منذ أزيد من ثلاث سنوات، وأيقونة الفن الشعبي بمنطقة الشمال الحاج محمد العروسي، يصارع آلام المرض وحيدا، يعاني من مرض القلب. ومنذ شهر فبراير الماضي، وهو يعيش في حي شعبي «بنسليمان» بمدينة فاس، يعاني ماديا بسبب توقف مدخوله بعدما ألزمه المرض البيت والفراش، ومنعه من إحياء الحفلات التي كانت مصدر دخله الوحيد. هذا الفنان الذي يعتبر رمز «الطقطوقة الجبلية»، أطرب آذان المغاربة لعقود من الزمن بفنه المتميز الجميل، وبصوته الرخيم الذي ينطلق من أعماق جبال منطقة تاونات. هذا الشاعر - المغني الذي ساهم بفنه في إيقاظ روح الوطنية لدى الإنسان الجبلي، من أجل تحرير البلاد، ومقاومة الإستعمار الإسباني. كما أكد ذلك المرحوم المقاوم والمناضل الاتحادي محمد المكناسي، حين قال: «أن أغاني العروسي كانت من العوامل التي أججت اشتعال المقاومة». و بسبب أغانيه الحماسية والجريئة تعرض للاعتقال من طرف السلطات الحماية الفرنسية سنة 1944، عن أغنيته التي تنتقد معمرا فرنسيا اسمه «القبطان صولي»، هذا المعمر كان يحكم المنطقة ويسلب خيرات أهلها، زد على ذلك أن هذا الفنان الشعبي الطريح الفراش الآن، كان يتعرض للمضايقات من طرف الإستعمار الفرنسي، منها منعه من دخول مدينة فاس سنة 1952 . وبعد الإستقلال أذاعت له الإذاعة الوطنية المغربية العديد من أغانيه منها قصائد وأغاني وطنية رائعة نالت شهرة واسعة ابتداء من سنة 1958 . شيخ العيطة الجبلية ولج عالم الفن من بابه الواسع ابتداء من سنة 1970، حيث أغنى الخزانة المغربية بعشرات الأغاني الخالدة، فاقت 526 أغنية. وأصبح مرجعا مهما من مراجع الطرب الشعبي المغربي الأصيل. يلجأ إليه كل المهتمين بتراث وفن جبالة، وكذلك الذين يبحثون في الثقافة الشعبية. وعلى الخصوص الأغنية الجبلية المنتشرة في شمال غرب المغرب، في كل من شفشاون، طنجة، العرائش، القصر الكبير، أصيلة، وزان، تاونات... الشاعر والمغني محمد العروسي، لقبه الحقيقي هو محمد ولد اطريريف، لأن والده كانت له حرفة «خراز»، أي «طراف»، وهو من مواليد 14 يناير 1934، بدوار دروكول تافرانت قبيلة بني زروال دائرة غفساي إقليم تاونات، من أسرة تتعاطى للفلاحة. قرأ في الكتاب القرآني ومن بعد التحق بشيوخ التراث الشعبي قصد التعلم أصول الغناء و الطرب على يد الشيخ المفضل الطريرف والشيخ أحمد بلمكي و ابن التهامي.. الفنان العروسي له إبداعات متنوعة، غنى عن المرأة، والوطن، والأرض و الجبال وعلى جمال الطبيعة، وآلام الفلاحين والهجرة إلى غير ذلك.. كما لحن العروسي لمطربين مغاربة عدة أغاني وقصائد، وحظي بنيل عدة جوائز تكريمية وأوسمة شرفية، منها الحفل التكريمي الذي نظمته تاونات أواخر سنة 2004 . كان آخر ظهورللفنان العروسي في حفل تكريم العاملين في الإذاعة الجهوية بفاس، مساهمة منه في الإحتفاء ببعض الرفاق الذين جمعته بهم مسيرة الفن والإعلام. من بين أشهر أغاني هذا الفنان «لالا يامولاتي»، «آجيني آراضية»، «الحبيبة الخليلة العيلة»، وفي ما يالي نذكر إحدى أغانيه: بني زروال يا الخضراء فيها خمس خماس باش هي معروفة بالكرم عند الناس عين يشريك وبوهلال معروفين عند الناس سيدي عبدالله بنحقون سكان سلا وسلاس لاإله إلاالله برح بها البراح الله ينعال الزين اللي عرفوه السراح نتمنى لرائد الأغنية الشعبية الجبلية، ورمز الطقطوقة الجبلية الشفاء العاجل والراحة الكاملة، ليستأنف نشاطه الفني، ويمتعنا بعيوطه الجبلية المتميزة، كما نتمنى من الجهات المسؤولة أن تلتفت إلى مثل هؤلاء من الفنانين الذين يعيشون التهميش. عبد الرزاق السنوسي معنى