- ما هو تصورك لإصلاح الإعلام العمومي ببلادنا؟ - أولا وقبل كل الشيء إن إصلاح الإعلام السمعي البصري العمومي ليس وليد اليوم، لقد كانت بعض المبادرات مع الحكومات السابقة لكنها لم تصل إلى المستوى المطلوب، كما وجب التذكير أن وتيرة المطالبة بإصلاح الإعلام العمومي زادت حدتها وعرفت ضغطا كبيرا في المدة الأخيرة في إطار الحراك الاجتماعي المغربي الذي جعل من مطلب إصلاح الإعلام العمومي أحد المطالب الأساسية وصيغت عدة شعارات حوله وهتفت بها الجماهير المغربية في الشوارع، كما نذكر كذلك بالنضالات التي قامت بها التنسيقية الوطنية للمطالبة بالإصلاح الإعلام العمومي المكونة من النقابة الديمقراطية للسمعي البصري المنضوية تحت لواء الفدرالية الديمقراطية للشغل، المكتب الموحد لمستخدمي القناة الثانية التابع للاتحاد المغربي للشغل، والمكتب الوطني الموحد للاذاعة والتلفزة العضو في الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، المطالبة بإعلام حر ديمقراطي ونزيه يستجيب لتطلعات الجمهور وكافة فئات الشعب المغربي، وما نلاحظه هو هناك إرادة سياسية في استقلالية الإعلام وتحريم التدخل فيه، وإرادة قوية للإصلاح لكن نسجل هنا بشكل سلبي على أن هناك تغييبا للفاعلين الاجتماعيين المعنيين بأمر الإصلاح، ثم تغييب الأحزاب السياسية للمساهمة في بلورة إستراتيجية الإصلاح، خاصة وأن اللحظة الآن هي لحظة تأمل في عمليات الإصلاح، وهنا يطرح السؤال المركزي هل فعل ستكون حرية للدفع بالقطاع العمومي؟ هل فعلا سنبلور خدمة عمومية للإعلام العمومي لإخراجه من هذا المأزق؟ وتحويله من إعلام رسمي إلى إعلام عمومي فعلا حر ونزيه وديمقراطي؟ نحن بحاجة إلى ترسيم خط تحرير يتجاوز ما هو سائد اليوم، خط تحرير يواكب حاجيات وتطلعات الشعب المغربي، خط تحرير فيه تعددية حقيقية تقتضي أن تعبر عن كل الآراء بالرغم من الاختلاف في المشارب الفكرية والسياسية والتنوع التنوع الثقافي الذي يمتاز به المغرب والذي هو أحد مكونات الهوية المغربية. - يرى وزير الاتصال الحالي مصطفى الخلفي أن إشكالية إصلاح الإعلام العمومي، إشكالية تتجاوز تغيير المسؤولين؟ مارأيك؟ يجب أن نتفق على نقطة أساسية بالرغم من التعثر في عمليات الإصلاح في قطاع الإعلام العمومي، فالتراكم حول الإصلاح حاصل وموجود في الأفكار والتصورات، لذلك نقول إن التاريخ لم يبدأ اليوم، لقد كنا في الآونة الأخيرة نطالب بتغيير عدد من المسؤولين ورفعنا شعار «ارحل» في عدة وقفات احتجاجية أمام مقر القناة الثانية وفي زنقة البريهي أمام مقر الإذاعة الوطنية للاذاعة والتلفزة المغربية، واليوم نريد أن نؤكد مرة ثانية أن عمليات الأصلاح للإعلام العمومي لايجب أن تتم بالوجوه القديمة والتي لا تؤمن بالاصلاح والديمقراطية، ولايمكن أن يتم الاصلاح بناس لهم عقلية مرتبطة بتاريخ ما، وبالفكر الوحيد والأحادي وعقلية الاقصاء، فلا يمكن لهؤلاء البعيدين بفكرهم وانتمائهم الثقافي للمرحلة السابقة أن يحملوا مشعل الإصلاحات بالإعلام العمومي، فمن هم آهلون لتثبيت الاصلاحات الكبرى على أرض الواقع هم أولائك المؤمنون بهذا الإصلاح وأن تكون لهم علاقة وطيدة بالإعلام، لأنه ما يلاحظ أن علاقات الزبونية والمحسوبية وبعض الجهات الخارجة عن الوسط الإعلامي كانت قد تحكمت في تعيين وفرض أشخاص في مواقع المسؤولية لا علاقة لهم باللحظة التاريخية التي كنا نامها كرجال ونساء الإعلام، لذلك وجب احترام الرأي العام الوطني والانفتاح على الأطر والكفاءات التي لها رصيد وتجربة كي نكون في مستوى تطلعات الشعب وفي مستوى المشهد الاعلامي الدولي من حيث المنتوج الاعلامي. - بعد ما كانت دار الإذاعة والتلفزة المغربية مؤسسة عمومية انتقلت الى شركة وطنية هل فعلا تم الانتقال بشكل كامل؟ . - انتقال على مستوى الشكل حاصل، لكن على مستوى المضمون والواقع فليس هناك أي انتقال، فعلى مستوى المنتوج داخل القطب العمومي ليس هناك أية نتيجة تدل على الانتقال، فوضعية الصحفي لم تتغيير، الحرية في العمل الصحفي والإعلامي لازالت خاضعة للرقابة الذاتية والمباشرة، المعالجة للمواضيع يتم تغييب المهنية والاحترافية وبالتالي تصبح الحقيقية غائبة، ومازال الهاجس الأمني طاغي على مستوى الاعلام العمومي، كما لازال المسؤولون يتدخلون في مواضيع معينة، فالاعلامي لا يحس أنه انتقل الى الحرية المقرونة بطبيعة الحال بالمسؤولية، لازالت جهات تتدخل في الحصول على منتوج اعلامي معين ولكم عشرات الأمثلة. - مثلا؟ - ما حصل في التعامل الإعلامي مع الدستور والاستفتاء عليه، عملية الانتخابات الأخيرة، فالمعالجة الإعلامية لهذه المواضيع لا تختلف عن المعالجات الإعلامية السابقة بالرغم من أن المغرب يعيش مرحلة سياسية جديدة وحراكا اجتماعيا كبيرا، ولم يلعب الإعلام دوره الأساسي في الإخبار وتأطير الرأي العام بشكل نزيه وصريح ولكنه في المقابل عكس ما هو رسمي. - وماذا عن وضعية العاملين بالشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة ؟ - إن الشركة الوطنية للاذعة والتلفزة تعيش وضعية صعبة وخاصة، ففي الشركة يوجد اليوم الموظف الرسمي والمتعاقد، فحين يطرح مشكل إداري لازلنا نتخبط في الاجتهادات هل يطبق القانون الأساسي للوظيفة العمومية أم مدونة الشغل؟ اما بالنسبة للقانون الأساسي فهو لم يفعل ويطبق في كثير من نصوصه، فوضعية المندوبين عن العاملين فمنذ انتخابهم لم يؤدوا دورهم كمندوبين للعاملين، لان الإدارة تتعامل باللامبالاة، فكيف يعقل حين نتحدث عن مؤسسة إعلامية نجد الإداري والصحفي متساوين في الوضعية الإدارية والحقوق، يجب أن نعمق النقاش مع الوزارة حول أن يصبح الصحفيون الإعلاميون هم القاطرة للمؤسسة الإعلامية وتوضح الأمور الصحفي صحفي والإداري إداري والتقني تقني، فكل المؤسسات الإعلامية المحترمة في العالم، فالصحفي هو القاطرة في المؤسسة الإعلامية، لكن ما هو حاصل لدينا في الشركة هو العكس. - وماذا عن بعض الأقسام الأخرى للشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة؟ - فحدث ولا وحرج فهناك عدم احترام لدفتر التحملات، فمثلا كل الصحفيين معطلين بسبب الاعتماد على شركات إنتاج وطنية خاصة في كثير منها لا تتوفر فيها الشروط والمعايير المهنية والإدارية لإنتاج أعمال مختلفة، في حين هناك العشرات من الصحفيين في قطاع الإنتاج مهمشون ويمكن أن ينجزوا هذه الإعمال بمهنية واحترافية عليتين وبتكلفة مالية أقل بكثير.. والموضوع طرحناه في مناسبات كثيرة مع المدير العام وسجلنا ملاحظات كبيرة وألححنا على الاعتماد علي المهنيين داخل المؤسسة لكن إلى حدود اليوم للأسف مازلنا نلاحظ نفس الممارسات والمعاملة في التعاطي مع الإنتاج الإعلامي داخل الشركة. - وماذا عن المجلس الإداري لادارة الشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة؟ - ما انتبهت إليه وأثارني في اجتماع للمجلس الإداري كعضو يمثل العاملين بالشركة هو أن هذا المجلس يجتمع بجدول أعمال ويتداول ويناقش المواضيع لكن دون أن يتخذ قرارات، وفي كثير من الأحيان يتركون للرئيس صلاحيات اتخاذ القرار، لذلك في نظري ألاحظ أن المجلس لا يشتغل بشكل تنظيمي، ومن المفروض أن يتخذ قرارات واضحة كما لا نقبل أي قرار يدخل في اختصاصات المجلس الاداري لا يتخذ من طرفه وداخل اجتماعاته وكل قرار انفرادي نعتبر أنفسنا نحن كممثلين عن العامليين غير معنيين به، ثم ملاحظة وأخرى تدخل في إطار تنزيل الدستور، فكل مداولات واجتماع المجلس الاداري تتم باللغة الفرنسية، فكيف لمؤسسة اعلامية تساهم في تاطير المجتمع تتداول في أشغالها بلغة غير اللغة الرسمية المنصوص عليها في الدستور، فمن لا يحترم هويته وثقافته كيف سيساهم في نشرها واداعتها عبر مؤسسة اعلامية مغربية، لذلك طالبت بأن تترجم وثائق ومحاضر الاجتماعات للغة العربية ولا زلنا ننتظر وسيكون لنا رأي في الموضوع دفاعا عن التنزيل الديمقراطي للدستور في هذه القضية احتراما لهويتنا وثقافتنا خاصة أن هناك منشورا للوزير الأول سابقا ينص على اعتماد اللغة العربية في جميع المراسلات والمعاملات الادارية. - يتم التحضير للاعلان عن مسودة قانون المجلس الوطني للصحافة التي تم تحضيرها في الأسبوع المقبل حسب وزير الاتصال، مارأيكم في الموضوع؟ - أولا نعتبر مبادرة المجلس الوطني للصحافة، مبادرة لم يساهم فيها كل الفاعليين في الصحافة وبالتالي نعتبر نحن في النقابة الديمقراطية للسمعي البصري أنها مبادرة للوزارة الاتصال لوحدها والأطراف المشاركة معها فيها، وسنقدم وجهة نظرنا في الوقت المناسب وسنلجأ الى كل الوسائل للدفاع عن وجهة نظرنا في الموضوع وان اقتضى الأمر اشراك كل الفاعليين النقابيين والسياسين والهيئة التشريعية للدفاع عن مقترحاتنا، كما سنطالب من المركزيات النقابية أن تدعمنا في الموضوع وكل الغيورين على الاعلام العمومي المغربي. - وماذا عن الآفاق المستقبلية؟ - بالسبة للتنسيقية لنقابات الاعلام العمومي، لقد قمنا بعمل نضالي وحدوي وسنطوره في المستقبل لان ما ينتظرنا كبير جدا ويتطلب الوحدة والتضامن من الحفاظ على المكتسبات وتحقيق المطالب المشروعة وسنعمل على عقد لقاءات مستقبلية من أجل توحيد النضال ورسم خارطة طريق جديدة. تجاهل تلفزتنا وعدم إيلاءها الاهتمام اللازم بأحد أهم المواضيع المثيرة للنقاش حاليا في الوسط الرياضي والقانوني، يحيلنا على نفس السلوك الذي أفرزته تلفزتنا قبل موعد الاستفتاء على الدستور في يوليوز الماضي، إذ لاحظنا أنها وحدها الرياضة التي غابت عن كل البرامج الحوارية التي تناولت كل القطاعات وكل المجالات المجتمعية التي ارتبطت بالتعديلات الدستورية، بل حتى البرامج الحوارية ذات الطبيعة الرياضية في «الأولى» و«الرياضية» و«الثانية»، تجاهلت بدورها التطرق حينها لمناقشة مطالب الرياضيين المتعلقة بدسترة الحق الرياضي. أفلا يستحق موضوع فرض الضريبة في القطاع الرياضي ومختلف التفاعلات التي أفرزها فتح النقاش والحوار في قنواتنا المتلفزة؟ أم أن نقل منافسات التنس من كل مدينة بل ومن كل بلد، وفي كل ساعة وفي كل يوم، أهم لدى العاملين في قنوات الرئيس المدير العام فيصل لعرايشي الذي يترأس بالمناسبة جامعة التنس المغربية؟