لا يختلف اثنان حول الأهمية البالغة للإعداد البدني داخل منظومة الممارسة الكروية. فهذا التخصص الذي يقوم على أسس علمية بحتة، يفرض تعاقد الأندية مع ذوي الخبرة والكفاءة العلمية حتى يكون تهيئ لاعبيها جيدا، وبالتالي تحسن المردود العام داخل الميدان. ففي المغرب ظل هذا التخصص غائبا عن محيط الفرق المغربية إلى سنوات قليلة، حيث انفتح بعضها على معدين بدنيين مختصين، غير أن فئة مهمة منها مازالت حتى الآن تغرد خارج السرب، حيث تلجأ لبعض الأشخاص الذين يفتقدون للصفة العلمية والأكاديمية، وتناط بهم وظائف أخرى (سرية) بعيدة عن تخصصهم، الأمر الذي يؤثر على الأداء العام للفريق، وبالتالي تواضع المنتوج الكروي المقدم، الذي مازال، مع كل الأسف، يفتقد للكثير من الاحترافية. هذا الوضع يعزز عدم الثقة داخل الفريق، ويفتح المجال أمام ظاهرة تغيير المدربين، لأن المسيرين لا يتعاقدون مع طاقم متكامل، يكون فيه المدرب هو ضابط الإيقاع، وإنما مع أشخاص، لا يجمعهم برنامج عمل موحد، الشيء الذي تكون له نتائج عكسية على وحدة العمل، ويؤدي إلى عدم الاستقرار. وبمسح سطحي لأجواء فرق النخبة، التي يقال إنها دخلت عهد الاحتراف، نجد أن فئة هامة منها لا تتوفر على مهيئين بدنيين، باستثناء، «القوى التقليدية». ومن ناحية أخرى، نجد أن فرقنا لا تتكلم لغة واحدة في مجال الإعداد البدني، لغياب رؤية موحدة على الصعيد الوطني، يحدد تفاصيلها المعد البدني الوطني، الذي لم يفتح قط قناة الاتصال مع زملائه بالفرق الوطنية. فباستثناء اللقاء / الصدفة الذي ساهمت فيه إحدى الدورات التكوينية، فإنه لم يتصل بأي منهم، وكأنه غير معني بلاعبي البطولة. علما بأن المنطق يقتضي الانفتاح على الأندية الوطنية، للوقوف على الإمكانيات البدنية للاعبيها، سيما أن الناخب الوطني كثيرا ما صرح بأنه لن يفتح الباب إلا في وجه اللاعب الجاهز، فهل تكفي مشاهدة مباراة واحدة لقياس جاهزية لاعب ما؟ بالتأكيد لا، لأن هذا اللاعب ينبغي متابعة كافة تفاصيله داخل فريقه، وطريقة إعداده، قبل أن توجه له الدعوة. فالمعد البدني، بنظر الأستاذ عزيز الميلاني - الذي سبق له أن أشرف على الإعداد البدني للاعبي المنتخب الوطني لسنوات طويلة، وبلغ رفقتهم نهاية كأس إفريقيا 2004 - هو رجل متعدد المهام، فهو الأب والموجه والمربي والمعد البدني، وباختصار هو أقرب الناس إلى اللاعب، وبالتالي وجب أن يكون أهلا لهذه المهمة، التي تعد من الأسس المتينة لكرة القدم الحديثة. وعلى صعيد آخر، تساهم بعض الممارسات التي يقدم عليها بعض اللاعبين في تواضع منسوبهم اللياقي، ذلك أن عدم وعيهم بالأخطار التي يسببها تعاطيهم لبعض المواد المحظورة، ضربة قوية لعمل المعد البدني، حيث أن تراجع أدائهم داخل الملعب يفتح باب الشك في عمل المهيئ، حتى لو كان صاحب كفاءة، الأمر الذي يفرض على الأندية ضرورة تغيير طريقة التعامل مع اللاعبين، وتحسيسهم بأنهم معتنى بهم، وليسوا مراقبين، وكذا تحسيسهم بحق بدنهم عليهم، فهو رأسمالهم الوحيد، وبالتالي فإن تعريضه للأخطار يقلص من عمرهم الافتراضي داخل المستطيل الأخضر. في هذا الملف، نستعرض أهمية المعد البدني داخل منظومة كرة القدم، وكيفية تطوير المنسوب اللياقي للاعبي البطولة، وهل فعلا وصلنا إلى مستوى الاحتراف؟، وغيرها من النقط المؤثرة على استقرار أداء اللاعبين في الملاعب، والتي تساهم في تواضع المردود الكروي.