تواصلت لليوم الثاني بساحة الأمم بطنجة فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان الطقطوقة الجبلية والفنون المجاورة، والذي انطلق يوم الجمعة الماضي في حلة جديدة تجمع بين أصالة الموروث الفني وحداثة الأداء. ومن المنتظر أن تشهد باقي سهرات المهرجان تقديم لوحات فنية فولكلورية جبلية لفرقة "جهجوكة" وفرقة "الحصادة" وفرقة "الهيث الجبلي"، فضلا عن عرض فني حول أسطورة "بوجلود" والاحتفالية الجماعية التي كانت تنظمها قبائل جبالة. وفضلا عن الطقطوقة الجبلية، حرض منظمو المهرجان على ضمان تنوع فقرات هذه التظاهرة الفنية، إذ سيكون جمهور مدينة طنجة على موعد مع سهرات عمومية سيحييها عدد من الفنانين المغاربة، من بينهم نجم أغنية الأطلس الفنان محمد رويشة، ومغني الراب الشهير "مسلم". وقد انطلق المهرجان، مساء أمس الجمعة، بمشاركة ثلة من شيوخ الأغنية الجبلية في حفل افتتاح ساهر احتضنته قاعة المسرح البلدي الجديد محمد الحداد، إيذانا بانطلاق سهرات المهرجان الذي تنظمه جمعية أجراس للتنمية والثقافة والفنون الشعبية تحت شعار "من أجل الحفاظ على التراث الفني الجبلي". وتميزت سهرة حفل الافتتاح بالتفاتة كريمة احتفاء بالمرأة الجبلية ودورها في حياة البدو بالمنطقة، عبر تكريم قيدومة الفن الجبلي الفنانة شامة الزاز المعروفة بلقب "نجمة الشمال"، والتي وهبت حياتها خدمة لفن العيطة الجبلية، كما تعد ذاكرة حية تحفظ المئات من المماويل الشعبية والأغاني والأهازيج الجبلية. وعلى إيقاعات جوق الفنان عبد المالك الأندلسي، تناوب على منصة العرض عدة فرق محلية مكونة من النساء لتأدية أهازيج من التراث الجبلي المعروف بغناه وتعدده حسب المناطق، إذ توجد بعض الفروق والقواسم حسب الباحثين بين العيطة الجبلية حسب القبائل المنتشرة في شمال المغرب. كما أدى مجموعة من شيوخ الغناء الجبلي وصلات موسيقية أطربت الحضور الذي كان في غالبيته من النساء، إذ أمتع قيدوم الطقطوقة الجبلية الفنان محمد العروسي الحاضرين، قبل أن يترك المنصة وشرف حسن ختام السهرة لعلم آخر من المنطقة ويتعلق الأمر بالفنان حجي السريفي، الذي أدى مجموعة من مقطوعاته مرفوقة برقصات محلية. وأبرز مدير المهرجان جمال العافية، في كلمة خلال حفل الافتتاح، أن هذه الدورة حاولت الجمع بين الغناء الجبلي وبعض الفنون الأخرى، بالإضافة إلى عقد ندوات علمية ستساهم في تحليل دور التراث الفني الجبلي في دعم المقاومة بمنطقة جبالة. وأضاف أن جمعية أجراس تروم، من خلال تنظيم هذا المهرجان، إلى إخراج التراث الفني الجبلي من دائرة التهميش التي عاشها خلال العقود الماضية، ودفعه لاحتلال المكانة التي يستحقها في الفضاء الإعلامي والشعبي والفني المغربي. وأشار في السياق ذاته إلى أن مبادرة تأسيس الجمعية، ومن بعدها المهرجان، يهدف إلى إحياء هذا التراث الذي تهدد وجوده مجموعة من الفنون الاستهلاكية، والعمل على الرقي به وتحصينه من كل اختزال، وحث الجهات المسؤولة بالمنطقة على إبراز مقوماته وخصوصياته وتقاطعاته مع مختلف أنماط التراث الموسيقي المغربي.