من الأسئلة «التائهة» أمام علامات التعجب وخلف علامات الاستفهام، تلك التي ما تزال مثار قلق المهتمين والمدربين والمربين والمسيرين: ومنها أساسا «لماذا ارتبطت كرة القدم النسوية بالمغرب بالمشاكل والظواهر الاجتماعية أكثر ما ارتبطت بآفاق الانفتاح والتنافسية وبناء أواصر التضامن الاجتماعي»؟، ما زاد فأكده أحد المعنيين والمهتمين بالكرة النسوية. مصدر مسؤول توقف بذاكرته عند الكارثة/ القنبلة المتعلقة بفضيحة انتشار مظاهر الرشاوى والتدخين والشذوذ الجنسي والسحاق وتعاطي الشيشا والعنوسة بمعسكرات المنتخب الوطني النسوي عام 2001، والتي انعكست سلبا على سمعة الممارسة الكروية النسوية، وعلى موقف الآباء والأولياء وثقتهم في هذا الصنف الأنثوي من الرياضات، وقد بادرت 14 لاعبة من منتخب المغرب لكرة القدم النسوية، خلال شهر نونبر 2001، إلى توقيع عريضة بعثن بها إلى الجامعة الملكية لكرة القدم، وهن يشرن فيها إلى بعض مظاهر الشذوذ الجنسي والتدخين والرشاوى وتعنيف اللاعبات الصغيرات في السن. وسبق لإحدى لاعبات المنتخب الوطني النسوي (ك. م. من خريبكة) أن نشرت غسيل الفضيحة على أعمدة أحد المنابر الوطنية، بتأكيدها آنذاك على وجود ظواهر مفزعة، وكان من الضروري أن «تفضح هذه الممارسات لأن الآباء يوجهون بناتهم من أجل تقويم السلوك وليس من أجل التدخين وممارسة الشذوذ الجنسي»، تقول اللاعبة، وزادت هذه الأخيرة فكشفت عن سلوكيات مدرب آنذاك وابتزازاته، ومطالبته اللاعبات بتقديم الهدايا، بينما فات لمحمد العبدي، المسؤول آنذاك على الفريق النسوي الخنيفري، أن تحدث على موقع الكتروني عما وصفهم ب«المسؤولين الذين حولوا لاعباتهم إلى رقيق أبيض، وعمدوا إلى استخدام السحاقيات للتأثير على الانخراط بأنديتهم»، وصرح قائلا «لن يتمكن أحد من إقناعي بالعدول عن الحديث حول ما شاهدته، وعاينته بأم عيني شخصيا، خلال دوري وطني لكرة القدم النسوية»، بالتشديد على أن «هناك ما يؤكد تنامي ظاهرة السحاق»، يضيف محمد العبدي. محمد العبدي، الرئيس الحالي لنادي الآفاق للرياضة (الكرة النسوية) بخنيفرة، وأحد المهتمين بساحة الكرة النسوية، لم تفته، في لقاء به، الإشارة إلى ما وصفه ب «جرأة المكتب المسير لفريق شباب أطلس خنيفرة عام 2001»، في إقدامه على اتخاذ قرار بمنع لاعباته من المشاركة بمعسكرات المنتخب النسوي، وكانت للاعباته جرأة الحديث عن الظاهرة عبر وسائل الإعلام الوطني، يقول المعني بالأمر، ما جعل القضية تتخذ منحى آخر كان من نتائجه اتخاذ تدابير في حق مجموعة من المسؤولين بطاقم المنتخب الوطني واعتبرت الإدارة التقنية أنذاك الظاهرة دخيلة على المنتخب الوطني، وأنها تنتشر وسط الفرق الرياضية، واستعملت مجموعة من الفرق الظاهرة لأجل ضمان استقرارها، والحفاظ على مصالحها. في ذات السياق يكبر السؤال: ما هي الظواهر السلبية التي تهدد مستقبل كرة القدم النسوية بالمغرب مع اتخاذ الجامعة قرار بتنظيم بطولة وطنية بشطر وحيد؟ سؤال تأبطناه وطرحناه على محمد العبدي، هذا الأخير استعرض لجريدتنا مجموعة من الظواهر التي منها: 1 الهدر المدرسي: تنظيم بطولة وطنية بشطر وحيد يعني التشجيع على الهدر المدرسي نظرا لتباعد المسافات بين الفرق الرياضية المتنافسة، وهذا سيدفع الآباء إلى اتخاذ قرار بمنع اللاعبات من المشاركة بالبطولة الوطنية لكرة القدم النسوية، وهذا فيه حرمان لحق من حقوق الفتاة. 2 انتشار ظاهرة البطالة: تنتشر ظاهرة البطالة بشكل كبير وسط لاعبات كرة القدم النسوية إذ أن أغلبهن لا تتوفرن على عمل قار، بل منهن من جعلن من كرة القدم مهنتهن بدون تأمين ولا تعويضات حقيقة، ومن باب الاحتمال أن تتفاقم الظاهرة ببطولة الشطر الوحيد إبان الموسم المقبل. 3 ارتفاع نسبة العنوسة: تجاوز غالبية لاعبات كرة القدم سن 28 سنة، ما يعني أن البطولة باتت عجوزا، وأنها تدار نسبة كبيرة من اللاعبات اللواتي تجاوزن 27 سنة، وهذه الظاهرة يعاني منها المنتخب الوطني النسوي الذي انتكس في العديد من المناسبات، ومع أن كرة القدم النسوية لا توفر فرص شغل لكونها لازالت جنينية فليس فيها إلا ما يعرض اللاعبات إلى مشاكل اجتماعية ليست في الحسبان، ولعل ما يدل على شيخوخة البطولة يتجلى في عدم قدرة 24 فريقا بالبطولة الوطنية، و التي تستفيد من 240 مليون سنويا كدعم مالي، إنتاج 20 لاعبة أقل من 20 عاما للمشاركة مع المنتخب الوطني الذي انتكس ضد تونس ب 5/1 . 4 انتشار ظواهر التماثلية الجنسية: تحمل مجموعة من اللاعبات / أو تفضلن المناداة عليهن بأسماء اللاعبين الذكور ما يفسر درجة التباهي بالجنس الذكر، وهذا فيه ضياع لأنوثة لاعبة كرة القدم، وتقلد مجموعة كبيرة من اللاعبات نظرائهن الذكور في اللباس وتسريحة الشعر، وهذا لن يدفع في كل الحالات إلا لعزلهن عن المجتمع الذكوري الذي يحمل عن هاته القيم نظرة سلبية. 5 انتشار ظواهر التدخين والشيشا: تعتبر هاته الظواهر السلبية واقع حال لدى مجموعة كبيرة من اللاعبات و لدى مجموعة من الفرق التي تتعايش معها، بل وتسمح بها لأجل الحفاظ على تركيبتها ومكاسبها، وهذا يتم على حساب صحة اللاعبات وسمعة الفريق الذي يتأثر أيما تأثر بموقف الجمهور وبموقف الأسر. 6 افتقار إلى مشروع تربوي: تفتقر أغلبية الفرق المسيرة لكرة القدم النسوية لمشروع رياضي متكامل، يشكل فيه البعدين التربوي والاجتماعي الأساس، إذ أن من المصلحة اعتبار ممارسة كرة القدم بالنسبة للاعبة موجه تربوي وموجه يقي اللاعبات من الانحراف الاجتماعي، إذ يمكن تسجيل وجود مجموعة من الفرق صامتة ومكتفية بالتفرج على ظواهر تنخرها وتؤثر على صحة الفتاة. 7 موقف الأسر من الكرة النسوية: تحمل العديد من الأسر موقفا سلبيا من كرة القدم النسوية، إذ تجدها تشجع بناتها على ممارسة ألعاب القوى وباقي الرياضات الأخرى، لترى في هذه الرياضة لعبة خشنة ومخترقة بالمظاهر السلبية، إضافة إلى موقف الرجال من لاعبات كرة القدم وعم تقدمهم للزواج بهن خوفا من ردة فعل أسرهن. ومن جهة أخرى يطفو مشكل الإخلال بالواجب الوطني، بعد أن دفعت المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها لاعبات كرة القدم بثلاث لاعبات من المنتخب الوطني، (من فريق شباب أطلس خنيفرة)، إلى حمل قميص دولة الإمارات العربية، خلال الدورة الرابعة لبطولة غرب آسيا لكرة القدم النسوية التي احتضنتها دولة الإمارات ما بين 2 و12 أكتوبر من العام الماضي، و راعت الجامعة الظروف الاجتماعية للاعبات وعفت عنهن خلال شهر فبراير الماضي. الكثير من المؤشرات تؤكد أن كرة القدم النسوية بالمغرب تعيش مشاكل معقدة لكون الجامعة الملكية لكرة القدم ترى فيها مجرد لعبة وبطولة تتنافس فيها الفرق، ولا ترى فيها مشروعا تربويا و فكريا واجتماعيا قادرا على توجيه لاعبة كرة القدم والمساهمة في حمايتها وتحسين صحتها، كما لا ترى فيها لاعبا أساسيا مشجعا على توسيع قاعدة الممارسة، من هنا تبرز خطورة الممارسة الكروية للفتاة المغربية، ومن هنا أيضا تبرز خطورة إقدام الجامعة الملكية لكرة القدم على تنظيم بطولة الموسم القادم بشطر واحد/ وحيد. وفي تصريح ل«الاتحاد الاشتراكي»، قال محمد العبدي، «كانت لي الجرأة لما كنت رئيسا لفريق شباب أطلس خنيفرة لكرة القدم النسوية عام 2001، لما صرحت، بتاريخ 14 نونبر من نفس السنة، أن منتخب نساء كرة القدم منحل وفاسد وتخترقه الرشاوى والشذوذ الجنسي والتدخين وكذا انتشار العنف»، كما كانت لي الجرأة، أيضا، يضيف رئيس نادي الآفاق ب«اتخاذ قرار يقضي بمنع لاعبات الفريق من المشاركة بمعسكرات المنتخب الوطني»، و«اليوم لا زلت مؤمنا بانتشار تلك الظواهر وسط اللاعبات، بل تفاقمت وانتشرت بشكل واسع وأصبحت تهدد مستقبل كرة القدم النسوية المغربية»، حسب محمد العبدي الذي زاد فأكد على «أنه يعلم بالكثير عن الظواهر المذكورة»، وكيف توظف وتستعمل كوسيلة استقطاب. وأضاف محمد العبدي أن «انتشار مثل هاته الظواهر يؤثر سلبا على الفرق التي تبنت مشروعا تربويا و تكوينيا خاصا، وأن الجامعة لا تولي أية أهمية لمثل هاته الفرق ولا تعطي أهمية لمحاربة مثل هاته العاهات الخطيرة»، ولم يفته التعبير عن أمله في «أن تتخذ الجامعة الملكية قرارا جريئا بإعادة النظر في البطولة والعودة إلى فرق العصب الجهوية لتأطيرها وتكوينها بالاعتماد على مشروع تربوي واجتماعي يهدف إلى حماية اللاعبات والفرق وحماية الممارسة برمتها»، حسب رأي رئيس نادي الآفاق للرياضة والتنمية (كرة القدم النسوية).