مفاجئة. وأضاف أن أحداثاً داخلية وخارجية أتت لتسرع من وثيرة الأحداث، من خلال الربيع العربي، وبروز حركة 20 فبراير، ورأى أن الإيجابي في المغرب أن هناك الاتحاد الاشتراكي الذي هيأ نفسه لتستفيد بلادنا إيجابياً من هذه الأحداث، إذ أننا لم نفاجأ على اعتبار جاهزيتنا، وشكل هذا الجو فرصة لكي يستمع المواطن المغربي لمطالبنا وما كنا ننادي به, فشعارات حركة 20 فبراير كلها اتخذت من البيان الختامي للمؤتمر الثامن. ومن ثمة، جاء الخطاب الملكي ل 9 مارس. فحركة 20 فبراير، يضيف الكاتب الأول، تؤكد من خلال مطالبها أن الاتحاد يعبر عن طموحات وحاجيات الشعب المغربي، ورأى أن حزب القوات الشعبية ساهم وشارك في الإصلاحات بكيفية فعالة، وسيأتي الوقت ليقارن المؤرخون بين اقتراحات الاتحاد وما تم إقراره في النهاية. فمساهمتنا أكبر وأقوى من أي مساهمة جاءت من جهة أخرى. واعتبر أن هناك مفارقة في السياسة المغربية. ففي الوقت الذي استطاع المغرب أن يقر إصلاحات دستورية وسياسية تقدمية، أعطت الانتخابات التشريعية الأخيرة خريطة سياسية محافظة وتطغى عليها التوجهات اليمينية. وبناء على هذه النتائج، وعلى ضوء الخريطة السياسية الجديدة، اتخذ المجلس الوطني قرار الخروج الى المعارضة التي اضطررنا إليها، وهي ليست بالسهلة، وهو ما يفرض علينا أن تكون لدينا استراتيجية وتنظيما فعالا وناجعا، والقدرة على التعبئة والمتابعة اليومية، وبالأخص في الجبهتين البرلمانية والنقابية. ونوه الراضي بالمجهودات التي يقوم بها الفريق الاشتراكي بالغرفة الأولى والثانية، وكذلك الفيدرالية الديمقراطية للشغل، كما نوه بالعمل الوحدوي الذي قامت به الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل. إذ لأول مرة، تم تبادل الحضور في فاتح ماي. وهو مؤشر إيجابي نسجله بارتياح، ويمكن أن يؤدي الى وحدة صف الطبقة العاملة، وبالأخص المنتمية إلى الحركة الاتحادية. وبخصوص الذات الحزبية، أكد الراضي أن هناك حديثا داخل الاتحاد وخارجه عن الأزمة التي يعيشها. إذ شدد على أنه ليس هناك اتفاق على طبيعة هذه الأزمة، فهناك من يعتبر أنها أزمة حقيقية، وهناك من يقول إنها مفتعلة ومصطنعة. فمن يرى أنها مصطنعة، ينطلق من كون الديمقراطية مبنية على التنافس، إلا أن بعض الإخوة يحولون هذا التنافس إلى حرب ومواجهة واصطدام. وهذا مخالف للديمقراطية ولمبدأ الاختلاف, وهذه المواجهة تتولد عنها الأزمة السياسية، وهو ما يشكل مفارقة، لأن السياسة جاءت لمحاربة هذه المواجهات، إلا أنها داخل الاتحاد تصبح هي السبب في الحروب ومغذية لها بين الأفراد والجماعات، وبذلك تغلف في صفة أزمة سياسية. إننا نعيش، يقول عبد الواحد الراضي، الفتنة وهي أشد من القتل، وليس لدينا أزمة سياسية بالمفهوم العصري. واعتبر أن الخلافات يمكن أن تحل، رغم أنه ليست لدينا خلافات جوهرية، على اعتبار أن المهم في الحزب هو الخط السياسي والبرنامج. وقد تمت المصادقة عليهما من طرف المؤتمر الوطني الثامن والمجلس الوطني بكيفية ديمقراطية، وشدد على أننا في القضايا السياسية موحدين. وأضاف أنه حينما تكون هناك خلافات سياسية يمكن التغلب عليها وحلها باعتماد المنهجية الديمقراطية بالحوار والتنازلات المتبادلة أو بإرادة الأغلبية. لكن النزاعات الشخصية والحروب الأهلية ليس لها حل، إذ لا يمكن حل الخلافات الشخصية التي رأى أنها هي الطاغية، فالديمقراطية هي المنافسة في الأفكار والاقتراحات والبرامج والأهلية للقيام بالمهام والواجبات، داعياً إلى محاربة ما أسماه بالغش، واحترام القوانين والقواعد. كما أن المنافسة لا تعني أن الهدف يبرر الوسيلة، مركزاً على أن الأزمة تعود إلى فهم تطبيق مبادىء الديمقراطية وما يزيد من تأزيم الاشياء, يقول الراضي, هو ان هذه الخلافات تخرج الى الملأ. وهو ما اعتبره غير صحي. ويلوث الحياة السياسية ويؤدي الى توقيف العمل. وهو ما مس بمصداقية الحزب كمؤسسة وافراد و قيادة.و يحطم عزائم المناضلين القدامى والجدد. ولا يعطي للحزب قوة الجاذبية. ووصف ان التحطيم الذاتي والانتحار الجماعي يتسببان في هذه الوضعية, بالاضافة الى الضربة القاضية التي أتت من خارج الاتحاد. والنتيجة يقول هو ما أفرزته الانتخابات التشريعية. مما عطلنا عن الوصول الى اهدافنا. ودعا الى الخروج من هذه الوضعية من خلال وعي وفهم ان الاتحاد منذ بداية الاستقلال كان يحتكر العمل السياسي بمفهومه النبيل بحكم التضحيات المادية والمعنوية التي قدمها. وكانت له استقلالية القرار و الشرعية الشعبية.لهذه الاسباب كانت صورتنا جيدة. لكن اليوم المجتمع تغير, ولم يبق هذا الاحتكار. ولم تعد الادارة كما كانت من قبل. رغم ان هناك استعمالا للمال ووجود مفسدين, مشيرا الى أننا اليوم أمام منافسين من اليسار واليمين لهم الشرعية الشعبية ومستعدين لتقديم هم الآخرون التضحيات وعلينا الاعتراف اننا اصبحنا اليوم امام محترفين في السياسة. فالوضع الحالي يتطلب ان نكون في مستوى انتظارات المجتمع المغربي, مشيرا الى ضرورة محاربة المفسدين الذين مازالوا موجودين. داعيا إلى طي صفحة الماضي والدخول في مرحلة جديدة. والانخراط جميعا في المشروع الجماعي للحزب والابتعاد عن المشاريع الشخصية وهو ما يتطلب الانضباط واحترام قرارات الحزب. واحترام قواعد المنافسة الداخلية, ورأى الراضي أن هناك فرصة للقيام بهذا الانتقال في المؤتمر الوطني التاسع. داعيا إلى التحضير لهذه المحطة بتوافق وبالكيفية الحضارية المعروفة على الاتحاد, فهي فرصة للمرور في احسن الظروف لتحديد الخط السياسي والخطة المستقبلية للحزب. وكذلك كسب رهان معركة الانتخابات المقبلة. و علينا ,يضيف, بعث رسائل للاتحاديين والمغاربة. وتمرير مشعل الاتحاد للمسؤولين الجدد, سواء في المكتب السياسي او المجلس الوطني، كما أكد على ضرورة ان يشكل المؤتمر الوطني التاسع فرصة لاتخاذ قرارات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية. والخروج بقرارات تنظيمية تدفع الى المصالحة بين المناضلين واعادة الثقة المتبادلة وهي الشروط الادنى لتحقيق التغيير المنشود والايجابي. لاستعادة مكانتنا التي كانت لدينا في الماضي. ودعا أيضا الى الاستعداد الى الاستحقاقات التي ستكون في الشهور المقبلة. وتجهيز انفسنا بالموازاة مع التحضير للمؤتمر الوطني التاسع واختيار المرشحين, خاصة وكلاء اللوائح في اقرب وقت ممكن. على اعتبار ان الانتخابات لم يعد لها الطابع المحلي وكذلك العودة الى المدن الكبرى كما كان الاتحاد في الماضي. و شدد على ضرورة تفعيل الدستور بشكل ديمقراطي وحداثي. والاهتمام بالاصلاحات الاجتماعية لتحسين وضعية الشعب المغربي المادية.