في مباراة قوية ومحددة لمسار البطولة، انتصر فريق الفتح الرياضي بملعب المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله، على ضيفه النادي القنيطري بهدفين مقابل هدف واحد. الهدف الأول للفتح جاء في الدقيقة السادسة من تسديدة قوية، من رجل اللاعب التريكي، الذي تذوق طعم التهديف بعد صيام طال أمده. هدف الفتح المبكر، بعثر الكثير من أوراق المدرب لمريني الذي كان يريد - أن يعطي من خلال تحقيق نتيجة إيجابية أمام المتصدر للبطولة -لإنتصاراته الثلاث المتتالية، طعما خاصا، لكن الطعم أصبح مرا لأن فريق الفتح خاض مباراة فيها الكثير من النضج التاكتيكي، والذكاء مع الاعتماد على بناء لعب جماعي سريع والتسديد من بعيد، ساعدهم في ذلك اللياقة البدنية العالية والتموضع الجيد، واعتماد التمريرات العميقة والميليمترية، التي كانت ستعمق فارق الأهداف خلال الشوط الأول، لكن تسرع المهاجمين، وضغط إنهاء المباراة في شوطها الأول، جعلهم يضيعون ثلاث محاولات سانحة للتسجيل، والتي كان يراد تعويضها بتسديدات «المدفعجي» بنشريفة من الضربات الثابتة، لكنه كان يخطئ المرمى بقليل من الحظ. وحتى يبعد فريق الفتح الرياضي خطر المرتدات، ملأ وسط الملعب، وضيق المسافات الفارغة، وجعل الكرات فيها غير قابلة للتمرير، وبذلك خنق كل هجوم للنادي القنيطري، الذي بالغ لاعبوه في اللعب الفردي، واستعراض المهارات، والتي كانت تنتهي بأخطاء فادحة في وسط الميدان، هدد من خلالها مهاجمو الفتح مرمى الحارس لعروبي في أكثر من مناسبة في الشوط الأول، خاصة وأن الدفاع كان لايؤمنه إلا مراد الناجي، الذي كان وحيدا في أكثر من فرصة. وبالمقابل، لم يحاول لاعبو النادي القنيطري تغيير نهجهم التاكتيكي والبحث عن اللعب بواسطة الأجنحة للابتعاد عن كماشة وسط الميدان، وبذلك سهلوا مأمورية فريق الفتح في فرض أسلوب لعبه. وخلال الشوط الثاني أصبح مفروضا على المدربين جمال السلامي ويوسف لمريني تغيير النهج، فكان الحل عند السلامي هو الإبقاء على دفاع ثابت، مكون من بنشريفة وبوخريص ونصير، والذي مارس دفاع المنطقة بشكل صارم، الشيء الذي فتح أمام النادي القنيطري فرصة الضغط بقوة، لكن السلامي وحتى يعزز هجومه أدخل الكاميروني ندام آندري، الذي سجل الهدف الثاني للفتح في الدقيقة 54. آندري ولشدة فرحه، أخطأ اتجاه أنصارالفتح رغم قلتهم، وتوجه نحو أنصار النادي القنيطري بكثرتهم، فكان الرشق بالقارورات. هدف ندام أشعل الحرب في مدرجات حلالة بويز، فكان التكسير والتخريب، وهي أشياء لاتليق بجمهور حلالة بويز. وبما أن فريق النادي القنيطري فطن إلى أنه لم يعد هناك مايخسره، ضغط بقوة على دفاع الفتح، واعتمد على طراوة البدلاء الذين أدخلهم لمريني، فبدأت الآلة تعرف بعض التوازن في الدوران، وبدأت الجدية في الوصول إلى مرمى الحارس بادة، الذي استقبلت شباكه الهدف الأول والأخير في الدقيقة 75 من قدم بلال بيات. ولتنتظم معه تشجيعات «حلالة بويز» ويعود الهدوء إلى المدرجات، لكن الهدوء لم يعد إلى لاعبي الفريقين إلا بعد إعلان مصطفى عريش عن انتهاء المباراة بانتصار ثمين لفريق الفتح الرياضي، في مباراة كانت ستكون مفصلية لو أخطأ في الموعد مع الانتصارات داخل الميدان. الهدوء كان وراءه أيضا تحكيم، عريش ومساعديه الذين كانوا في مستوى المباراة، التي تطلبت من الحكم الكثير من الجهد والكثير من الجري، والمتابعة عن قرب لكل الحركات. تصريحان جمال السلامي، مدرب الفتح الرياضي. «فوزنا في هذه المباراة كان مهما جدا، بالرغم من أننا ضيعنا الكثير من الفرص، التي كانت ستجعلنا ننهي المباراة في شوطها الأول. نحن مطالبون بالاشتغال أكثر حتى لا نهدر الفرص، التي يمكن أن تؤثر سلبا على مسارنا. كل هذا دون أن أنوه بجدية اللاعبين». يوسف لمريني، مدرب النادي القنيطري. «بكل صراحة، لقد أدينا ثمن أخطائنا، بانهيار تاكتيكي كبير ولذلك كان الثمن غاليا. حاولنا إصلاح الأخطاء وسجلنا الهدف الوحيد، لكن غابت الفعالية بعده من أجل تحصيل التعادل. بالرغم من الهزيمة فإن الحياة ستستمر، وهنيئا لفريق الفتح الرياضي على انتصاره». إلى «حلالة بويز» أنتم الأروع لو ابتعدتم عن التخريب كم كان حضور جمهور «حلالة بويز» بعدد قارب 3000 متفرج رائعا، ودليلا على أن هذا الجمهور يبقى من بين الجماهير الأكثر حبا لفريقها، في الأفراح والأحزان. والجميل، أن «حلالة بويز» تبدع في تشجيعها، فهي التي غادرت الملعب بالقنيطرة احتجاجا ثم عادت إليه، وهي التي تعطي بظهرها للمباراة غضبا، وفي ذلك أكثر من دلالة على تشجيعها الحضاري. لكن كل ذلك خدشته صورة غير حضارية في مباراة الكاك ضد فريق الفتح. فما إن سجل الهدف الثاني لفريق الفتح حتى تحولت المدرجات المخصصة لهم إلى «مكان للتبوريدة»، حيث كان الجري فرق الكراسي التي اقتلعت المئات منها، وتحولت إلى مقذوفات سقطت على رؤوس الكثير منهم، كما كان صعودهم إلى أعلى المدرجات تهديدا خطيرا لحياتهم، خاصة بعد الكر والفر الذين كانت تعرفما المدرجات، عقب تدخل رجال الأمن للحفاظ على الأمن وسلامة الجمهور. بعد هذا الهيجان، وبعد هذه الصورة المشينة لجماهير «حلالة بويز» يعود البحر إلى هدوئه، وتعود الفرجة على المدرجات، لكن رغم ذلك لم تبق في البال إلا صورة الكراسي وصورة «الفيموجين»، والدخان الذي يجب أن تبعده «حلالة بويز» عنها، حتى تبقى الصورة واضحة، صورة تلك الجماهير المبدعة وتنخرط بروح رياضية في تشجيع فريقها، الذي هو في حاجة ماسة إلى استغلال كل الطاقات في التشجيع وليس التخريب. ع.ن