ساكنة مكناس ، ومعها كل العابرين والزوار ، سيلاحظون أن المدينة ,خلال الأيام الأخيرة , تحولت إلى ورش مفتوح للأشغال ، بكل الواجهات والمحاور الرئيسية .. تبليط وصباغة للجدران والأرصفة .. تعبيد وترقيع للشوارع والطرقات .. إصلاح للإنارة العمومية ..إعلان حرب على النفايات وركامات الأزبال المتكلسة ..تجديد قنوات الصرف الصحي ..الخ إنها أوراش ، لا يسع المرء إلا أن يثمنها ، ما دامت تدخل في صميم اختصاصات الجماعة ، ومن شأنها رفع جزء من الحيف والمهانة ، عن العاصمة الإسماعيلية التي كتب عليها ، ألا تلقى من المسؤولين عليها والمنتفعين بها ، إلا العقوق والجحود ؟؟ .. ويقترب الأمر من أن يكون عاديا ، لو أن الكائنات الانتخابية التي ابتليت بها المدينة، كانت قد فتحت هذه الأوراش بوازع من الحس بالمسؤولية .. فنهضت كالعنقاء من رمادها ، تحت وخز الضمير ، يؤنبها عما اقترفته لسنوات من فساد عمراني وفساد مالي ، واغتناء لامشروع ، وسطو على المعالم التاريخية ، وتشويه للواجهات ، وتشجيع للبناء العشوائي ، وغض للطرف عن الملك العمومي وقد تحول إلى ملك « خصوصي « ؟؟؟ نعم .. كان الأمر سيكون عاديا ، لو أن هؤلاء الجاثمين على المدينة ، لأكثر من عقدين من الزمان ، قد تحركوا من تلقاء أنفسهم لنفض غبار الإهمال والتهميش والهشاشة عن المدينة .. لكنهم , وللأسف الشديد , ما كانوا ليفعلوا ، لولا ضغط سلطة الوصاية ، التي تريد أن تلبس المدينة حلة مزيفة ، تستقبل بها ملك البلاد ، بمناسبة الزيارة المرتقبة لافتتاح الملتقى الدولي السابع للفلاحة .. مما يجعلنا نتساءل بمرارة : ألا يستحق المواطن المكناسي ، مدينة نظيفة , يصان فيها المرفق العمومي ؟ ثم من أين تتهاطل كل هذه الميزانيات التي تنفق بلا حساب على أشغال ما تكاد الزيارة الملكية تنتهي حتى « كيبان عيبها « ؟ *و لماذا يتملص هؤلاء المسؤولون ، تحت ذريعة قلة الإمكانيات , فيتركون المدينة في الأزبال ، والأوحال لأسابيع ..وأسابيع ؟؟ ألا يخجلون عندما يبخلون بتزويد أحياء بكاملها ، ولو بمصباح كهربائي واحد ؟ أو ملء ولو حفرة بما تيسر من» التوفنا « ؟ فلا يسلم من أذاها راجل أو راكب ؟ لكن ، وما إن يعلن عن زيارة ملكية ، حتى يتحول الإهمال إلى اهتمام ، والفقر في الموارد والإمكانيات إلى غنى ؟ ... فماذا تكون النتيجة غير « كور وأعط للأعور « ؟ بسبب مسابقة الزمن لاستكمال الأوراش كيفما اتفق ؟ لكن هؤلاء المسؤولين المناسباتيين ، ينسون أن ملك البلاد لن يرضى ، عن مسؤولي مدينة، تستقبله بحلة وهمية ، لاتعكس واقعها المتردي ...؟