بعد حصوله على تنويه خاص من مهرجان طنجة للفيلم الوطني، تبدأ القاعات السينمائية المغربية بعرض الفيلم الكوميدي المغربي "الطريق إلى كابول" لمخرجه إبراهيم الشكيري ابتداء من 25 أبريل الجاري. وتدور أحداث الفيلم الروائي الطويل، الذي يجمع كوكبة من خيرة الممثلين المغاربة، أمثال أمين الناجي، وربيع القاطي، ورفيق بوبكر، ويونس بواب، ومحمد بنبراهيم، وعبد الرحيم المنياري، ومحمد قيسي، والكوميدي المتألق عزيز داداس، وسعيد باي، وفاطمة بوشان، حول موضوع الهجرة، التي تناولها الشكيري بطريقة تختلف تماما عما ألفناه في عدد من الأفلام السابقة، إذ يتميز بأحداثه المفعمة بالمواقف الكوميدية الهادفة، وملامسته العديد من القضايا المحلية والعالمية. فبعد تناوله للعديد من المواضيع الاجتماعية المحلية مثل (البطالة، والحلم بالهجرة، والشعوذة، والتفكك الأسري، والرشوة، والقرصنة، والنصب...) في شطره الأول الذي تدور أحداثه بالدارالبيضاء، ينتقل الفيلم إلى ملامسة مواضيع عالمية مثل (الحرب على الإرهاب، والتطرف الديني، والسيطرة الأمريكية على العالم، وتجارة المخدرات...) في شطره الثاني، الذي تدور أحداثه في العاصمة الأفغانية كابول. وينتقد الفيلم في قالب كوميدي ساخر السياسة الأمريكية في أفغانستان، وحربها على الإرهاب، ودورها في دعم الجماعات الإسلامية المتطرفة، وصناعة شخصيات وهمية، مثل شخصية بن لادن التي جسدها سعيد باي. وفي هذا السياق، قال أمين الناجي في حديث ل "المغربية"، إنه يجسد في الفيلم دور "مبارك" المفتون بالإعلاميات، الذي يعيش رفقة أصدقائه الثلاثة "علي" يونس بواب، و"حميدة" رفيق بوبكر، و"مسعود" ربيع القاطي، الذين يعيشون ظروفا صعبة، جراء البطالة والفقر وقمع السلطة المجسد في شخصية الضابط المتسلط "المختار" عبد الرحيم المنياري. أمام ضغط المشاكل التي يعشونها يقررون السفر إلى أوروبا وتحديدا هولندا لتحسين أوضاعهم، لكن تكاليف السفر كانت تفوق إمكاناتهم المادية، ما يدفعهم إلى اختيار حميدة للسفر أولا، وبعد استقراره في أمستردام يرسل للباقين تكاليف السفر للالتحاق به هناك، وبعد مدة وجيزة يكتشفون أن صديقهم عالق في كابول، وأنهم كانوا ضحية عملية نصب بطلها "أوشن" عزيز دادس. أمام حرقة الأم "فطومة" فاطمة بوشان على ابنها "حميدة"، يقرر الأصدقاء الثلاثة اقتفاء أثر "أوشن" وإرغامه على مرافقتهم إلى أفغانستان، للعثور على صديقهم "حميدة" ليبدأ فصل آخر من المغامرات والمواقف الكوميدية، التي ستضفي بعدا دوليا على أحداث الفيلم. من جهته، قال الممثل الكوميدي عزيز داداس إنه يجسد في هذا الفيلم الكوميدي المليء بالحركة، دور "أوشن" "الذئب" وهو دور كوميدي لشخصية هامشية فقيرة، يحاول الصعود إلى القمة عن طريق النصب وبيع الوهم، وفي سياق عملياته المشبوهة، يعقد صفقة مع أربعة شباب يحلمون بالهجرة، لكنه يقع في شر أعماله، ويضطر إلى مصاحبتهم إلى أفغانستان للعثور على صديقهم "حميدة"، وبعد وصولهم سيتعرضون للعديد من المواقف الكوميدية الهادفة، ويعيشون الكثير من المغامرات الشيقة، التي ستنال إعجاب الجمهور المتعطش لمثل هذا النوع من الأفلام. فنيا يتميز فيلم "الطريق إلى كابول" عن باقي الأفلام المغربية بإيقاعه السريع، الذي فرضته مشاهد الحركة "الأكشن" المجسدة في المطاردات التي تعرض لها أبطال الفيلم، سواء من ضابط الشرطة "المختار" أو من أفراد الجماعات الإرهابية وعناصر الجيش الأمريكي، كما يمتاز الفيلم بخفة الأداء الكوميدي لأبطاله، الذين أبانوا عن قدراتهم العالية في التشخيص، خصوصا الفنان عزيز داداس، الذي تفجرت موهبته بشكل لافت في الفيلم بدور مختلف تماما عن الأدوار التي أداها في أعمال أخرى، وظهر أمين الناجي هو الآخر بشكل مختلف تماما عن أدواه السابقة، خصوصا تلك التي جسدها ففي أفلام "المغضوب عليهم" و"أندرومان"، و"المنسيون"، وتألق يونس بواب فكان مفاجأة الفيلم، أما ربيع القاطي، فأدى دورا من أحسن أدواره في السينما، وأبان عن علو كعبه أمام الكاميرا، وكذلك رفيق بوبكر، الذي تميز بخفة دمه المعهودة وتمرده على السائد، رغم أنه ظل حبيس شخصية الفتى المشاكس، التي ظلت تلازمه منذ ظهوره في "قسم 8" مرورا ب"عقاب" و"موسم المشاوشة" ووصولا إلى "إكس شمكار"، رغم أنه يتوفر على إمكانات كبيرة في الأداء، ورغم المساحة المحدودة التي منحت لسعيد باي في الفيلم، إلا أنه كان مقنعا بأدائه دورا من أهم الأدوار. يتميز الفيلم أيضا، بإضاءة جيدة تكشف عن حرفية عالية لمدير تصوير ممتاز، وكادرات رائعة رغم وجود فقر بسيط في الديكور، الذي دعمته العديد من المؤثرات الخاصة، كما تميز بالحبكة المتماسكة للقصة وجودة السيناريو والمونتاج الجيد. أما الإخراج فكان جيدا، من خلال الحركة الممتازة للكاميرا، رغم بعض القصور في إدارة الممثلين، مع قصور بسيط في التأليف، عوما تميز "الطريق إلى كابول" بجودة تقنية عالية، وتماسك قوي للأحداث التي انسابت بسلاسة وبإيقاع معقول قلما نجده في فيلم مغربي.