قدمت فرقة مسرح تانسيفت عرضها الجديد لهذا الموسم «دارت بنا الدورة « بشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس وبتعاون مع المديرية الجهوية لوزارة الثقافة بمراكش ،عن هذا المشروع ، تمت الإشارة إلى كون مشروع هذا الموسم هو امتداد للمشروع الشمولي الذي تبنته الفرقة ، والذي يزاوج ما بين ثنائية الخطاب والفرجة كإحدى مقومات العرض المسرحي . وهو اختيار تحرص الفرقة على الوفاء له مما يعكس التوجه الجمالي الذي يشكل مرجعية لعمل هذه الفرقة التي بصمت باختيارها هوية إبداعية دالة عليها ومميزة لها . كمدخل لتلقي العرض المسرحي، تقترح المطوية المعدة للدعاية للعرض الملخص التالي: في اللحظة التي يستعد فيها سالم للدخول إلى عراك سياسي ،يظهر في حياته، وبين أهله «المهدي « الذي يدعي الابن المتخلى عنه، ظهور يربك حساب سالم ومعه العائلة المكونة من الأم « الغالية « والبنت « راضية « ، وأمام هذا الموقف الحرج، يحاول استلطاف الوافد الجديد وفي نفس الوقت يطلب من ذويه البحث عن وسيلة للتخلص منه، معتقدا أنها مكيدة تحاك ضده من طرف منافسيه ، تتوالى الأحداث وتتعقد الأمور وتظهر شخصيات أخرى « الهادية « و « وبشعيب « اللذان يجعلانه يتأرجح بين خيارات الإذعان للمصلحة والاستسلام للإشاعة . هي نفس التوليفة الدرامية التي يراهن علها المبدع « حسن هموش لبناء العرض المسرحي، مادام يكتب النص ويخرجه لذلك يتخلق العمل حاملا جينات عرضه ، ويتبدى ذلك من الإيقاع العام المكون للعمل انطلاقا من العنوان مرة أخرى المحيل على الأغنية المشهورة ،كما أنه على مستوى الحوار ،ينحاز إلى اختيار لغة تمتح من سجل الموروث الشعبي بحمولته الاستعارية الموحية واللعب اللفظي الساعي إلى توليد التنغيم رافد ذلك بحركية اللعب وتنقلات وتموضعات الممثلين مما يعين على احتواء الفضاء الركحي عبر تسجيل حضور الشخصيات التي لايقصيها أو يقزمها الديكور، مرة أخرى ينفتح العرض على عالم يوحي بمنزل يتشكل وفق تنامي الخيط الدرامي وبتداخل الأحداث تتداخل هندسة الفضاء مما يسمح بالتحرك المتحرر للممثلين لان الرهان على المضمون الذي يشحن بمواقف انتقادية لبعض الممارسات الحربائية للشخصيات الانتهازية التي لاتتوانى عن استعمال كل الطرق لتحقيق المصالح الذاتية وبذلك تصير أحداث المسرحية الراصدة للتناقضات التي حفلت بها عائلة سالم مجسما وانعكاسا لما يمور به الواقع في بعض الممارسات الاجتماعية والسياسية، فتاتي المسرحية للإدانة والفضح، بالاعتماد على البناء الكاريكاتوري وتوظيف سينوغرافي زاوج بين المتعة البصرية باختيار التناسق والتعارض اللوني وتطويع مؤتتات العرض لأداء أكثر من وظيفة وهو التوجه الذي يؤثره السينوغراف «طارق الربح «بتواز معه سعت المبدعة ومصممة الملابس «سناء شدال «على جعل لباس الشخصية، شخصية دالة بطرقة التصميم وانتقاء الألوان المتصادية مع فضاء العرض، الذي أمده الممثلون المبدعون كالعادة بطاقة وقدرات أدائية باهرة حيث تمكن الممتع « عبد الله ديدان « من الانتقال في لعبة الدور المزدوج بسلاسة ، تجاوبت معها المدهشة والأنيقة في إلقائها «دنيا بطازوت« التي استطاعت أن تشد المتلقين طيلة العرض، كما أن حضور « محمد الورادي «بطريقته المميزة والممتعة التي تمكنه من اللعب حتى من غير أن ينطق بحوار أضفى على العمل مسحته المعهودة، وشكلت الواعدة « سناء بهاج « في أول تعامل لها مع الفرقة إضافة لها نكهتها الخاصة بانسجامها ضمن الفريق المتجانس والمتوائم في مساره. سند آخر قوي نهضت عليه المسرحية وشكلت دعامة مركزية في البناء ، تمثل في البعد الغنائي بما هو مكون يجسد ركنا من الاختيار الإبداعي للفرقة ، لقد أبدع مرة أخرى الفنان المتعدد «محمد الدرهم « في انتقاء أزجال شحنت دلالة المواقف وبموسيقى جمعت بين الإمتاع والدلالة.