يقتصر مهرجان الثقافة الصوفية في دورته السادسة التي ستحتضنها مدينة فاس في الفترة الممتدة مابين الثاني عشر من شهر أبريل القادم إلى غاية الرابع عشر منه على ثلاثة أيام فقط من الأنشطة الثقافية و الفكرية والفنية الصوفية بدل أسبوع كامل، كما في دوراته الخمس السابقة. واعتبر فوزي الصقلي مدير المهرجان، في ندوة صحافية نظمت بالدار البيضاء، أن تقليص المدة في هذه الدورة ليس تراجعا لأهمية هذا الحدث الثقافي الفني الصوفي السنوي، أو ترشيدا للنفقات، كما يتبادر لأول وهلة، وإنما هو «ترشيد للطاقات البشرية»، استعدادا، أيضا، لما هو قادم من التظاهرات الفنية الموسيقية بالعاصمة العلمية، فاس، في الصيف القادم، مهرجان الموسيقى الروحية الذي يعتبر مديرا له أيضا، وكذا استثمارمدة ثلاثة أيام في مقاربة أكثر ما يمكن من المواضيع والقضايا الفكرية التي لها صلة بالتصوف الذي له دور عميق في الحضارة الاسلامية والمغربية. وأوضح فوزي الصقلي أنه ككل دورة، فإن الدورة السادسة ستحمل عنوان «حكم صوفية» لأنه عادة ما «يحتوي الأدب الصوفي على الشعر والحكايات والعروض البيداغوجية والميتافيزيقية أو يتخذ شكل أدب الحكمة أو العبارات الحكمية.. وهذه الأدبيات موجودة بشكل كبير ومتنوع في الثقافة الصوفية» منها الحكم العطائية نسبة إلى أبو العطاء الاسكندري ( القرن الرابع عشر الميلادي) وحكم ابن عربي وحكم جلال الدين الرومي ونظام الدين الهندي وغيرهم كثير.. وهذا «ما نريد أن نقدمه و نتعرف عليه في هذه الدورة باعتبارها ثقافة جماعية مشبعة بالقيم والتصورات الفكرية والروحية التي شكلت جوهر الحضارة الاسلامية». ومن أعلام هذا الإرث الفكري الصوفي الحضاري الاسلامي، يضيف فوزي الصقلي، الشاعر و الفيلسوف والصوفي المفكر محمد إقبال (توفي في 1938) الذي يعد أحد مؤسسي دولة الباكستان ومن المفكرين المجددين على هذا المستوى، باعتباره يجمع ما بين الثقافة الغربية والشرقية، وله قدرة كبيرة على التعبير بلغات متعددة، وقد تم اختياره كشخصية الدورة التي ستحظي بالعناية و التكريم، تتويجا لإسهاماته في التجديد الفكري وفي ما نعيشه حاليا. وعن استمرارية تنظيم هذا المهرجان، الذي استقطب في دورته السابقة حوالي 16000 زائر، وعن وأهدافه، أوضح فوزي الصقلي أن مهرجان الثقافة الصوفية بني أساسا على اكتشاف وإعادة اكتشاف للمغاربة بعضا من تراثهم الثقافي، والتعرف، من خلاله، على غناهم الفني والفكري الروحي، كما يستهدف الكشف عن الصورة الحقيقية الإيجابية للإسلام عبر تبنيه للغة عالمية منفتحة على السلم، مثلما يعبر عنه الصوت الروحي الذي يسكنه، أي الصوفية، وكذا جعل المغرب ملتقى لحوار الثقافات بين الغرب والشرق، ثم مساءلة دور الصوفية في عالم اليوم من خلال ربط المسألة الروحية بالمقاولة، بالبيئة، وبالحركة الاجتماعية، أي كيف تستطيع الصوفية أن تكون عنصرا فعالا في التنمية الإنسانية؟ وكيف تستطيع الكشف عن غناها الفني على مستوى التشكيل، الكاليغرافية، الغناء، الموسيقى، سينما المؤلف، الكتاب، والعروض .. وعلى مستوى تنوع وتعدد فنانيها ومفكريها... المعاصرين، وكذا تأسيس أرضية وفضاء مناسب لتعبير الفنانين المغاربة و الأجانب الذين التزموا بمسار روحي نوعي يتغيا إغناء الإبداع الفني والفكري خدمة لكل ماهو ثقافي، اجتماعي، تنموي لفائدة الانسانية.. وعلى هذا الأساس تمت برمجة أنشطة فكرية وثقافية وفنية بالمهرجان تنطلق صباح يوم الخميس 12 أبريل بمتحف البطحاء، حيث الافتتاح الرسمي الذي ستليه محاضرة حول «أدبيات التصوف» ، وبعد الزوال محاضرة حول «حكم وشعر في مؤلفات محمد إقبال»، ومساء حفل سماع لطريقة «نظام الدين» من الهند. أما الجمعة 13 أبريل فتستهل أنشطته بمحاضرة حول «الفتوة و الحكم»، ويعنى بالفتوة عند الصوفية طريق الأخلاق والقوة الروحية القلبية والقيم الباطنية. وبعد الزوال ستتم مقاربة موضوع «ثقافة الحكم»، ومساء تمت برمجة حفل سماع للطريقة الخلواتية من تركيا. وفي صباح اليوم الأخير (السبت) سيتم تناول في محاضرة أخرى موضوع «هل يمكن تدريس الحكمة؟» من منطلق أن الحكمة هل هي علم مكتسب أو علم موهوب؟، تليها بعد زوال ذات اليوم مائدة مستديرة بعنوان«إيڤا دو فيتراي ميروفيتش قارئة لإقبال: الإسلام يتحرك» . وتختتم هاته التظاهرة الثقافية الصوفية بعرض للموسيقى الأندلسية والسماع الصوفي المغربي.