سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في اجتماع المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي : الراضي: بإمكان الاتحاد أن يخسر مقاعد في الحكومة أو البرلمان، لكنه غير مستعد أن يخسر هويته الاشتراكية والديمقراطية
تعتبر دورة المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المنعقدة يوم أمس بالمقر المركزي بالرباط ، دورة استثنائية وتاريخية بكل المقاييس، نظرا للقرار السياسي الذي اتخذه «برلمان الحزب» بخصوص العرض المقدم له من طرف رئيس الحكومة المعين. وجدير بالذكر أن هذه الدورة استقطبت اهتمام مختلف ممثلي وسائل الاعلام الوطنية والدولية، المكتوبة والمرئية والمسموعة، لما يحتله الاتحاد الاشتراكي من مكانة أساسية في المشهد السياسي والحزبي. كما تميزت بحضور كافة أعضاء المجلس الوطني وكل أعضاء المكتب السياسي بمن فيهم محمد الأشعري ومحمد بوبكري والعربي عجول وعلي بوعبيد. وقف أعضاء المجلس الوطني مباشرة بعد انتهاء عبد الواحد الراضي من كلمته باسم المكتب السياسي، مرددين شعار الحزب، وهي إشارة واضحة على تبني موقف المكتب السياسي، الداعي إلى اختيار صف المعارضة وعدم المشاركة في الحكومة. وأكد الكاتب الأول أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حزب ديمقراطي ومنطق الديمقراطية يقتضي احترام إرادة الناخبين الذين اختاروا من يكون في الحكومة ومن يكون في المعارضة. وشدد الراضي ، في السياق ذاته، على ضرورة احترام هذه الارادة. كما عبر عن ضرورة تبيان بكل وضوح الاختيارات المطروحة على المغاربة، إذ أن هناك مشاريع مجتمعية متعددة للمستقبل علينا توضيحها، ومن مصلحة البلاد والمستقبل والحاضر أيضا ، تجنب الضبابية والخلط وتوضيح الاشياء بكيفية شفافة وواضحة للعيان، مبرزا «أننا لسنا بصدد تعديل حكومي أو بتغيير طفيف داخل الحكومة، بل نحن أمام تناوب جديد يأتي بعد اقتراع 25 نونبر 2011 الذي له معنى سياسي كبير». وأضاف في معرض كلمته« أنه حان الوقت لكي يكون هذا التناوب بين مشاريع مجتمعية تغرف من اليسار وأخرى من اليمين والوسط، ليكون التداول على السلطة تداولا واضحا لمصلحة الديمقراطية». وأشار الراضي إلى أن «الاتحاد له قيم ومبادئ لا يمكن التنازل والاستغناء عنها، فهو ينتمي إلى العائلة الاشتراكية الديمقراطية ، وهي عائلة كونية وليست فقط محلية أو وطنية، إذ تتميز بفلسفة وسلوك خاصين وتنبني على مبادئ وأخلاق وقيم معروفة، فنحن نؤمن بالانسان وكرامته وبقدرته على التغيير والتقدم، كما لدينا مرجعية اقتصادية وثقافية، أما المرجعية الدينية فهي مرجعيتنا المشتركة كمغاربة وكمسلمين في العالم، لكن ما يميزنا هي مبادئنا واختياراتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، داعيا في هذا الصدد، إلى «إعطاء هويتنا الاشتراكية الديمقراطية مكانتها البارزة والحفاظ عليها، لأنها هي الهوية الحقيقية لحزب الاتحاد». وأوضح الراضي أن الاتحاد بإمكانه أن يخسر حقائب في الحكومة أو مقاعد في البرلمان أو في أي موقع آخر، لكنه يجب أن لا يخسر هويته، ففي فقدانها فقدان لروح الحزب. وربط الراضي فقدان الهوية بفقدان المصداقية التي تؤدي لامحالة إلى فقدان الثقة الشعبية، مشدداً على أن الاتحاد مطلوب منه أن يبتعد عن كل سلوك يوحي بالانتهازية، ورأى أن الديمقراطية تحتاج إلى أغلبية ومعارضة قوية تضطلع بمهامها في التصحيح والنقد وخدمة المصلحة العليا للبلاد. ودعا الراضي إلى تكتل جميع مكونات الاتحاد وكل طاقاته وكفاءاته لإعادة بناء الحزب تنظيمياً، والرجوع إلى قيمه وأخلاقه والتحلي بالانضباط الذي لا يقل أهمية عن القضايا الأخرى، لأن في تقوية الاتحاد تقوية للبلاد وبناء الديمقراطية. وأكد الراضي أن الاتحاد لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون حزباً تكميليا، ولا يمكن له أن يدخل في الحكومة إلا من بابها الواسع الذي هو صناديق الاقتراع. وفي المقابل، أوضح الراضي أن الاتحاد قد خاض هذا الاستحقاق الوطني ل 25 نونبر 2011 بكيفية مشرفة من خلال حملته النظيفة. وذكر الراضي بالدور الأساسي الذي لعبه الاتحاد في المغرب طيلة الدورات التي عاشها بمعية حلفائه، إذ هم الذين كانوا وراء خروج النظام المغربي من نظام سلطوي الى نظام الانتقال الديمقراطي منذ 1960 إلى غاية 1998، التي توجت بحكومة الانتقال الديمقراطي التي قادها أخونا عبد الرحمان اليوسفي، أما الآن، يقول الكاتب الأول، فإننا نعيش تناوباً ثانياً. هذا التناوب كان عبر صناديق الاقتراع، وهو ما كنا نناضل من أجله، وهو ما تطلب منا 50 سنة من النضال. ورأى أن المرور إلى دورة جديدة، لابد أن نؤدي عليها الثمن غالياً، وكان الاتحاد دائما يؤدي فاتورة نضاله، لمحاربة التزوير والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات والعدالة الاجتماعية. فبعد 38 سنة، يقول الراضي، من هذه التضحيات للاعتراف بمشروعية مطالب الشعب المغربي ونضالاته، هيأنا الظروف للدخول الى التناوب الثاني، مذكراً أن التناوب الأول الممتد من 1998 الى 2011 كان صعباً. أما التناوب الثاني الحالي فأحسن. وسجل فيه تقدم بلادنا، فظروف 2011 تعطي إمكانيات كثيرة تهيء المستقبل بكيفية أحسن. إذ هناك ضمانات دستورية قانونية وسياسية لتمكين هذا التناوب الثاني من التقدم وتحقيق مكاسب جديدة. وأشار إلى أن تاريخ المغرب بين أن مرحلة التوافق الأولى كانت ضرورية. وهناك من عاب على الاتحاد مشاركته في الحكومة، لكن هذه المشاركة هيأت الدخول الى مرحلة التناوب عبر صناديق الاقتراع والتاريخ يشهد بذلك. وأشار إلى أن المؤتمر الوطني الثامن للحزب، هو الذي وضع الأسس للانتقال الثاني، والاتحاد هو الذي طالب بالإصلاحات الدستورية والسياسية وبالملكية البرلمانية ومحاربة الفساد والاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وطالب بتخليق الحياة السياسية، كما أن البيان الختامي هو الذي أوحى بالشعارات التي رفعتها حركة 20 فبراير، كما أن نتائج هذا المؤتمر، كان لها صدى لدى المواطنين. لكن الظروف لم تساعده لإبرازه بالشكل الكافي. وذكر الراضي في كلمته بمذكرة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التي رفعها إلى جلالة الملك سنة 2009، للمطالبة بالإصلاحات السياسية والدستورية، والتي كانت هي أساس الخطاب الملكي التاريخي في 9 مارس 2011 ، مشدداً على أن اقتراحات الاتحاد وصموده، أغنى الدستور الجديد، وأغنى القوانين التي صادق عليها البرلمان مؤخراً، سواء تعلق الأمر بقانون الأحزاب أو قانون الانتخابات. ملاحظة أخرى أثارها عبد الواحد الراضي تتعلق بنضالات الحزب، سواء على الواجهة البرلمانية أو الحكومية أو الحزبية أو النقابية أو الشبابية أو النسائية، وخاض معارك من أجل الدفاع عن الديمقراطية والحداثة والتنمية والعدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان. كما ذكر بدفاع الاتحاد عن القضية الوطنية في المحافل الدولية، حيث تم سحب الاعتراف بالجمهورية المزعومة، كما دافع عن المصالح العليا للبلاد ليتبوأ المغرب المكانة اللائقة به. وذكر الراضي بالمشاورات التي كانت مع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، الذي اقترح مشاركة الاتحاد في الحكومة الجديدة، لكن التقاليد تقتضي العودة إلى برلمان الحزب، وهو السلوك الذي سلكناه في تشكيل جميع الحكومات منذ حكومة اليوسفي.