تجربة جديدة تدخلها السينما المغربية على مستوى مقاربة التيمة الكوميدية الساخرة، تجربة مغايرة تماما عن التجربة الكلاسيكية مثل «البحث زوج امراتي»، «فيها الملحة و السكر ومبغاتش تموت» وآلو 15» وما شابه من الأفلام السينمائية المغربية التي «توسلت» بوابة الإضحاك والسخرية السوداء.. للإطلالة على الجمهور المغربي في السنوات الأخيرة، وتمكنت من أن تحوز نسبة محترمة من عائدات شباك التذاكر، لم تستطع تحقيقها الأفلام الغربية، الأوروبية منها والأمريكية، في ما تبقى من القاعات السينمائية ببعض المدن المغربية. هي تجربة تدشنها الكوميديا السينمائية «الطريق الى كابول» للمخرج المغربي الشاب إبراهيم شاكيري، في أول باكورة له على مستوى الإخراج السينمائي بعد ممارسة إخراجية تلفزيونية قاربت العشرين إنتاجا، وشاركت فيها نخبة من الممثلين المنتمين لجيل الرواد كالفنان محمد بنبراهيم و وجيل الشباب الذين أبانوا في هذا الشريط عن كفاءات عالية وقدرات لافتة في فن التشخيص و الاداء المتمكن، مثلما هو الحال الفنانين ربيع القاطي، أمين الناجي، رفيق بوبكر، يونس بواب، كليلة بونعيلات، والاكتشاف الجديد والظاهرة الكوميدية عزيز دادس الذي كانت له «في الطريق إلى كابول» بصمة واضحة في إضفاء طابع الكوميديا الخالصة على هذا العمل الذي حاول سيناريوه أن يقول ويقف على كل شيء مما يشغل بال المجتمع المغربي من تفشي الرشوة و الهجرة و استغلال النفوذ و ظاهرة الارهاب و الشعوذة وهلم جرا بلمسة ساخرة من خلال حكاية أربعة أشخاص «علي» ( يونس بواب)، «حميدة» ( رفيق بوبكر)، «مبارك» ( أمين الناجي)، و «مسعود» ( ربيع القاطي) الذين يعانون حالة عطالة دائمة ويحلمون بالهجرة الى «الفردوس الأوروبي»، وبالضبط إلى هولاندا، هربا من تسلط واستفزازات ضابط أمن « المختار» ( المنياري) الذي يعكر عيشهم، و طموحا منهم في تحقيق غد أفضل... لكن الظروف أو الصدفة ستحكم على واحد من الأربعة أن يشد الرحال إلى أوروبا، لكن المفاجأة التي تمت عن طريق الخطأ سيجد نفسه ( رفيق بوبوكر) في أفغانستان.. يتوسل، بعد ثلاثة أشهر من الإقامة، العودة إلى ارض الوطن، لتضطر والدته ( فاطمة بوشان) والأصدقاء الثلاثة و «الحراك «أوشن»» بائع الوهم ( عزيز دادس)، في رحلة بحث مضنية خطيرة إلى افغانستان، اعترتها العديد من المشاكل والمغامرات .. بغية العثور عن الابن والصديق.. إلا أنها رحلة أو بالأحرى «سيناريو» لم يستطع أن يقول أو يقارب شيئا من هذه القضايا.. غير تحقيق فرجة سينمائية عبر توظيف لغة إبهار سينمائي تجلى ذلك أساسا في عملية «كاستينغ» موفقة، واعتماد الموقف السخري الذي نجح في خلقه وإبداعه مجموع الممثلين، وقبل هذا وذاك الإدارة الموفقة لطاقم التشخيض طيلة دقائق الفيلم، وكذا الاستثمار الجيد للطبيعة المغربية الغنية و المتنوعة بنواحي طاطا، حيث صور «الطريق إلى كابول»، وكأن هذا الأخير قد أخذت جميع مشاهده بأفغانستنان، خصوصا وأن المخرج والطاقم الفني المساعد له قد توفقا إلى حد بعيد في تأثيث الصورة«الأفغانية» على مستوى اللباس وعلى مستوى توظيف الفضاءات الطبيعية المتوفرة بالمنطقة من صحاري وجبال وبنايات طينية وكومبارس بسحنات محلية «أفغانية»... قد يعتقد معها المشاهد أنه، أحيانا، أمام شريط سينمائي غربي من الأشرطة التي تستغل الأمكانيات الطبيعية الهائلة والمتنوعة مما يتوفر عليها المغرب على هذا الصعيد،، و لعل توظيف هذه المؤهلات في «الطريق الى كابول» بالإضافة الى اللمسة الاخراجية لإبراهيم شاكيري المطبوعة بالنفحة الغربية السينمائية التي تعتمد في جانب منها على «الحركة» (action) التي يحب الشاكيري أن يطبع بها بعض إنتاجاته الدرامية، وهي التي خولت لهذا الشريط السينمائي، بالإضافة إلى ما سبق، أن يحصل على تنويه خاص من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، والأكيد أنه سيحصل على نفس التنوية من قبل المشاهدين المحتملين بعد خروج الشريط إلى القاعات السينمائية الوطنية (الاربعاء الماضي)، حيث ولا شك سيجد المتتبعون - المهتمون منهم - أنهم أمام سينما جيل جديد من السينمائيين المغاربة الذين سيكون لهم وقعهم في دورة السينما، لا نقول المغربية أو المغاربية فقط، ولكن العربية، ولم َلا الدولية.