تدخلت النائبة السعدية الباهي, في إطار مناقشة الميزانية الفرعية للقطاعات الاجتماعية برسم ميزانية 2012،والتي أتت في ظرفية اقتصادية واجتماعية وسياسية ، دولية وإقليمية ووطنية مفصلية، طبعها الحراك الشبيبي المطالب بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإسقاط الفساد والاستبداد ومناهضة التمييز وتناغمت معه الإرادة العليا للبلاد وأسفر دستورا يقر المساواة والمناصفة والعدالة الاجتماعية. تقول النائبة السعدية الباهي, إننا وانطلاقا من هويتنا الديمقراطية الاشتراكية، نعتبر المسألة الاجتماعية محكا حقيقيا لنجاعة السياسات العمومية ومدى صدقيتها، ونسجل باستغراب هشاشة سياستكم وغياب الأثر الاجتماعي المنتظر منها، وصعوبة تلمسه على حياة المواطنين والمواطنات لتواضع الاعتمادات المالية المرصودة لانتظارات الفئات العريضة للشعب المغربي، مما يفرض تحمل حكومتكم وأغلبيتها البرلمانية لمسؤولياتها في تجسير الهوة بين خطابها الحماسي اللاواقعي المرتبط في اعتقادها بثورة الصناديق والقطيعة الهادئة بمنطق الاستمرارية، وبين ضعف الإجراءات والسياسات العمومية ذات الوقع المغير والإصلاحي لفئات تتوق للعدالة الاجتماعية التي ظلت حاضرة في احتجاجات عارمة متواصلة واجهتها هذه الحكومة بعنف غير مسبوق وبارتفاع أصوات الفتاوى المحللة للإهانة والحط من كرامة المعطل والعاطلة والجياع والمرضى والمغتصبات والمعنفات بإقحام ذريعة الحفاظ على هبة دولة لم يتم المساس بها أو بسيادة القانون في محاولة للتشويش على انتعاش الفعل السياسي الحقيقي، ويقظة شعبية يؤطرها الوعي بالحق في الكرامة أو لا والكرامة ثانيا والكرامة ثالثا. إن التأمل و التمحيص في القانون المالي، وفي الإجراءات والاعتمادات المرتبطة بقطاع وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية برسم ميزانية 2012، يكشف الارتجالية المؤسفة وخفوت المبادرة، والجنوح إلى الخطاب الاستسلامي الممعن في الازدواجية بين «نود و نريد» وخطاب : إلا أن العقليات والمجتمع «يفرض». إن اختزال السيدة الوزيرة لدور الوزارة في التنسيق بين ما أسمته بالقطب الاجتماعي بخصوص الآفات الاجتماعية من أمية في المجال الحضري والقروي والهدر المدرسي وتزويج القاصرات وتشغيل الأطفال، والأمهات العازبات والأطفال المتخلى عنهم والاتجار في النساء والأطفال وشبكة الدعارة والمخدرات، تغيب فيه الرؤيا الواضحة والمندمجة كما تغيب استراتيجية مناهضة العنف ضد النساء في سياستها ويغيب معها استحضار الترسانة القانونية التي تحمي حقوق الفئات المستضعفة والهشة. وذوي الاحتياجات الخاصة كلها مسؤولية حكومتكم غاب الحديث عن خطة وآليات تنفيذ قانون الأسرة من قبيل قرار حق المرأة في الولاية على أبنائها شأنها شأن الأب وإصلاح المادة 49 من مدونة الأسرة بخصوص مساهمة المرأة في تنمية ممتلكات الأسرة, سواء عن طريق عملها اليومي غير المأجور أو مساهمتها المادية، وجعل عقد تدبير ممتلكات الأسرة إجباريا رفعا لأي حرج وتفاديا لأي هدر للحق، وكذا إصلاح النصوص المتعلقة بالنفقة وبيت المحضون ومستحقات الحضانة بما يضمن كرامة الأطفال واستقرارهم وإصدار قانون شامل لمحاربة العنف يضمن الوقاية والحماية وعدم الإفلات من العقاب وهي مسؤولية كبرى. لقد استحسنا إضافة اسم المرأة لهذه الوزارة غير أننا نأسف لغياب الإرادة المحركة والرافعة والقادرة على ترسيخ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية و المدنية والثقافية والبيئية للنساء، كما يغيب التضامن المسؤول ويحضر التنكر والتجاهل والاتهام والافتعال والهجوم والتشهير بالمجتمع المدني في قضية كقضية أمينة التي فدت بروحها أمينات الرافضات للاعتداءات والعنف المتعدد. اعتبارا منا - في الفريق الاشتراكي - لأهمية العنصر البشري في تحقيق التنمية، نساء ورجالا لا تحفظ كرامتهم إلا بحفظ الحق في الشغل بعد الحق في التكوين والتأهيل والتعليم لضمان العيش الكريم والسكن اللائق والصحة النفسية والجسدية والأمن الغذائي، تأتي ميزانيتكم لتؤكد الغموض المتستر وراء الاستمرارية ومواصلة الأوراش بدون استراتيجية وآليات التدبير والتنفيذ والرزنامة الزمانية. سواء بالنسبة للصناديق الاجتماعية أو للبرامج التي سبق التفكير فيها أو وضعها ليبقى مطلب الحق في الشغل والتشغيل معلقا، وتستمر سياسة تشجيع البطالة المقنعة لحاملي وحاملات الشهادات وراء خلفيات الشراكة مع المجتمع المدني بمنح هزيلة أمام مجهودات جبارة. ويبقى الحديث عن التشغيل بأرقام لا تستند للمعايير المقنعة ولا تأخذ فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعين الاعتبار وحين يغيب الحق في التشغيل وتتقلص الميزانيات, نضع صحة المواطن في نفس الكفة حين لا نجد في الميزانية ما يتلاءم مع السياسة التي تضمن الحق في التغطية الصحية الكاملة والشاملة في ظل مستشفيات عمومية مفتقرة للتجهيزات وللأطر الكافية من أطباء ومهنيي الصحة ومفتقرا للحكامة وحسن التدبير وغير مستحضر للمجال ولحاجيات الساكنة في المدن والبوادي، غير متحكمة في القطاع الخاص، نستحضر المجهودات المبذولة من طرف السيد وزير الصحة الحالي التي نتمنى التجاوب معها تفعيلا لروح الدستور. مما يفرض إقرار تعاقدات لمحاربة تبذير الزمن الصحي لأطباء القطاع العام لصالح القطاع الخاص لمرتفقي الصحة العمومية مع مراقبة صارمة لأسعار وجودة الخدمات، وبلورة عقود شراكات جديدة بالنسبة لمرض القصور الكلوي والسرطان والأمراض المزمنة. كما حان الوقت لوضع سياسة دوائية تغطي حاجيات المرضى مجاليا، وننتظر ككل المغاربة أو باسمهم تطورات ملفات الاختلالات وتفعيل محاربة الفساد ودور المجلس الأعلى للحسابات. لقد أصبح ملف التعاضديات -والتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية نموذجا- مسرحا لتصفية الحسابات السياسوية الموجهة بشكل يضرب المبادئ والقيم المؤطرة لعملها،فبات من الضروري اعتماد الحياد وتطبيق القانون مع جميع الهيئات. وإذ نسجل استحسانا لمجموعة من البرامج المرتبطة بالطب الاستعجالي رغم الإكراهات المادية والمجالية نأسف للخصاص الكبير بخصوص الصحة النفسية لما لها من أهمية ونحمل المسؤولية للحكومة بكل مكوناتها من أجل الموازنة بين الميزانيات لتكون في مستوى خطابها الانتخابي والإعلامي في ظل استفحال الأمراض المزمنة (كالسرطان والقصور الكلوي والتهاب الكبد الفيروسي ووفيات الأمهات والأطفال) وغياب مقاربة سوسيو صحية وطنيا. إن معالجة قضايا المرأة والطفل والأسرة تقتضي جرأة وشجاعة وإمكانيات للتشخيص أولا, سواء بالنسبة لما اصطلح على تسميتهم بأطفال الشوارع أو الأطفال في وضعية الشارع وهم أطفال أسر في وضعية صعبة أو الأطفال المتخلى عنهم وهم أطفال الآباء العزاب المتنصلين من جميع مسؤولياتهم الأخلاقية أو دعارة القاصرات أو زنى المحارم وكذا تشغيل الأطفال والنساء أو الاتجار فيهم. وهذا يقتضي سد الثغرات المرصودة في قانون الأسرة بفتح ورش مع الفاعلين الاجتماعيين و القانونيين والممارسين من المجتمع المدني . ولنا في صندوق التكافل العائلي رأي بخصوص إعادة النظر في ميزانيته وفي شروط الاستفادة منه وكيفية الاستفادة منه احتراما لكرامة الأم والأطفال. وعلى ذكر صندوق التكافل العائلي, نأسف للممارسة اللاديمقراطية التي قامت بها الحكومة الحالية بتهريب هذا الصندوق وتنظيم حفل بإحدى الوزارات للإعلان عنه والكل يعرف في هذه القاعة أن الفريق الاشتراكي هو الذي قاد معركة إخراجه لحيز الوجود وهو الفريق الوحيد الذي تم استثناؤه حتى من هذه المراسيم التدشينية المفترى عليها. أما بخصوص الشغل والتشغيل نسجل تراجعات على مستوى التزامات الحكومة لحقوق الطبقة الشغيلة.وإغفال حقوق الشغيلة في الأعمال الهامشية وغير المهيكلة. كالعاملات بالحمامات والطباخات الشعبيات في غياب الشروط التي تحفظ الكرامة والحقوق. ونحن نؤمن بنجاعة التشغيل الذاتي في ظل العولمة الشرسة والأزمة الاقتصادية. غير أن تهييء الأرضية والوسائل والاستراتيجية تبقى مسؤولية الدولة وفعالية شراكتها مع الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين والمنعشين العقاريين طبعا بأرقام و زمن. وبخصوص التكوين المهني نتوقع فشل هذا القطاع إذا اكتفى بالمقاربة الكمية وأغفل التكوين الاحترافي المبني على الأشغال التطبيقية لإنتاج الكفاءات الملائمة لسوق الشغل. وعن موضوع الرياضة والفشل الملازم لها والعنف السائد في حلباتها, فإن القطيعة التي أسست لها سياسات النظرة الفوقية بين الرياضة المدرسية وما يصطلح عليه بالرياضة البدنية في المقررات الدراسية لم تكن واضحة المعالم ولم يبلغ المراد من تهذيب النفوس وانتقاء المواهب وتتبع الأبطال مما يبقي محاسبة الجامعات الرياضية شكل من أشكال التهرب من المسؤولية والتمويه. مما يطرح تأهيل الحقل الرياضي وتنقيته. إنه ميدان يفترض فيه الإنصاف وتشجيع المهارات، ونقول للسيد وزير الشباب أننا في الفريق الاشتراكي عندما أثرنا موضوع المدرب «غيريتس» فللانسجام مع بنود الدستور الجديد (الحق في المعلومة) والاتهام ليس موجها لكم وإنما لتصحيح مسارات الشفافية والحكامة. كما نعتبر البرامج الخلاقة كالعطلة للجميع والجامعات الشعبية جديرة بالمواصلة لما لها من أثر في تأهيل الشباب والشابات وهو هدفنا الاستراتيجي.