في الحوار الذي نشرته «المساء» قال عبد الإله بنكيران إن الملك قال له في التليفون مامفاده «تطبيق الدستور روحا ونصا وعدم العمل برسائل الديوان الملكي إذا لم تسر في نفس الاتجاه». وليست هذه هي المرة الأولى التي تصدر عن الرئيس الحالي للحكومة أو عن أحد وزرائه مقاربة من هذا النوع.. فقد سبق لوزير العدل والحريات مصطفى الرميد أن سار على هذا المنوال، وقال، أيضا، إن ملك البلاد قال له بالحرف، إن عليه أن يعمل على تحقيق العدل، وألا ينظر إلى الجهة المشتكية، بل إلى العدالة. وركز الرميد على أن الملك قال له أنه في ما يخص المراسلات الواردة من الديوان الملكي، على وزير العدل والحريات ألا يعير اهتماما إلى الجهة التي تقدمت بالشكاية أو بالمراسلة .. أولا ما نلاحظه في هذا الخصوص أن ملك البلاد يعطي للحكومة الوزن الدستوري الذي تستحقه، وأن الديوان، لا يمكنه أن يكون أكبر من مؤسسة دستورية موجودة. ثانيا، وهو افتراض سلبي، يظهر من هذه التصريحات، هو أن الديوان الملكي يمكنه أن يكون مصدر توجه لا يسير لا في طريق تحقيق العدل، في قضية الرميد، ولا في احترام الدستور، في قضية بنكيران. وهو بمعنى آخر، ديوان مازال يجر وراءه سيرته التاريخية كحكومة «ظل ملغزة»، وأنه يمكن أن يكون الشرير في تركيبة الدولة. إن السؤال الذي لا يمكن أن نتخطاه، في هذه الحالة، هو: هل يمكن أن يكون ملك البلاد اختار ديوانا له، يمكنه أن يضم من يعاكس رغبته المعبر عنها في المكالمات الهاتفية للوزراء والرئيس الجديد للحكومة؟ هل هذا يعني أن الديوان لا يعرف حدود عمله ونشاطه ويتجاوزه، وأن الحكومة مطالبة بمراقبة الديوان؟ على كل، يبدو أن الحكومة نفسها تقيم الدليل على أنها مسنودة من الملك، وأن الديوان ليست مهمته، حسب الملك، عرقلة عملها. لقد سبق أن قلنا إن إحدى الوظائف التي يقرها الدستور للملك، الوظيفة التحكيمية، تتطلب مساعدة من ديوان قادر على التفاعل مع الإرادة الملكية المعلنة والدائمة. كما أن هذه الإرادة هي بدورها تعني أن الملك «يلعب» ورقة المؤسسات إلى أقصاها، ويتجلي ذلك من خلال الحرص على تذكير الديوان، عن طريق الحكومة، بحدود عمله المؤسساتي وتدخلاته في الحياة العامة؟ لقد سبق للعبد الضعيف أن طرح في هذا الركن، منذ 3 أشهر بالتمام والكمال «قراءة في التعيينات الجديدة في المحيط الملكي» ومفادها سؤال هو: كيف يمكن قراءة التعيينات الجديدة في المحيط الملكي؟ كأول رد فعل، يمكن القول إنه تجديد للنخبة الملكية، كما لا يمكن ألا نربط بين التعيينات الجديدة وما أفرزته استحقاقات أساسية في بلادنا، ويتعلق الأمر باستحقاق الدستور الجديد وما أفرزه من تغيير جوهري في بنية الدولة، وأيضا في علاقات الفاعلين الرئيسيين فيها. والثاني باستحقاق 25 نونبر وما أفرزه من نتائج غير مسبوقة في بلادنا. بالنسبة للدستور، يمكن القول إن الملك، الذي يتوفر على صلاحيات مهمة، لابد له من مساعدين ومستشارين يراهم أكفاء قادرين على مساعدته في الملفات الأساسية. وثاني الأمر في الدستور، هو أن قوتهم المؤسساتية، وهي استشارية، ستكون مرهونة بقوة الحكومة، وقدرتها على ممارسة صلاحياتها. يمكن الحديث هنا عن توازن القوى أو رهانات القوة بين مؤسسة استشارية وبين مؤسسة تنفيذية بصلاحيات واضحة ودستورية،(...) هناك سؤال آخر محايث: هل يمثل الطاقم الجديد حكومة ظل؟ يمكن أن تكون كذلك بدون أن يعني ذلك أن سلطاتها ستكون بلا مضادات مؤسساتية، فذلك رهين بقوة الوزراء ورئيسهم.. وهنا قد تكون القراءة الممكنة هو أن بنكيران، ووزيره في العدالة يريدان تكريس القوة من خلال الحديث عن الملك وهو يوجه ضد الديوان الذي اختاره..